رفض صينى لنظرية تسرب المختبر
رفض صينى لنظرية تسرب المختبر


تمويل أمريكى أوروبى وأيادٍ صينية

بكين أسكتت الشهود وأوقفت التحقيقات حول نشاط المعهد

آخر ساعة

الأحد، 11 يوليه 2021 - 05:07 م

اتهامات وعلامات استفهام تحوم حول إحدى مختبرات الصينية التابعة لمعهد ووهان لعلم الفيروسات «WIV».. لأكثر من عام ونظرية المؤامرة منتشرة حول دوره فى هروب وتفشى فيروس كوفيد-19 اللعين الذى أودى بحياة الملايين.. المعهد البيولوجى فى قفص الاتهام، خاصة مع سعى السلطات الصينية طمس الأدلة وإخفاء المعلومات على فريق تحقيق منظمة الصحة العالمية.. محاولات فك اللغز بشأن ما حدث داخل مختبر ووهان وتسبب فى هذه الجائحة ستظل الشغل الشاغل للعالم أجمع.. جدل فى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حول تمويل بعض المؤسسات البحثية الصينية، وعلى رأسهم معهد ووهان ومختبراته.

منذ إعلان الولايات المتحدة عن أول حالة إصابة بالفيروس، وأصابع الاتهام تشير إلى الصين، وبدأت المواقع الإخبارية فى نشر معلومات توحى بأنه سلاح بيولوجى عالمي، خرج من مختبر «ووهان»؛ وفقًا لما ذكره عضو سابق فى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالأسلحة البيولوجية «إيجور نيكولين»، فاختيار توقيت ومكان الانتشار كان اختيارا مثاليا؛ ووهان، فى قلب البلاد ومركز رئيسى للنقل، والانتشار وقع قبيل السنة الصينية الجديدة. فيما نفت بكين مرارًا وتكرارًا أن يكون المعهد هو مصدر الفيروس. لكن يُزعم أن الحكومة الصينية أسكتت الشهود وأوقفت الذين أرادوا إجراء تحقيق فى النظرية أو عن نشاط المعهد ومختبراته.
وخلال العام الماضي، كانت القصة الأكثر أمانًا للمؤسسات السياسية والعلمية الغربية للترويج لها هى فكرة أن حيوانًا بريًا مثل الخفافيش قد نقل الفيروس إلى البشر. بعبارة أخرى، لم يقع اللوم على أحد. وكان البديل هو اللوم على الصين وإلقاء مسئولية تسرب المختبر عليها، كما حاولت الإدارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى والعالم أجمع أن يفعل. ولكن كان هناك سبب وجيه للغاية لعدم رغبة معظم صانعى السياسة الأمريكيين فى السير فى  هذا المسار، وفقًا لما أوضحه مراسل سابق لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية «نيكولاس وايد» والمتخصص فى الشئون العلمية والبحثية مجلة «نيتشر»، الذى سلط الضوء على مشكلة أعمق بكثير للنخب الأمريكية من قبل اندلاع كوفيد، وهى أن مختبر ووهان، كان يتعاون مع المؤسسات العلمية الأمريكية مثل المعاهد الوطنية للصحة «NIH»  ومسئولى منظمة الصحة العالمية فى تجارب الفيروسات ومنها فيروس SARS-CoV-2 المعروف بكوفيد-19 أو كورونا، وما هو معروف، بلغة علمية، كبحث «اكتساب الوظيفة».
وفى 11 مايو 2021، فى جلسة استماع لمجلس الشيوخ، نفى المستشار الصحى للبيت الأبيض، «أنتونى فاوتشي» ومدير المعهد الوطنى الأمريكى للحساسية والأمراض المعدية، أنه قام بتمويل أبحاث «اكتساب الوظيفة» فى معهد ووهان لعلم الفيروسات بشكل مشترك من قبل العلماء الصينيين والأمريكيين فى الفترة من يونيو 2014 إلى مايو 2019، هذا على الرغم من الوثائق الواضحة التى تثبت خلاف ذلك، وفقًا لصحيفة «ديلى ميل» البريطانية. وفى مارس 2021، حذف معهد ووهان الإشارات التى تدل على تعاونه مع المعهد الوطنى للحساسية والأمراض المعدية «NIAID» ومعاهد الصحة الوطنية «NIH» وشركاء أبحاث أمريكيين آخرين من موقعه على الإنترنت، كما حذف أوصاف أبحاث «اكتساب الوظيفة» بشأن فيروس السارس. وقامت المعاهد الأمريكية بتمويل أبحاث «اكتساب الوظيفة» بما لا يقل عن 41٫7 مليون دولار. وحتى عام 2014، أجرى أستاذ علم الأوبئة فى جامعة نورث كارولينا «رالف باريك» واحدا من هذه الأبحاث. وبعد عام 2014، عندما تم حظر التمويل الفيدرالى مؤقتًا لهذه الأبحاث، فقد تم تحويل هذا البحث إلى معهد ووهان عبر منظمة «EcoHealth Alliance» الأمريكية غير الربحية. فيما نقلت صحيفة «واشنطن إكزامينر» عن مذيع شبكة فوكس نيوز «تاكر كارلسون»، اعتراف فاوتشى مؤخرًا بأن أثناء إدارته للمعاهد الوطنية للصحة، أرسل 600 ألف دولار من أموال دافعى الضرائب إلى معهد ووهان لعلم الفيروسات لدراسة إمكانية انتقال فيروسات الخفافيش إلى البشر.
وفى ظل إدارة الرئيس «باراك أوباما»، وبناءً على طلب أكثر من 200 عالم، تم إيقاف تجارب اكتساب الوظيفة مؤقتًا خلال ولايته الثانية، وفرض حظراً على أى بحث جديد؛ بسبب المخاوف بشأن خطر تحور الفيروس الذى يصنعه الإنسان وينتج عنه جائحة. لكن فى عهد ترامب، تم رفع الحظر عام 2017 من قبل المعاهد الوطنية للصحة، وأعاد المسئولون الأمريكيون تشغيل البرنامج وكانوا يمولون العمل فى مختبر ووهان من خلال منظمة EcoHealth Alliance. ولكن كما أوضح الصحفى البريطانى المتخصص فى الشئون العلمية وايد، كان فاوتشى قادرًا على استخدام ثغرة لتمويل أبحاث «اكتساب الوظيفة» فى مختبر ووهان، حتى أثناء فترة الوقف. فيما استجوب السيناتور الجمهورى «راند بول» فاوتشى بشأن تمويل الأبحاث حول فيروسات الخفافيش التاجية، والتى تم إجراء بعضها فى ووهان، إلا أن فاوتشى نفى.
وفى أغسطس 2020، أعلن المعهد الوطنى للحساسية والأمراض المعدية عن استثمار بقيمة 82 مليون دولار لمدة خمس سنوات فى شبكة عالمية جديدة من مراكز الأبحاث فى الأمراض المعدية الناشئة التى ستجرى تجارب أبحاث «اكتساب الوظيفة» لتحديد التغييرات الجينية أو غيرها التى تجعل مسببات الأمراض الحيوانية قادرة على إصابة البشر. وخلال الأسبوع الماضي، وافق مجلس الشيوخ الأمريكى بالإجماع، على تعديلين أحدهما يمنع «معهد ووهان»، من الاستفادة من الأموال الأمريكية، فيما يحظر الآخر الأموال الموجهة نحو أبحاث «اكتساب الوظيفة» فى الصين، وفقًا لمجلة «نيوزويك» الأمريكية.
علاوة على ذلك، تورط كبار المسئولين فى منظمة الصحة العالمية أيضًا، لمشاركتهم عن كثب فى أبحاث اكتساب الوظيفة من خلال منظمات مثل EcoHealth Alliance. ووفقًا لموقع البرلمان الأوروبي، فقد تم تنفيذ مجموعة كاملة من المشاريع فى إطار برنامج البحث «هوريزون 2020» الذى تديره المفوضية الأوروبية. وتم إنشاء مشروع أرشيف الفيروسات الأوروبي «EVA» عام 2008 وهى منظمة غير ربحية تعمل على تعبئة شبكة عالمية ذات خبرة فى علم الفيروسات. وفى غضون ثلاث سنوات، كان هناك تعاون من تسعة مختبرات أوروبية مع شركاء حول العالم بما فى ذلك معهد ووهان لعلم الفيروسات الذى تلقى 88 ألف يورو أو ما يعدل 107٫07 آلاف دولار. وكشفت صحيفة «ديلى إكسبريس» البريطانية، عن قيام الاتحاد الأوروبى بضخ عشرات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية فى المعهد الصينى على مدى السنوات الست الماضية. فيما أجبر أعضاء البرلمان المفوضية الأوروبية على الكشف عن خطتها لإرسال أكثر من 189 ألف جنيه إسترلينى أو ما يقرب من 268 ألف دولار إلى المنشأة بحلول نهاية عام 2023، بالإضافة إلى الكشف عن تفاصيل الأبحاث التى مولتها فى المختبرات الصينية فى ووهان. وبين أبريل 2015 ويوليو 2020، أنفق الاتحاد الأوروبى حوالى 34 ألف جنيه إسترلينى أو ما يعادل 48 ألف دولار على عدة مشاريع فى مختبر ووهان، منها المساعدة فى إنتاج اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل «PCR» التى تُستخدم لتشخيص عدوى فيروس كوفيد-19. ورداً على أعضاء البرلمان الأوروبي، قالت المفوضة الأوروبية للابتكار والبحث والثقافة والتعليم والشباب، «ماريا جابرييل»، «بما أن المشروع لم يقدم تقريره النهائى بعد، فإن المبلغ الإجمالى الذى طالب به معهد ووهان لعلم الفيروسات بموجب هذه المنحة غير معروف حتى الآن. وتابعت أن ما قدمه المعهد أول تسلسل جينوم لـ SARS-Cov2، والذى مكّن شركاء أرشيف الفيروسات الأوروبى من تصميم اختبار تشخيص تفاعل البوليميراز المتسلسل المستخدم لاكتشاف العدوى.
ويبدو أن السبب الحقيقى الذى دفع المؤسسات السياسية والطبية والإعلامية الغربية إلى القضاء على نظرية تسرب الفيروس من المختبر العام الماضى دون بذل أى جهد لتقييم الادعاءات أو التحقيق فيها بجدية، هو محاولة عدم الكشف عن مشاركتهم فى هذه الأبحاث، وليس من منطلق أى شعور بالالتزام تجاه الحقيقة أو القلق بشأن التحريض العنصرى ضد الصينيين، لقد تم ذلك بدافع المصلحة الذاتية فقط. وتدرس هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» ظاهريًا الروايتين المحتملتين حول أصول كوفيد، بما فى ذلك الدور الأمريكى المحتمل فى تمويل أبحاث اكتساب الوظيفة فى ووهان. وبالنظر إلى هذا السياق، تبدو أحداث الثمانية عشر شهرًا الماضية أشبه بالتغطية الوقائية؛ كرغبة فى منع ظهور الحقيقة لأنه إذا حدث تسرب من المختبر، فسيهدد مصداقية الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فإن ما كشف عنه وايد عن مشاركة الولايات المتحدة ومنظمة الصحة العالمية فى أبحاث «اكتساب الوظيفة»، وعن التواطؤ المحتمل فى تسرب المختبر والتستر اللاحق، مفقود من جميع التقارير الإعلامية تقريبًا. وتأمل إدارة بايدن أن يتضاءل اهتمام الجمهور بهذه القصة سريعًا حتى يتسنى لوسائل الإعلام المؤسسية عدم مناقشتها. ومن المرجح أن تكون نتائج التحقيق الذى أعلن عنه بايدن مؤخرًا غير حاسمة، لتجنب حرب الروايات المتنافسة مع الصين. ولكن حتى إذا تم إجبار التحقيق على توجيه أصابع الاتهام إلى الصينيين، فإن إدارة بايدن تعلم أن وسائل الإعلام الغربية ستعرف كيف تنقل اتهاماتها ضد الصين باعتبارها الحقيقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة