آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

الفستان والمايوه .. وعودة الوعى

آمال عثمان

الجمعة، 02 يوليه 2021 - 07:41 م

تأملت كثيراً ذلك التاريخ المحفور فى الوجدان، وتلك الأحداث التى خطت ملامحها فوق جدران الذكريات، وأبت أن تغادر أروقة الفؤاد، لتظل شاهدة على تلك اللحظة الفارقة من عمر الوطن، لحظة بدت فيها شمس الحرية من بين الغيوم الكئيبة الموحشة، بعد أن أدرك المصريون المخاطر والتهديدات التى تحيق ببلدهم، وصمموا على تحريرها من سجون التخلف والرجعية.
لم يكن أحد يتوقع تلك الصحوة التى دبت فى أوصال هذا الشعب العظيم، أوحالة اليقظة والوعى التى استمدت منها الجماهير العزيمة والإصرار على استرداد بلدهم، وتحريره من الاحتلال العقلي، وتخليصه من مخالب العصابة الفاشية التى اختطفته وسلبت حريته، تلك الروح العظيمة التى وحَّدَت ملايين المصريين فى 30 يونيو، ودفعتهم للخروج إلى الشوارع بمختلف اتجاهاتهم وطوائفهم وانتماءاتهم، ليمحوا عار التخلف والرجعية، ويتصدوا بكل قوة للكابوس القابع فوق صدورهم، والخطر الساعى لتدمير وطمس الشخصية والهوية والثقافة المصرية، وليسطروا صفحة جديدة تملأها معانى الحرية والأمل والتقدم والبناء، ويرسموا ملامح وطن ينزع عن كاهله عباءة التعصب والتشدد والتخلف والرجعية.
ما أحوجنا اليوم إلى استعادة هذه الروح العظيمة، وتلك الصحوة واليقظة، لنصلح ما أفسده الدهر من تشوهات فى الشخصية المصرية، ونعيد بناء عقلها، ونداويها من الأمراض التى أصابتها عبر عقود من أفكار التصحر الوهابية، ومثلما قطعنا شوطاً كبيراً فى بناء المشروعات وإقامة الجسور وتطوير المدن والقرى، علينا أن نسارع الخطى لإعادة تشكيل الوعى وبناء العقل، وإصلاح الشخصية المصرية مما أصابها من تشوهات، وما أَلم بها من تحولات فى السمات والسلوكيات والمفاهيم، على امتداد عقود طويلة. 
يا سادة: إن الرجل والسيدتين الذين أعطوا لأنفسهم الحق فى «التنمر» على الطالبة الجامعية الشابة، وفرضوا أفكارهم وقناعاتهم المتحجرة على حريتها فى اختيار ملابسها، ووصفوها بقلة الأدب لمجرد أنها ارتدت «فستان» محتشماً فى الجامعة، هم شخصيات مشوهة تحتاج إلى إصلاح؟! والعقلية التى أقامت الدنيا ولم تقعدها من أجل «المايوه البوركيني» عقلية لديها خواء فكري، والفتاة التى سعت لكسب الأموال من خلال تطبيقات سيئة السمعة على الإنترنت، هى شخصية تحتاج إلى إصلاح فكرى، كما أن الإنسان الذى لا يرى فى المرأة سوى الشهوة الجنسية، شخص يحتاج إلى إعادة علاج نفسي، كذلك من يعتبر «الكذب» و»التملق» و»الفهلوة» نوعاً من «الذكاء»، أويظن أن «الوقاحة» تعد «شجاعة»، والسخرية أحد أشكال «النقد»، و»التنمر» سرعة بديهة وخفة ظل، أومن يتوقع تحسن أحواله المالية بشكل قدرى دون العمل وبذل الجهد، كلها شخصيات وعقول أصابها العطب والفساد والتعفن، وتحتاج إلى ثورة إصلاح وإعادة بناء، وهى الثورة الأهم من أجل مستقبل الوطن.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة