جمال حسين
جمال حسين


من الأعماق

وتنساب يا نيل حُرًا طليقًا

جمال حسين

السبت، 10 يوليه 2021 - 07:14 م

 


 "وتنساب يا نيل حُرًا طليقًا.. لتحكى ضفافك معنى النِضال"

 تسعُ كلماتٍ تحمل الكثيرَ من المعانى، تلك التى تصدَّرت ملف كلمة مصر، أمام مجلس الأمن، حول سد النهضة الإثيوبى، والتى ألقاها أسد الدبلوماسيَّة المصريَّة سامح شكرى، وزير الخارجيَّة، وتمَّ توزيعها على كل أعضاء المجلس.. خطفت تلك الكلمات أنظار المراقبين وعدسات المُصوِّرين، خلال الجلسة التاريخيَّة التى عقدها المجلس، الخميس الماضى؛ بناءً على طلب مصر والسودان، والتى تُعدُّ السابقة الأولى فى تاريخ مجلس الأمن أن يُناقش قضايا أنهار. 
الكلمات التسع، بيتٌ شعرىٌّ من النشيد الرسمى للجيش المصرى "رسمنا على القلب وجه الوطن"، والذى كتبه الشاعر الكبير فاروق جويدة، ولحَّنه كمال الطويل..


الحقيقة أن كلمة مصر، أمام مجلس الأمن، أثلجت صدور المصريين جميعًا، حيث جاءت قويَّةً ومعبِّرةً  وحاسمةً؛ لتضع مجلس الأمن أمام مسئولياته وأمام المجتمع الدولى، وتحث الجميع على الوقوف بكل قوَّةٍ ضد الصِلف والغرور الإثيوبى. 


أكَّدت مصرُ أن سد النهضة سيخلق أضرارًا لا تُعدُّ ولا تُحصى، وأن الضررَ الذى سيُنتجه، حال عدم التوصُّل لاتفاقٍ قانونىٍّ مُلزمٍ، سيُؤدى إلى حرمان ملايين المصريين من المياه، وتدمير آلاف الأفدنة، وزيادة التصحُّر فى البلادِ.


وشدَّد سامح شكرى على أهميَّة أن يبذل المجتمع الدولى جهودًا كبيرةً؛ لمنع تحوُّل سد النهضة لتهديدٍ وجودىٍّ لمصر، مُحذِّرًا الجميع من أنه إذا تعرَّض بقاء مصر للخطرِ، فلن يكون أمامنا بديلٌ لحماية حقِّها فى الحياة.


 يجب أن نُشيد بديناميكيَّة الوفد المصرى المُتواجد فى نيويورك، الذى شرح لكل أعضاء مجلس الأمن خطورة القضيَّة، وأن لجوء مصر إلى مجلس الأمنِ؛ يأتى إيمانًا منها بممارسة التسامح والعيش فى سلامٍ، ومن منطلق حرصها على  ضرورة التوصُّل لحلٍ سلمىٍّ وودِّىٍّ حول قضيَّة سد النهضة.


كشفت الدبلوماسيَّة المصريَّة للجميع، الوجه الحقيقى لإثيوبيا، الذى اتخذ من التعنُّت والمراوغة استراتيجية عملٍ لمدة ١٠ سنواتٍ فى هذه القضيَّة المصيريَّة، وظهرت نتائج هذه الجهود فى انحياز عددٍ غير قليلٍ من أعضاء المجلس، ورفضهم الإجراءات الأُحاديَّة التى تتخذها إثيوبيا، وحق دولتى المصب، باستثناء عددٍ محدودٍ؛ ترتبط بلادهم بمصالح خاصة مع إثيوبيا. 


كشفت مصر للعالم كله عجرفة وصِلف آبى أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، الذى يستخدم قضيَّة سد النهضة؛ لتحويل الأنظار عن المجازر التى يرتكبها فى حق شعبه، والتأكيد على أن تصرفاته  ترمى إلى أسْر النيل، والتحكُّم فيه، ولا يوجد أمام مصر بديلًا إلَّا أن تصون حقها فى الحياة، إذا تضرَّرت حقوقها المائيَّة.


مصر أكَّدت للجميع أن انعدام المسئولية من الجانب الإثيوبى، وعدم المبالاة، يُجسِّد سوء النيَّة، والجنوح لفرض الأمر الواقع على دولتى المصب، فى تحدٍ سافرٍ للإرادة الجماعيَّة للمجتمع الدولى، وهو ما يُهدِّد الأمن والسِلم الدوليين، ويُعرِّضهما للخطر. 


وعقب انتهاء جلسة مجلس النواب، لم تهدأ الدبلوماسيَّة المصريَّة ولا الدبلوماسيَّة السودانيَّة.. فقد استمرَّ سامح شكرى فى إجراء اللقاءات مع أعضاء مجلس الأمن، وأيضًا مع أعضاء الوفود؛ لشرح عدالة القضيَّة المصريَّة، بينما توجَّهت وزيرة الخارجيَّة السودانيَّة، مريم الصادق المهدى، إلى روسيا؛ للقاء وزير خارجيتها، خاصةً بعد الموقف الروسى المُتذبذب، الذى ظهر جليًا فى كلمة مندوبها الدائم فى مجلس الأمن. 


ولم تكد تمر ٢٤ ساعةً على انتهاء جلسة مجلس الأمن، حول سد النهضة، إلَّا وعاد آبى أحمد يُمارس ألاعيبه وأسلوب التضليل، ويبث تغريدةً باللغة العربيَّة، عبر حسابه الرسمى فى "تويتر"، يزعم أنها رسالة طمأنةٍ للشعبين المصرى والسودانى؛ قال فيها: "أُود أن أُطمئن الشعبين السودانى والمصرى، بأنهم لن يتعرَّضوا أبدًا لضررٍ ذى شأنٍ؛ بسبب ملء السد، الذى لن يأخذ سوى جزء صغير من التدفُّق.. فى السودان، سيكون الروصيرص أكثر قدرةً على الصمود، ولن يخضع لتقلُّبٍ شديدٍ فى التدفُّق، وبالتالى فإن المجتمعات المحيطة تكون مُطمئنةً بالازدهار"؟!. 


بالتأكيد المطالب المصريَّة - السودانيَّة عادلةٌ، ويقوم أعضاء مجلس الأمن، خلال هذا الأسبوع، بدراستها جيدًا، ونتمنَّى أن يطلع المجلس بمسئولياته فى حفظ السِلم والأمن الدوليين، وإنَّا لمنتظرون..

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة