محمد الشماع
محمد الشماع


شيخ الحارة!

الأخبار

الثلاثاء، 06 يوليه 2021 - 06:16 م

هى سلسلة من التعقيدات تنشأ أمام المواطن فقد ألغينا شيخ الحارة ولم ندع بدائل ميسرة

هل آن لنا أن نعترف بأن كل الثورات الإدارية التى أعلناها لتطوير الجهاز الإدارى لم تنجح إلا فى تعقيد معيشة المواطنين بوضعهم فريسة تحت أنياب الجهاز الإدارى للدولة الذى يضرب به المثل فى البطء والتعقيد، ليتنا لم نعلن كل هذه الثورات وتمسكنا بشيخ الحارة الذى كان يؤخذ رأيه عند تحديد عنوان سكن مواطن أو صحة بياناته الشخصية والعائلية.


كان شيخ الحارة ينهى المسألة فى خطوة واحدة، صحيح أنه كان يتقاضى أجراً ربما فى شكل إتاوات يفرضها على سكان منطقته، لكن التعقيدات الإدارية التى تعقد حياة المواطن أصبحت لا تحتمل ولا تطاق، فمثلا عند تغيير سكن المواطن عليه أولا أن يغير العنوان فى الرقم القومى، والرقم يحتاج إلى مستندات وإلى إيصال استهلاك مياه أو استهلاك كهرباء وكلاهما قد انتقل إلى مستوى الديجيتال فلم يعد الحصول على إيصال مقطوع أمراً ميسوراً وعلى المواطن إذن أن يأخذ عقد شقته ايجاراً أم تمليكاً ليذهب به إلى الجهة الرسمية لكنها لا تقبل بهذا العقد، وإنما تطالب بتوثيقه فى الشهر العقارى، فإذا كانت الشقة تمليكاً فإن المواطن يدخل فى متاهات استخراج رخصة إنشاء العقار وهيئة المساحة والضرائب العقارية..

فماذا يفعل المواطن إن هو أراد إلحاق ابنه أو ابنته بالمدرسة؟!


وقد لا يتوافر للمواطن عقد تمليك إلا بعد سنوات طويلة لأن عليه باقى أقساط الشقة التى يقيم فيها، فيطلب عقد إيجار، فعقود الإيجار الجديدة محددة المدة وللاعتراف بها فى السجل المدنى لابد من تسجيلها فى الشهر العقارى وغالبا ما يرفض أصحاب العقارات تسجيل عقود الإيجار!


وربما تستغرق عملية تسجيل الشقة التمليك سنوات وسنوات.. ثم تجد من ينصحك من موظفى السجل المدنى بأن يقول لك ارفع قضية صحة ونفاذ للعقد تمليكاً أو إيجاراً.. هل هذا معقول؟!


ولماذا ترفض المدرسة قبول التلاميذ، وهل يوجد ولى أمر يقيم فى شبرا ويقدم لأطفاله فى مدارس التجمع الخامس!! إذا كان ولى الأمر قد داخ السبع دوخات للحصول على أقرب مدرسة ليلحق بها أبناءه ليوفر الوقت والجهد والمال اللازم لانتقال أطفاله من وإلى المدرسة فى أمان.. ما هو السر فى كل هذه التعقيدات الإدارية لمجرد تغيير عنوان الإقامة؟!


ينتج عن ذلك ازدحام إدارات السجل المدنى الذى تتعدد طلباته بدءاً من إيصال الكهرباء وعقود التمليك والإيجار واستمارة التأمينات وكعب العمل والموقف من التجنيد وشهادة الميلاد وتصحيح الأسماء وما يتطلبه من جهود لاستخراج كل مستند من هذه المستندات من جهات متعددة قد تستغرق شهوراً وسنوات، وتغيير الاستمارة من عادى الى مستعجل والتكاليف المالية التى تفوق الطاقة وضياع الوقت والجهد والألم النفسى عندما يرى مواطن أن مواطناً آخر استطاع أن يقفز فوق كل هذه الإجراءات الجهنمية وحصل على كل ما يريد بكل سهولة وما يتولد فى نفسه من حالة ضيق وغضب ضد الآخرين!


هى سلسلة من التعقيدات تنشأ أمام المواطن فقد ألغينا شيخ الحارة ولم ندع بدائل ميسرة وقد قص عليّ صديق كان يعمل مديرا لأحد المستشفيات الحكومية أنه أراد أن يصلح مدخل المستشفى فيزيل أشجار الجزورينا العتيقة التى أوشكت أن تكتم المستشفى ليقيم مكانها حديقة من الورود من أجل بهجة المرضى والزوار، لكن إزالة هذه الأشجار تستلزم موافقة مديرية الشئون الصحية، فلما عرض الفكرة قال كبار الموظفين لابد من الحصول على موافقة وزارة البيئة عند قطع هذه الأشجار واعطوه دفتراً طويلاً عريضاً لتسجيل السيرة الذاتية لكل شجرة، متى نبتت ومتى بلغت سن الرشد فأصبحت عهدة حكومية وبعد أن فرغ من التسجيل ودفع إليهم بالدفتر تعاقد مع المقاول الذى سينفذ الحديقة، لكن موافقة وزارة البيئة تأخرت، وبعد شهرين ذهب يستعلم عن مصير الموافقة فقالوا له إن الدفتر الذى أحضرته قد فقد ولم يجد وهو موظف حكومى وسيلة سوى الطرق الخلفية، عندها زالت كل العقبات بل حصل على تفويض من الشئون الصحية يخوله بقطع الأشجار وبيعها دون موافقة وزارة البيئة!


ذلك مثل بسيط للتعقيد الإدارى أصغر موظف يستطيع أن يستخرج فقرة من فعاليات بائدة لكى يعرقل أى مشروع، وقد حكى الكاتب المسرحى المرحوم ألفريد فرج أنه بعد أن قام المسرح القومى بتقديم مسرحيته سليمان الحلبى ذهب إلى وزارة الثقافة لكى يتقاضى أجره عن المسرحية التى ألفها فوجد أن مدير الشئون المالية والإدارية الذى تعاقد معه قد خرج إلى المعاش وجاء مدير آخر، وأن المدير الجديد قد أوقف صرف مكافأة المؤلف لوجود خطأ فى الإجراءات حيث لم يتم إجراء مناقصة على قيمة المسرحية واحتج بأن التعليمات المنظمة للأعمال الفنية تستوجب عمل مناقصة، ولما حاول ألفريد فرج أن يشرح له أن المقصود بالأعمال الفنية هى أعمال الدهان والنجارة والسباكة قال له إن القانون لم يحدد!


قال له ألفريد فرج ولكن لا يوجد مؤلفون مسرحيون كتبوا مسرحيات عن سليمان الحلبى!


فقال المدير: فى هذه الحالة كان علينا أن نسأل المؤلفين المسرحيين مثل الأستاذ نعمان عاشور والدكتور يوسف أدريس عن السعر الذى يتقاضونه لو أنهم ألفوا مسرحية عن سليمان الحلبى ثم نقوم بالترسية على أقل عطاء!!


حدثت هذه الواقعة حينما كان ثروت عكاشة وزيرا للثقافة وهو ألمع وزراء الثقافة فى التاريخ المصرى الحديث وأشهر وزراء الثقافة ثقافة، أما بقية القصة فإن ثروت عكاشة تدخل بنفسه لوضع حد لهذه المهزلة التى أثارها مدير الشئون المالية والإدارية.


تلك بعض أمثلة من التعقيدات الإدارية التى لا تخطر على بال إبليس اللعين نفسه وبالطبع لا يمكن أن نطالب من الوزير أو المحافظ أن يتدخل لحل الحماقات التى يثيرها صغار الموظفين، لكننا نود أن نؤكد أن وضع الجهاز الإدارى فى مصر يحتاج تغييرا حقيقياً لأنه أصبح خانقاً بالنسبة للمواطن ولا يقف الأمر عند حدود إرهاق المواطن، بل إنه من الناحية الاقتصادية المحضة يؤدى إلى خسائر فى الاقتصاد القومى، تزاحم المواطنين أمام شبابيك المصالح الحكومية، تردد المواطن على أكثر من مكان لإنهاء مستند واحد يعنى مزيداً من المشاوير، مزيداً من الزحام، مزيداً من إهدار المواصلات.


منبع كل ذلك هى النظرة المتوارثة عن عهد الاستعمار التى ينظر فيها إلى المواطن على أنه كاذب مزور لابد إذن من تصحيح هذه النظرة، وهب أن بعض عمليات الكذب أو التزوير ارتكبت فذلك يتم فى جميع أنحاء العالم، لكن يجب ألا نسىء الظن بالمواطن المصرى ونرهقه ونرهق اقتصادنا بكل تلك التعقيدات فإن لم نستطع أن نحقق تغييراً فى نظم الإدارة فعلينا أن نعود مرة أخرى إلى نظام شيخ الحارة وليكن شيخاً عصرياً له مكتب ويتكفل بإنجاز مصالح المواطنين أمام الدوائر الحكومية نظير رسوم معلومة وبذلك نوفر على المواطن كثيراً من الجهد ونخفض من ضغط الزحام فى الشارع وكذلك من الزحام على المكاتب الحكومية.


برقيات وزارية


وزراء التنمية المحلية والبيئة والكهرباء.. متى يتم إنتاج الطاقة الكهربائية من المخلفات بكميات اقتصادية كبيرة.. كفى اجتماعات ودراسات منذ سنوات بعيدة، المشروع تم تنفيذه منذ عدة عقود سابقة فى عدة دول من العالم!


وزيرة الهجرة والمصريين بالخارج.. مبادراتك كثيرة ومتعددة عايزين نعرف ماذا تم فى وحدة المستثمرين المصريين بالخارج التى أنشئت منذ ما يقرب من العام!


وزير القوى العاملة والتدريب.. هل كل وظيفة الوزارة هى الإشراف على صرف مبلغ الـ ٥٠٠ جنيه للعمال المتضررين من جائحة كورونا فقط.
أم تعيين مائة موظف أمن بشركات القطاع الخاص فقط.. لو أنك قمت بتشغيل مراكز التدريب المهنى التابعة لوزارتك.. ودربت الآلاف من الشباب العاطلين على العمل على المهن الفنية والحرفية المختلفة باستخدامات وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة فتكون بذلك قد أنجزت عملا عظيماً يشارك فى خفض أعداد البطالة ويسد العجز الموجود فى المهن والحرف الفنية.


وزير التعليم العالى والبحث العلمى.. أعداد الحاصلين على شهادات الماجيستير والدكتوراة فاق أعداد الحاصلين على شهادات محو الأمية فى مصر، بعض الأقسام العلمية بالجامعات تمنح شهادات الماجيستير والدكتوراة فى مجالات وأفرع علمية بعناوين مكررة ومعادة، ولم نسمع عن رسالة واحدة أو أكثر أضافت جديدا فى مجال العلم أو خدمة المجتمع، لكن تلك الشهادات تضاف إلى أخواتها القابعة فى الأدراج والمخازن، لأن المكتبات ترفض استضافتها بينما تستقر الدال قبل اسم صاحب الشهادة فقط!


وزير الإسكان والتعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة.. رصف الشارع فى المدن الجديدة يستغرق عاما أو أكثر.. والتأخير فى تسليم شقق الهيئة للحاجزين حقق إنجازا كبيرا باختصار التأخير فى التنفيذ من ٦ سنوات الى أربع سنوات أو أكثر.. حرام.


الدكتور مهندس نائب وزير الإسكان.. أنا راضى ضميرك، هل بالفعل أن فواتير استهلاك المياه تعبر تعبيرا حقيقيا عن الاستهلاك الفعلى للمشتركين وهل الفاتورة تصدر بناء على قراءة العدادات القديمة؟ وهل تعلم أن ٩٠٪ من العدادات لا تقرأ لأن بعضها تحت الأرض أو تالفة ولا تعمل ولا يستطيع أحد أن يكتشف مكانها!


حقوق الإنسان.. كرامة


أين من يتحدثون عن حقوق الإنسان الأساسية التى لا يستطيع أن يعيش يوما واحدا بدونها، حق الإنسان فى الحياة بمستوى معيشى يكفل له الكرامة الإنسانية.. هذا الحق تنفرد به مصر عن العديد من دول العالم وهو سداد حق النفقة للمطلقة والأبناء والوالدين نيابة عن الملزم بسداد هذه النفقة المادية التى تحددها المحاكم، ثم تقوم بتحصيلها من الملزمين بسدادها حتى تضمن الدولة حياة كريمة تقى الأسر شر الحاجة أو السؤال وتمنع أى انحراف للمستحقين لهذه النفقة وتوفر لهم المأكل والملبس والتعليم والعلاج وتبذل الدولة جهوداً ضخمة وتتحمل أعباء مالية تتمثل فى العجز المالى الذى بلغ العام الحالى ملياراً و٣٠٠ مليون جنيه وهى خسارة مالية لكنه مكسب لا يقدر بمال يتمثل فى حماية اجتماعية لملايين الأسر.. شكرا للحكومة وبنك ناصر الاجتماعى.


سباق مع الزمن


كلما اتسعت الطرق والمحاور وازدادت طولا.. زادت الكثافة المرورية لمختلف المركبات بكل أنواعها، بالرغم من السيولة المرورية التى حدثت فى مصر.. الحل هو الإسراع فى الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة اليوم قبل الغد بالتوازى مع ذلك الإسراع فى الانتهاء من استكمال مرافق المدن الجديدة والقيام بعمليات إخلاء للمناطق والبؤر السكانية ذات الطبيعة الخاصة من وسط القاهرة الكبرى وما حولها والأمثلة الناجحة كثيرة مثلث ماسبيرو ونقل منطقة المدابغ وإخلاء منشية ناصر ومناطق جمع القمامة وتخفيف الكثافة السكانية بهذه المناطق.


مواقف
فلسطين لا تتوقع تغييرا فى السياسات الإسرائيلية!
إسرائيل لا تنتظر تعديلات فى السياسات الفلسطينية!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة