جندى أفغانى يقف فى حراسة قاعدة باجرام  الذى أخلتها القوات الأمريكية 
جندى أفغانى يقف فى حراسة قاعدة باجرام  الذى أخلتها القوات الأمريكية 


خيار الأفغان بعد رحيل القوات الأمريكية: حكومة ضعيفة أو طالبان مكروهة

الأخبار

الإثنين، 12 يوليه 2021 - 08:08 م

 

 سميحة شتا

منذ تسارع انسحاب القوات الأمريكية وقوات «الناتو» من أفغانستان،، حققت طالبان تقدما كبيرا وسيطرت على منطقة تمتد من الحدود الايرانية غربا الى حدود الصين فى شمال شرق البلاد وكثفت من هجماتها ومع تضاعف انتصاراتها العسكرية، أصبح احتمال وصولها للسلطة من جديد فى الأشهر القليلة المقبلة، ومع هذا بدأت عمليات الانسحاب العسكرى من أفغانستان حيث غادر معظم جنود حلف الناتو بهدوء.. ولهذا يرى المحللون أن السيطرة السريعة لحركة طالبان على العديد من المناطق الاستراتيجية فى جميع أنحاء البلاد يعد أمراً مقلقاً للغاية، وان الحرب الأهلية هى الطريق الذى ستصل اليه أفغانستان إذا استمر الوضع على المسار الذى يسير عليه الآن»، خاصة مع انتشار المليشيات لمساعدة قوات الأمن الوطنى المحاصرة، وقد حذر تقييم استخباراتى أمريكى من أن حكومة كابول قد تسقط فى غضون ستة أشهر بعد مغادرة الأمريكيين.


إعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن فى أبريل عن انسحاب غير مشروط وسريع للقوات الأمريكية « أدى إلى تغيير توازن وطبيعة الصراع بشكل مفاجئ وحاسم» لصالح طالبان.. واثناء زيارة الرئيس الأفغانى أشرف غنى البيت الأبيض الشهر الماضى، وعد بايدن بمواصلة الدعم الأمريكى، وطلب من الكونجرس إقرار تخصيص 3.3 مليار دولار من المساعدة الأمنية لأفغانستان العام المقبل، والتى ستشمل التدريب والدعم الفنى من خارج البلاد.


وفى ظل شبح عودة طالبان إلى الحكم، يخشى قسم كبير من الأفغان رحيل الأمريكيين ما لم يتم إرساء السلام، ومن حمام دم وحرب لا تنتهى، وهو وضع يعززه غياب اتفاق لوقف إطلاق نار مستدام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، وعدم معرفة ديمومة الدعم الأجنبى العسكرى أو المالى لكابول.
ليست وحدها الحرب الأهلية هى التى تلوح فى الأفق، فرياح الانسحاب قد تسلب الحكومة الأفغانية نفوذها، وتترك الجيش وحيدا يواجه حركة طالبان التى تخوض تمردا ضد السلطات وتسيطر على ما يزيد على نصف مساحة البلاد، وتعطى الجماعات المتطرفة الأخرى مجالا إضافيا للتنظيم والتجنيد وبدء الهجمات الإرهابية.


وكانت القوات الأمريكية قد أخلت قاعدة باجرام الجوية فى الثالث من يوليو. وأثارت المغادرة الخفية لباجرام، التى تعتبر حيوية لأمن كابول وتضم حوالى ٥ الاف سجين معظمهم من طالبان، غضب الأفغان، ورأى الكثيرون فى ذلك رمزًا لانسحاب يتم تنفيذه بالكامل ليلائم الجدول السياسى الأمريكى، دون أى اهتمام بالوضع الأمنى المتدهور على الأرض.


السيناريو المتوقع بعد ذلك، هو إما انهيار الحكومة الأفغانية كليا أو دخول طالبان فى محادثات مع القوى السياسية الحكومية من أجل الذهاب لمرحلة انتقالية سلمية، الأمر الذى سيسمح لها بالسيطرة على أكبر المدن والعاصمة كابول دون أية مواجهة عسكرية
تعتمد طالبان على جهاز عسكرى قديم لكنها تمتلك «فرقا قتالية قوية» متخصصة فى الهجمات الخاطفة وقادرة على أن تتقدم للأمام بسرعة وتسيطر على المواقع الهامة. زد على ذلك أن تواجدها فى جميع مناطق البلاد يمنحها قوة إضافية ويسمح لها بتنفيذ عدة هجمات عسكرية يصعب للجيش الأفغانى التصدى لها.


وفى الجهة المقابلة، تبدو الحكومة الأفغانية منقسمة وضعيفة وفاقدة للشرعية. لكن رغم ذلك، فحركة طالبان لا تركز كثيرا على نقاط الضعف هذه بقدر ما تواجه جيشا أفغانيا هشا ينخره الفساد ولا يتخذ مبادرات كثيرة على الميدان. وما زاد من ضعف الجيش الأفغانى هو فقدانه للدعم الأمريكى الذى كان يحظى به.


فلا يوجد الآن أى سبب يدفع الأمريكيين إلى إعادة نشر قواتهم فى أفغانستان لأن هذا قد يشكل «انتحارا سياسيا» لجو بايدن. كما أن الأمريكيين يدركون جيدا أن سحب قواتهم من أفغانستان سيؤدى إلى انهيار النظام الأفغانى. لكن قرارهم كان قرارا سياسيا.
وفى حال وصلت طالبان إلى السلطة، سنشهد تراجعا لحقوق الإنسان بشكل عام. لكن من الممكن ألا تتجاوز بعض الخطوط الحمراء لكى لا تفجر غضب المجتمع الدولى كما كان الحال فى التسعينيات. أما الدول الغربية، فأصبحت لا تملك الكثير من الأوراق للضغط عليها فى الوقت الحاضر لأنها تحظى باعتراف دولى قوى.


وقد حظى التقدم الذى أحرزته حركة طالبان أخيراً والخسائر المربكة التى مُنى بها الجيش الأفغانى، بمراقبة حثيثة من الهند وأوروبا الشرقية، حيث من شأن سقوط كابول أن ينذر بتداعيات وتبعات جيوسياسية هائلة، حيث تكتسب أفغانستان أهمية كبرى بالنسبة للهند التى تتباهى بامتلاكها مشاريع تنموية فى 60 مقاطعة هناك، ولكنها تخشى مما تعتبره روابط عميقة بين طالبان وباكستان.. حتى وإن تعثر تقدم طالبان، فإن تضاؤل النفوذ الغربى فى أفغانستان يقدم فرصة قوية للصين لمنافسة الهند هناك، وجعل أفغانستان جزءاً من مبادرة «الحزام والطريق» التى طرحها الرئيس الصينى شى جين بينج.


أما من الشمال، فروسيا تشعر بالقلق عبر عنه المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف عندما قال أن روسيا «تراقب الوضع عن كثب»، إثر قيام طاجيكستان (الدولة السوفيتية السابقة) باستدعاء 20 ألفاً من جنود الاحتياط للتعامل مع أى تصعيد محتمل على حدودها مع أفغانستان، إذ إن تهديد تسرب التطرف والعنف لداخل أراضيها ولدول أخرى وسط آسيا على الحدود الروسية هو تهديد جدى يعتد به.
أما إيران التى عبرت عن قلقها من الوضع فى أفغانستان المجاورة التى لها حدود مشتركة طويلة معها حيث تستضيف ملايين اللاجئين الأفغان منذ سنوات، تشعر بالقلق من تطورات الاوضاع وأبلغت ممثلين عن حركة طالبان والحكومة الأفغانية الأسبوع الماضى بأنها على استعداد للمساعدة فى حل الأزمة بأفغانستان وتعادى إيران الشيعية حركة طالبان السنية المتشددة منذ عقود لكنها فى السنوات القليلة الماضية التقت علنا مع زعماء من طالبان.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة