رجائى عطية
رجائى عطية


مدارات

جسور المحبة

رجائي عطية

الجمعة، 09 يوليه 2021 - 06:57 م

المحبة هى الجسر الذى يؤلف بين القلوب، ويفشى السلام، ويطهر النفوس من أدران الحقد وأسباب البغضاء والعداوة .. لا إيمان بلا محبة، ولا محبة بلا تآلف ومودة .. وفى حديث رسول القرآن عليه السلام : « لا تؤمنوا حتى تحابوا .. ألا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم ؟، أفشوا السلام بينكم » ..
 وفى الحديث الشريف : « إن من عباد الله أناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانتهم من الله تعالى . قالوا : يا رسول الله، تخبرنا من هم ؟ قال : هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها . فو الله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور .. لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ».. لذلك كان المؤمن آلفا ومألوفا، ولا خير فيمن لا يَأْلف ولا يُؤْلف . وقيل أيضًا : « ما دخل الرفق فى شىء إلاّ زانه، وما خرج من شىء إلاّ شانه : « إن الله سبحانه وتعالى رفيق يحب الرفق فى الأمر كله » ..
 لم تنزل الأديان السماوية لبث العداوة والكراهية، وإنما لإيمان وهداية الناس .. والإيمان معرفة بالله وثقة به ويقين فيه سبحانه، ومحبة وعطاء ومنفعة للناس .. لا يوجد فى الأديان أسباب ولا حض أو تحريض على الكراهية والعداء .. فالمصالح والأهواء والمآرب والعداوات صناعة آدمية، وليست ولا يمكن أن تكون دعوة إلهية ..
 إن الإنسانية كلها، بكل شعوبها وقبائلها، وبكل أديانها ومللها وعقائدها، تنتمى إلى نفس واحدة خلقها الله تعالى وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء .. وفى خطاب موجه إلى الناس كافة، لا إلى أبناء دين بعينه، يقول القرآن المجيد : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا » ( النساء ) ويقول عز وجل : « وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ » ( الأنعام 98 )، ويقول « هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا » ( الأعراف 189 ) .
 وفى خطاب ربانى، موجه إلى الناس كافة، لا إلى المسلمين خاصة، يقول لنا الحق تبارك وتعالى : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ » ( الحجرات 13 ) .
 فالأفضلية غير معقودة لجنس ولا لون، ولا لجاه ولا سلطان، ولا قوة أو سؤدد، وإنما لمن يتقى الله ويتحلى بشيم الأخلاق الجميلة النبيلة التى تتفق مع هذه التقوى، وتنبع عنها.
 إن الدين محبة.. والدين الذى أعنيه، هو كل دين، إسلاما كان أو مسيحية أو يهودية .. لم تنزل الأديان لبذر العداوة أو الكراهية أو الشقاق بين الناس .. الأديان دعوة ربانية للإخاء والمحبة، والإخلاص والود والوفاء والرحمة.. فالإنسانية أسرة واحدة، تنتمى إلى جذور واحدة، وإلى أصل واحد.. وتدين كلها مهما اختلفت أديانها إلى رب واحد هو رب العالمين ..
من نعم الله على عباده ، أنه سبحانه قد هدى الناس هداية عامة بما أودعه فيهم من المعرفة ومكنهم من أسبابها ، وبما أنزل إليهم من الكتب وأرسل إليهم من الأنبياء والرسل ، وعلمهم ما لم يكونوا يعلمونه ، ففى كل نفس ما يقتضى معرفتها بالحق ومحبتها له .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة