رابطة كارهى سليم العشى
رابطة كارهى سليم العشى


رابطة كارهى سليم العشى: جماليات المعرفى والغموض والبحث عن الأسرار

أخبار الأدب

الأحد، 04 يوليه 2021 - 02:54 م

محمد‭ ‬سليم‭ ‬شوشة

رواية‭ ‬رابطة‭ ‬كارهى‭ ‬سليم‭ ‬العشى‭ ‬الصادرة‭ ‬مؤخرا‭ ‬2021‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬العين‭ ‬للروائى‭ ‬المصرى‭ ‬سامح‭ ‬الجباس،‭ ‬تعد‭ ‬فى‭ ‬رأينا‭ ‬نموذجا‭ ‬مغايرا‭ ‬وعلى‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاختلاف‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إنتاجه‭ ‬من‭ ‬سرد‭ ‬روائى‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الراهنة‭. ‬ترتكز‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬على‭ ‬غرائبية‭ ‬التاريخى‭ ‬والسيرى‭ ‬وتعمد‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬تجاوز‭ ‬التخييل‭ ‬أو‭ ‬إنكاره‭ ‬فى‭ ‬السرد،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬صوت‭ ‬السارد‭ ‬الذى‭ ‬يتطابق‭ ‬تماما‭ ‬مع‭ ‬صوت‭ ‬المؤلف‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬ربما،‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬اسم‭ ‬السارد‭ ‬الرئيس‭ ‬هو‭ ‬المؤلف‭ ‬بمواصفاته‭ ‬وبياناته،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬يبقى‭ ‬أحد‭ ‬ألعاب‭ ‬السرد،‭ ‬فإنكار‭ ‬التخييل‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬بذاته‭ ‬تخييلا‭. ‬وهذه‭ ‬نقطة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التفصيل،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬أشير‭ ‬إليه‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬كون‭ ‬الرواية‭ ‬أعلنت‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬علامات‭ ‬عديدة‭ ‬اشتغالها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تاريخى‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يفترض‭ ‬أنه‭ ‬حقيقى‭ ‬فى‭ ‬سيرة‭ ‬غيرية‭ ‬لسليم‭ ‬العشى‭ ‬المعروف‭ ‬بالدكتور‭ ‬داهش‭ ‬الذى‭ ‬مثل‭ ‬ظاهرة‭ ‬دينية‭ ‬مختلفة‭ ‬فى‭ ‬وقته‭ ‬وبقيت‭ ‬أسرار‭ ‬تجربته‭ ‬غير‭ ‬معلومة‭ ‬أو‭ ‬مدركة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬

لقد‭ ‬حاول‭ ‬خطاب‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬استثمار‭ ‬الغرابة‭ ‬الطبيعية‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬سليم‭ ‬العشى‭ ‬وما‭ ‬اكتنفها‭ ‬من‭ ‬الأسرار‭ ‬والعجائب‭ ‬والظواهر‭ ‬الروحية‭ ‬والفيزيائية‭ ‬العجية‭ ‬التى‭ ‬شكلت‭ ‬كما‭ ‬هائلا‭ ‬من‭ ‬المعجزات‭ ‬غير‭ ‬المدركة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬حسى‭ ‬أو‭ ‬عقلانى‭ ‬واضح،‭ ‬بل‭ ‬وغير‭ ‬المبررة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬دينى‭ ‬مفهوم،‭ ‬إذ‭ ‬هو‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬غير‭ ‬محدد‭ ‬الصفة‭ ‬أو‭ ‬محسوم‭ ‬بأمره‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ساحرا‭ ‬أو‭ ‬نبيا‭ ‬أو‭ ‬دجالا‭ ‬أو‭ ‬شاعرا‭ ‬وروحانيا‭ ‬أو‭ ‬عالما‭ ‬مؤثرا‭ ‬بعلمه‭ ‬وأسلوبه‭ ‬فى‭ ‬الناس‭ ‬بما‭ ‬يكفى‭ ‬ليتبعوه‭. ‬إن‭ ‬حياته‭ ‬بذاتها‭ ‬لتمثل‭ ‬زادا‭ ‬ثريا‭ ‬لأى‭ ‬روائى‭ ‬مجتهد‭ ‬ليشكل‭ ‬منها‭ ‬خطابا‭ ‬سرديا‭ ‬حافلا‭ ‬بالمفاجآت‭ ‬والأسرار‭ ‬والعجائب‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬الرواية‭ ‬موفقة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭ ‬فى‭ ‬الاشتغال‭ ‬عليه‭ ‬لتنتج‭ ‬جمالياتها‭ ‬وتجعل‭ ‬المتلقى‭ ‬مدفوعا‭ ‬لاستكمال‭ ‬القراءة‭ ‬والمتابعة‭ ‬باندفاع‭ ‬وتشويق‭. ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬إنجازا‭ ‬مهما‭ ‬لسامح‭ ‬الجباس‭ ‬فى‭ ‬مقاربته‭ ‬لموضوع‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬قدر‭ ‬الوعى‭ ‬بأبعاد‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬البحثية،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الموضوعات‭ ‬الملغزة‭ ‬البينية‭ ‬التى‭ ‬تقع‭ ‬فى‭ ‬المساحة‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬التاريخ‭ ‬وعلم‭ ‬النفس‭ ‬والأديان‭ ‬والسياسة‭ ‬والأدب‭ ‬ومجالات‭ ‬عدة،‭ ‬والغفلة‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬جانب‭ ‬منها‭ ‬يجعل‭ ‬الموضوع‭ ‬مشوها‭ ‬والخطاب‭ ‬السردى‭ ‬ينأى‭ ‬عن‭ ‬الموضوعية‭ ‬ويصبح‭ ‬ممتلئا‭ ‬بالثغرات‭ ‬والثقوب‭ ‬التى‭ ‬تعيبه‭ ‬أو‭ ‬تشوه‭ ‬عرضه،‭ ‬وفوق‭ ‬هذا‭ ‬التعدد‭ ‬فى‭ ‬جوانبه‭ ‬وزوايا‭ ‬رؤيته‭ ‬فهو‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬روح‭ ‬ساردة‭ ‬مرنة‭ ‬وقابلة‭ ‬للاختلاف‭ ‬ومنفتحة‭ ‬فى‭ ‬تصوراتها‭ ‬على‭ ‬احتمالات‭ ‬عديدة‭ ‬ولا‭ ‬تسارع‭ ‬نحو‭ ‬حسم‭ ‬زاوية‭ ‬بعينها‭ ‬أو‭ ‬احتمال‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬تفرض‭ ‬تصورا‭ ‬معينا‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬المرونة‭ ‬هذه‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬نواتجها‭ ‬الجمالية‭ ‬أيضا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬حتمية‭ ‬فى‭ ‬معالجة‭ ‬قضية‭ ‬مثل‭ ‬هذه،‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬السرد‭ ‬أنتج‭ ‬منها‭ ‬قدرا‭ ‬هائلا‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬لدى‭ ‬السارد‭ ‬أو‭ ‬صاحب‭ ‬الصوت‭ ‬الرئيس‭ ‬فى‭ ‬الرواية‭ ‬وهو‭ ‬الروائى‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬سليم‭ ‬العشي،‭ ‬وقدرا‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬والاضطراب‭ ‬وعدم‭ ‬وضوح‭ ‬مصير‭ ‬عمله‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬الرواية،‭ ‬ويصبح‭ ‬السارد‭ ‬الرئيس‭ ‬موازيا‭ ‬ومساويا‭ ‬للمتلقى‭ ‬فى‭ ‬زاوية‭ ‬الرصد‭ ‬والوعى‭ ‬بالعالم‭ ‬المسرود‭ ‬عنه،‭ ‬ويصبح‭ ‬أفق‭ ‬الوعى‭ ‬لديهما‭ ‬صفريا‭ ‬يتفجران‭ ‬معا‭ ‬ويندهشان‭ ‬وما‭ ‬يصل‭ ‬إليه‭ ‬سامح‭ ‬الروائى‭ ‬فى‭ ‬بحثه‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياة‭ ‬سليم‭ ‬العشى‭ ‬وأسراره‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬المتلقى‭ ‬فى‭ ‬اللحظة‭ ‬نفسها،‭ ‬فكأنهما‭ ‬قد‭ ‬أصبحا‭ ‬شريكين‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬أو‭ ‬المغامرة‭. ‬صحيح‭ ‬أنى‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬أتفق‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الراوى‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬سامح‭ ‬الجباس‭ ‬وأن‭ ‬جعله‭ ‬أى‭ ‬روائى‭ ‬مصرى‭ ‬دون‭ ‬تحديد‭ ‬للاسم‭ ‬وبقية‭ ‬الصفات‭ ‬كان‭ ‬سيجعل‭ ‬الرواية‭ ‬أكثر‭ ‬تحررا‭ ‬وتحليقا‭ ‬وانفلاتا‭ ‬من‭ ‬التقييدات‭ ‬التى‭ ‬حجمتها‭ ‬وبخاصة‭ ‬فى‭ ‬علاقته‭ ‬بفاطمة،‭  ‬وهى‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬جميلة‭ ‬كان‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬الحقيقى‭ ‬وإفلاتها‭ ‬فى‭ ‬رحابة‭ ‬التخييل‭ ‬يفيدها‭ ‬أكثر‭ ‬ويجعلها‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬مغامرات‭ ‬جسدية‭ ‬وحالا‭ ‬من‭ ‬العشق‭ ‬أكثر‭ ‬انطلاقا‭. ‬

ما‭ ‬أعنيه‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬خطاب‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬ابن‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬المغامرة‭ ‬والتجريب‭ ‬فى‭ ‬السرد‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬إنجازاتها‭ ‬ومزاياها،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬موفقا‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ولكن‭ ‬مسألة‭ ‬مساواة‭ ‬وعى‭ ‬السارد‭ ‬بوعى‭ ‬المتلقى‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬الدكتور‭ ‬داهش‭ ‬يفيد‭ ‬كثيرا‭ ‬فى‭ ‬التماهى‭ ‬بينهما‭ ‬وجعل‭ ‬المتلقى‭ ‬يعيش‭ ‬الحال‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬الاستعداد‭ ‬للمفاجآت‭ ‬بل‭ ‬الاستعداد‭ ‬للمغامرة‭ ‬والمخاطر،‭ ‬وبخاصة‭ ‬مع‭ ‬ذكاء‭ ‬الكاتب‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬بعض‭ ‬العلامات‭ ‬السردية‭ ‬التى‭ ‬جعلت‭ ‬الاحتمالات‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬المطلق‭ ‬وعلى‭ ‬مصير‭ ‬غامض‭ ‬وغرائبى‭ ‬ليس‭ ‬لشخصيات‭ ‬الرواية‭ ‬المعروفين‭ ‬تاريخيا‭ ‬أو‭ ‬يمكن‭ ‬التنقيب‭ ‬عنهم‭ ‬خارج‭ ‬خطاب‭ ‬الرواية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬مصير‭ ‬سامح‭ ‬نفسه‭ ‬الذى‭ ‬يصبح‭ ‬محفوفا‭ ‬بالمخاطر‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬القصة‭ ‬الفرعية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالروائية‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تشتغل‭ ‬قبله‭ ‬على‭ ‬الموضوع‭ ‬وانتحرت،‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مصير‭ ‬سامح‭ ‬معلقا‭ ‬باحتمال‭ ‬الانتحار‭ ‬لكون‭ ‬المسألة‭ ‬محسومة‭ ‬بصدور‭ ‬روايته‭ ‬ولكونه‭ ‬سامح‭ ‬الجباس‭ ‬الروائى‭ ‬الحقيقي،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬سيظل‭ ‬معلقا‭ ‬باحتمالية‭ ‬المخاطر‭ ‬الكبيرة‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬تجعله‭ ‬مهددا‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬عاش‭ ‬تجربة‭ ‬غريبة‭ ‬وصعبة‭ ‬أو‭ ‬فيها‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬القسوة‭.‬

‭>>>‬

هذه‭ ‬الرواية‭ ‬الثرية‭ ‬تتماس‭ ‬مع‭ ‬تاريخ‭ ‬المنطقة‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬الثلاثينيات‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬بعقود‭ ‬حتى‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬وتتقاطع‭ ‬مع‭ ‬مكونات‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية،‭ ‬منها‭ ‬المكون‭ ‬السياسى‭ ‬والمكون‭ ‬الثقافى‭ ‬والأدبى‭ ‬والمكون‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬وهو‭ ‬المكون‭ ‬الديني‭. ‬وكلها‭ ‬تمثل‭ ‬أبعاد‭ ‬عالم‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬المحفوفة‭ ‬بالقلق‭ ‬والملفوفة‭ ‬بالمغامرة‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حساسية‭ ‬علمية‭ ‬خاصة،‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬عالم‭ ‬الروح‭ ‬بطبيعته‭ ‬الميتافيزيقية‭ ‬وعالم‭ ‬المادة‭ ‬بثقل‭ ‬حضوره‭ ‬الذى‭ ‬يستعصى‭ ‬على‭ ‬الإنكار‭ ‬ومسلماته‭ ‬التى‭ ‬تستعصى‭ ‬على‭ ‬الانفلات‭ ‬من‭ ‬المنطق،‭ ‬ومن‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬عالم‭ ‬الروح‭ ‬والمادة‭ ‬تتشكل‭ ‬مفاجآت‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬ومنابع‭ ‬الإدهاش‭ ‬فيها‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬صدم‭ ‬المتلقي،‭ ‬ففيها‭ ‬مرويات‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الخوارق‭ ‬أو‭ ‬المعجزات‭ ‬المنسوبة‭ ‬إلى‭ ‬الدكتور‭ ‬داهش،‭ ‬وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬تفاوت‭ ‬المتلقين‭ ‬فى‭ ‬استقبالهم‭ ‬أو‭ ‬آليات‭ ‬استيعابهم‭ ‬وتفكيرهم‭ ‬فى‭ ‬الظواهر‭ ‬فإنها‭ ‬تبقى‭ ‬معجزات‭ ‬وتبقى‭ ‬محتفظة‭ ‬بطبيعتها‭ ‬الغرائبية‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬دائرة‭ ‬صغيرة‭ ‬هى‭ ‬دائرة‭ ‬المؤمنين‭ ‬بالدكتور‭ ‬داهش‭ ‬ودعوته‭ ‬وأفكاره‭. ‬

كان‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬لرواية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬أن‭ ‬يتوافر‭ ‬لها‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬السارد‭ ‬المدقق‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬التفاصيل،‭ ‬الطبيب‭ ‬الذى‭ ‬يمتلك‭ ‬ثقافة‭ ‬علمية‭ ‬ومادية‭ ‬وفيزيائية‭ ‬وثقافة‭ ‬بعلم‭ ‬النفس‭ ‬وعلم‭ ‬الأرواح،‭ ‬العاشق‭ ‬للكتب‭ ‬أيضا‭ ‬والمدقق‭ ‬فى‭ ‬المعلومات‭ ‬التاريخية‭ ‬والأدبية‭ ‬والعاشق‭ ‬للغة‭ ‬والقارئ‭ ‬لما‭ ‬بين‭ ‬السطور‭ ‬من‭ ‬الروابط‭ ‬الخفية‭ ‬بين‭ ‬أصوات‭ ‬عدة‭ ‬ومشايخ‭ ‬مختلفة‭ ‬فى‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬الخفى‭ ‬لدى‭ ‬توفيق‭ ‬الحكيم‭ ‬ونجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬وبين‭ ‬الظاهر‭ ‬عند‭ ‬الدكتور‭ ‬داهش،‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬الحركات‭ ‬الدينية‭ ‬والجماعات‭ ‬أو‭ ‬التنظيمات‭ ‬وبين‭ ‬هذه‭ ‬الدعوى‭ ‬الروحية،‭ ‬سارد‭ ‬يتمتع‭ ‬بقدرة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الشك،‭ ‬أو‭ ‬هو‭ ‬بالأحرى‭ ‬متربص‭ ‬بطبعه،‭ ‬وإن‭ ‬سمة‭ ‬التربص‭ ‬البحثى‭ ‬والعلمى‭ ‬لدى‭ ‬السارد‭ ‬لهى‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬السمات‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نركز‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬بحثها‭ ‬عن‭ ‬خصائص‭ ‬ومميزات‭ ‬الخطابات‭ ‬الروائية‭ ‬والسردية،‭ ‬ويمكن‭ ‬تقييم‭ ‬الروايات‭ ‬على‭ ‬أساسها،‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬رواياتنا‭ ‬هى‭ ‬بالأساس‭ ‬دالة‭ ‬على‭ ‬سمات‭ ‬العقل‭ ‬الجمعى‭ ‬العربى‭ ‬فى‭ ‬آفاته‭ ‬أو‭ ‬أبرز‭ ‬عيوبه،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬يكون‭ ‬السارد‭ ‬الرئيس‭ ‬أو‭ ‬الراوى‭ ‬فيها‭ ‬مشبعا‭ ‬بكم‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬اليقين‭ ‬مما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬الرواية‭ ‬ويطبعها‭ ‬بالجمود‭ ‬أو‭ ‬الاستاتيكية‭ ‬المميتة‭. ‬

إن‭ ‬مسألة‭ ‬المعجزات‭ ‬أو‭ ‬الظواهر‭ ‬الخارقة‭ ‬لها‭ ‬كيفيات‭ ‬بحثها‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإدراك‭ ‬الحسى‭ ‬والخديعة‭ ‬أو‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬والتشويش‭ ‬على‭ ‬الحواس‭ ‬أو‭ ‬فكرة‭ ‬الإقناع‭ ‬المسبق،‭ ‬كما‭ ‬لها‭ ‬كذلك‭ ‬علاقتها‭ ‬بالإبداع‭ ‬الأدبى‭ ‬وقوة‭ ‬الخطاب‭ ‬وقدرة‭ ‬الكلمة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬البشر،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الدكتور‭ ‬داهش‭ ‬بطل‭ ‬الرواية‭ ‬أديبا‭ ‬سباقا‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬الأدباء‭ ‬والشعراء‭ ‬مثل‭ ‬غازى‭ ‬براكس‭ ‬أو‭ ‬يوسف‭ ‬الحاج‭ ‬أو‭ ‬الفنان‭ ‬الكبير‭ ‬يوسف‭ ‬وهبي،‭ ‬فهم‭ ‬أرباب‭ ‬الكلمة‭ ‬والأدب‭ ‬والإبداع‭ ‬ويشهدون‭ ‬له‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬كان‭ ‬ذا‭ ‬قدرات‭ ‬أدبية‭ ‬خاصة،‭ ‬وبالتالى‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬فى‭ ‬القدرات‭ ‬الخارقة‭ ‬للإبداع‭ ‬الأدبى‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬السحر‭ ‬والتأثير،‭ ‬وهذا‭ ‬أيضا‭ ‬جانب‭ ‬مهم‭ ‬كان‭ ‬حاضرا‭ ‬لدى‭ ‬داهش‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حاضر‭ ‬لدى‭ ‬كافة‭ ‬الأنبياء،‭ ‬ومن‭ ‬الحديث‭ ‬المأثور‭ ‬عن‭ ‬النبى‭ ‬محمد‭ (‬ص‭) ‬قوله‭: ‬إن‭ ‬من‭ ‬البيان‭ ‬لسحرا‭. ‬وهكذا‭ ‬ففى‭ ‬تصورنا‭ ‬إن‭ ‬رواية‭ ‬رابطة‭ ‬كارهى‭ ‬سليم‭ ‬العشى‭ ‬لتجدد‭ ‬الأسئلة‭ ‬المهمة‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬حول‭ ‬الدين‭ ‬والأدب‭ ‬وفكرة‭ ‬التعايش‭ ‬والاختلاف‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر،‭ ‬بل‭ ‬تعالج‭ ‬عبر‭ ‬التلميح‭ ‬لا‭ ‬التصريح‭ ‬والهمس‭ ‬لا‭ ‬المباشرة‭ ‬أسئلة‭ ‬أكثر‭ ‬حرجا‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬المعجزة‭ ‬والنبوة‭ ‬ووحدة‭ ‬الأديان‭ ‬ومشاكل‭ ‬الشرق‭ ‬وتمزقاته‭ ‬القديمة‭ ‬المتجددة‭ ‬بفعل‭ ‬الاختلافات‭ ‬الدينية،‭ ‬وتقاطعات‭ ‬الدينى‭ ‬مع‭ ‬السياسى‭ ‬مع‭ ‬الاقتصادى‭ ‬مع‭ ‬الثقافى‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬المهمة‭ ‬والجوهرية‭ ‬التى‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬قديمة‭ ‬فإنها‭ ‬مازالت‭ ‬متجددة‭ ‬وتلقى‭ ‬بظلالها‭ ‬وتفرض‭ ‬نفسها‭ ‬علينا‭ ‬بقوة‭. ‬

‭>>>‬

رابطة‭ ‬كارهى‭ ‬سليم‭ ‬العشى‭ ‬رواية‭ ‬تتبع‭ ‬بنعومة‭ ‬وسلاسة‭ ‬خطوطا‭ ‬متشعبة‭ ‬ومتفرقة‭ ‬أو‭ ‬متشظية‭ ‬ومتناثرة‭ ‬فى‭ ‬فضاء‭ ‬جغرافى‭ ‬شاسع‭ ‬وواسع،‭ ‬فى‭ ‬آسيا‭ ‬وأفريقيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وأمريكا‭ ‬الشمالية،‭ ‬وتتبعها‭ ‬كلها‭ ‬انطلاقا‭ ‬مما‭ ‬بينها‭ ‬من‭ ‬الروابط‭ ‬الحقيقية‭ ‬والبارزة‭ ‬ودون‭ ‬افتعال،‭ ‬وبعضها‭ ‬يأتى‭ ‬فى‭ ‬غاية‭ ‬الإحكام‭ ‬وبخاصة‭ ‬ما‭ ‬يتصل‭ ‬بشقة‭ ‬المبتديان‭ ‬التى‭ ‬يبيت‭ ‬فيها‭ ‬الراوى‭ ‬فى‭ ‬أول‭ ‬الرواية‭ ‬وقبل‭ ‬شروعه،‭ ‬ثم‭ ‬اكتشافه‭ ‬لحقيقتها،‭ ‬يتتبع‭ ‬ظواهر‭ ‬حقيقية‭ ‬أو‭ ‬أخبارا‭ ‬متواترة‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬الروحى‭ ‬والوسيط‭ ‬وعن‭ ‬المقتنعين‭ ‬بهذا‭ ‬الفكر‭ ‬تقريبا‭ ‬فى‭ ‬الوطن‭ ‬العربى‭ ‬كله‭ ‬تصريحا‭ ‬وتلميحا،‭ ‬معرفة‭ ‬كاملة‭ ‬أو‭ ‬بمعرفة‭ ‬جزئية،‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الفيزياء‭ ‬وأساتذة‭ ‬الطب‭ ‬وأساتذة‭ ‬العلوم‭ ‬الشرعية‭ ‬وعلماء‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامى‭ ‬ومن‭ ‬الكتاب‭ ‬والصحفيين‭ ‬ورؤساء‭ ‬التحرير‭ ‬والأدباء‭ ‬البارزين،‭ ‬من‭ ‬أعلن‭ ‬وصرّح‭ ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬يعلن‭ ‬وانعكست‭ ‬قناعته‭ ‬فى‭ ‬إنتاجه‭ ‬بتورية‭ ‬وإخفاء‭ ‬مقصود‭. ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬التتبع‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مملا‭ ‬ويفيد‭ ‬من‭ ‬جماليات‭ ‬الكتابة‭ ‬التاريخية‭ ‬والسرد‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬العلمى‭ ‬أو‭ ‬التتبع‭ ‬المعلوماتى‭ ‬والمعرفي،‭ ‬ويصبح‭ ‬مربوطا‭ ‬بإحكام‭ ‬بالقصة‭ ‬الإطار‭ ‬وهى‭ ‬قصة‭ ‬سامح‭ ‬وفاطمة‭ ‬التى‭ ‬مازلت‭ ‬مقتنعا‭ ‬بأن‭ ‬تحريرها‭ ‬كان‭ ‬سيفيد‭ ‬أكثر،‭ ‬لكن‭ ‬الكاتب‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬رغب‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يعلن‭ ‬معاداته‭ ‬للتخييل‭ ‬والتزامه‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حقيقى‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتأثر‭ ‬وحداته‭ ‬السردية‭ ‬ببعضها،‭ ‬أو‭ ‬يصبح‭ ‬الجزء‭ ‬التاريخى‭ ‬واقعا‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬التخييلى‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬لو‭ ‬جعله‭ ‬منفلتا‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭.‬

تمثل‭ ‬رابطة‭ ‬كارهى‭ ‬سليم‭ ‬العشى‭ ‬حالا‭ ‬سردية‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التماسك‭ ‬والترابط‭ ‬والإحكام‭ ‬برغم‭ ‬انبنائها‭ ‬وتأسسها‭ ‬على‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬العجائبية‭ ‬والأسرار‭ ‬الروحية‭ ‬والمعجزات،‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الرابطة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشخصيات‭ ‬متنوعة‭ ‬وتتعدد‭ ‬مرجعيات‭ ‬الشخصيات‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التكوين‭ ‬والبناء‭ ‬المعرفي،‭ ‬فمنهم‭ ‬الطبيب‭ ‬أو‭ ‬الفيزيائى‭ ‬والشاعر‭ ‬أو‭ ‬غيرهما‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬إلا‭ ‬بالمادة‭ ‬ومنهم‭ ‬صاحب‭ ‬المستوى‭ ‬الثقافى‭ ‬المتميز‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬خداعه‭ ‬بسهولة‭ ‬أو‭ ‬جعله‭ ‬واقعا‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬معين،‭ ‬كما‭ ‬منهم‭ ‬الغنى‭ ‬أو‭ ‬الطبقات‭ ‬الارستقراطية‭ ‬التى‭ ‬ليست‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬لعطايا‭ ‬أو‭ ‬مال‭ ‬أو‭ ‬منصب،‭ ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬قناعة‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬يصنع‭ ‬رابطة‭ ‬محكمة‭ ‬بذاتها‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬تكوينها‭ ‬المتنوع،‭ ‬فهم‭ ‬ليسوا‭ ‬فئة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬الفقراء‭ ‬أو‭ ‬المشردين‭ ‬أو‭ ‬المظلومين‭. ‬

فى‭ ‬الرواية‭ ‬جانب‭ ‬أيضا‭ ‬مهم‭ ‬وهو‭ ‬الخاص‭ ‬بلغة‭ ‬السرد‭ ‬التى‭ ‬تجاوبت‭ ‬مع‭ ‬نوازع‭ ‬متنوعة،‭ ‬وتفاوتت‭ ‬لغة‭ ‬السرد‭ ‬لتمثل‭ ‬وتجسد‭ ‬حالات‭ ‬متباينة‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬العصرية‭ ‬أو‭ ‬حالات‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬السطحية‭ ‬وأخرى‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬حيث‭ ‬التنقيب‭ ‬فى‭ ‬أسرار‭ ‬الروح‭ ‬وكتابات‭ ‬آخرين‭ ‬ممن‭ ‬لهم‭ ‬لغات‭ ‬خاصة‭ ‬وجموح‭ ‬وطموح‭ ‬مغاير‭ ‬فى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬ثقافات‭ ‬ورغبات‭ ‬عميقة‭ ‬وروحانية،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التنوع‭ ‬فى‭ ‬مستويات‭ ‬اللغة‭ ‬هيمن‭ ‬عليه‭ ‬خطاب‭ ‬رواية‭ ‬كارهى‭ ‬سليم‭ ‬العشى‭ ‬وسيطر‭ ‬عليه‭ ‬بنعومة‭ ‬وسلاسة‭ ‬وتدفق‭ ‬سردى‭ ‬كبير‭ ‬وبحالة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الشعرية‭ ‬السردية،‭ ‬التى‭ ‬قاربت‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬المختلفة‭ ‬وقاربت‭ ‬بين‭ ‬المعجزة‭ ‬ونقيضها،‭ ‬وبين‭ ‬السؤال‭ ‬ومحاولات‭ ‬الإجابة‭ ‬عنه،‭ ‬وبين‭ ‬مشاعر‭ ‬متباينة‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬والاستقرار‭ ‬والطمأنينة‭ ‬والقلق‭ ‬والحزن‭ ‬والثقة‭ ‬والأمان‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والنفسية‭ ‬والإنسانية‭ ‬التى‭ ‬صهرها‭ ‬الخطاب‭ ‬بتدرج‭ ‬ناعم‭ ‬ومتناغم‭. ‬ينتقل‭ ‬من‭ ‬حال‭ ‬الثبات‭ ‬والرسوخ‭ ‬النفسى‭ ‬التى‭ ‬لدى‭ ‬داهش‭ ‬إلى‭ ‬حالات‭ ‬القلق‭ ‬والخوف‭ ‬والأمل‭ ‬فى‭ ‬الحب‭ ‬والرغبة‭ ‬عند‭ ‬سامح‭ ‬أو‭ ‬الراوى‭ ‬الرئيس،‭ ‬حالات‭ ‬من‭ ‬التبدل‭ ‬فى‭ ‬المصير‭ ‬عند‭ ‬المؤمنين‭ ‬به‭ ‬ومصيرهم‭ ‬أو‭ ‬مصير‭ ‬أسرهم‭ ‬عبر‭ ‬الزمن،‭ ‬وحالات‭ ‬الوضوح‭ ‬والاكتشاف‭ ‬إلى‭ ‬حالات‭ ‬الاندهاش‭ ‬والتساهل،‭ ‬وهذه‭ ‬النغمات‭ ‬من‭ ‬الوحدات‭ ‬السردية‭ ‬فى‭ ‬رصها‭ ‬وَصَفِّها‭ ‬وفق‭ ‬نسق‭ ‬تركيبى‭ ‬معين‭ ‬جعل‭ ‬الخطاب‭ ‬الروائى‭ ‬لا‭ ‬يمضى‭ ‬على‭ ‬وتيرة‭ ‬واحدة،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬حافلا‭ ‬بالتقاطعات‭ ‬والتحولات‭ ‬وحالات‭ ‬من‭ ‬الانتظار‭ ‬والتكامل‭ ‬والتشابك‭ ‬الشجرى‭ ‬بين‭ ‬القصص‭ ‬المختلفة،‭ ‬وبعضها‭ ‬فيها‭ ‬إسقاطات‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬آخر‭ ‬ومن‭ ‬مرحلة‭ ‬تاريخية‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬أخرى‭ ‬لاحقة،‭ ‬وهكذا‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الديناميكية‭ ‬المستمرة‭.‬

والحقيقة‭ ‬إنها‭ ‬رواية‭ ‬ثرية‭ ‬وفيها‭ ‬عديد‭ ‬الجوانب‭ ‬التى‭ ‬تستحق‭ ‬النظر‭ ‬والبحث‭ ‬والتأمل‭ ‬وجديرة‭ ‬بقراءات‭ ‬متعددة‭ ‬المرجعيات‭ ‬ووجهات‭ ‬النظر،‭ ‬بما‭ ‬يعنى‭ ‬أنها‭ ‬محركة‭ ‬ومحفزة‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬والفكر‭ ‬النقدى‭ ‬وتعد‭ ‬نموذجا‭ ‬سرديا‭ ‬خاصا‭ ‬ومتميزا‭.‬

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة