قوات «طالبان» تزحف للعاصمة
قوات «طالبان» تزحف للعاصمة


«طالبان» على أبواب كابول

آخر ساعة

الأحد، 18 يوليه 2021 - 01:17 م

خالد حمزة

فى قرار لم يكن مفاجئًا، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها من أفغانستان ومعها قوات ما يعرف بالتحالف الدولى، منذ قرابة عشرين عامًا ذهبت فيها أمريكا وحلفاؤها إلى هناك بدعوى إسقاط طالبان وعودة الحرية للبلاد، التى لم تشهد يومًا أمنًا منذ ذلك الوقت، بل هى فى انتظار حرب أهلية جديدة وعودة طالبان للمشهد الأفغانى بقوة، بعد سيطرتها على أكثر من ثلثى مساحة البلاد، وسط ترحيب لأطراف دولية معادية لأمريكا وترقب إيران المجاورة، وتوجس من معظم الأفغان الذين ذاقوا مرارة حكم طالبان، وفى مقدمتهم النساء.

ومنذ توقيع اتفاق السلام ورحيل القوات الأجنبية من أفغانستان، اختارت طالبان أن تنأى بقواتها ولو إلى حين، عن التورط فى أى مواجهات مع القوات الأمريكية أو قوات الحلفاء هناك، بل إنها نفت فى أكثر من مرة صلتها بسلسلة انفجارات جرت بالبلاد، وأكدت أن من قاموا بها أرادوا تقويض عملية السلام وعرقلة انسحاب القوات الأجنبية، بل واتهمت كلا من الدواعش وتنظيم القاعدة بالوقوف وراء تلك الهجمات.

ومع بدء الانسحاب الفعلى لتلك القوات من الأراضى الأفغانية، بدأت الحركة فى العمل على الأرض بقوة، وانتهاز الفرصة لبسط نفوذها على أكبر مساحة من أفغانستان، وخاصة مع العد التنازلى لرحيل آخر جندى أمريكى فى 11 سبتمبر القادم وهى ذكرى ضرب البرجين فى نيويورك.

وتستغل طالبان فى ذلك ضعف القوات النظامية الأفغانية، الذى أدى الى فرار الآلاف منهم من ساحة الحرب خاصة فى المناطق التى يشتد فيها القتال، وتسيطر طالبان عليها وبالذات فى الشمال والغرب من البلاد، وهو ما أدى لفرار ألف جندى من الجيش إلى طاجيكستان الدولة المتاخمة لأفغانستان، وهو الأمر الذى دفع المسئولين الأفغان إلى القول إنهم تعرضوا للخيانة من الحليف الأمريكى، وهو ما أدى لاستغلال طالبان لهذا الفراغ، وشن هجمات فى مناطق حدودية، بل والسيطرة على المنافذ التجارية والجمركية فيها، وتحصيل الرسوم كما كانوا يفعلون خلال حكمهم للبلاد.

وفى إجراء من الحكومة الأفغانية، سعت الحكومة للجوء إلى القبائل لمساعدتها أمام التوغل الكاسح لطالبان، وتسليم مناطق بأكملها لقوات الحركة دون قتال، مقابل الحصول على امتيازات لهم أو تركهم بحرية فى بعض المناطق، وهو الأمر الذى قد يعيد أفغانستان كما تقول (صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية) لزمن الميليشيات ووقوع البلاد فى أتون الحرب الأهلية. 

وقال قادة طالبان السياسيون وليس الميدانيين كمناورة منهم ولو إلى حين، إن خيار الاستيلاء على كابول ليس مطروحا الآن على الأقل، وإن كانوا قد أكدوا أنهم ضد وجود أى قوات أجنبية بالبلاد بعد موعد الانسحاب المقرر، وأنهم سيكونون هدفا شرعيا لطالبان بعد هذا التاريخ، والذى يبدو واضحا الآن، هو أن طالبان بدأت رحلة العودة للسلطة فى أفغانستان، وهو ما يعنى عودة كل الذكريات المؤلمة التى واكبت وجودها بالسلطة لدى معظم الأفغان الذين شهدوا أسوأ فترة فى تاريخ البلاد، فلم تترك لهم طالبان أى أمل فى الحياة يعيشون من أجل تحقيقه، وكانت ذكرى أليمة خاصة للنساء حيث تم إجبارهن على البقاء بمنازلهن وعدم الخروج للعمل، وارتداء البرقع الذى لايظهر حتى أعينهن، وقد كان معظمهن يرتدين الحجاب المحتشم المتعارف عليه وغير المبالغ فيه، قبل مجىء الحركة لحكم البلاد.

أما الحكومة الأفغانية، فقد أكدت فى بيان لها أن قواتها المسلحة وشرطتها قادرة، ومستعدة للدفاع عن أمن وسلامة أفغانستان وسيادة الدولة، ورغم الخوف من جانب أغلب الأطراف من وقوع أفغانستان فى مستنقع الحرب الأهلية من جديد، إلا أن الواقع الأفغانى يقول إن حركة طالبان، تمتلك أوراقا تمكنها من العودة لحكم البلاد، فبجانب قوتها العسكرية المتزايدة وخبراتها فى الحرب منذ الغزوين الروسى ثم الأمريكى، فى مقابل الضعف المتزايد فى تدريب وتسليح قوات الجيش الأفغانى، فإنها تمتلك ورقتين آخريين، الأولى كره معظم الأفغان للوجود الأمريكى والأجنبى فوق أراضيهم، فى بلد خبر الكثير من الغزوات والاحتلال الأجنبى عبر قرون، وخرج منتصرا فى أغلبها، والثانية هى أن الحركة تمتلك ليس فقط قدرة عسكرية بل حاضنة شعبية لها، فهى ليست حركة مسلحة قاومت الغزو الأمريكى أو حركة متطرفة دينيا لأقصى حد، بل إن لها وجودا على الأرض يتمثل فى انتسابها للبشتون، الذين يمثلون نحو نصف سكان أفغانستان البالغ عددهم ما يقارب ال 30 مليون شخص، والذين يتركزون فى الشرق والجنوب، وهو ما يعنى عودة الأمور إلى ما كانت عليه تحت حكم طالبان، ولكن المتوقع أن تكون حدة تطرف طالبان أقل، لأنها - وببساطة - استفادت من دروس الماضى كما يقول قادتها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة