الطلاق فى مصر
الطلاق فى مصر


مطلقات «غيابياً» مع إيقاف التنفيذ!

وائل ثابت- هويدا أحمد- أميرة شعبان

الخميس، 01 يوليه 2021 - 07:05 م

خبراء القانون: 15% من الطلاق في مصر غيابياً والمرأة لا ترث إذا مات الزوج 
رئيس المركز المصري لحقوق المرأة : الرجل فى هذه الحالة «مذنب» وعلى القانون معاقبته بحسم
عضو المجلس القومى للمرأة: نعد مشروعا لقانون الأسرة لعلاج الثغرات واثبات عقوبة الزوج من الطلاق الغيابى
علماء الدين : شرعاً ترث  حتى إذا علمت بطلاقها بعد ١٠ سنوات

الزوج والمأذون مشاركان فى الخطأ والزوجة تدفع الثمن
محاولة للانسلاخ من الحقوق القانونية والشرعية 

 

الطلاق الغيابي ربما تعد كلمة مألوفة، وحدثت من حولنا كثيرا، فوفقا لأحدث إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فهذا النوع من الطلاق يمثل 15% من نسبة الطلاق بمصر، وغالباً ما يلجأ لها الأزواج فى حالة حدوث مشاكل كبيرة فى الأسرة فيطلق زوجته غيابياً ويرسل لها ورقة الطلاق.. لكن الأزمة ظهرت عندما بدأ الأزواج فى التحايل على القانون والشرع فيطلقون زوجاتهم ويكملون الحياة معهن، ويمارسون كافة حقوقهم الزوجية دون علم الزوجة لتتفاجأ الاخيرة بالأمر إما صدفة أو بعد وفاته، لتظهر لنا أزمات كبيرة ما بين مدى شرعية الحياة التى كانت تعيشها معه أو أحقيتها فى الميراث أو حتى حصولها على نفقة الطلاق، وفى هذا التحقيق نناقش مع علماء الدين وخبراء القانون كافة تلك الإشكاليات.

فجرت قصة سيدة الدقهلية التى علمت أن زوجها طلقها منذ 6 سنوات غيابيا دون علمها الكثير من التساؤلات، لكنها أيضا فجرت حالة من القلق والفزع عند العديد من الزوجات، وخلال بحثنا عن حالات مشابهة وجدنا حولنا قصصا مؤلمة لزوجات صدمن بعد أن علمن أن ازواجهن تلاعبوا بالقانون والشرع ليتهربوا من المسئولية ويأخذوا كافة حقوقهم الزوجية دون أدنى حق.

ومن ضمن هذه القصص كانت مأساة رباب محمود، التى روتها قائلة بدأت القصة حينما بلغ طفلى 6 أشهر، حيث سافر زوجى ثلاثة أشهر بحثا عن العمل ثم عاد وشبت خلافات بيننا فسافر مرة اخرى ، وبعد مرور ثلاث سنوات عاد زوجي واستقر فى مصر وعاش معنا عاما كاملا واصبحت حاملا للمرة الثانية، وبعدها بأشهر قليلة صدمت بوجود وثيقة طلاق غيابي مسجلة، حينها اصبت بالكسرة والانهيار وذهبت للتأكد أنى لست حاملاً بطفل غير شرعي، وعلمت أنى كنت أغتصب طوال أشهر، وأنا أظن نفسي زوجةً شرعيةً ترعى حقوق الله فى زوجها وتحافظ على بيتها ،بعد ذلك شعرت باكتئاب وذل لا أستطيع وصفهما.

توثيق الطلاق

مثل هذه القصة وغيرها قرأنا عنها فى الصحف على مدار سنوات، فهناك من اكتشفت طلاقها عقب 14 عاما من الزواج، وأخرى صدمت بأن زوجها طلقها من السنة الأولى وغيرها الكثير، مما يعد تعديا صارخا على القانون.

فقد ورد فى المادة الخامسة مكرر من قانون الأحوال الشخصية على المطلق أن يوثق إشهاد طلاقه لدى الموثق المختص خلال ثلاثين يوما من إيقاع الطلاق، وتعتبر الزوجة عالمة بالطلاق بحضورها توثيقه، فإذا لم تحضره كان على الموثق إعلان الطلاق لشخصها على يد محضر، وعلى الموثق تسليم نسخة إشهاد الطلاق للمطلقة أومن ينوب عنها، وفق الإجراءات التى يصدر بها قرار من وزير العدل، وترتب آثار الطلاق من تاريخ إيقاعه إلا إذا أخفاه الزوج عن الزوجة، فلا تترتب آثاره من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به.

أما إذا خالف الزوج نص المادة فهي معاقبته بالحبس أوالغرامة وهذا ما نصت عليه المادة 23 مكرر من قانون الأحوال الشخصية: يعاقب المطلق أو الزوج بالحبس مدة لا تجاوز ستة اشهر وبغرامة لا تجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا خالف أيا من الأحكام المنصوص عليها فى المادة الخامسة مكرر والسادسة مكرر من هذا القانون، كما يعاقب الزوج بالعقوبة ذاتها إذا أدلى للموثق ببيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية أو محل إقامته أو محل إقامة زوجاته أو مطلقته على ما هو مقرر فى المادة 11 مكرر.

لكن ما يحدث حقيقة هو ضرب الحائط بكل هذه المواد من قانون الأحوال الشخصية، فالزوج لا يتبع أيا منها، فلا هو مطلق لزوجته بحضورها أوحتى غيابيا، لأن الأصل فى الطلاق الغيابى إبلاغ الزوجة وعدم معاشرتها عقب انقضاء عدتها.

وفى حالة انتهاج الزوج لهذه الوسيلة فهنا يضيع على الزوجة العديد من الحقوق الاولية الناجمة من الطلاق ومنها أن تطالب بمؤخر صداقها المدون فى وثيقة الزواج، وأن تطالب بنفقة العدة وهى نفقة 3 شهور أوحتى وضع حملها لو كانت حاملا ، وكذلك نفقة متعتها وهى نفقة لا تقل عن نفقة 24 شهرا حدا أدنى، وهوما أكدته المادة 18 مكرر: الزوجة المدخول بها فى زواج صحيح إذا طلاقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قبلها تستحق فوق نفقة عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل وبمراعاة حال المطلق يسرا أوعسرا ومدة الزوجية ويجوز ان يرخص للمطلق فى سداد هذه المتعة على أقساط.

الزوج مذنب

عقب عرض ما جاء فى قانون الأحوال الشخصية وما يحدث على أرض الواقع انتقلنا إلى الخبراء لنناقش معهم هذه الأزمة، فتقول نهاد أبوالقمصان رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة، إن الطلاق الغيابى فى ظل غياب الأخلاقيات وضعف مواد القانون تسبب بأضرار نفسية ومعنوية لكثير من السيدات، وأن هذا التصرف يصدر من الرجال للتهرب من الالتزامات المادية لأسرته أو يريد ايقاع الضرر على المرأة.

موضحة أن البعض من الرجال يعاشر زوجته بعد تطليقها دون علمها، وتلك الفئة تعتبر مغتصبة، وأن هناك حالات من النساء اكتشفت ذلك بعد وفاة الزوج ، وهو مثلما حدث فى مسلسل فلانتينو ميس صافى ، فإن الزوجة فى هذه الحالة ليس لها أى حقوق فى الميراث.

وأشارت إلى أن أغلب التشريعات والقوانين فى المنطقة العربية والدول الإسلامية بدأت بعمل قيود على الطلاق، بشرط يكون أمام القاضى حتى نقضى على هذه الظاهرة.

من جانب آخر أكدت أن القانون المصرى لا يلزم الزوج بإعلان الزوجة بالطلاق، والالزام فقط يكون بإبلاغ المأذون على عنوان الزوجة حتى يعلنها، وفى حالة أن الزوج أبلغ المأذون بعنوان مزور لا يتم عمل قضية تزوير له، ولا ينطبق عليها وصف جريمة التزوير الموجودة فى قانون العقوبات، ولا يتم عقابه بأى شكل فى حالة طلاقها غيابى واستكمال الحياة معها فى زنا واغتصاب جسدها بدون علمها.

وأكدت أبوالقمصان أنه يجب القاء الضوء على قضية الطلاق الغيابي وتغير القانون بحيث يشترط أن يتم الطلاق بحضور الزوج والزوجة امام القاضي ، حفاظا على حقوق الزوجة وصيانة لكرامتها.

أما سناء السعيد عضو المجلس القومي للمرأة، وعضو مجلس النواب فأوضحت أن الطلاق الغيابي نوع من انتهاك لحقوق المرأة وتعرضها للقهر والظلم، ورغم أن الدين يحث على المودة والرحمة والمعروف فى المعاشرة والمفارقة الزوجية فإن الزوج يتحايل على الشرع ويلعب بطرق ملتوية حتى ينتقم من زوجته دون النظر إلى الأسرة التى يهدم كيانها دون أدنى رحمة.

موضحة ان قانون الاحوال الشخصية الحالى للطلاق الغيابي يعطي الزوجة كافة الحقوق قانونيا من أجر ومسكن وملبس وأجر حاضنة ونفقات متعة، اما من الناحية النفسية القانون مهين للمرأة الرجل يطالب بحقوقه الزوجية والمرأة لاتعرف انها مطلقة وتتعرض للاغتصاب.

وأشارت إلى أن قانون الأحوال الشخصية به ثغرات وإشكاليات كثيرة، وأن المجلس القومى للمرأة يعد حاليا مشروعا متكاملا لقانون الأسرة، لعلاج الثغرات وإثبات حق المرأة وعقوبة الرجل من الطلاق الغيابى.

ظلم للزوجة

قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن الطلاق الغيابى جريمة ضد المرأة وضد الأطفال، وهو ما يعد نوعا من أنواع الغدر بالميثاق الغليظ الذى وصفه المولى عز وجل للعلاقة بين الزوج وزوجته، وأكدت على ضرورة أن يقوم الزوج بإعلان زوجته بالطلاق لكى يقع وأن ىترتب عليه ما يليه من مسائل عقائدية واجتماعية.

وأكدت أن الزوج الذى لا يبلغ زوجته بالطلاق آثم ولابد من اتباع الإجراءات القانونية والتى تشمل التوثيق بهدف الحفاظ على الحقوق القانونية للمطلقة، وأشارت إلى أن بعض الرجال الذين يقومون بالطلاق بهذه الطريقة يتوارون من إثبات هذا الطلاق لأنهم لا يريدون أن يعطوا الحقوق المستحقة للزوجة المطلقة.

وأوضحت أن محاولة الرجال الانسلاخ من الحقوق القانونية والشرعية التى حددها الشرع والقانون للزوجة هو ظلم لحق الزوجة، ولذلك لابد من توثيق الطلاق للحفاظ على حقوق الأطفال المالى والذى يترتب على هذا الزواج.

وأكدت أن الله سبحانه وتعالى جعل العلاقة بين الزوج والزوجة علاقة مودة ورحمة كما قال أيضا ولا تنسوا الفضل بينكم وهو ما يحتم على ضرورة إنهاء العلاقة بالتوافق والرضا كما كانت بداية علاقة الزواج ايضا والتى ارتبطت بالرضا.

قلة الوعى

د. أسامة قابيل، من شباب علماء الأزهر، أكد أنه دائما فى الطلاق لدينا إجراء شرعى وآخر ورقى أو قانونى، والزوج فى هذه الحالة أخطأ فى الإجراء الشرعى بالطبع لأنه أكمل معيشته مع زوجته بكافة تفاصيلها وأخذ كافة حقوقه الزوجية منها وهوما لا يرضى الله وعليه التوبة من هذا الذنب.
أما فى الإجراء القانونى فأكد قابيل أن الزوج والمأذون مشاركان فيه معا، فالطلاق الغيابى سمى بهذا الاسم نظرا لغياب الزوجة عن الحضور ولا يعنى عدم إعلامها به من الأساس، وهنا إخبار الزوجة من تخصص المأذون، وعليه التأكد ثم التأكد والاتصال بها أو بأحد من ذويها لمعرفة مدى علمها بالطلاق واستلامها للأوراق.

وأشار قابيل إلى أنه للأسف فى حالات عدم إخبار الزوجة بالطلاق واستمرار معيشة الزوج معها يكون هناك نوع من التدليس إما عن طريق الاتفاق مع المأذون أوعن طريق اعطائه بيانات خاطئة وفى كلتا الحالتين الزوج أخطأ معا فالأول دلس البيانات والثانى لم يتحر الدقة.

أما عن عقوبة اعطاء بيانات خاطئة أكد قابيل انها ليست كافية بالطبع لكن هذا الأمر فى حاجة لمناقشات واسعة من أهل تخصصها لأنه إهدار لحق المرأة التى أوصانا بها الحبيب النبى، كما أن الطلاق لا يحتمل كل هذا العبث فقد قال النبى أن هناك ثلاث جدهن جد وهزلهن جد وعد منهم الطلاق، فتصرف الزوج هنا غير مقبول، موضحا أنه نابع من قلة الوعى بالله وشرعه وقلة التفقه فى الدين، وهو سبب كافة المشاكل الأسرية لذا من الضرورى توعية المواطن بحقوقه الشرعية وواجباته حتى لا نقع فى مثل هذه المشاكل.

ترث شرعا

ومن جانبه قال إسلام عامر نقيب المأذونين، إن الضمير يحتم على الرجل أن يخبر زوجته عقب طلاقها شرعا، مؤكدا أن الطلاق ينقسم إلى قسمين شرعي وهوالموافقة والإشهار والجانب القانونى والتوثيقي والذى يقوم به المأذون من خلال وثيقة الزواج التى تحفظ حقوق الزوج والزوجة.

مؤكدا أن الطلاق يقع حال إخبار الزوج لزوجته بالطلاق، وتبدأ عدة الزوجة حال معرفتها بالطلاق وإن حدث قبل سنوات، وترث الزوجة ولوعلمت أن زوجها طلقها قانوناً من 10 سنوات بعد وفاته لأنها لم تعلم من قبل.

لا ترث

وقال د. أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية والمحامى بالنقض، إن الطلاق الغيابى بدون معرفة الزوجة هو جريمة فى حق المرأة قد لا ينصفها فى ذلك القانون، مؤكدا أن حال قيام الرجل بتطليق زوجته من خلال وثيقة طلاق تعد تلك الوثيقة مستندا رسميا لا يمكن اسقاطه أمام المحكمة إلا بمستند رسمى آخر يثبت أن الزوجة لم تكن تعلم بهذا الطلاق وهو أمر صعب.

مؤكدا أن المحكمة فى حال نظر قضية ميراث لن ترث المرأة وتعتبرها فى ذلك الوقت مطلقة ولن يشفع لها إن قالت لا أعلم بهذ الطلاق، معتبرا أن المرأة المطلقة بوثيقة طلاق مسجلة هى امرأة مطلقة وإن لم تعلم بذلك، مؤكدا أن الطلاق يقع بعد أن يثبته الرجل من خلال الأوراق الرسمية.

وأوضح أن هذه الوقائع وأن كانت نادرة الحدوث إلا أنها حدثت بالفعل وعادة ما يكون الزوج متفقا مع الورثة من أخوته وأولاده ويعمل على تطليق الزوجة الثانية على سبيل المثال بهدف عدم حصولها على ورث ويسانده عاده أشقائه أو أولاده من الزوجة الأولى.. مشيرا إلى أن حال قيام هؤلاء من أخوته أو أولاده أو آخرين لهم حق الورث بالشهادة أمام المحكمة أن هذه الزوجة تم تطليقها وأثبتت وثيقة الطلاق ذلك سوف تعتبر المحكمة أن هذا الطلاق وقع بالفعل وموثق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة