طارق عبيد
طارق عبيد


30 يونيو.. عودة الروح

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 30 يونيو 2021 - 01:31 م

 

في صبيحة الخامس من يونيو عام 1967 استيقظت مصر على وقع خطوات انكسار ثقيلة تضرب بقوة اركان الدولة المصرية وتنهي سنوات من الانجاز العظيم والزيف الاعظم جعلت من يونيو رمزا للنكسة.عاشت مصر بعدها سنوات عجاف طوال تخللتها ايام مجيدة استرددنا فيها ارضنا و محونا عار الهزيمة.لكن الدولة لم تعود ابدا ، فبدلا  من ان تستثمر لحظ التوهج التي صاحبت النصر دخلت مصرفي مرحلة موت سريري ، تقلص دورها الاقليمي و اهترأت اوصالها و ضربها الاهمال في كل اركانها فتحولت الى شبة دولة تنتظر قرار موت رحيم من فاسدين انهكوها او من خصوم متربصين يرون في استمرارها تهديدا وجوديا.
وفر الربيع العربي بما حمله من فوضى وسيولة مع حالة الشيخوخة  والفساد التي ضربت مؤسسة الحكم في مصر ظرفا تاريخيا مثاليا للسقوط ، او هكذا توهم اعداءنا.
تكررت الهزيمة ، سقط النظام وفي لحظات سقوطه وقعت الدولة والمنطقة في فخ فوضى اسماها اصحابها زورا "خلاقة "، لكنها لم تكن سوى مشروع تفكيك للدولة الوطنية وتحويلها إلى كنتونات طائفية وعرقية تخدم مصالح لاعبين اقليميين ودوليين في السيطرة على مقدرات المنطقة وتعيد صياغة الجغرافيا السياسية بما يضمن ديمومة سيطرة الناتو على مناطق انتاج الطاقة و طرق امدادها ويحاصر اي تمدد روسي محتمل بعد ان تم حصاره في محيطه الحيوي القديم  وتقليص جغرافيته السياسية بدرع صاروخي في بولندا و فوضى عارمة في اوكرانيا وجورجيا وارمينيا و افغانستان، تلك الرؤية التي تمت صياغاتها في توصيات مؤتمر الناتو عام 2009 في ستراسبورج حيث تم تقسيم المهام بين الدول المنوط بها  ادارة الفوضى المحتملة.
في مصر كان الاخوان المسلمين حصان طروادة لتنفيذ تلك المخططات، جماعة وظيفية ميكيافيلية لا تؤمن بوطن او حدود فكان لابد من دعمها حتى تصل للحكم ، لكنها لكي تصل للحكم في دولة بحجم مصر كان لابد من اضعاف مؤسسات الدولة وخاصة الجيش قلب الدولة الصلب ، حملات ممنهجة لتشويهه بدات مبكرا يوم 8 ابريل 2011 تحت مسمى جمعة التطهير لكنها لم تكن سوى بداية الهجوم على الجيش وتشجيع افراده على الانشقاق و التمرد والتي عرفت لاحقا بجمعة ضباط 8 ابريل، اعقبها محاولات استدراج للصدام في احداث السفارة الاسرائيلة و جمعة الزحف لفلسطين و حصار وزارة الدفاع في العباسية اكثر من مرة مرورا باحداث مجلس الوزراء وماسبيرو وغيرها من الفخاخ التى نصبت في طريق الجيش لتلغيم المرحلة الانتقالية بالشكل الذي يضمن سقوط الدولة في حجر الاخوان، الجماعة المنظمة الوحيدة على الارض والمدعومة اقليميا ودوليا.
الطريق إلى 30 يوينو :
رغم ان وصول الاخوان للحكم شكل ضربة قاسمة للامن القومي إلا انه اعطى مؤسسات الدولة الفرصة لالتقاط الانفاس وتنظيم الصفوف ومعالجة الاختراقات التي حدثت في نهاية عصر مبارك واستمرت مع فوضى الربيع العربي، فشل الاخوان في الحكم فشلا ذريعا على كل المستويات ورهنوا قرار القاهرة بإرادة الخليفة العثماني في اسطنبول فكان لابد من فجر يبدد ظلمة ليل الخونة ،
في 30 يونيو طلع فجر مصر من جديد تخلصت مصر من يونيو الحزين  صاحب الانكسارات وغيرت وجهه فعاد صبوحا مبتسما تحمل ايامه بشارات النصر ، استجمعت مصر كل ما بقي فيها من روح وكل ما ورثته من حضارة و كل ما حفظته ذاكرتها الوطنية على جدران معابدها القديمة عن مقاومة المحتل، فثارت الشوارع، وانتفضت الطرقات ، ثارت اشجار الصفصاف التي تعانق النيل منذ بدء الخليقة ، ثارت حجارة المعابد و اجراس الكنائس ومآذن المساجد في لحظة شديدة القدسية..سقط الاخوان فعادت الروح .
هذه المرة لم تفوت الدولة المصرية الفرصة كما ضاعت بعد اكتوبر 73، نفضت عنها غبار الاهمال و قررت مواجهة مشكلاتها المزمنة بمشرط جراح ماهر، لا بمسكنات تسكن الالم وتؤجل الازمة و تفاقمها.استعادت مصر درورها الاقليمي و اعادت رسم حدود امنها القومي بعد كل ما مر بالمنطقة من تقلبات في حماية جيش حديث متطور. اعادت بناء تحالفاتها في جنوب المتوسط والخليج و بردت الملف الليبي الملتهب الذي شكل نقطة رخوة في خاصرة الامن القومي ، استعادت دورها في الملف الفلسطيني بعد ان تخطفته غربان الخراب.استعادت السودان وحاصرت اثيوبيا دوليا واقليميا لاجبارها على قبول حل عادل في ملف المياة.
داخليا  تبنت الدولة مشروع اصلاح اقتصادي طموح عالج تشوهات الدعم و اعاد توظيف تلك الفوائض في التخلص من العشوائيات وتحسين البنية التحتية بمشروعات عملاقة في الطرق والطاقة والمدن الجديدة .
لكن لازلنا نحتاج روح 30 يونيو في اعادة قوة مصر الناعمة و القضاء على فوضى الشارع و سيادة القانون.
مصر 30 يونيو التي اوقفت عجلة الفوضى و غيرت مستقبل المنطقة الاسود يليق بها ان تقود المنطقة و ان تسود قوتها الناعمة بعد ان نتخلص من بقايا سنوات الغفلة وخطاب خفافيش الظلام بوجوههم الكالحة وتدينهم الكاذب.
كل 30 يوينو ومصر قوية عفية عصية على كل طامع او متطاول او خاين يبيع نفسة تارة باسم الدين وتارة باسم الوطن..ومصر دائما وابدا من وراء القصد.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة