كنت فى انتظار صغرى بناتى « وسام « حيث كانت قادمة من بيروت بعد أن انتهى الترزى من فستان فرحها، وقبل صعودها الطائرة سألتني.. هل سأدفع جمارك على الفستان فى مطار القاهرة.. قلت لها استحالة يا حبيبتى لأنه فستان واحد وليس مجموعة فساتين، والذى أعرفه أن رجال الجمارك عندهم رحمة، يفرقون بين فستان لاستعمالك الشخصى وبين مجموعة فساتين للاتجار فيها، وأكيد سيكون بينهم أب فى وضعى عنده عروسة فى سنك، ساعتها سوف يشاركونك فرحتك.. ثم لا تنسى أن هذا العام هو عامكم لأن الرئيس السيسى كأب لكل الشباب خصص عام 2016 للشباب..
- ضحكت وهى تقول.. يابابا بلاش هزار هو الرئيس السيسى هيقولهم فى الجمارك أى واحدة من الشباب « شايلة « فستان فرح.. اعفوها من الجمارك..
.. قلت لها « أنا أقصد أن هناك مرونة مع أولادنا الشبان لا نقتل الفرحة فى قلوبهم ثم فيها إيه لما تجيبى فستان فرحك من بيروت.. الملابس المستوردة فقط هى التى تخضع للجمارك لتشجيع صناعة الملابس فى مصر».
- المهم ركبت « وسام « الطائرة المصرية وهى تحمل فرحتها على يدها فستان الفرح داخل كيس طويل جدا جدا فيما عدا الطرحة والجوبونة، فقد وضعت كلا منهما داخل كرتونة مربعة جديدة الصنع لكى تحافظ عَلِيهما من الشحن داخل الطائرة هذا بالإضافة إلى حقيبتين معها تخصها كعروس أما والدتها التى كانت ترافقها فى رحلتها فقد كان لها حقيبة سفر واحدة وهاند باك صغيرة.. لقد كانت ابنتى متأثرة جدا بالتهانى التى كانت تلاحقها من صالة المغادرة فى مطار بيروت حتى صعود الطائرة.. لا تتخيلون فرحتها كشابة فى بلاد الغربة، وكانت تنتظر أن تجد مثل هذه الفرحة فى بلدها عقب وصولها داخل مطار القاهرة..
- وتحدث الصدمة عندما واجهت رجال الجمرك فى مطار القاهرة وعندما سألها مأمور الجمرك.. هل عندك أجهزة كهربائية.. قالت لا.. أنا عروسة ومعايا فستان فرحي.. وهز المأمور رأسه وتركها دقائق ليتحدث مع رئيسه.. وتحاول الأم أن تستفسر عن الموقف فلم يرد عليها، وكأنها ارتكبت جرما لمجرد سؤال.. وعاد المأمور ومعه التعليمات « عايزين نفتح الكراتين ولم تمانع بل رفعت كرتونة أمامه من على الأرض بأطراف أصابعها لتؤكد له أن كل كرتونة فى داخلها طرحة أو جوبونة الفستان.. يعنى وزن كل كرتونة لا يزيد عن ثلاثة كيلو ومع ذلك طلبت منه ابنتى ان يكون رحيما فى فتح الكرتونة خشية من تمزيق ما بداخلها.. المشهد كان مؤلما تجمعت مجموعة من رجال الوردية حول الصغيرة وكأن فستان الفرح لفت أنظارهم وبدأوا يتهامسون.. وإذا بزوجتى تطالبهم بإغلاق الكراتين بمعرفتهم بعد فتحها.. لكنهم رفضوا..
- من الواضح أن المأمور لم يعجبه كلام الام فاستأذن رئيسه بأن ينتقلوا إلى الصالة الحمرا ليفتحوا كل شيء.. انهارت ابنتى وهى تعاتبه « ليه البهدلة دي.. احنا من بدرى بنقولك افتحوا الكراتين والشنط.. تيجوا تقولوا لنا تعالوا الصالة الحمرا إحنا مش مهربين..
ويزداد الموقف تعقيدا عندما تستغيث ابنتى بى فى التليفون وأسمعها وهى منهارة من البكاء ولم افهم ما يحدث، كل اللى طلبته منها أن تدفع اى رسوم لتشترى نفسها من تعسفهم.. لكنها كانت تبكى فى حرقة وتعاتبنى لأننى وضعتها فى موقف سيئ وكان المفروض أن أخبرها أنهم هنا يأخذون جمارك على الكيس البلاستيك الفاضي.. طلبت منها أن أتكلم مع رئيس الوردية.. قالت لى يابابا الاستاذ احمد رافض.. مع أنى اكتشفت فيما بعد أن رئيس الوردية هو محمد قناوى ومن المؤكد أنه افضلهم وأكيد أنه لم يشهد المهزلة وإهانة رجاله لفتاة ساخطة على الجمارك وكل واحد فى الوردية «نافش ريشه « على عباد الله.. لا اعرف لماذا الغلظة فى المعاملة هل هو حقد أم عقد نفسية.. ولا اعرف ايضا كيف هانت عليهم رجولتهم ان يتلذذوا فى اهانة شابة امامهم لم يرحم أحدهم دموعها.. حتى كرهوها فى الفستان وقتلوا الفرحة فى قلبها..
- وأحمد الله ان موعد انصراف هذه الوردية قد حان ودخلت وردية اخرى برئاسة الاستاذ اسامة البحرواى الجميع يشهد له بالخلق.. ولا يختلف عنه توأمه طلعت عبد الوهاب رئيس وردية.. ما أجمل هذا الرجل.. لقد جفت دموع ابنتى على يديه.. حتى رجاله كانوا فى غاية الادب وبشاشة الوجه.. وتذكر ابنتى عمر ياسين احد الرجال المحترمين بينهم، لقد أكملوا مهمتهم مع ابنتى بهدوء بعد ان أحسنوا معاملتها.. ولم تمانع فى سداد خمسة الاف جنيه كمساهمة لخزينة الدولة عن فستان فرحها.. دفعتهم عن طيب خاطر بسبب الاسلوب الراقى للوردية الثانية..
- أنا شخصيا فى ذهول.. لا اعرف سببا لتغير سلوك البشر، فرجال الجمارك بمطار القاهرة 90 فى المائة منهم يتمتعون بأخلاق عالية جدا وربما لأن رجلا فاضلا مثل الاستاذ ابراهيم عبد اللطيف رئيس الادارة المركزية لجمارك المطار دائما عن قرب منهم، يعطيهم خبرته فى كيفية معاملة الراكب.. وللحق أنا عن نفسى لم اشهد حالة التعسف التى تعرضت لها ابنتى ويعتذر الدكتور خالد الجمال المدير العام بالجمارك عما حدث معها..
.. وهنا أقول كان الله فى عونك يا دكتور مجدى.. وأقصد الدكتور مجدى عبد العزيز مساعد وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك الذى يأمل ان يرقى بالخدمة الجمركية فى جميع المنافذ ولكنه يحتاج إلى تغيير نسبة من البشر..