خلال متابعتي للخطاب الأخير للرئيس السيسي شعرت أن ثمة خطرا ماثلا، خاصة عندما أشار إلي أنه لن يسمح بضياع الدولة، والمعني أن تهديدات تعترض طريقنا، ولا شك أن الرئيس يستند في ذلك إلي تقارير أمنية ترصد ثم تقترح آليات للمواجهة، وللرئيس أن يقرر في نهاية الأمر.
ابتعد قليلا عن الأمن، وأعود إلي تلميحات سابقة للسيسي حول دور الإعلام في تجربة عبدالناصر، الذي ثمنه محظوظا بإعلامه، وكأنه يطالب بأداء يتأسي به، وإذا كان ذلك واردا مع مراعاة متغيرات تراكمت عبر الزمن، فإن ما يجب أن نحذر منه الرئيس هو دور الأمن في تجربة عبدالناصر، الذي ساهم في إلقاء ظلال سلبية علي مسار السياسة المصرية.
نعم مصر -الدولة والنظام- في عين خطر، لكن ليس بالدرجة التي تحملها التقارير الأمنية، التي اعتادت علي التضخيم والتهويل حتي تستمر قبضتها حاكمة، مع التسليم بأن ما يحيط بنا لا يمكن التقليل من شأنه، إلا أن الأمن وحده لن يقودنا لشاطئ الامان.
المخاطر التي نواجهها تتطلب إلي جانب الرؤية الأمنية، تفعيلا لمفهوم دولة المؤسسات ذات الكفاءة العالية في رسم الأدوار وممارستها، وإلي تعظيم مفهوم دولة القانون، وفي ظل العمل المؤسسي واحترام القانون لابد أن تكون الديمقراطية المسئولة حاضرة بقوة، دون تأجيل تحت أي ذريعة.
مستويات الخطر، سوف تأخذ طريقها للعد التنازلي عندما تستيقظ السياسة، لينطلق حوار حول الرؤي المستقبلية علي أساس شراكة وطنية واسعة، عمادها أهل السياسة الفاهمون لسبلها، ومن خلال قنوات مفتوحة حتي قمة النظام، لا تمر بمقرات الأمن الذي عليه أن يتفرغ لمهامه مسلماً بأن للسياسة أهلها، وللأمن رجاله.