الصحافة فى خطر.. خطة للإصلاح: «روشتة» لإنقاذ الصحف المصرية
الصحافة فى خطر.. خطة للإصلاح: «روشتة» لإنقاذ الصحف المصرية
الإثنين، 12 يوليه 2021 - 12:50 م
صدر مؤخرًا عن الهيئة العامة المصرية للكتاب، كتاب االصحافة فى خطر.. خطة للاصلاحب للكاتب الصحفى د. محمد حسن البنا، ويعد الكتاب محاولة جادة، لكشف أسباب الخلل فى إدارة أية مؤسسة صحفية قومية، ويقدم اقتراحات يمكن من خلالها المساهمة فى تحسين مستوى أداء هذه المؤسسات.
حاول الكاتب المزج بين علمَي؛ الصحافة والإدارة، وذلك من خلال التوصل إلى منظومة إدارية تعمل على الانضباط والتصحيح والمراجعة للعمل بالمؤسسات الصحفية القومية، وفقًا لمعايير ومبادئ الحوكمة، مع الاستفادة بمبادئ الإدارة الحديثة فى مواجهة المشكلات المجتمعية المزمنة، وتحسين أداء المؤسسات القومية التى يملكها الشعب، إذ يرى أن رفع كفاءة تلك المؤسسات سيعود على المجتمع بالفائدة، خاصة فى أداء الصحافة القومية لدورها ووظائفها، فى خدمة المواطن والمجتمع والدولة المصرية.
يتعامل الكاتب مع مشكلات الصحافة بشكل جاد إذ يحاول تناول الأسباب الحقيقية التى أدت لمشاكلها الحالية، فهو يدرك أن الصحف القومية لم تحقق أرباحاً، وتضطر الدولة لتعويض ذلك من الخزانة العامة، إلا أنه يرى أن هذا التعويض ليس هبة لكنه اواجبب من الدولة وذلك للدافع القومى والوطني، إذ إن المؤسسات الصحفية تخدم الدولة، فلا يمكن إغفال الدور الخطير الذى تلعبه المؤسسات الصحفية بوجه عام، والقومية على وجه الخصوص فى بناء ثقافة المواطن المصري، ومده بالمعلومات التى يترقبها، وهو يحذر من أن أى خلل سيصيب هذه المؤسسات سينعكس بشكل مباشر على هذا الدور، والذى فى النهاية سيؤدى إلى ضعف مستوى المنتج، ومن ثم انصراف القارئ عنها، مما يترتب عليه من انعكاسات سلبية.
يحلل الكاتب أسباب تأثر إيرادات المؤسسات القومية، فقدقدم عدة أسباب ظهرت بشكل خاص منذ يناير ۲۰۱۱، وذلك نتيجة للكساد الاقتصادي، ولضعف منظومة الإعلانات بالصحف، وكذلك بسبب المنافسة الشديدة من جانب الصحف الخاصة والتى تقدم آراء مختلفة وتناقش قضايا لا تناقشها الصحف القومية، بالإضافة إلى دخول المؤسسات الصحفية القومية، فى عمليات بيع الأراضى وأشياء أخرى لا تملك الخبرة الكافية فيها، بالإضافة إلى تأسيس شركات استثمارية، وضعف الاهتمام بالتدريب أو تنمية مهارات العاملين بتلك المؤسسات.
يرى الكاتب أن استمرار الأوضاع السيئة للمؤسسات الصحفية القومية والعاملين بها أدى إلى تفاقم الوضع، إذ تجاوزت ديون المؤسسات حاجز المليار جنيه، وكذلك حدث تضخم شديد فى حجم العمالة، والتى هى بمثابة بطالة مقنعة، لذلك قدم عدة مشاكل يجب حلها خلال الفترة المقبل ومنها؛ أن مشكلات المؤسسات الصحفية القومية ترجع إلى الإدارة التقليدية للمؤسسات، والبعيدة كل البعد عن الإدارة العلمية، كذلك وجود فائض فى العمالة وانخفاض مستوى الأداء، مما يؤثر بالسلب على سير العمل، خاصة أن معظم تلك العمالة غير مؤهلة نتيجة عدم الاهتمام بمنظومة التدريب والتطوير المستمر، كذلك تراكم الديون بالإضافة إلى عدم سداد التأمينات الاجتماعية للعاملين منذ سنوات عديدة، وعدم قيام المؤسسات بدورها القومى المهنى والاكتفاء بالدفاع عن الحكومة، وقصور القوانين المنظمة للصحافة عن المتغيرات البيئية، بالإضافة إلى غياب الإبداع لتحويل الصحف القومية إلى مؤسسات إعلامية متكاملة تقدم مختلف الخدمات للقاريء.
يتطرق البنا إلى أن الخسائر التى تواجه المؤسسات الصحفية ليست وليدة اليوم، بل نتيجة تراكمات الماضى وربما ظهرت منذ تأميم الصحافة عام ١٩٦٠ مرورًا بحقبتى الثمانينيات والتسعنينيات من القرن الماضي، وهى مشاكل يتحملها القيادات التى تولت العمل على مدار تلك السنوات، وبالتالى فهو يرفض أن يتم تحميل القيادات التى تولت المؤسسات القومية فى السنوات الخمس الأخيرة وحدها مسئولية هذه الخسائر، لأن هناك أخطاء إدارية ومهنية أدت إلى هذه الخسائر منها على سبيل المثال كما ذكرنا من قبل دخول المؤسسات مجال تأسيس شركات استثمارية، وكذا التوسع فى إصدارات صحفية دون دراسة جدواها الاقتصادية، والتوسع فى التعيينات دون مراعاة مدى الحاجة لها، أو مدى كفاءتها، بالإضافة إلى ظهور وسائل إعلام حديثة كالقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعى وصحافة المواطن والصحافة الإليكترونية، وهذه الأسباب أدت إلى تأخر المؤسسات القومية عن المنافسة، بالإضافة إلى أن المنافسة مع المؤسسات الخاصة التى يملكها رجال أعمال ينفقون عليها ويعينون فيها كفاءات صحفية وإعلامية بارزة بأجور عالية تفوق ما يتقاضاه أقرانهم فى المؤسسات القومية، إذ لا يخفى رجال الأعمال من ملاك المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية أهدافهم الخاصة من دعمها، وشغفهم للتقرب إلى السلطة وتقديم الخدمات اللازمة لهذا التقرب حتى وإن كان على حساب المؤسسات القومية التى يسعون إلى خصخصتها وشرائها والاستفادة من حقوق الملكية الفكرية لمؤسسات عريقة كالأهرام أو أخبار اليوم ودار الهلال.
وقد خلصت الدراسة المقدمة إلى أن المؤسسات القومية تدار معظمها بمركزية شديدة نظرًا لعدم وجود كفاءات بشرية ومادية وإدارية يمكن الاعتماد عليها فى الإدارة، ونتيجة لذلك يتم العمل بفردية اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل .
وقد رأى البعض أيضًا خلال الدراسة عدم صلاحية تطبيق الحوكمة على المؤسسات الصحفية القومية حيث أنها تحتاج لبعض الموائمات السياسية، والتى تصلح للشركات الخاصة التى قد لا تحتاج إلى تلك المواءمات، وقد ذهب البعض إلى أبعد من ذلك إذ يرون بأن الحوكمة هى نتاج حضارات وثقافات غربية يصعب تطبيقها فى المجتمع المصرى الذى يعانى من مشكلات إدارية ضخمة، خاصة فى ظل تبنى ثقافة قائمة على المجاملات وقد أشارت الآراء إلى أهمية الكفاءة بشقيها الإدارى والمالى والفني، وتظهر فى مدى قدرة المؤسسات الصحفية القومية على منافسة الصحف الخاصة وأن تتمكن من الوصول للقارى وتقديم الجرعة الصحفية المطلوبة بالإضافة إلى تحقيق المصداقية فى المحتوى الصحفى والتعبير عن مشاكل المجتمع المختلفة، كما اتجهت تلك الآراء كذلك إلى ضرورة تحقيق الكفاءة المالية حيث إن القصور فى هذا الجانب قد يؤدى إلى انهيار المؤسسات الصحفية بالكامل، كما اتجه البعض أيضا إلى ضرورة تحقيق الكفاءة الفنية والمتمثلة فى أن يكون الصحفى نابهًا ومبدعًا وقادرًا على استخدام كافة الوسائل المتاحة له، وأن يكون مالكًا لكافة أدوات المهنة فى إطار عمله وتخصصه
يقدم الباحث عددًأ من التوصيات التى يراها مهمة لتحسين كفاءة المؤسسات الصحفية القومية تتمثل فى إعادة هيكلة مؤسسات الصحف القومية، بطريقة اقتصادية ومالية وإدارية سليمة، وكذا إدارة أصول المؤسسات بكفاءة اقتصادية ومالية، بجانب وضع آليات تنفيذ مبادئ الحوكمة، من خلال معايير موضوعية، يتصف منفذها بالحيادية والموضوعية والنزاهة لإعلاء شأن المصلحة العامة، وكذلك الفصل بين منصب رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.
الأمر الثانى هو إعلاء قيم الكفاءة المهنية والخبرة فى اختيار القيادات، وإخلاص النية وإعلاء المصلحة العامة فوق أية اعتبارات سياسية أو اجتماعية، لتكون القرارات صائبة، بجانب تأهيل القيادات الصحفية بالتفكير الإبداعى وإفساح المجال أمامها بتشجيع الابتكار والإبداع فى مجال العمل الصحفى والتجاري، وتحقيق منظومة التدريب والتطوير المستمر للعاملين بمختلف التخصصات كشرط للترقى القيادات بشفافية وعدالة وتولى المناصب وصرف الحوافز والعلاوات، ووضع معايير اختيار تفعيل الدور الرقابى لكافة الأجهزة الرقابية على مؤسسات الصحف القومية فيما يتعلق بالجوانب الإدارية والمالية والفنية، وتوحيدها وتحقيق المتابعة المستمرة وتصحيح الأخطاء أولا بأول.
الأمر الثالث هو استخدام أساليب الإدارة الحديثة والاعتماد على منظومة تنمية الموارد البشرية، بدلًا من إدارات شئون العاملين، وترشيد العمالة وإعادة توظيفها بشكل إنتاجي، وكذلك وضع معايير وضوابط للتعيينات والترقيات، إذ يجب أن يكون التعيين لتجديد الدماء من دون التفريط فى الخبرات النادرة والتى يصعب تعويضها.
الأمر الرابع الذى يطالب به الباحث هو تغيير مفاهيم العمل بالمؤسسة ليكون الإنتاج هو فيصلها، وأن يرتبط صرف المرتبات والحوافز بالإنتاج.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة