الأحد، 18 يوليه 2021 - 05:58 م

هذه المشاهد الباهرة اللافتة التي فاجأنا بها معرض القاهرة الدولي للكتاب فى دورته الاستثنائية تبدو كإعلان انتصار حقيقي علي كل الظروف المعقدة الصعبة التي اكتنفت فترة انعقاد تلك النسخة، ودائما ما يواجه العرس الثقافى المشهود أزمات عديدة وعقبات معطلة، ولكنه عودنا علي اجتيازها، حتى داهمت الجائحة المستجدة «كورونا» عالمنا، فأرقت الملايين، وأصابت اقتصادات الدول بصورة بالغة، وبدت الدورة الاستثنائية لمعرض الكتاب التي اختتمت فعالياتها مؤخرا، وكأنها تصارع الأمواج العاتية، وتسير ضد التيار، حيث انعقدت فى ظروف بالغة الصعوبة، فالعديد من الدول المعتادة علي المشاركة، لم يستطع ناشروها الحضور، بسبب الحظر الذي فرضه الوباء الفتاك علي التنقل والسفر بين العديد من الدول، وعلي المستوى الداخلي صاحبت أيام المعرض موجة طقس حار بشكل حاد، إضافة إلى انشغال آلاف الأسر المصرية بالاستعداد لامتحانات الثانوية العامة، وراهن الكثيرون ومنهم الموتورون والمغرضون علي فشل هذه النسخة، وتوقعوا فراغ القاعات، وخلو الأجنحة من الزوار، ولكن عشاق المعرفة، والمولعون بالقراءة خيبوا ظنونهم وتوافدوا علي معرض الكتاب بأعداد غفيرة حقا، أظهرتها الصور التي لا تكذب.

وأكدتها المنصة الرقمية التي لا تدلس، وتعددت الصور المفاجئة: للمراحل السنية المختلفة، وهي تنحني علي الكتب، تتصفحها فى شغف، وتقلبها فى لهفة، وتقتنيها فى استمتاع، وبدا التنظيم الدقيق الرائع، والترتيب المذهل الملحوظ وكأنهما لوحة حضارية عملاقة لإدارة تتحدى الظروف العصيبة، وإرادة تتغلب علي العوائق الرهيبة، وجموع واعية أدركت أن المعرفة هي أقوى سلاح فى الوجود، به نستطيع أن نتصدى للتحديات الشرسة، والترتيبات الشريرة، لذا بدا نجاح هذه الدورة الاستثنائية للمعرض رغم أنف كل التوقعات بالفشل، انتصارا بارزا، وعيدا حقيقيا، تسجل من خلاله الإرادة المصرية تفوقها وتفردها، وقد حل عيد نجاح معرض الكتاب واختتم فعالياته قبل أيام من عيد الأضحى الكريم، تلك المناسبة التي يستعيد فيها ملايين المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها ذكرى الإيثار والتضحية والفداء، وتتوجه الحشود فى الظروف الطبيعية إلي البقعة المقدسة فى مكة المكرمة، لأداء فريضة الحج..

حيث يخرج الإنسان من حساباته الشخصية الضيقة، واهتماماته الخاصة الأنانية، ليقف أمام الإله العظيم الذي دعانا كثيرا عبر رسالاته النبيلة الشافية إلي إنكار الذوات، والتخلي عن الأثرة والأنانية، والتضحية من أجل الأوطان الحاضنة، والقيم الحامية، والمبادئ السامية التي تمنح لإنسانيتنا مصداقية وتحققا ومعنى.