بايدن
بايدن


هل ينزلق التصعيد بين واشنطن وميليشيات إيران إلى حرب؟

الأخبار

السبت، 03 يوليه 2021 - 06:07 م

ترى أن حالة الفشل التى يعيشها لبنان حاليا يرجع جزئيا لخطأ الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فبعد قرابة عام من زيارة ماكرون لبيروت وإطلاقه مبادرة فرنسية لتخفيف أزمات مستعمرة بلاده السابقة، لم يتحقق أى شىء. فأسعار المواد الغذائية مستمرة فى الارتفاع وطوابير الوقود تمتد لأميال، والجيش اللبنانى يقرع هو الآخر اجراس الإنذار بأنه قد يكون هو أيضا على وشك الانهيار بسبب الضغط المالى على جنوده.

ورغم أن تدخل إيران والخلافات مع الولايات المتحدة حول كيفية التعامل مع حزب الله ساهم في الموت المبكر للمبادرة الفرنسية. الا  أن إحجام فرنسا عن فرض عقوبات قاسية على النخبة السياسية كان أمرا مدمرا، وحتى عندما فرضت فرنسا عقوبات على بعض اللبنانيين المتورطين فى الفساد أو الذين عرقلوا تشكيل الحكومة، أبقت الأسماء مخفية وكانت عقوبات خفيفة تمثلت فى مجرد حظر السفر إلى فرنسا!.

لم تكن الضربات التى أمر بها الرئيس الأمريكى جو بايدن على فصائل مسلحة مدعومة من إيران فى سوريا والعراق الأولى من نوعها ولن تكون على الأرجح الأخيرة فى ظل رئاسته حديثة العهد.

الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة أثارت مخاوف من تصعيد جديد بين الخصمين اللدودين، على الرغم من أنهم يأملون فى إحياء اتفاق عام 2015 بشأن برنامج إيران النووى الذى أفسده الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، فهل تخاطر واشنطن وطهران بمواجهة جديدة ؟

يؤكد المسئولون فى البيت الأبيض عدم وجود نية إعلان حرب ضد إيران أو جماعاتها الوكيلة. ووصف وزير الخارجية أنتونى بلينكن الذى يزور أوروبا الغارات بـ «الضرورية والمناسبة والعمل المقصود الهادف للحد من مخاطر التصعيد. ولكنها ترسل رسالة ردع لا غموض فيها». وفى نفس الوقت فالغارات هى رسالة بايدن للجمهوريين فى أمريكا الذين يحاولون تصوير بايدن بالضعف أمام العدوان الإيرانى.

فى حين يرى بعض الديمقراطيين من حزب بايدن إنه إذا كان نمط الهجمات والهجمات المضادة يرقى إلى مستوى صراع غير معلن، فهناك احتمال أن تتورط الولايات المتحدة فى حرب مباشرة مع إيران دون مشاركة الكونجرس وهو أمر أصبح مشحونا سياسيا بدرجة أكبر بعد عقدين من الحروب التى لا تنتهى.
واقترب البلدان من الصراع الذى يخشاه الديمقراطيون فى 2020 عندما قتلت الولايات المتحدة قائدا عسكريا إيرانيا كبيرا وردت إيران بضربات صاروخية فى العراق ألحقت إصابات بأكثر من مائة جندى أمريكى.

وجاء ذلك فى أعقاب سلسلة من الهجمات المتبادلة مع فصائل مسلحة مدعومة من إيران.

وفى أحدث جولة، استهدفت طائرات مقاتلة أمريكية الأسبوع الماضى منشآت عمليات ومستودعات أسلحة فى موقعين فى سوريا وواحد فى العراق، فيما وصفت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون بأنه رد مباشر على هجمات بطائرات مسيرة شنتها فصائل مسلحة على قوات ومنشآت أمريكية فى العراق. اعقبها استهداف قوات أمريكية بنيران صواريخ فى سوريا، فيما بدا أنه رد انتقامى، لكن لم يصب أحد. ورد الجيش الأمريكى باستهداف مواقع إطلاق الصواريخ بنيران المدفعية.

يرى آخرون ان الرد الأمريكى جاء بشكل متوازن فى كل مرة يتعرض فيها الجنود الأمريكيون للخطر فى العراق بصرف النظر عن المفاوضات الهشة الجارية فى فيينا بهدف إعادة إحياء الاتفاق النووى الإيرانى، ذلك أن الاختبارات الإيرانية لمدى تحمل إدارة بايدن زادت على حدها، وتصاعدت كثيراً بشن الجماعات الحليفة لطهران هجمات من طائرات «درون» مسيرة ضد أفراد ومنشآت أمريكية فى العراق.

الضربات الجوية الأمريكية، لا تسلط فقط الضوء على التهديد المتزايد للقوات الأمريكية وحلفائها من الميليشيات المدعومة من إيران فى المنطقة والنفوذ المتزايد لطهران من خلال قواتها بالوكالة فى العراق وسوريا، وإنما تعكس أيضاً قلقاً متزايداً بشأن قدرات إيران الجديدة، والذى بدأ يتسلل إلى أعلى المستويات العسكرية.

التهديد الذى تمثله طائرات «درون» الإيرانية يأتى فى وقت صعب بشكل خاص بالنسبة للبنتاجون، حيث لا يزال بايدن يحاول تحويل اهتمامه صوب آسيا، مما قد يؤدى لنقل مزيد من القوات والموارد العسكرية من المنطقة، كما سعى لتقليص وجود 2500 جندى أمريكى فى العراق، فى الوقت الذى يواجه فيه الجهد الدبلوماسى الأمريكى لبدء اتفاق نووى جديد مع إيران مستقبلاً غير مؤكد مع وصول إبراهيم رئيسى المتشدد للسلطة فى طهران بحلول أغسطس المقبل.
وترى صحيفة «نيويورك تايمز» ان بايدن يواجه تيارات متداخلة تجاه إيران. وترى انه لو نجح بالاتفاق على إحياء الاتفاق النووى فعليه البحث عن طرق لمعالجة التأثير الإيرانى بالمنطقة، وهو أمر أكد الرئيس الإيرانى المنتخب إبراهيم رئيسى، وبعد يوم من إعلان فوزه، أن بلاده لن توافق عليه. وفى الوقت الذى يحاول فيه بايدن تشكيل سياسة متماسكة تجاه إيران. يواجه ضغوطا من عدة اتجاهات، من الكونجرس وإسرائيل والحلفاء العرب بالإضافة إلى الرئيس الإيرانى القادم والذى فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية فى 2019 عقوبات بعدما توصلت إلى أنه شارك فى لجنة الموت التى أمرت بالقتل الفورى لآلاف من المعتقلين السياسيين قبل أكثر من 30 عاما.


من وجهة نظر بعض المحللين الأمريكيين، ان رد فعل الحكومة العراقية الذى ندد بالهجمات الأمريكية واعتبرها انتهاكا سافرا لسيادة الدولة يعود فى جزء منه لتصاعد النفوذ الإيرانى مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة فى أكتوبر المقبل، وانخراط حكومة مصطفى الكاظمى فى الحوار الاستراتيجى مع الولايات المتحدة التى تناقش انسحاب القوات الأمريكية والإبقاء على عدد قليل لمهام تدريب الجيش العراقى، وهو ما يضع الحكومة العراقية فى موضع حرج. ومع عدم توافر نية ترشح رئيس الوزراء الحالى أو المقربين منه للانتخابات حتى الآن، يبدو مستقبل العلاقة مع واشنطن مبهماً نسبياً، وبخاصة أن الانتخابات لن تسفر كما فى السابق عن فائز واضح، إذ تتنافس الأحزاب الرئيسة كأجزاء من تحالفات، وبمجرد إعلان النتائج، ينخرط العديد من هذه الكتل فى فترة مطولة من المفاوضات تؤدى إلى ائتلاف حاكم هش تعوقه الانقسامات السياسية وشبهات الفساد، ومع ذلك، يظل رئيس الوزراء هو الشخص الوحيد الذى يمكن أن يغير الوضع الراهن ويجبر البلاد على المضى قدماً فى مسار جديد.

 

غير أن ذلك يتطلب عقد صفقة كبيرة مع جميع الشركاء الخارجيين الرئيسيين للعراق، ومعالجة مخاوف كل جانب مقابل تنازلات تخدم المصالح العراقية فى الوضع الحالى المتمثل فى التدهور الاقتصادى وانعدام الأمن والاضطرابات الاجتماعية.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة