سرعان ما سقطت عن وجهه كل الأقنعة، وانحسرت عن عوراته ورقة التوت في ظل محاولة إخوانه سرقة الثورة

إذا لم يكن سوء النية والترصد، فهي الغفلة الموغلة في الحمق لاشك والغباء العامد لاريب، فقد عودنا ذلك الكاتب علي عدم الحياد وعمد المغالطة والتعصب والتربص والتدليس وخلط الأوراق، ودائماً ماملأ قلمه من مداد يسيل سماً ضد الوطن دعماً لجماعته الفاشية وتنظيمها الدولي وجماعات الإرهاب عابرة الحدود في قطر وتركيا وإيران وغزة وسوريا والعراق والسودان واليمن وليبيا، ومافتئ يلمز في الإدارة الوطنية للدولة ويسخف مواقفها ويغمز في قنواتها وتوجهاتها، يتحول بما يملكه من أدوات مهنية يوظفها في شرور نفسه وشذوذ توجهه إلي ذئب عقور يؤلب الدنيا لا علي نظام 30 يونيو وحده وإنما يستهدف قلمه كل الكتاب الوطنيين ماداموا اختلفوا معه أو فندوا أكاذيبه وأباطيله وادعاءاته، فمثل بشخصه ومنحاه أبشع صورة لمراوغة الفكرة وطائفية التوجه وتهافت المعالجة وضعف النفوس وسقوط الرجال،ولأن آفة الرجال الهوي، فقد هوي به هواه إلي مدارج لم يصلها كاتب في مثل سنه أو كان في مثل حجمه الذي قزمته كتاباته وسوء انحيازه وأغراضه.لقد دأب في كل كتاباته علي توطئة رؤوس جسور تخدم مصالحه وفئته الضالة بالترويج لأفكار كذوبة مخاتلة تلعب بأفكار الناس وتضرب في صلب قناعاتهم الوطنية، ونادراً ماتجده إلا في صف أعداء الوطن والمتربصين به منتصراً لتوجهاتهم ومروجاً لفرياتهم.
عرفته من كتاباته في نهايات السبعينيات عندما كان مديراً لتحرير مجلة العربي الكويتية حين كتب «التدين المنقوص» معرضاً بجماعات الإسلام السياسي الناشئة «الجماعة الإسلامية» وفهمهم الخاطئ للدين، وسرعان ما اتضح لنا أن ذلك لم يكن لوجه الله والإسلام، وإنما جاء منتصراً لفكر «الإخوان المسلمين» ومنحاهم. ولم تخل علينا اللعبة فسرعان ما سقطت عن وجهه كل الأقنعة، وانحسرت عن عوراته ورقة التوت في ظل محاولة إخوانه سرقة الثورة وعدائه السافر للمؤسسة العسكرية بيت الوطنية المصرية، وما عاد يتخفي بعد أن سقط إخوانه عن عرش مصر وانكشف المستور. وكان الكاتب الصحفي المرحوم خالد السرجاني ممن تصدوا لكشفه وتعرية توجهاته في عدد من المقالات في المصري اليوم منها «سقطة مهنية لفهمي هويدي» و»عزيزي فهمي هويدي:ضميرك مستريح» وغيرها من مقالات أشارت لتلاعبه بالكلمات والمغالطات التي يضعها في سياق منطقي مفتعل ليثير فتنة طائفية بغيضة ويرمي كل من يعارضه بتهم العمالة لأجهزة الأمن ويقدم تبريرات مضحكة لإرهاب جماعته وفاشيتها حين حرقت كنائسنا الوطنية، وينتحل أفكار د. إدوارد سعيد عن «إلقاء اللوم علي الضحية لا الجلاد» ويوظفها في غير محلها دفاعاً عن الإخوان وإرهابهم باعتبارهم ضحية إنقلاب 30 يونيو وليس ثورة الشعب ضد ممارساتهم وتهديدهم لهوية الوطن بالمسخ والتشويه بفكرتهم الأممية المعادية للدولة الوطنية من الأساس. علي ان حظه العثر أوقعه في طريق كاتب من فحول الكتابة ليطرحه أرضاً صارخاً في وجهه «إنت جنسيتك إيه؟» ويوسعه نقداً وتفنيداً ويهتك ستره ويلجمه ويسكته، أقصد صاحب القلم الذهبي الحاد «حمدي رزق» في أكثر من مقال في المصري اليوم، منها «فضيحة هويدي» و»مرة واحد فهمي طلع هويدي».
إنه فهمي هويدي الذي وصل به الأمر أن يصف داعش بأنها الامتداد لمجموعة «التوحيد والجهاد» التي كانت النواة لمقاومة الاستعمار الأمريكي! تصور! ويصف مفتي الفتنة والناتو المحرض علي مصر، يوسف القرضاوي بأنه «أهم مرجع ديني من أهل السنة في زماننا»، تصور! وهو نفسه الذي قال عنه الناقد الكبير غالي شكري في مقاله «بين أقنعة الاعتدال ووجوه التطرف» بمجلة القاهرة أغسطس 1993: «لم يمسك فهمي هويدي ورقة واحدة من الأوراق السرية أو العلنية للجماعات المسماة متطرفة ليسلط الضوء عليها بالنقد والمراجعة، ولا الإدانة، وإنما هو يترصد كل ما يكتبه خصومهم للتشهير بهم وأحيانا لتكفيرهم». وهو نفسه الذي يقول عنه الباحث مجدي خليل في مقاله»فهمي هويدي العدو الأول للمثقفين والمبدعين» بـ «الميدل إيست» 2015: كانت عصابة استهداف المثقفين والمبدعين تبدأ بمقال فهمي هويدي بجريدة الأهرام ويتلقف ذلك الإخوان المسلمون ويصرخون بهستيرية الإسلام في خطر، ثم بعد ذلك يأتي تحرك عصابة قضايا الحسبة وكما حدث مع نصر حامد ابو زيد وسعيد العشماوي وسيد القمني وأحمد صبحي منصور وأحمد عبدالمعطي حجازي وفؤاد زكريا وخليل عبدالكريم ونوال السعداوي ولويس عوض وحيدر حيدر ويوسف شاهين.
وربما تحرك فريق القتل كما حدث مع فرج فودة.
في مقاله المسموم « زيارة مقلقة وتصريحات محيرة» بجريدة الشروق الإثنين أول أمس، عاد هويدي يطل بقناع مخاتل مشكك قبيح ليقول»أيحق للمرء أن يعبر عن عدم ارتياحه للزيارة التي قام بها وفد المنظمات اليهودية الأمريكية للقاهرة وأن ينسحب عدم الارتياح علي تصريحات المتحدث باسم الرئاسة عن مضمون لقاء الوفد مع الرئيس عبدالفتاح السيسي؟ فالزيارة لم تكن مستحبة من الأساس، والتصريحات التي صدرت عنها جاءت منقوصة ولا تعبر بدقة عن الموقف المنتظر من مصر. حتي التغطية الإعلامية للزيارة جاءت خجولة وملتبسة وفيها من المداراة بأكثر ما فيها من الإفصاح والإبانة. لذلك أزعم أن العملية كلها جاءت خصماً من رصيد مصر بل لم تكن حتي إسهاما في الحفاظ علي ذلك الرصيد دون زيادة أو نقصان». وياله من ذئب عقور يراوغ ويلوي عنق الحقيقة ليلمز ويغمز في وطنية الإدارة المصرية والرئيس، فيتجاوز تصريح الرئيس في اللقاء نفسه إذ شدد علي «أهمية الدفع قدماً بعملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مشيراً إلي ضرورة التوصل إلي سلام عادل وشامل بين الطرفين ينهي الصراع بشكل دائم، ويفسح المجال لدول المنطقة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلع إليها شعوبها، وأن تحقيق السلام العادل والشامل خطوة مهمة في مكافحة الإرهاب» هذا ماقاله الرئيس، وما يشكك في جدواه هويدي بالتواء شديد، ثم يلمح بأنه موقف مصري متخاذل لايقارن بما اتخذته دول مثل السويد والبرازيل والبرلمان الأوربي، وتمني إن لم يقابل الرئيس هذا الوفد الصهيوني الأمريكي، وكأنه مخول بوضع أجندة الدولة ورسم مهام ومسئوليات الرئيس، إذ راح يتباكي علي القضية الفلسطينية التي اسقطت نحوها مصر التزامها بمقتضيات الأمن القومي العربي، وياله من مراوغ مخاتل تكذبه الحقائق علي الأرض، ومواقف الرئيس من الانحياز للقضية الفلسطينية الثابتة في خطبه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومواقف مندوبنا الدائم الداعمة للحق الفلسطيني وحتي خطابه الأخير أمام مجلس النواب. ولئن تخاذل الرئيس ماكنا سامحناه ولكنا حاسبناه، لولا إيماننا الراسخ بوطنية الرجل وصدق توجهه. إن مسئوليات الرئيس تحتم عليه التفاوض حتي مع العدو، وهذا مافعله صلاح الدين الأيوبي مع الصليبيين، واستعاد به السادات سيناء، ومافعله فيلي برانت بشأن السياسات الشرقية لتحقيق الوحدة الألمانية وهو عينه صلب صلح الحديبية.
ولايزايدن عليّ هويدي أو غيره فمواقفي معلنة ضد التطبيع والاحتلال الإسرائيلي المجرم، وأنا لا أسوغ للرئيس التماهي مع السياسات الإسرائيلية، فالرئيس، أي رئيس يجيء ويذهب ويبقي الوطن، ولو فعل لخرجنا عليه وماتركناه لحظة، إن هي إلا مسئوليات رئيس وطني يسد بها الذرائع ويدفع عن بلادنا عبء فتح جبهة جديدة في وقت عطلنا فيه مخططا وأبطلنا مؤامرة، ونحتاج فسحة من الوقت للبناء العالي لا العداء المجاني، ولتعلم ياسيد هويدي أن أبناء المؤسسة العسكرية لايعرفون الخيانة وأن اللقاء لم يكن سرياً وأن مهام الرئيس ومسئولياته لايحددها الفاشيون.