السفينة «إيفرجيفن»
السفينة «إيفرجيفن»


تحرير «الســـفينة».. ملحمة الـ 105 أيام

مصـر تنُهي ماراثون «إيفــرجيفن» بمكاسب هائلة

مؤمن عطالله

الجمعة، 16 يوليه 2021 - 07:08 م

رغم بداياتها المقلقة والساخنة انتهت أزمة جنوح السفينة «إيفرجيفن» نهاية سعيدة بعد ملحمة نجاح فى التعامل مع الأزمة استمرت لمدة 105 أيام تحفظت فيها هيئة قناة السويس على السفينة الجانحة ثم احتجزتها لضمان حصولها على مستحقاتها وحقها الكامل فى التعويض عن مدة غلق القناة وتكاليف تعويم السفينة الجانحة.

قناة السويس حصلت على تعويض عادل.. وقاطرة حديثة تصنع خصيصاً لها فى اليابان

 

 خالد أبوبكر

كلف الفريق أسامة ربيع، المحامى الدولى خالد أبوبكر بقيادة التفاوض عن الجانب المصرى وفى المقابل كان هناك مكتب المحاماة الدولى من جانب الشركة المالكة و8 من أعضاء مكتب نادى الحماية والتعويض البريطانى وممثلو شركات التأمين اليابانية وممثلو شركات التأمين الإنجليزية وشركات إعادة التأمين وممثلو ملاك البضائع وشركاتهم واستمر التفاوض الماراثونى لمدة 32 يوما واجتماعات يومية لمدة تجاوزت العشر ساعات، وبحسب مصادر مطلعة وصلت هيئة قناة السويس إلى رقم عادل يحقق كل مصالحها كما حصلت من الجانب اليابانى المالك للسفينة على قاطرة حديثة تُصنع خصيصاً لقناة السويس، وقد قام الفريق أسامة ربيع رئيس الهيئة عقب نجاح المفاوضات والوصول إلى اتفاق لإنهاء الأزمة بتعيين المحامى خالد أبوبكر فى منصب المستشار القانونى ومسئول العلاقات الدولية فى قناة السويس.

 

وكانت مصر خلال أزمة جنوح سفينة الحاويات البنمية العملاقة إيفرجيفن قد قدمت للعالم نموذجاً فريداً فى كيفية إدارة الأزمات حيث استحدثت هيئة قناة السويس استخدام التكريك فى أعمال الإنقاذ البحرى وهو أمر غير متعارف عليه لما يتطلبه من دقة عالية ومراعاة لأقصى معايير الأمان.
الهيئة تحملت مسئوليتها كاملة فى تعاملها مع أزمة جنوح السفينة منذ وقوع الحادث، وسخرت جميع إمكانياتها الفنية والبشرية وما تمتلكه من معدات ووحدات بحرية لإتمام عملية الإنقاذ بنجاح وبعد ٦ أيام فقط نجحت الهيئة فى تحرير السفينة وسط إشادات عالمية.

استراتيجية الهيئة

 الفريق أسامة ربيع

وتعاملت الهيئة سريعا مع الحادث الذى لم يسفر عن وقوع أية إصابات أو وفيات أو حوادث تلوث، واعتمدت استراتيجية الهيئة على ثلاث مراحل أساسية هى استخدام القاطرات لأعمال الشد، ثم التكريك باستخدام كراكات الهيئة والعودة مجددا لمناورات الشد، وأخيرا اللجوء إلى تخفيف الحمولة، حيث يصعب تنفيذه عمليا ويحتاج لوقت طويل.

بدأت إجراءات إنقاذ سفينة الحاويات البنمية فى اليوم التالى للحادث وشملت استخدام الحفارات الأرضية لرفع الآثار الناجمة عن الحادث على جوانب وستائر القناة والتى تضررت بشكل كبير، بالإضافة إلى إزاحة الصخور عند مقدمة السفينة تمهيدا للبدء فى إجراءات تعويمها، وشملت إجراءات تعويم السفينة خلال اليوم الثانى من العمل قيام الكراكة مشهور بالتكريك بمحيط منطقة مقدمة السفينة لإزالة كميات مستهدفة من الرمال تقدر بحوالى من ١٥ إلى ٢٠ ألف متر مكعب من الرمال، مع مراعاة معايير الدقة وعوامل الأمان الملاحى، كما تم التنسيق مع جهات خارجية مثل شركة الخدمات البحرية ، وهيئة موانىء البحر الأحمر لدفع بقاطرات إضافية للمشاركة فى أعمال الشد، كما تم الدفع بقاطرات الهيئة عزت عادل وبركة ١ بقوة شد ١٦٠ طن.

أعمال التكريك


وفى فترة وجيزة تم الانتهاء من أعمال التكريك والوصول لغاطس ١٣ مترا ثم البدء فى مناورات الشد باشتراك ١٤ قاطرة، وهى الجهود التى أثمرت عن تحقيق نتائج إيجابية أبرزها تشغيل المحرك والدفة بكامل طاقتها، وبعدها تم عمل مناورات الشد فى أوقات تلائم الظروف المناسبة لعوامل المد والجزر وسرعة الرياح ويتم الاستفادة من الأوقات غير الملائمة فى أعمال التكريك بمحيط مقدمة السفينة لخلخلة الرمال تحتها لتسهيل عملية تعويمها خلال مناورات الشد.

كما أن الهيئة ‏فى هذه الفترة لم تدخر جهدا لتعويم سفينة الحاويات كما تضافرت جميع جهود الدولة لحل هذه الأزمة سريعا لأنها تتعلق بمكانة مصر وسمعتها ، كما أن العمل كان يجرى فى تلك الفترة على توسيع نطاق التكريك والحفر بمنطقة مقدمة السفينة بإزالة جوانب القناة بتلك المنطقة والتكريك للوصول بها إلى عمق ١٨ مترا لتسهيل عملية تعويم السفينة وذلك بالاعتماد على التكريك بصورة أساسية بواسطة الكراكة «مشهور» بالإضافة إلى استخدام الحفارات الأرضية التى تسمح بالاقتراب أكثر من السفينة ، فيما تعمل فى ذات الوقت الحفارات الأرضية ذات الذراع الطويلة والمحمولة على بنتون لتوسيع نطاق الحفر عند الجزء السفلى بهذه المنطقة بما يسمح بالاقتراب من السفينة على مسافة لا تصل إليها الكراكة مشهور لاعتبارات متعلقة بمعايير الأمان والسلامة التى تتطلب وجود مسافات آمنة بين الكراكة والسفينة لاتقل عن ١٠ أمتار.

وبعدها تم بدء مناورات الشد لتعويم السفينة بواسطة ١٠ قاطرات عملاقة تقوم بالعمل من أربع اتجاهات مختلفة وأن توزيع القاطرات خلال مناورات الشد يشمل شد مقدمة السفينة فى اتجاه الشمال بواسطة كل من القاطرة «بركة ١ «والقاطرة «عزت عادل» بقوة شد ١٦٠ طنا لكل منهما، فيما تقوم ٤ قاطرات بدفع مؤخرة السفينة جنوبا وتشمل قاطرتين جديدتين انضموا للهيئة هما «عبد الحميد يوسف» و«مصطفى محمود» بقوة شد ٧٠ طنا لكل منهما والقاطرتان بورسعيد ١ وبورسعيد ٢، كما تعمل قاطرتان على شد مؤخرة السفينة جنوبا وفى مقدمتهما القاطرة الهولندية APL GUARD بقوة شد ٢٨٥ طن، والقاطرة ماراديف، وتتشارك القاطرتان «تحيا مصر١»و«تحيا مصر ٢» فى دفع مقدمة السفينة ناحية الشمال.

بدأ تعويم السفينة بنجاح بعد استجابة السفينة لمناورات الشد والقطر حيث تم تعديل مسار السفينة بشكل ملحوظ بنسبة ٨٠% وابتعاد مؤخرة السفينة عن الشط بمسافة ١٠٢ متر بدلا من ٤ أمتار ، ونجحت الهيئة بعد ذلك فى تعديل مسار السفينة بنسبة ١٠٠٪ لتصبح بمنتصف المجرى الملاحى.

الإنجاز الأكبر
وكان الإنجاز الأكبر هو اكتمال عبور كل السفن المنتظرة بالمجرى الملاحى للقناة فى وقت وجيز ، والجدير بالذكر ان إجمالى أعداد السفن المنتظرة بمنطقة البحيرات الكبرى والمدخلين الشمالى والجنوبى للقناة منذ وقوع حادث جنوح السفينة البنمية بلغ ٤٢٢ سفينة بإجمالى حمولات صافية قدرها ٢٦ مليون طن.
وكانت هناك جهود أخرى تبذل لاتقل أهمية عن إنقاذ السفينة وهو التفاوض مع الشركة المالكة للسفينة للحفاظ على حقوق مصر من جراء الخسائر التى سببها جنوح السفينة ، وكانت بداية الجهود هو التحفظ على السفينة حتى انتهاء التحقيقات والتفاوض مع الشركة المالكة وشركة التأمين بهدف الوصول إلى اتفاق يلائم كل الأطراف، وحرصت الهيئة على إنجاح المفاوضات الجارية مع الشركة المالكة للسفينة وشركة التأمين وأبدت هيئة قناة السويس كل سبل التعاون الممكنة للوصول إلى حلول توافقية تلائم كل الأطراف.

اللجوء للقضاء
كما قامت بتخفيض قيمة التعويضات المطلوبة خلال التفاوض بنسبة ٤٠% لتنخفض قيمة التعويضات المطلوبة من ٩١٦ مليون دولار إلى ٥٥٠ مليون دولار.


كما أن تحقيقات حادث جنوح السفينة أثبتت حدوث خطأ فى توجيه السفينة وهو ما تقع مسئوليته بشكل كامل على ربان السفينة وليس مرشدى الهيئة حيث يعد رأيهم استرشادياً وغير ملزم، و يتحمل الملاك والمشغلون أية أضرار قد تلحق بالهيئة أو ممتلكاتها أو بالغير أو بالسفينة ذاتها وذلك وفقا لما نص عليه القانون البحرى المصرى رقم ٨ لسنة ١٩٩٠ فى مواده من المادة ٢٨٢ إلى المادة ٢٩٠.

وفى النهاية وبعد ماراثون طويل من التفاوض نجحت هيئة قناة السويس فى الوصول إلى تسوية مع الشركة المالكة للسفينة وأعادت حقوق مصر كاملة دون المساس بها، مثلما نجحت فى تحرير السفينة وتم توقيع عقد التسوية مع الشركة المالكة للسفينة فى احتفالية بحضور الفريق أسامة ربيع رئيس الهيئة، وممثل الشركة المالكة للسفينة وعدد من السفراء والشركاء الدوليين، وبعد التوقيع غادرت السفينة موقع الاحتفال.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة