ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب


نحن والعالم

دبلوماسية اللقاح 1

ريهاب عبدالوهاب

الجمعة، 02 يوليه 2021 - 06:19 م

حقيقة ان عدد الجرعات المقدمة من لقاح كورونا حول العالم تجاوز ال 3 مليار جرعة- كما تقول الإحصائيات لا يعنى اننا نقترب من القضاء على الفيروس او الوصول «لمناعة الجموع» كما يسمونها. اولاً، لأن هذا الرقم لا يعنى تطعيم 3 مليارات نسمة لأن هناك من حصل على الجرعتين ومن حصل على جرعة واحدة. علاوة على ذلك اكثر من ثلثى هذا الرقم يقتصرعلى 3 بلدان هى الصين التى أعطت أكثر من 1.2 مليار جرعة لقاح، والهند ب 333 مليون جرعة، ثم امريكا بحوالى 325 مليون جرعة، والبقية موزعة على دول العالم، بما فيها الدول الفقيرة والمنخفضة الدخل التى لم تتجاوز نسبة تلقى اللقاح فيها ال0.9٪.  
العجيب ان السبب فى انخفاض أعداد من تلقوا اللقاح، لايرجع لعدم كفاية الانتاج بل لعدم عدالة التوزيع، حيث احتفظت الدول الكبرى التى تمثل سُبع سكان العالم فقط بأكثر من نصف اللقاحات المتاحة تقريباً. كذلك بالغت العديد من الدول الغنية فى شراء جرعات من اللقاح تفيض عن حاجتها. فأمريكا ، مثلاً ، اشترت 1.2 مليار جرعة، رغم ان عدد سكانها لا يتجاوز ال 328 مليون نسمة. كذلك طلبت كندا 381 مليون جرعة تكفى لتطعيم كل كندى خمس مرات بالجرعتين.  
هذا «الإستئثار» الذى يخالف كل مبادىء الانسانية التى يدعيها الغرب طوال الوقت يستدعى للذاكرة ما حدث مع فيروس «الإيدز» فى التسعينيات، عندما استأثر الغرب بالدواء الذى كان يكلف حوالى 8000 دولار فى العام، بأسعار التسعينات، تاركاً حوالى 90٪ من فقراء العالم المصابين بالإيدز فريسة للموت. وعندما بدأت أزمة الوصول غير العادل للعلاج تهيمن على عناوين الأخبار الدولية بدأت شركات الأدوية فى التبرع باللقاح للبلدان المحتاجة والسماح للشركات المحلية بتصنيعه. كما تم إنشاء مؤسسات لتمويل البرامج الصحية فى البلدان الفقيرة. لكن الأمر استغرق أكثر من عقد بعد تطوير اللقاح، وملايين الوفيات غير الضرورية، لكى تتيح الدول الغنية تلك اللقاحات المنقذة للحياة لجميع أنحاء العالم.  
نفس السيناريو يحدث اليوم مع فيروس كورونا لكن بوتيرة أسرع بعد ان أخذت البلدان الغنية كفايتها وبدأت توزيع الفائض فى اطار «دبلوماسية اللقاح» التى سنتابع الحديث عنها فى المقال القادم. 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة