.. ومصر - أيضا- لن تقبل بالافتراضات، وتريد- كما ايطاليا تماما- الكشف عن قتلة جوليو ريجيني ومعاقبتهم وفقا للقانون، لأن مصر أحرص من وزير خارجية ايطاليا علي أن يلقي أي مجرم جزاء يتوافق مع حجم جُرمه.

حتي الآن لم يصدر التقرير النهائي عن الطب الشرعي، وثمة مؤشرات علي أن الدافع للجريمة جنائي، وما يتم ترويجه عن تورط الأمن محض افتراء، ومع ذلك فإن ردود الفعل غاضبة وسريعة سواء أكانت توترا دبلوماسيا، أو إلغاء مباحثات استثمارية بين القاهرة وروما، وحديث عن ظلال علي العلاقات مع واشنطن، ومطالبة البعض بمشاركة لندن في تحقيق مستقل حول الحادث.

في ظل هذا الزخم نسي الجميع - وفي المقدمة الإيطاليون- إحدي ابشع الجرائم الإرهابية في القرن الـ ٢٠، وكان مسرحها إيطاليا، وضحيتها ألدو مورو رئيس وزراء إيطاليا السابق- حينئذ- والموصوف بأنه أبرز شخصيات زمانه الذي اختطف بعد قتل حراسه الخمسة، واحتجر ٥٥ يوما، مع عجز أمني فادح حتي عثروا علي جثته في صندوق سيارة.

للآن، وبعد نحو ٣٦ عاما، مازال اغتيال مورو مُلغزا، صحيح أن منظمة الألوية الحمراء اعلنت مسئوليتها عن الجريمة البشعة، لكن أصابع الاتهام لم تستثن حزبه واجهزة مخابرات وطنية واجنبية والعسكر والامريكان والروس، و... و... والقائمة تطول لتضم كل من كان يخشي من سياسة مورو التي كان عنوانها الابرز الحل الوسط التاريخي.

بعد كل هذه الاعوام التي يشار إليها بـ«سنوات الرصاص»، طوت ايطاليا التجربة البشعة، ولا يعني ذلك المطالبة بطي صفحة ريجيني، ولكن وضع الحادث في حجمه.