صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


خبير آثار يكشف جهود الخلفاء المسلمين لتأمين 300 ألف حاج عبر سيناء لمكة المكرمة

بوابة أخبار اليوم

السبت، 17 يوليه 2021 - 12:20 م

أكد د.عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، حرص السلاطين والأمراء المسلمين، طوال العصور الإسلامية، على تأمين حجاج بيت الله الحرام عبر وسط سيناء إلى مكة المكرمة قديمًا والذي كان يتراوح عددهم ما بين 50 إلى 300 ألف حاج سنويا. 


وقال ريحان - في تصريح اليوم السبت- إن هؤلاء الحجاج كانوا يواجهون مشكلات في الطريق أهمها نقص المياه لأن الآبار الموجودة بالطريق محدودة جدا ويكاد ينعدم في المنطقة الصحراوية بين حافة التيه وخليج السويس وفي اتساع هضبة التيه، كما أن الآبار الموجودة في سيناء تقع حول نخل وبعض آبار متفرقة حول الثمد وهذا الماء لا يشربه المسافر إلا مضطرا لقلة عذوبته وكثرة أملاحه. 


وأوضح أن السلاطين والأمراء المسلمين حرصوا على معالجة هذه المشكلة طوال العصور الإسلامية ففي عام(79هـ / 698م) أرسل الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان أموالًا مع أمير الحج من أجل إنفاقها على كل من تضرر من حجاج الركب المصري بسبب هطول أمطار غزيرة في طريق الركب. 


وأضاف أنه في سنة (91هـ / 709م) أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك بتمهيد طريق ركب الحجاج المصري وحفر الآبار في محطات الطريق، وفي سنة (104هـ / 722م) أمر الخليفة يزيد بن عبد الملك بحفر الآبار في طريق ركب الحاج المصري.


وتابع قائلا "إنه في عام (135هـ/ 752م) أمر الخليفة أبو العباس عبد الله بن أحمد، بإصلاح طريق الركب المصري وحفر الآبار في منطقة الوجه ، فيما أمر الخليفة أبو جعفر عبد الله المنصور في عام (137هـ/ 754م)، عامله على مصر بأن يقوم بتوزيع أعطيات للأعراب القاطنين بطريق الحاج المصري، كما أنه أمر ببناء المساجد في هذا الطريق.


وأشار إلى أنه في عام (165هـ / 781م) أمر الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي صاحب البريد في مصر بإقامة محطات للبريد في طريق الحاج المصري ووزع فيها البغال والحمير الخاصة بهذا الغرض، وفي عام (175هـ / 791م) أمر أبو جعفر هارون الرشيد عامله في مصر بإصلاح طريق الحاج وتوزيع أموال على الأعراب القاطنين في الطريق، وفي سنة (260هـ / 873م) أصلح أحمد بن طولون طريق الحاج ووزع أعطيات على الأعراب. 


ولفت الدكتور ريحان إلى أنه في عام (325هـ / 936م) اهتم محمد بن الإخشيدي بطريق الحاج، وفي سنة (410هـ / 1019م) أعاد الحاكم بأمر الله إصلاح طريق الحاج، وفي سنة (555هـ / 1160م) حج أسد الدين شيركوه مع حجاج الركب المصري ووزع أعطيات كثيرة على الأعراب. 


وقال إن صلاح الدين الأيوبي في عام (572هـ/1176م) أرسل الأعطيات والصداقات لتوزيعها على سكان أهل القرى المجاورة لمكة ولسكان مكة وألغى المكوس التي كانت تؤخذ من الحجاج من قبل والي مكة والأعراب الموالين له، ولقد دفع لوالي مكة ألفي دينار وألفي أردب من القمح وغدت تدفع وتحمل إلى والي مكة كل عام. 


وأضاف أنه في عام (648هـ /1250م) أرادت شجر الدر، الحج وفضلت الذهاب عن طريق البر فأمرت بإصلاح الطريق وحفر الآبار وبناء البرك على طول طريق الحاج المصري ووزعت الأعطيات على الأعراب. 


وأوضح أنه جاء في وصف المحمل الذي احتفل به لأول مرة احتفالا رسميًا في عهد شجر الدر، أن أعظم ما اشتمل عليه هي كسوة الكعبة بما تشمل عليه من كسوة مقام الخليل إبراهيم عليه السلام وبيارق الكعبة والمنبر، لافتا إلى أن الكسوة كانت تعرض فترة عشرة أيام في الحرم الحسيني ثم تخرج في احتفال رسمي حتى تصل بركة الحاج. 


ونوه الدكتور ريحان بقمة ازدهار طريق الحج عبر سيناء زمن سلاطين المماليك ففي عام (667هـ / 1269م) أرسل السلطان بيبرس 200 ألف درهم إعانة من مصر إلى الحجاز، وفي عام 1319م خصص المنصور سيف الدين قلاوون (678-689هـ/1279-1290م) إيراد بعض القرى المصرية والسورية لصالح شريف مكة، ووقعت معاهدة تعهد فيها شريف مكة بأن يعلق على الكعبة الكسوة الشرعية الواردة من مصر فقط دون غيرها وألا يذكر فى الخطبة إلا اسم السلطان المصري.


وأكد الدكتور ريحان أن عدد الحجاج الذين كانوا يعبرون سيناء يتراوح ما بين 50 ألف و300 ألف حاج، مما يدل على مقدار النشاط الذي كان يجري في سيناء وعلى اهتمام السلاطين المماليك بشئونها. 


وأوضح أن العلم المصري كان يرفرف فوق المحمل في عهد المماليك وكان لونه أصفر، وقدرت قيمة الكسوة المرسلة سنويًا من مصر بثلاثمائة دينار. 


وأشار إلى أنه في أيام الناصر محمد بن قلاوون في الفترة الثانية (698-708هـ/1299-1309م) قام الأمير ملك الجوكندار بإقامة صهاريج وآبار بطول الطريق حيث أقام خانا للمسافرين وبئرا وساقية بعجرود وفجر ينبوعا في نخل، وفي عهد قنصوه الغوري (906- 922هـ/1501-1516م) أصلح منشآت الناصر محمد، وبنى أحواضا تسقى الحجاج ودوابهم، ومهد طريق الحج، كما ورد في النص الخاص به في منطقة دبة البغلة، وأنشأ قلعة نخل وقلعة العقبة لراحة الحجاج.


وكشف عن انتظام الحج في العهد العثماني حيث تكونت له إدارة سهلت على الحجاج قيامهم بفروضهم الدينية، وقام السلاطين بتنظيم المنح لأعيان مكة وأهاليها، وسافرت أول قافلة بعد الفتح العثماني لمصر (922هـ/1517م) ووضع المحمل العثماني والمحمل المصري على جانبي مدرسة قايتباي في مكة المكرمة ، وتقررت لحراسة المحمل قوة عسكرية من 60 إلى 100 جندي نظامي.


واستعرض الدكتور ريحان، موكب قافلة الحجيج حيث كانت القافلة تغادر مصر على نظام معين يبدأ بالرسميين ثم الأعيان ثم الحجاج ، أما صندوق المال والمؤن والنساء والبضائع الثمينة فقد كانت توضع في وسط القافلة ويتبعها ركب الحجاج العاديين من غير الرسميين والأعيان. 


وأضاف أنه تقرر مرتب خاص لرئيس المحمل قدره 18 ألف دينار و ألف أردب من القمح وأربعة آلاف أردب من الفول ويرافق أمير الحاج عدد من الموظفين والخدم والحاشية. 


وتابع أنه كان يرافق المحمل أمين السرة (صندوق المال) الموكلة إليه حمل الإعانة إلى الحجاز ويتسلم شريف مكة السرة ومعها فرمان السلطان أمام أمير الحاج وقاضي مكة والأعيان ثم يقرأ الفرمان بصوت عال والذي يوصي كل خير بالحجاج ويطلب حمايتهم ويعيد إلى الذاكرة روابط التبعية بين الشريف والباب العالي ثم يتم توزيع الأموال.


وأوضح أن مصاريف حج عام (940هـ/ 1534م) قد بلغت ألف دينار أشرفي يضاف إليها 550 كسوة لمشايخ البدو وذلك بخلاف مقطوعيات القمح والسكر التي كانت توزع على أهل الحجاز، كما كانت توزع الكساوى على الأعيان بمقدار 127 قطعة جوخ ، 105 معاطف و11 قطعة قماش. 


ولفت إلى أن سوق التجارة في مكة كان أعظم سوق في العالم في الأيام العشرة التي يقضيها الحجاج في المدينة المقدسة، وكان تبادل تجارة الهند ومنتجات الشرق يقدر بملايين من الدينارات وترسل تلك البضائع مع المحمل أو إلى جدة رأسًا لنقلها من هناك إلى السويس، أما جدة فهي الميناء التي تتجمع فيها غلال مصر وخضرواتها وتجارة الهند والقهوة اليمنية. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة