أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

قمة لها ما بعدها

أسامة عجاج

الثلاثاء، 13 يوليه 2021 - 06:34 م

على مبدأ «إذا صلح الاقتصاد تحسنت السياسة»، كانت بداية الفكرة التى طرحها الملك عبدالله ملك الأردن على الرئيس عبدالفتاح السيسى وقادة العراق،  لإنشاء آلية تنسيق بين الدول الثلاثة ، وعلى أساسها بدأت المشاورات على المستوى السياسى عبر وزراء الخارجية، وعلى مستوى أمنى واستراتيجى من المعنيين بهذا الملف، وكانت النتيجة عقد اول قمة بين القادة الثلاثة فى مارس ٢٠١٩، ولعل الترحيب بدعوة العراق لاستضافة القمة الأخيرة، التى تمت منذ أكثر من أسبوعين، كانت رسالة دعم ومساندة وتكريس من القاهرة وعمان، لفكرة توافر الأمن والاستقرار فى العراق الشقيق، ناهيك عن بقية النتائج الأخرى التى تمخضت عنها قمة بغداد الأخيرة . 
أستطيع من خلال متابعة دقيقة منذ القمة الأولى فى مارس ٢٠١٩ وحتى اليوم، أن نقول بتجرد شديد أن التنسيق الثلاثى ليس محورًا ، ولا يمكن اعتباره حلفًا، كما أنه ليس موجهًا لأى جهة، فالأمر ليس استنساخا لتجربة مجلس التعاون العربى ، الذى ضم الدول الثلاثة مع اليمن فى ثمانينيات القرن الماضى ،وانهار مع أول دخول لجندى عراقى على ارض الكويت، اثناء غزو اغسطس ١٩٩٠ ، بل هو رغبة من الدول الثلاثة، لترسيخ نموذج جديد فى العمل العربي، قائم على فكرة التنسيق الاستراتيجي، الذى يضم فى طياته التعاون الاقتصادى،  والوصول به الى أعلى مستوى، فى ظل الإمكانيات المتاحة لدى الدول الثلاثة، التنسق ليس محورا رغم ما تردد عن المشروع العراقى الخاص «بشام جديد»، رغم عدم دقة المصطلح جغرافيا ، والأدق هو «المشرق الجديد»، وهو التعبير الذى استخدمه رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى فى نهاية مارس الماضي، وهو وفقا للرؤية العراقية ، مشروع للتكامل والتعاون  الاقتصادى، بين الدول المرشحة للانضمام إليه فى مرحلة لاحقة بعد موافقة مصر والأردن .
ومادام الأمر هنا يتعلق بمشروعات اقتصادية كبرى، فالمطروح تنمية التبادل التجاري، والاستفادة من القدرات الخاصة بكل دولة من الدول الثلاثة، وإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي، الذى يئن رغم إمكانياته الكبيرة، نتيجة حروب وأزمات عاشها منذ عام ١٩٨١  وحتى الآن ، والذى تسبب فى اعتماد الاقتصاد العراقى على جوار إقليمى ،له مشروعه الخاص، والذى يلقى ظلالا سلبية على مجمل الوضع هناك ، فالأرقام تكشف عن أن حجم التبادل التجارى مع إيران وصل إلى أكثر من ١٢ مليار دولار، ونفس الأمر مع تركيا، يصل الرقم الى ١٦ ، بينما الأرقام تبدو محدودة للتبادل بين مصر والعراق ،أو بغداد وعمان، فهى لا تتجاوز مليار دولار لكل من البلدين، وقد خلق هذا الاحتكار الإيرانى التركي، تصدير منتجات بجودة أقل، وبأسعار أعلي، مما يدفع العراق الى التمسك بالتنسيق الثلاثى «كطوق نجاه «، للاقتصاد مع الاستفادة من القدرات الاقتصادية والإمكانيات الهائلة للشركات والمؤسسات المصرية.     
ولعل فى مقدمة المشاريع ذات الطابع الاقتصادى الاستراتيجى ،إحياء مشروع أنبوب النفط العراقى ،الذى يبدأ من حقول الرملية فى محافظة البصرة، وينتهى فى مصر عبر ميناء العقبة الأردنى، لتسهيل تصدير البترول العراقى الى أسواقه فى أوروبا، مقابل أسعار تفضيلية مخفضة لكل من مصر والأردن ، ويأتى فى نفس الإطار الربط الكهربائي، حيث يعانى العراق من انقطاع التيار بصورة دائمة، رغم إنفاق أكثر من ٨٠ مليار  دولار على هذا القطاع، والعجيب أن إيران توفر حوالى أربعين بالمائة من احتياجاته ، والبديل المطروح حاليا، هو مشروع الربط الكهربائى بين الدول الثلاثة، لتخفيف الضغوط على العراق ،وتوفير احتياجاته، وحقيقة الأمر أن هناك خطوات مهمة فى سبيل التنفيذ  ومن ذلك إنشاء منطقة حرة ثلاثية بتسهيلات ضخمة . 
هذه قمة لها  ما بعدها ، بعد أن تم التوافق على الأساس الصحيح والراسخ  لبناء تعاون اقتصادى ، قائم على تبادل المنافع ،  وسيكون له تبعات على بقية المجالات.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة