هشام مبارك
هشام مبارك


احم احم !

«ترامب» الدح امبو !

هشام مبارك

الأربعاء، 14 يوليه 2021 - 07:30 م

صدق أو لا تصدق أن نسبة كبيرة من الشعب الأمريكى تشعر  حاليا بحالة من الملل الشديد، ليس بسبب الركود الاقتصادى الذى استمر لأكثر من عام ونصف العام تقريبا بسبب جائحة كورونا التى جعلت هذا الشعب الذى يحب السفر والانطلاق والفسحة والأكل فى المطاعم حبيس البيوت ، ولا بسبب موجة الحر الشديدة التى تضرب عدد كبير من المدن والولايات والتى راح ضحيتها عدد كبير من الناس، بل مصدر ذلك الملل هو ابتعاد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب عن دائرة الضوء وتوقفه عن إصدار التعليقات النارية والقرارات الغريبة التى كانت تحدث حالة من الجدل التى كانت ربما العزاء الوحيد الذى جعل الأمريكيون يصبرون على العزلة والبقاء فى البيوت.
الطريف أنه حتى من انتخبوا الرئيس الحالى جو بايدن يفتقدون ترامب والصخب الذى كان يحدثه بتوزيعه الشتائم عل كل من يخالفه ليل نهار طيلة فترة رئاسته ، وحماقاته التى لم يسلم منها أحد والتى أحدثت شرخا واضحا فى المجتمع الأمريكى لن يلتئم بسهولة، وجرحا لن يندمل بسرعة، وخناقاته عالية الصوت مع الإعلام الذى كان يتعامل معه بنظرية المؤامرة متهما إياه بأنه إعلام فاشل منحاز ويفتقد المصداقية والمنهجية ،وتلك الغوغائية التى كان يتحلى بها و بالذات فى أيام الانتخابات الرئاسية التى سقط فيها سقوطا ذريعا، وكاد ان يسقط معه الحزب كله عندما أبدى  تبرما واعتراضا على نتيجة الانتخابات وهدد بعدم تسليم السلطة معتقدا أن الصوت العالى قد يرهب المؤسسات الأمريكية ويجعلها ترضخ لطلبه.ثم جاءت القشة التى قصمت ظهر البعير عندما حرض أنصاره الذين لا ينقصهم الجنون مثله، بالتوجه نحو الكونجرس فى سابقة نادرة سيكون لها ما بعدها فى مستقبل الأيام فى الولايات المتحدة حيث شاهد العالم كله انتفاضة الحرامية الذين اقتحموا الكونجرس وخرجوا حاملين الكراسى والسجاجيد ومراوح السقف وكأننا نشاهد دولة فى قاع التاريخ .
عدد كبير من وسائل الإعلام وخاصة بعض القنوات الشهيرة مثل السى إن إن وال آل سى بى انصرف عنها جمهور المشاهدين حيث لم يعد أمام هذه القنوات مايجذب الناس بعد توارى ترامب عن الأنظار وهو الذى كان يشعلها على مدار الساعة ولعل احدهم فى احدى القنوات  صاح فى اجتماع مجلس التحرير قائلا:وجدت طريقة لاستعادة المشاهدين،فأنصت الجميع له حيث قال بثقة: نعود للتحرش بترامب إعلاميا من جديد.على الطرف الآخر كان ترامب هو الآخر يشعر بالملل الذى يسود البلاد خاصة أنه ممنوع حتى الآن من استخدام الفيس بوك وتويتر نافذته المفضلة التى كان من خلالها يخاطب أنصاره ومؤيديه والذى لو استمر قد يفقد شعبيته الكبيرة التى يتمتع بها والتى يعول عليها كثيرا للعودة يوم ما للبيت الأبيض الذى وصف مغادرته له أنه من أصعب المواقف التى مر بها فى حياته وأنه كم تمنى لو تغيرت القوانين بما يضمن له البقاء فيه حنى نهاية حياته، فوجد ترامب هو الآخر  فى مبادلة تلك القنوات ضالته المنشودة التى ستعيده للأضواء من جديد.
«مارفى كالب» محلل ومؤرخ أمريكى كبير  أصدر مؤخرا كتابا عن ترامب تحت عنوان عدو الشعب،حرب ترامب على الصحافة،المكارثية الجديدة وخطرها على الديمقراطية الأمريكية.الكتاب حقق مبيعات ضخمة حيث جاذبية العنوان لمؤيدى ترامب قبل معارضيه،ويكشف المؤلف فى جانب من الكتاب ما أطلق عليه صفقة شيطانية غير معلنة بين ترامب وتلك القنوات،هى تهاجمه فيعود لها مشاهدونا،وهو يشتمها فيسترد شعبيته أو بمعنى ادق يعود للحياة من جديد على حد تعبير المؤلف.وهو مايذكرنى بنظرية السح الدح امبو أغنية عدوية الشهيرة التى لاحظ احمد عدوية ارتفاع الإقبال عليها كلما هاجمها النقاد وقت ظهورها لدرجة أنه كان يتصل بهم راجيا منهم أن يهاجموه بضراوة كلما قدم أغنية جديدة وربما لم يكن نجمنا الكبير يتوقع أن تصبح نظريته التى أسسها بتلقائية شديدة واحدة من أهم نظريات الإعلام والسياسة فى العالم سوف يطبقها ترامب وإعلامه يمكن لنا وبكل فخر أن نسميها نظرية ترامب الدح امبو!
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة