عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

قرار بالإكراه !

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 15 يوليه 2021 - 07:02 م

فى يوم ٢٦ يوليو عام ١٩٥٢ سمع جموع المصريين فى الراديو آخر قرار يتخذه  الملك فاروق وهو قرار تنازله عن العرش لولى عهده الأمير الطفل أحمد فؤاد، وفى هذا الإعلان قال الملك: (نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان.. لما كنّا نتطلب الخير دائما لأمتنا ونتبنى سعادتها ورقيها.. ولما كنّا نرغب رغبة أكيدة فى تجنب البلاد المصاعب التى تواجهها فى الظروف الدقيقة.. ونزولا على إرادة الشعب قررنا النزول عن العرش لولى عهدنا سمو الأمير أحمد فؤاد) . 
غير أن المصريين الذين كانوا يتابعون باهتمام بالغ ما جرى فى البلاد قبلها بثلاثة أيام كانوا يدركون أن التنازل عن العرش لم يكن قرارا للملك فاروق وإنما هو أمر فرض عليه فرضا، حينما حاصرت قوات الجيش قصر رأس التين الذى كان يقيم فيه الملك فاروق وقتها وقدم له مجموعة من الضباط الأحرار على رأسهم اللواء محمد نجيب إنذارا يطالبه بالتنازل عن العرش فى غضون بضعة ساعات قليلة ومغادرة البلاد قبل نهاية اليوم.. وكان الإنذار شديد اللهجة اتهم الملك بسوء التصرف والعبث بالدستور وامتهان الإرادة الشعبية، وحماية الخونة والمرتشين لتحقيق ثراء على حساب الشعب الجائع الفقير.. كما تضمن الإنذار تهديدا واضحا صريحا للملك حينما حمله كل ما يترتب على عدم تلبية رغبة الشعب من نتائج. 
وهكذا تنازل الملك فاروق عن العرش قرارا اتخذه بارادته ولكنه كان عملا تم إجباره على اتخاذه.. أى اتخذه مكرها ومضطرا خشية تعرضه لعواقب وخيمة، خاصة وأن القوات الإنجليزية التى كانت موجودة فى القناة وقتها لم تستجب لطلبه بحمايته أو تقديم العون له.. لكن لأن الملك طلب وقتها أن يتم الحفاظ على كرامته ويحفظ ماء وجهه سمح له بأن يعلن تنازله عن العرش فى صورة قرار ملكى، مثلما تم توديعه وهو يغادر البلاد بالتحية العسكرية من قبل بعض الضباط الأحرار الذين قدموا له قبلها بساعات قليلة الإنذار. 
والملك فاروق لم يكن الشخص الوحيد الذى اتخذ قرارا مصيريا  مضطرا او مكرها .. هناك أشخاص كثيرون فى العالم فعلوا ويفعلون ذلك يوميا، ومنهم حكام وقادة وسياسيون  بالطبع.. فهناك دوما أشخاص تفرض عليهم القرارات فرضا لأن الخيارات أمامهم تضيق جدا ولا يتبقى أمامهم فى نهاية المطاف بعد تقليب الأمر على مختلف وجوهه سوى قرار واحد ووحيد يضطرون فى نهاية المطاف لاتخاذه ، حتى ولو بدا افتراضيا أنه يمكنهم اتخاذ قرار آخر غيره مختلف! إنها قرارات المضطر أو المكره .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة