طاهر قابيل
طاهر قابيل


يوميات الأخبار

مصر الجديدة وثورة تصحيح المسار

طاهر قابيل

الإثنين، 05 يوليه 2021 - 08:41 م

«لن أنسى أنى سألت صديقا يوم رحيلهم متى نتخلص من الجاثمين على صدورنا ونتنفس الصعداء وننعم بالحرية.. فقال لى مبتسما: صبرت سنة ولا تستطيع الصبر ساعة.. وحدث ما قاله فخرجت إلى الشوارع احتفل  بزوال الغمة».

كلما مر عام وجاءت ذكرى «30 يونيو» أسبح فى بحر من الذكريات وأرى ميلاد عصر جديد فى حياتنا بعد التخلص من جماعة «إخوان الشر» الذين أرادوا «الهيمنة» وتوهموا قدرتهم على تمكين أنصارهم.. وصموا آذانهم وعميت أبصارهم وضلوا الطريق إلى قلب المواطن البسيط ومطالب الشعب المكافح الذى يرفض التفرقة والإرهاب والعبث بمقدراته ويرغب فى الحياة الآمنة والتنمية وتحقيق الرخاء والعيش فى حياة كريمة يستحقها.. فكان تصميمه على الإطاحة بالظلاميين ومن فرقوه شيعا وجماعات واستعدوا الصغير فبل الكبير واصطنعوا خلافات مع كل المؤسسات والهيئات واصطبغوا حياة البسطاء بالذل والعوز والحاجة فانتشرت المشكلات والأزمات وكل ما كان يحصلون عليه كلام وتصريحات و أوهام ووعود زائفة و فارغة من أى واقع أو حقيقة على الأرض.. فتراجعنا بسببهم سنوات بعيدة وضاع ثقلنا ودورنا وتأثيرنا السياسى والاجتماعى على المستوى العالمى والعربى والأفريقى.

كنت على ثقة أن «إخوان الشر» راحلون وسوف يشطبهم التاريخ من صفحاته ولن يتذكرهم أحد.. وقبل أيام من «30 يونيو» سألنى أحد عملائهم وهو زميلى «رحمة الله عليه» عما أتوقعه فقلت بكل ثقة إنهم راحلون غير مأسوف عليهم.. فيكفينا ما عانينا خلال عام وأنى واثق من رفض المصريين لوجودهم وتواجدهم فى حياتنا السياسية.. وأخبرت آخر قبل أيام من ثورة الشعب لتعديل المسار وكان يستعد للسفر إلى أمريكا لزيارة شقيقه أنك عندما تعود لن تجدهم.. فقد تمنيت ذلك من 8 أشهر تقريبا وأخبرت مسئولا عندما كان يعتذر لى عن تشويههم أحد احتفالاتنا وأن العام القادم سيكون مختلفا ونعود إلى ما تعودنا عليه، فقلت له ويملؤنى الضيق.. «إن شاء الله لن يكونوا موجودين»..

ولن أنسى أنى سألت صديقا يوم رحيلهم متى نتخلص من الجاثمين على صدورنا ونتنفس الصعداء وننعم بالحرية.. فقال لى «مبتسما» عبر التليفون «صبرت سنة ولا تستطيع الصبر ساعة».. وحدث ما قاله فخرجت إلى الشوارع أحتفل مع أشقائى المصريين بزوال «الغمة» والتعبير عن إرادتنا الصادقة وحريتنا وتمنياتنا بالانتقال إلى مرحلة جديدة من حياتنا تتضمن البناء والتنمية وتغير واقعنا المرير والوصول الى دولة جديدة تهتم ببناء الإنسان وتوفير كل احتياجاته.. وهو ما حدث عندما اختارنا ورزقنا الله تعالى بابن مصر البار الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وعد وحافظ على العهد وبذل كل ما يستطيع للحفاظ على مصر والشعب المصرى.
حكايات تعصى على النسيان
الحكايات كثيرة نفتخر بها وتعصى على النسيان.. وقد حكى لى أحدهم فى منصب قيادى بعد الثورة المباركة عن محاولات «الإخوان» تلفيق التهم والقضايا لأى شخص يختلف مع التنظيم الإرهابى وأعضائه.. وقال لى فى جلسة خاصة إنه كان موظفا مهما بإحدى المؤسسات التى مهمتها تطبيق القانون وطلب منه رؤساؤه الذين وضعهم «مكتب الإرشاد» من أعضاء الجماعة أو أعوانهم أن يلفق اتهاما لإحدى الشخصيات تنفيذا لأوامر قيادات الجماعة لأنهم لا يعرفون شيئا عن العدل والقانون ولا يعرفون سوى الانتقام وتعذيب الناس ومارسوا ضغوطا عليه لتنفيذ الأوامر فرفض..

وكانت سعادته غامرة عندما رحلوا بشرهم.. المصريون يؤمنون بالعدل ويتميزون بالوسطية ويتمسكون بالسلام الاجتماعى والدولى وينبذون العنف والتطرف والإرهاب ولذلك ثاروا ونزلوا بالملايين شبابا وشيوخا ونساء ورجالا إلى الميادين والشوارع وهم بهتفون ضد الحكم الظالم «للمرشد والإخوان» المتلفحين بعباءة الدين ويتخذونه ساترا لكل الفظائع والأمراض النفسية فكانت شرارة «تمرد» التى عمت البلاد وخروج الفنانين والمبدعين وأصحاب الرأى ومختلف الطوائف إلى حربهم مع «طيور الظلام والإظلام « فبدأ اعتصام أهل الفن أمام «وزارة الثقافة» لمنع دخول علاء عبد العزيز أول وزير للثقافة إخوانى بناء على قرار «المعزول» الذى فقد سلطته على أرض الواقع.. فملأ الأدباء والمفكرون شارع «شجرة الدر» قبل أن ينضموا لباقى المصريين فى «ميدان التحرير» وانتشرت الثورة المباركة لتصحيح المسار إلى شوارع «مصر الجديدة ومنشية البكرى وأمام قصر الاتحادية» والكل يهتف «ارحل» بعد أن فضحت الصورة الوهمية لجماعة «إخوان الشر» والحكم الفاشى ومحاولاتهم بعد ذلك عزل قاضى هروب «مرسى» من «وادى النطرون» وقتله لكشفه مؤامرتهم الكبرى على الدولة ومخططاتهم لاستغلالهم «ثورة يناير» وركوب الموجة.. فحرقوا المحكمة من ضمن جرائمهم فى حرق المؤسسات ودور العبادة الإسلامية والمسيحية والقتل والتخريب الذى عانينا منه وأزالت آثاره الأيدى الطيبة.
لقد أسقط المصريون مشروع الإخوان الإرهابى بالمنطقة وأصبحت «ثورة 30 يونيو» علامة فارقة فى تاريخنا وتاريخ المنطقة.. وقضت على تجار الدين ولولاها لأصبحنا ولاية عثمانية.. ولا أنسى ما شاهدته عندما زار «اردوغان» مصر والمحاولات اليائسة لنشر المذهب «الشيعى» والصدام والتصادم مع الأغلبية «السنية».. فإخوان الشر لم يتركوا فريقا أو مؤسسة إلا عبثوا فيها وبعد فشلهم كانت جرائم القتل والتعذيب والتخريب واستشهاد الأبرياء وترمل الزوجات والأمهات والحزن الذى صبغ البيوت وأثبت جميع الأسر أننا قادرون على ابتلاع الحزن لرفعة ونهضة بلدنا.
سنوات الفخر والتنمية
لقد رزقنا الله بابن مصر البار الرئيس عبد الفتاح السيسى بعد سنوات عجاف لنشعر معه أننا نعيش فى دولة جديدة ونجنى فيها ثمار التنمية وتوفير فرص العمل.. فنظرة واحدة الآن لمصر نرى فيها صورة مختلفة قضت على الماضى.. فلنا ثقل سياسى عربى وأفريقى وعالمى ونشارك بقوة فى حل الأزمات ونفتح ذراعينا ترحيبا بالأشقاء وعلاقات استثمارية وتجارية مع الأصدقاء ونمسح الدموع ونعالج الجراح وننتصر فى كل المواجهات والمعارك وليس ببعيد عنا مواجهتنا لفيروس «كورونا» وتطويرنا الطرق التى أصبحت لا تقل بل تزيد عما نراه فى أوروبا.. بالإضافة لانتشار المدن الذكية بكل المحافظات وإقامة العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة على أحدث طراز وخطوتنا الجادة لتطوير الريف المصرى طبقا لمخطط لمدة 3 سنوات على مراحل مع توفير الرعاية الطبية والمعيشية والتعليمية والاجتماعية ودعم المرأة والشباب وأصحاب الهمم والمعاشات وكبار السن والاهتمام بالنيل شريان الحياة وتطوير الترع وإزالة التعديات وخلق دلتا جديدة للزراعة بأسلوب وتكنولوجيا حديثة وربط سيناء بالدلتا القديمة عن طريق 3 أنفاق مع تطوير وتحديث الطرق بها وخلق حياة جديدة فى جمهوريتنا الحديثة نفتخر بها ونستمتع بنظافتها ونقائها وخضرة أرضها ونقدمها للأجيال القادمة فى أفضل صورة.

إن تحدثت عنما حدث فى مصر بالأعوام الثمانية الماضية لن تكفينى يوميات واحدة فكل شيء تغير إلى الأفضل وبلدنا أصبح خاليا من العشوائيات الخطرة وهو الحلم الذى حلمنا به سنوات كثيرة فتحقق على يد الرئيس السيسى.. وأصبح نموذجا يتحدث عنه العالم وتحولت الخربات والبيوت القديمة إلى عمارات و«كمباوندات» و«الأسمرات» نموذجا بعد أن تحولت الصحراء الصفراء إلى جنة للناجين من حياة غير آدمية ونموذجا لحكايات العائدين للحياة النظيفة المتحضرة فالمكان أصبح متكاملا فالوحدات السكنية تسلم بالأثاث مع توفير مختلف الاحتياجات البشرية من صحة وتعليم ونوادٍ وأسواق وفرص عمل ووسائل مواصلات راقية.
و«الأسمرات» مدينة جديدة وطفرة هائلة غيرت حياة الآلاف ووفرت لهم حياة كريمة.. ويضم المشروع بمراحله المبانى الخدمية مثل مجمعات المدارس ودور حضانة، والمراكز الطبية والوحدة الصحية، والمراكز الرياضية والملاعب المكشوفة، والوحدات الشرطية والمطافى والإسعاف والبريد والأسواق الحضارية والمخابز ومركز التدريب والصيانة و مسرحا كبيرا.. وتم نقل الأسر بمناطق أكشاك أبو السعود وعدة مناطق عشوائية وتسليم الوحدات للسكان مجهزة بالكامل وكاملة المرافق، حيث وفرت الدولة فرشا جديدا للأسر وأجهزة كهربائية، ليتسلم المواطن وحدته الجديدة على المفتاح، وبدون مقابل «مجانا» وكل ما يدفعه هو إيجار شهرى لا يتخطى الـ400 جنيه.. وتصل بعض مبانيها إلى ارتفاع 10 أدوار لاستيعاب عدد أكبر من السكان مع تزويد العمارات بـ2 أسانسير لتسهيل الصعود والنزول وهناك ساحات انتظار للسيارات ومساجد وكنائس ملاعب وحمامات سباحة.. استمعت لحكايات عديدة وتمنيت أن أكون واحدا من سكانها لأنى فى التسعينيات من القرن الماضى دفعتنى ظروف الحياة للإقامة فى إحدى المناطق غير المخططة التى استغل مالكوها لكل جزء من أرضها بالبناء ولم يراعوا حرمة السكن والجيران ومحاولات الحكومة لترميم وإصلاح ما أفسدته الأيام لا تنال الرضا ولا تغير من الواقع المرير والعشوائية فى كل شيء حتى وسائل المواصلات وانتشار الورش والمخازن والأسواق.
عصر بناء الإنسان

من أجل تنمية التجارة الداخلية والحرف والصناعات وتوفير فرص العمل وجه الرئيس بالاهتمام بتطوير الأسواق العشوائية وتحويلها من «باكيات» إلى «مولات» بتكلفة 44 مليار جنيه.. ويقسم كل سوق طبقا للاستخدام مهنية أو حرفية أو غذائية أو مختلطة وستتم مراقبتها بالكاميرات وبها أبواب للدخول والخروج ورجال أمن ونقاط شرطة وجراجات ووسائل ومعدات إطفاء ومحولات كهرباء ويخدم أهالى المنطقة فمثلا نشاط اللحوم والأسماك والدواجن يحتاج مياها وطريقة صرف فتتم مراعاة ذلك فى التصميم مع مراعاة النسق المعمارى.. وفى بورسعيد بعد تطوير السوق تحول المكان إلى نزهة عائلية وزادت القوة الشرائية وانتشار الأمن واختفاء الباعة السريحة وإلقاء المخلفات.. كما تم افتتاح 4 أسواق فى مرسى مطروح وهناك فى أسوان والإسماعيلية ودمياط والجيزة وجنوب سيناء والوادى الجديد والشرقية.
إن استراتيجية بناء الإنسان التى تنتهجها الدولة تؤسس لجيل قيادى جديد وإنشاء الأكاديمية الوطنية للتدريب يعمل على توسيع دائرة تدريب الشباب واكتشاف قدراتهم فهى قبلة التطوير والتعليم ومنارة التنمية وقاطرة التنمية ونهضة العلم والمعرفة على المستوى المحلى والإقليمى والدولى.. وقد ظهرت بوادر النجاح بتأهيل 9500 شاب وتدريب نواب المحافظين وإنشاء قاعدة قوية من الكفاءات الشابة المؤهلة للعمل السياسى والإدارى والمجتمعى من خلال الاطلاع على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط وتجميع الشباب الأفريقى بمختلف انتماءاته وتأهيل المتفوقين من خريجى الجامعات ببرامج متخصصة لتعزيز إمكانياتهم العلمية والبحثية.. فالجيل الحالى الذى لم يتجاوز العشرينات ولد وتربى ونشأ فى عصر الهواتف الذكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ولديهم أفكار مختلفة ومتطورة ومعارف أكبر عن الأجيال التى سبقتهم ولذلك يجب تأصيل الهوية لديهم والاستفادة من خبراتهم.. وإنشاء المنصات الحورية بينهم مع مختلف التيارات السياسية.. فمصر الآن تنفض غبار الماضى وترتدى ثوبا جديدا لدولة وجمهورية المستقبل. 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة