عليك أن تقيل القطاع العام من عثرته حتي لا يكون إصبعك تحت ضرس رجال الأعمال ولا تصدق أن العولمة والرأسمالية علي الشعوب النايمة - كتابا موقوتا وقدرا محتوما

خطب الرؤساء تعتبر محطات سياسية مهمة في تاريخ الدول. بعض الخطب حولت مسار التاريخ ونتذكر منها في مصر خطاب السادات الذي قال فيه إنه علي استعداد للذهاب إلي الكنيست. وقبله بالطبع خطبة ناصر التي أمم فيها قناة السويس. ليس كل الخطب لها نفس التأثير، لكن المعني أن خطبة رئيس الدولة أمر مهم للغاية فعلي أثرها يتم تحديد مسار الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي خلال الفترة التالية للخطبة.
خطبة الرئيس السيسي في الأسبوع الماضي عن خطة التنمية 2030 المزمع تنفيذها كانت من الخطب المهمة لأنها عن برنامج للرئيس يشرح ويفسر برنامجه الانتخابي الذي لم يتقدم به للمواطنين في انتخابات الرئاسة. كلام الرئيس في خطبته كان محل نقاش واسع في كل المجالات بما في ذلك فيس بوك وكل وسائل الإعلام الاجتماعي وكذلك الصحف ووسائل الإعلام. خلق خطاب الرئيس حالة من الحديث السلبي بين نسبة لا يمكن تجاهلها من المواطنين خاصة ما قاله عن استعداده لبيع نفسه لو كان ذلك لخدمة مصر وحل مشاكلها !!. ما قاله الرئيس بحسن نية لم يكن ليقال فرئيس مصر لا يباع ولا يشتري حتي لو كان ذلك بحسن نية. نثق في إخلاص ووطنية الرئيس ونسانده إلي آخر المسار ولكن نأمل ألا يطلق الرئيس لعواطفه وسجيته العنان فتختلط المعاني ويركز المغرضون علي ما لا يقصده ولا يعنيه.
ماذا يريد الرئيس من الشعب في خطبته؟. يريد الرئيس ألا يسمع الناس لكلام غيره وأن يدرك الشعب حجم التحديات وأن يرفضوا التشكيك في قدرات الدولة. ويريد الرئيس من الناس أن تعلم أنه تم إنشاء 5 آلاف كيلو متر من الطرق من إجمالي 6 آلاف وتم إنشاء 133 كوبري وإنتاج كهرباء بحجم يساوي 50% من كل إنتاج الكهرباء علي مدي التاريخ وأننا انتهينا من إنشاء 3 مطارات و3 موانئ وإنشاء محطات لمعالجة المياه بحجم ما تم إنشاؤه علي مدي 30 عاما سابقة. يريد الرئيس أن يعلم الشعب أن هذه المشروعات كانت تستغرق زمنا أطول من قبل. ويقول: نبني سكن يليق ببني آدم وأنشأنا 656 ألف وحدة. والبرلمان الحالي جاء بناء علي إرادة الشعب وبدون أي تزوير في الانتخابات والدنيا كلها تأتي لزيارة البرلمان المصري لأن كل الناس معترفة به وفرحانة به!!!!!!!. (هذا قبل تعرض توفيق عكاشة للضرب داخل البرلمان). وأخيرا : شوفوا متر المياه بيتكلف كام ؟ !!!.
يريد الرئيس أن يبطل الناس كلام ويسيبوا الحكومة تشتغل لأن الحكومة عاجباه حتي لو كانت مش عاجبة الناس. الرئيس يري أنها حكومة شغالة. ويبدو أنه بدأ يزهق من كتر الكلام والسماع للرأي الآخر وهو يقارن في خطابه بإنجازات ونظيرها في السابق وهو ينحاز لإنجازاته وكأن السابق كله ضعيف وركيك وسئ.
أما الشعب فيريد أن يكون برنامجك واضحا يا ريس لأن الشعب انتخبك بدون برنامج لثقته فيك وهي ثقة مستمرة ولن تنقص لكن الشعب يريد أن يشعر بالعدل وتكافؤ الفرص فالناس تنتظر منك تحقيق العدل. العدل الذي اشتاقوا إليه كثيرا كثيرا. وإذا كنت يا ريس قلت إن مصر لا دولة منذ 50 عاما.. فعليك أن تعيد مصر الدولة بشعبها ولشعبها تعيد الحقوق في التعليم والصحة والوظائف خاصة الوظائف المرموقة مثل القضاء والشرطة وأساتذة الجامعات. الشعب يقول لك يا ريس لا يكفي أن تفتتح مشروعات وتناشد رجال الأعمال فحسب.. عليك أن تعيد لنا الكرامة في أقسام الشرطة وألا تبيع حصص الدولة في البنوك والشركات الرابحة لأنك إذا كنت تنتقد عصر السادات وعصر حسني مبارك فهما عنوان الخصخصة وعليك ألا تسير علي دربهما في بيع مقدرات الدولة وعليك أن تقيل القطاع العام من عثرته حتي لا يكون إصبعك تحت ضرس رجال الأعمال ولا تصدق أن العولمة والرأسمالية علي الشعوب «النايمة» كتابا موقوتا وقدرا محتوما فالله هو العدل فهو الدائم والأبقي وعليك بالعدل يا ريس.. العدل قبل الاستثمار والبحث عن رجال الأعمال ومناشدتهم. يبقي يا ريس أن تخاطبنا كمواطنين أي تقول أيها المواطنون.. لا أيها المصريون.