شعار أشعل الثورة
شعار أشعل الثورة


اعتصام المثقفين.. من هنا بدأت ثورة 30 يونيو

أخبار الأدب

الأحد، 04 يوليه 2021 - 02:17 م

 

شهاب‭ ‬طارق

كان‭ ‬لانفجار‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬مقدمات‭ ‬كثيرة،‭ ‬ومواقف‭ ‬عديدة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نسيانها،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬موقف‭ ‬المثقفين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬الخضوع‭ ‬لحكم‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬علانية،‭ ‬وكان‭ ‬اعتصامهم‭ ‬فى‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬الا‭ ‬لأخونة‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافةب‭ ‬الشرارة‭ ‬الأولى‭ ‬لنهاية‭ ‬حكم‭ ‬المرشد،‭ ‬وقتها‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تعيين‭ ‬علاء‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬وزيرًا‭ ‬للثقافة،‭ ‬وقرر‭ ‬إنهاء‭ ‬خدمة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬الوزارة‭ ‬البارزين،‭ ‬رغبة‭ ‬منه‭ ‬فى‭ ‬تفريغ‭ ‬الوزارة‭ ‬من‭ ‬كوادرها‭ ‬وتمكين‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬مفاصلها‭ ‬الهامة‭ ‬والأساسية،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬أثار‭ ‬غضب‭ ‬جموع‭ ‬المثقفين‭ ‬المصريين،‭ ‬فقرروا‭ ‬الاعتصام،‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬فأدى‭ ‬ضمن‭ ‬أسباب‭ ‬عديدة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬اشتعال‭ ‬شرارة‭ ‬ثورة‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬يونيو‭.. ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الاعتصام‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬حقيقية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬نسيان‭ ‬دورها‭.‬

د‭. ‬أحمد‭ ‬مجاهد‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬المشاركين‭ ‬فى‭ ‬الاعتصام‭ ‬وقتها،‭ ‬يقول‭ ‬عندما‭ ‬يسألنى‭ ‬أحد‭ ‬عن‭ ‬اعتصام‭ ‬المثقفين‭ ‬بوزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬شرارة‭ ‬البداية‭ ‬لثورة‭ ‬30‭ ‬يونيو‭: ‬هل‭ ‬كنت‭ ‬تتوقع‭ ‬وقتها‭ ‬نجاح‭ ‬الاعتصام؟‭ ‬وأنه‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬فى‭ ‬إشعال‭ ‬الثورة؟عندئذ‭ ‬يقفز‭ ‬إلى‭ ‬ذهنى‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬قول‭ ‬صلاح‭ ‬عبد‭ ‬الصبور‭:‬

تسألنىرفيقتى‭: ‬ما‭ ‬آخر‭ ‬الطريق؟

وهل‭ ‬عرفت‭ ‬أوله

يوضح‭: ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدى‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬الذين‭ ‬شاركوا‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬يقين‭ ‬فى‭ ‬مجرد‭ ‬نجاح‭ ‬الاعتصام‭ ‬ذاته،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بحلم‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬فى‭ ‬طريق‭ ‬الثورة‭.‬

لكننى‭ ‬أقطع‭ ‬لك‭ ‬أيضا‭ ‬بيقين‭ ‬كامل‭ ‬أننا‭ ‬كنا‭ ‬قد‭ ‬عقدنا‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬اللاعودة،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬هويتها‭ ‬التى‭ ‬يحاولون‭ ‬سلبها،‭ ‬أو‭ ‬مرحبا‭ ‬بصحبة‭ ‬السجن‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬وطن‭ ‬أصبح‭ ‬غريبا‭ ‬عنا‭.‬

لكننا‭ ‬كنا‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬نكسب‭ ‬أرضا‭ ‬جديدة‭: ‬شركاء‭ ‬جدد‭ ‬فى‭ ‬الاعتصام،‭ ‬تأييد‭ ‬وزيارات‭ ‬من‭ ‬مثقفين‭ ‬وفنانين‭ ‬ورموز‭ ‬سياسية،‭ ‬ندوات‭ ‬وحفلات‭ ‬بالشارع‭ ‬تجذب‭ ‬جماهير‭ ‬أكثر‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬انتقال‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاعتصام‭ ‬إلى‭ ‬مقار‭ ‬وزارات‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬دواوين‭ ‬محافظات‭.‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبى‭ ‬ارتفع‭ ‬سقف‭ ‬المطالب،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬مطلبنا‭ ‬هو‭ ‬إقالة‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة،‭ ‬أصبح‭ ‬مطلبنا‭ ‬هو‭ ‬إقالة‭ ‬حكومة‭ ‬الإخوان‭ ‬بالكامل‭.‬

كان‭ ‬الحراك‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭ ‬المصرى‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬منتهاه،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬البداية‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الناعمة‭ ‬قائدة‭ ‬مسيرة‭ ‬التنوير،‭ ‬وحاملة‭ ‬المشاعل‭ ‬فى‭ ‬لحظات‭ ‬الظلام‭. ‬لكن‭ ‬استجابة‭ ‬الشعب‭ ‬المصرى‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الاعتصام‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬مصرى‭ ‬بسيط‭ ‬يريد‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هويته‭ ‬ولا‭ ‬يقبل‭ ‬التفريط‭ ‬فيها‭.‬

وفى‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬الحاسمة‭ ‬يظهر‭ ‬دور‭ ‬القائد‭ ‬السياسى،‭ ‬وقد‭ ‬تمثل‭ ‬هذا‭ ‬القائد‭ ‬فى‭ ‬الفريق‭ ‬السيسى‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الذى‭ ‬طلب‭ ‬تفويض‭ ‬الشعب‭ ‬له،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬خرج‭ ‬مبايعا‭ ‬فى‭ ‬أضخم‭ ‬مظاهرة‭ ‬شعبية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

يختتم‭:‬كنت‭ ‬أرى‭ ‬بعينى‭ ‬طوفان‭ ‬البشر،‭ ‬وترن‭ ‬بأذنى‭ ‬أصداء‭ ‬قصيدة‭ ‬حجازى‭:‬

لكأنها‭ ‬الرؤية‭!‬

قيامتك‭ ‬المجيدة

ينهض‭ ‬النهر‭ ‬القديم‭ ‬بضفتيه‭ ‬واقفا

حتى‭ ‬نشاهد‭ ‬فى‭ ‬السماء‭ ‬مصبه

نافورة‭ ‬خضراء

والشلال‭ ‬يصعد‭ ‬من‭ ‬منابعه‭ ‬الخفية‭ ‬راعفا

متفجرا‭ ‬بحرارة‭ ‬الماء‭ ‬المضفر‭ ‬بالمعادن

حاملا‭ ‬معه‭ ‬المدائن،‭ ‬والأهالى،‭ ‬والقرى،

والطير،‭ ‬والحيوان‭.‬

وهنا‭ ‬يقفز‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬سؤال‭: ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬نفسه‭ ‬وقتها‭ ‬واثقا‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬النصر؟يسأل‭ ‬مجاهد‭ ‬ويجيب‭:‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬كان‭ ‬يضع‭ ‬رأسه‭ ‬فوق‭ ‬كفه،‭ ‬متوكلا‭ ‬على‭ ‬الله،‭ ‬ومستعدا‭ ‬للتضحية‭ ‬بحياته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وطن‭ ‬يستحق‭.‬ففى‭ ‬اللحظات‭ ‬المفصلية‭ ‬الحاسمة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭: ‬احرص‭ ‬على‭ ‬الموت‭ ‬توهب‭ ‬لك‭ ‬الحياة،‭ ‬إما‭ ‬بجسدك‭ ‬فى‭ ‬دنيا‭ ‬ترضاها،‭ ‬أو‭ ‬بسيرتك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رسالة‭ ‬تؤمن‭ ‬بها‭.‬

الروائية‭ ‬سلوى‭ ‬بكر‭ ‬استعادت‭ ‬ذكريات‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬الفاصلة‭ ‬فقالت‭ ‬إن‭ ‬الموقف‭ ‬حينها‭ ‬كان‭ ‬إما‭ ‬نكون‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬نكون،‭ ‬فاحتشاد‭ ‬المثقفين‭ ‬والمبدعين،‭ ‬والفنانين،‭ ‬كان‭ ‬سببه‭ ‬أنهم‭ ‬رفضوا‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬مصر‭ ‬لعصور‭ ‬مظلمة،‭ ‬فكان‭ ‬الاعتصام‭ ‬ضرورة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منها،‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ينجح،‭ ‬حيث‭ ‬شارك‭ ‬فيه‭ ‬كافة‭ ‬أطياف‭ ‬الشعب‭ ‬اأنا‭ ‬أعدها‭ ‬لحظة‭ ‬هامة‭ ‬ومصيرية‭ ‬بالفعل،‭ ‬لأننا‭ ‬رفضنا‭ ‬استقدام‭ ‬ثقافة‭ ‬ضد‭ ‬الثقافة‭ ‬الوطنية‭ ‬تحت‭ ‬المسمى‭ ‬الديني،‭ ‬وحينها‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬وعى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجماعة‭ ‬الثقافية،‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدى‭ ‬إليه‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬الظلامية‭ ‬التى‭ ‬تتخفى‭ ‬وتتستر‭ ‬وراء‭ ‬الدين،‭ ‬فكان‭ ‬الوضع‭ ‬تحت‭ ‬حكمهم‭ ‬مخيف،‭ ‬وما‭ ‬أقصده‭ ‬هو‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬هذا‭ ‬الاحتشاد‭ ‬الرهيبب‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬اعتصامنا‭ ‬لأجل‭ ‬مطالب‭ ‬ثقافية‭ ‬فقط‭ ‬تتعلق‭ ‬بإقالة‭ ‬وزير،‭ ‬تضيف‭ ‬سلوى‭ ‬بكر،‭ ‬فالأمر‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬اإذ‭ ‬كان‭ ‬الموضوع‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬وطنية،‭ ‬وهذا‭ ‬الاعتصام‭ ‬الذى‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬المثقفين‭ ‬والفنانين،‭ ‬شجع‭ ‬كافة‭ ‬أطياف‭ ‬الشعب‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتوسع‭ ‬الوقفة‭ ‬الاحتجاجية،‭ ‬فأنا‭ ‬أتذكر‭ ‬المظاهرة‭ ‬التى‭ ‬مشينا‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬حتى‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير،‭ ‬ووقتها‭ ‬توقعت‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬كبرى‭ ‬قصر‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬كم‭ ‬الناس‭ ‬الهائل‭ ‬الذين‭ ‬تواجدوا‭ ‬عليه،‭ ‬فقد‭ ‬كنا‭ ‬نتحرك‭ ‬بالدفع‭ ‬فقط،‭ ‬لذلك‭ ‬الأمر‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬لحظة‭ ‬وعى‭ ‬حقيقية،‭ ‬وتفهم‭ ‬عالٍ‭ ‬لخطورة‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬وأنا‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬الجينات‭ ‬الحضارية‭ ‬الكامنة‭ ‬عند‭ ‬المصريين‭ ‬ظهرت‭ ‬بقوة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬كى‭ ‬تقول‭ ‬ترفض‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متخلف‭ ‬وظلاميب‭.‬

من‭ ‬جانبه‭ ‬قال‭ ‬الفنان‭ ‬التشكيلى‭ ‬والروائى‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬نجيب‭: ‬احين‭ ‬أقيم‭ ‬هذا‭ ‬الاعتصام‭ ‬كنت‭ ‬سعيدًا‭ ‬بالفعل‭ ‬نفسه‭ ‬وليس‭ ‬فى‭ ‬رد‭ ‬الفعل،‭ ‬أى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يهمنى‭ ‬نجاح‭ ‬الاعتصام‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬فما‭ ‬أسعدنى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجثة‭ ‬قد‭ ‬دبت‭ ‬فيها‭ ‬الحياة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬إذ‭ ‬ظل‭ ‬المثقفون‭ ‬لسنوات‭ ‬فى‭ ‬عزلة،‭ ‬وفى‭ ‬يناير‭ ‬أيضًا‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬ضمن‭ ‬الطليعة،‭ ‬لكنهم‭ ‬لعبوا‭ ‬دور‭ ‬الطليعة‭ ‬أثناء‭ ‬ثورة‭ ‬٣٠‭ ‬يونيو،‭ ‬لأنهم‭ ‬أدركوا‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬قد‭ ‬استولى‭ ‬عليها‭ ‬تنظيم‭ ‬رجعى‭ ‬انحرف‭ ‬بأهدافه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشروعه‭ ‬المعادى‭ ‬للإرادة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وكان‭ ‬للمثقفين‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬دور‭ ‬القيادة‭ ‬وغرس‭ ‬الوعى،‭ ‬وكشف‭ ‬أبعاد‭ ‬المخطط‭ ‬الذى‭ ‬يراد‭ ‬أن‭ ‬تنجرف‭ ‬إليه‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬القوى‭ ‬المناهضة‭ ‬للثورة‭ ‬والتقدم‭ ‬والنهضة،‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬أحد‭ ‬وقفة‭ ‬المثقفين‭ ‬التاريخية‭ ‬بالاعتصام‭ ‬بمقر‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة‭ ‬طوال‭ ‬شهر‭ ‬كامل،‭ ‬مطالبين‭ ‬برحيله،‭ ‬بل‭ ‬برحيل‭ ‬النظام‭ ‬الإخوانى‭ ‬كله،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الاعتصام‭ ‬بمثابة‭ ‬الشرارة‭ ‬الأولى‭ ‬التى‭ ‬انطلقت‭ ‬الثورة‭ ‬الجديدة‭ ‬منها،‭ ‬وكانت‭ ‬مبادرة‭ ‬المثقفين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاعتصام‭ ‬نموذجا‭ ‬مدهشا‭ ‬للمقاومة‭ ‬السلمية‭ ‬الواعية‭ ‬وللديمقراطية‭ ‬المتحضرة،‭ ‬واستطاع‭ ‬المثقف‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬لاعبًا‭ ‬أساسيا‭ ‬بجانب‭ ‬أنهم‭ ‬صاروا‭ ‬قيادة‭ ‬تاريخية‭ ‬للحدث،‭ ‬وفى‭ ‬دستور‭ ‬٢٠١٤‭ ‬برز‭ ‬دورهم‭ ‬فلعبوا‭ ‬دور‭ ‬القيادة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وقد‭ ‬سعدنا‭ ‬بأن‭ ‬تضمنت‭ ‬الصياغة‭ ‬النهائية‭ ‬ثلاث‭ ‬مواد‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ ‬بالدستور‭ ‬افصل‭ ‬المقومات‭ ‬الثقافيةب،‭ ‬وهى‭ ‬المواد‭ ‬رقم‭ ‬47،‭ ‬48،‭ ‬50،‭ ‬والتى‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬حق‭ ‬لكل‭ ‬مواطن،‭ ‬وتلتزم‭ ‬الدولة‭ ‬بتوصيلها‭ ‬إليه‭ ‬حتى‭ ‬أقصى‭ ‬المناطق‭ ‬النائية،‭ ‬وأن‭ ‬تراث‭ ‬مصر‭ ‬المادىوالمعنوى‭ ‬ثروة‭ ‬قومية‭ ‬تلتزم‭ ‬الدولة‭ ‬بالحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬وصيانتها،‭ ‬وكذا‭ ‬الرصيد‭ ‬الأدبىوالفنى،‭ ‬والتزام‭ ‬الدولة‭ ‬بالنهوض‭ ‬بالفنون‭ ‬والآداب،‭ ‬ورعاية‭ ‬المبدعين‭ ‬وحرية‭ ‬إبداعهم‭ ‬وتوفير‭ ‬وسائل‭ ‬التشجيع‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك‭.‬

الشاعر‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬فؤاد‭ ‬قال‭: ‬حينما‭ ‬تم‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬الدستور‭ ‬قرر‭ ‬المثقفون‭ ‬المشاركة‭ ‬لإنهاء‭ ‬حكم‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬كما‭ ‬قمنا‭ ‬بردود‭ ‬فعل‭ ‬مختلفة،‭ ‬إذ‭ ‬عقدنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤتمرات‭ ‬دفاعًا‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬التعبير،‭ ‬وضد‭ ‬حكم‭ ‬المرشد،‭ ‬وهو‭ ‬فعل‭ ‬ثورى‭ ‬لم‭ ‬يبدأ‭ ‬فى‭ ‬يونيو‭ ‬فقط،‭ ‬لكنه‭ ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬ديسمبر‭ ‬٢٠١٢،‭ ‬ثم‭ ‬فبراير‭ ‬٢٠١٣،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬نعتصم‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭ ‬عقدنا‭ ‬مؤتمرًا‭ ‬صحفيًا‭ ‬بنقابة‭ ‬الصحفيين،‭ ‬وأعلنا‭ ‬احتلال‭ ‬كل‭ ‬الفضاءات‭ ‬الموجودة‭ ‬فى‭ ‬الساحة‭ ‬الثقافية؛‭ ‬إذًا‭ ‬فقد‭ ‬لعب‭ ‬الاعتصام‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬جدا،‭ ‬وهو‭ ‬خطوة‭ ‬واحدة‭ ‬ضمن‭ ‬طريق‭ ‬طويل،‭ ‬لهذا‭ ‬أردنا‭ ‬كشف‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬وفضحه‭ ‬فى‭ ‬الشارع،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬الحلم‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬وأسقطنا‭ ‬حكم‭ ‬الجماعة‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭.‬

المهندس‭ ‬محمد‭ ‬أبو‭ ‬سعدة‭ ‬رئيس‭ ‬الجهاز‭ ‬القومى‭ ‬للحضارة‭ ‬قال‭: ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬الإخوان‭ ‬كنت‭ ‬رئيسًا‭ ‬لقطاع‭ ‬مكتب‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة‭ ‬مع‭ ‬الدكتور‭ ‬صابر‭ ‬عرب،‭ ‬وحينما‭ ‬رحل‭ ‬عرب‭ ‬قابلت‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة‭ ‬حينها‭ ‬علاء‭ ‬عبد‭ ‬العزيز،‭ ‬وبعد‭ ‬يومين‭ ‬من‭ ‬تواجده‭ ‬فى‭ ‬الوزارة‭ ‬شعرت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬برؤية‭ ‬تمكن‭ ‬الوزارة‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفها،‭ ‬وبناء‭ ‬عليه؛‭ ‬تقدمت‭ ‬باعتذار‭ ‬وتركت‭ ‬منصبى‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬قطاع‭ ‬مكتب‭ ‬الوزير،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬تحديدًا‭ ‬هو‭ ‬المنوط‭ ‬بتنفيذ‭ ‬رؤية‭ ‬وزير‭ ‬الثقافة،‭ ‬لذلك‭ ‬رجعت‭ ‬لموقعى‭ ‬بصندوق‭ ‬التنمية‭ ‬الثقافية،‭ ‬إذ‭ ‬شعرت‭ ‬أننى‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬أن‭ ‬اتفهم‭ ‬دور‭ ‬الوزير‭ ‬أو‭ ‬السياسة‭ ‬المنوط‭ ‬بها،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬بعيدا‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬فهم‭ ‬طبيعة‭ ‬الوزارة،‭ ‬وخلال‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬بدأ‭ ‬حراك‭ ‬الفنانين‭ ‬والمثقفين،‭ ‬وتواجدوا‭ ‬فى‭ ‬مكتب‭ ‬الوزير‭ ‬وبدأت‭ ‬شرارة‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬يونيو،‭ ‬لأننا‭ ‬حينها‭ ‬أدركنا‭ ‬طبيعة‭ ‬الوضع،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إنهاء‭ ‬حكم‭ ‬الجماعة‭.‬

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة