الفنانة مديحة كامل
فصول من كتاب مديحة .. زواج مديحة
الثلاثاء، 06 يوليه 2021 - 09:34 ص
الفصل الثانى 2"" محمد سرساوى
أسانسير المفاجأت
يبدو المصعد الكهربائى لعمارة “ال قاسم” كان ملئ بالمفاجأت والهدايا لدى مديحة، لم يكن دور فيلم “ فتاة شاذة” الهدية الوحيدة التى جاءت إليها، بل كانت هدايا متعددة مثل مقابلتها بالسيدة برلنتى العشرى فى المصعد التى اعجبت بها عرضت عليها العمل عارضة أزياء فى الاتيلية التى تملكه ، ويقال أن نجم ادوار الشر الممثل والمنتج حسن حامد حين قابلها عن طريق المصعد الكهربائى أيضا، كان يقوم بتأليف فيلم أسمه “بأسم الحب”سوف يخرجه السيد زيادة ورشح لبطولة الفيلم النجمة هند رستم لكنها كانت مشغولة بالعمل فى فيلم آخر فى نفس الوقت فاستقرت البطولة على لبنى عبد لعزيز، وكان هناك دورى ثانوى فى الفيلم رشحها له مؤلف القصة وقدمها الى المخرج فنالت الموافقة.
مشادة مع مخرج الروائع
وحدثت مشادة بين مديحة ومخرج الروائع حسن الإمام،كانت طالبة فى الثانوية العامة وكان حسن الامام يقوم بتصوير فيلم بين القصرين وكان يبحث عن مجموعة من الفتيات لتصوير مشهد مظاهرة ورشحها البعض لحسن الامام فحدد لها موعدا وعندما ذهبت
قال لها تعالى يا شاطرة تعرفى تهتفى؟
قالت له طبعا
قال لها عندى مشهد أنت تهتفى والبنات يشيلوكى فى المظاهرة
فوجئ بها ترد عليه : أنا ما اقبليش الشغل ده
فصرخ حسن الامام الله دى عايزة تبتدى بطلة هاتو لى واحدة غيرها، كانت لا تريد أن تبدأ حياتها كومبارس لا يؤثر فى أحداث الفيلم وكان ذلك عام 1964
30 يوم فى السجن
شاركت بدور ثانوى فى فيلم “المراهقان” (سيف الدين شوكت-1964) كانت تظهر فى الكادرات التى يظهر فيها عمر “عبد المنعم ابراهيم” وخطيبته مديحة “ليلى طاهر” وهما يتشاجران، كانت تحاول تهدئتهم حتى لا تموت قصة حبهم، وكانت ترتدي جاكت صوفى لونه أسود، ويتسائل المشاهدين من تلك الفتاة التى تحمل ملامح ذلك الجمال غامض؟.
وكانت من ضمن الأدوار الرئيسية فى فيلم “العقل والمال” (عباس كامل -1965)، العام الذى يليه كانت فرصة عمرها الأولى، وهى “30 يوم فى السجن” (نيازى مصطفى-1966)، وكنت بطلة الفيلم أمام الفنان فريد شوقى، فى هذا العمل أعتبروها اكتشاف لفتاة ستضيف فى السينما المصرية، وصفوها بأنها تحمل جمال جديد، وحين قدموا أسمها فى تترات الفيلم لم يكتبوا الوجة الجديد بل كتبوا “الوجه الحقيقي: مديحة كامل” وفى بروفات الفيلم أكتشف الجميع مديحة كامل عن شخصيتها الحقيقية لمس فيها المرح والشخصية الودودة ورغم أنها كانت فنانة موهوبة الا أن الغرور لم يصبها وحرصت على أن تتعلم من خبرات الجميع.
وكان فيلم “ 30 يوم فى السجن” كان شهادة ميلادها لبطولة الأفلام المطلقة لكنها احترقت من نار الزواج.
لفتت مديحة كامل الأنظار بجمالها منذ صباها، فحصلت على لقب فتاة الشاطئ فى إحدى المسابقات على شاطئ الإسكندرية فى سن 16 عامًا ووضعت مجلة الكواكب صورتها على الغلاف، بعد نشر صورتها بمجلة الكواكب تلقت عروضا كثيرة بالتمثيل ولكن والدها رفض، لأنه خاف عليها من الوسط الفنى، وكى يرضيها وافق أن تشارك فى بعض عروض الأزياء ولكنها ظلت تحلم بفرصة للتمثيل، خلال هذه الفترة وجدت مديحة كامل الحل فى تحقيق حلمها بالتمثيل فى الموافقة على الزواج من أحد أصدقاء والدها الذى تقدم للزواج منها ووعدها بأن يسمح لها بالتمثيل، وكان رجل الأعمال محمود الريس وكانت فى الصف الثانى الثانوى بينما كان يكبرها فى السن بسنوات كثيرة، ولكنها وافقت على هذا الزواج التقليدى حتى يكون سبيلها لممارسة الفن، واستطاعت بعد ذلك أن تشارك فى فيلم “فتاة شاذة” لم تكن المدارس تسمح بوجود طالبات متزوجات بها، ولم يكن يسمح بذلك سوى المدرسة القومية بالقاهرة، وأصبحت حامل وكانت بطنها منتفخه وهى فى الثانوية العامة عندما كانوا ينظرون المدرسين والطالبات إلى بطنها وبنات المدارس السنتهن طويلة أدت الفنانة مديحة كامل امتحانات الثانوية العامة وهى حامل، وانجبت مريهان.
ورغم صغر سنها كان تصنع البيت جنة حتى ترضى زوجها، وتشعل حبه فقد كانت تعد له أكلات خاصة رغم ان خادمتها وطباخها موجودين وكان تقدم له بنفسها ما تنتقى لان الزوجة يجب أن تجعل لمسات جرعات الحب توشى بأيام الزوجية ولياليها، وقد حصلت مديحة على الثانوية العامة، وتقول له:
-أنا عايزة أكمل دراستى الثانوية والتحق بالجامعة
-موافق يا حبيبتى
-عايزة اشتغل بالسينما وعرض الأزياء
-لا أنا مش موافق على كده
-أنا بتعلم علشان أكون نجمة سينمائية مثقفة
-لا مش موافق
على الرغم ن الاختلاف فى المواقف وفى نظر الثرى الكبير لجوانب من رغبات الفاتنة التى أحبها فقد أستمرا فى علاقتهما التى أوصلتهما الى الزواج. تم الزواج وحصلت على الثانوية العامة، ورزقت بأبنتها ميرهان الريس، تفرغت للبيت لمدة ثلاث سنوات، لم تستطع خلالها الالتحاق بالجامعة، ولكنها لم تنس أحلامها، وبعد ذلك بدأت تشعر بالملل، وتشعر بأنها أصبحت مجرد دمية فى بيت الرجل الثرى من بين مقتنياته، أدركت تدريجيا أن لكل شئ ثمنا بأنها ضحيت بشبابها وسعادتها وعشقها للفن وبدأت القطة المتمردة فى داخلها تثور وتتمرد وكان اصرارها على العودة للعمل فى السينما أو كعارضة أزياء عاودها الحنين إلى حياة لأضواء، فوجدت معارضة شديدة من الزوج المحافظ على التقاليد، ودب بينهم خلاف كبير تم احتواءه بصعوبة بالغة وان كان قد احدث شرخا فى علاقتهم الزوجية.
كانت قد عرضت افلامها الثلاثة الاولى التى قامت فيها بأدوار ثانوية صغيرة، لكنها لفتت اليها انظار السينمائين وبدأوا يعرضون عليها عقودا جديدة لادوار أكبر قليلا، لكنها لم تقبل تلك العقود محافظة على شعور الزوج، عادت للعمل عارضة أزياء، كان الزوج يراقبها من بعيد دون أن تدرى، كان شديد الغيرة، يخشى أن عملها بالسينما وعروض الأزياء سيجعلها تلتقى بمن تشاء من الرجال بالتالى سيجعلها محط الانظار وسيسعى الشبان للتقرب اليها واقامة علاقات معها بأى أسلوب، لما تتمتع به من فتنة وجمال، كانت كلما نشب بينهما شجار تطلب منه الطلاق فيرفض من اجل ابنتهما، لكنه شعر بالخوف من أن يؤدى العناد إلى مشاكل سوف تدمر حياتهم فوافق على الطلاق.
وتتحدث مديحة مع نفسها، وتقول: ان يقول الانسان “لا” امر غاية فى الصعوبة مسألة الرفض لا يقوى عليها اى انسان وان يدخل الرفض حياة الانسان معناه انه وضع موضع الاختبار وان عليه ان يقرر والقرار يترتب عليه نتائج قد تكون فى صالحة وقد تثبت الايام صحة أختياره وقد ثبت العكس والرفض معناه ان الإنسان يعيد النظر فى حياته وهناك رفض داخلى أى ثورة على النفس يتبعها تفجير فى التفكير وقد يصل الرفض الى حد إتخاذ إجرأه وهنا يتحول إلى رفض خارجى قد يتصدى به الإنسان الظروف أقوى منه قد يواجه به تقاليد متوارية من الصعب اختراقها وتحطيمها لكنه وهو فى حالة رفضه واقتناعه بوجهة نظره يصارع ويصد حتى يصل لما يؤمن به مهما كلفه هذا من التضحيات والرفض فى بدايته يتكون داخل النفس وقد يتوقف عند هذا الحد فيصبح رفضا سلبيا وقد يعبر عن نفسه فيصبح رفضا ايجابيا.
وتحكى مديحة للكاتبة الصحفية عائشة صالح: كنت زوجة وأما أعيش حياة مستقرة لكننى أحب التمثيل وأحس بموهبة كامنة فى داخلى وأعلنت رغبتى للأسرة وقوبلت هذه الرغبة بالاستنكار الشديد من أسرتى ومن زوجى. وأعترف اننى حاولت ان أروض نفسى وأن أقنع عقلى بأنهم على صواب وإننى مخطئة لكننى لم أستطيع كان هناك ما هو اقوى منى يرفض هذا الوضع. ورفضته، ورفضت أن اكون سلبية فى رفضى.
قالوا هلى تعرفين النتائج قلت أعرف
قالوا سوف يطلقك زوجك قلت نعم
قالوا ستعلمين ممثلة قلت نعم
ستأخذين طفلتك قلت نعم
وستعيشين بمفردك قلت نعم
كانوا يشهرون فى وجهى سلاحا يليه سلاحا آخر كل سلاح ممكن أن يكسر أى إنسان. قالو لى هل تعرفين نظرة مجتمعنا للمرأة المطلقة؟ قلت أعرف وللمرأة المطلقة التى تعيش بمفردها أعرف وقالوا ولأم المطلقة تحمل إبنتها الصغيرة معها وتعيش بمفردها لتعمل بالفن قلت أعرف تماما.كل هذا كان من الممكن أن يحطم فى الإنسان أي مقاومة لكن مقاومتى لم تتحطم كنت مصره على رفض الحياة الرتيبة التى أعيشها وهكذا تم طلاقى وحملت طفلتى وعشت بمفردى ودخلت المجال الفنى. وأرجوك لا تسألينى هل سعدت برفضى لحياتى الأولى أم أننى لست سعيدة فأننى فى لحظة الرفض كنت مقتنعة تماما بما أفعل لقد كان رفضى ايجابيا وهو بالطبع خلاف الرفض السلبى وله مثال سمعته من حوالى ثلاث سنوات لا يمكن ان أنساه فقد كنت فى زيارة لنادى القصة وقتها وهناك استمعت الى قصة بقلم شريف فتحى والقصة عن الحياة زوجة، زوجها متزمت بشدة فيه صرامة ونظرة منه على زوجته وهى مرتدية ملابسها لتخرج وهى على باب الشقة نظرة منه تجبرها على التراجع لا نها تحس فيها الشك. لم يتكلم لكنه بجملها تعدل من الخروج.صحيح انها مازالت تحبه، لكنا تحس انها تختنق وفى كل يوم تلوم نفسها على انها تقبل تلك الحياة وتحس بمدى الظلم الواقع عليها انها ترفض هذه الحياة لكنها بسلبيتها لا تحاول تغييرها ويموت زوجها وتحزن عليه بشده فقد كانت تحبه رغم طباعه هذه وبعد فترة الحداد ترتدى ملابسها وتهم بالخروج وعند الباب تواجه نظرات طفلها الذى لم يتجاوز السادسة من عمره، النظرة من نظرة والده ورغم ان الطفل لم يتكلم وأصغر من أن يرفض عليها تصرف الا انها تجد نفسها وقد عادت وعدلت من الخروج وجلست لتبكى.
هذه القصة رغم مرور وقت منذ سمعتها لا أنساها فهى تدل على مدى السلبية التى يمكن ان يصل لها إنسان أقول لها لم تكن القصة محتاجه لايجاد شخصية الطفل فالسجين أحيانا يخشى مغادرة السجن حتى بعد زوال الأسوار وإختفاء السجان ولقد تكونت القيود داخل نفسه، والرفض نفسه ورفض القيود الموجودة ورفض التقاليد البالية ورفض الشر وممكن يكون لرفض للخير وقد يكون الرفض من وجه حق أو لا يكون له أى مبرر وممكن أن أرفض شيئا الأن ثم اندم عليه بعد فوات الأوان، وفى حياتى حالة رفض أعيشها الأن حالة خاصة لا داعى لأن نخوض فيها، ولكن الرفض يحتاج إلى شجاعة لان الذي يرفض فأنه يضحى بأشياء يمكن أن يحبها وهو يحتاج الى ذكاء ليختار ما يمكن أن يقبله وما يمكن أن يرفضه ويحتاج إلى ضمير حتى يعرف كيف يقول لا إذا كانت لا هذه يتحملها هو ولا تضر غيره وإلا فأن الشجاعة عندئذ من أجل الا يضر احدا الشجاعة والذكاء والضمير عندئذ يقول نعم بدل أن يقول لا
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة