الأربعاء، 21 يوليه 2021 - 07:35 م

قبيل مغادرتى للولايات المتحدة الأمريكية قلبت الدنيا بحثا عن شنطة سفر كبيرة كى استخدمها فى رحلة العودة فلم أجد، فى البداية ظننت انه مجرد سوء حظ فى اختيار المحلات التى ابحث فيها وتصادف ان شنط السفر نفدت فيها عن آخرها ، لكن مع البحث فى محلات اخرى ومناطق مختلفة تكشفت الحقيقة التى لم أتخيلها يوما وهى ان امريكا تعانى من أزمة شديدة ونقص حاد فى شنط السفر.لم تستمر دهشتى طويلا حيث عرفت السبب فى هذه الأزمة الطارئة ألا وهو عودة اقبال الأمريكيين على السفر من جديد بعد انقطاع عن هذه الهواية المحببة لدى قطاع كبير من الناس لمدة عام ونصف العام  بسبب جائحة كورونا.جندت تقريبا كل أصدقائى المصريين فى مساعدتى للعثور على شنطة.ولم تنته الأزمة إلا عندما تطوع بعض الأصدقاء المقيمين فى واشنطن منهم وقاموا باعارتى حقائبهم لحل الأزمة بالنسبة لى طبعا وليس بالنسبة لكل هؤلاء الأمريكان الذين يرغبون فى السفر هذه الأيام ولا يجدون شنطة سفر.
عودة الأمريكان للسفر من جديد وإقبالهم الشديد لتعويض ما فاتهم لم يتسبب فى المتاعب فقط بالنسبة لأجنبى مثلى كان يبحث عن شنطة يعود بها ولكن كانت تلك العودة بمثابة اخبار حزينة للكلاب الأمريكية التى عاد أصحابها يترددون بشدة على شركات رعاية الحيوانات الأليفة خلال فترة غياب أصحابها بسبب السفر،طبعا مهما وجد الكلب من رعاية فلن تعوضه رعاية وحنان أصحابه ،ولكن مصائب تلك الكلاب فوائد لتلك الشركات التى خسرت خلال الجائحة ملايين الدولارات كانت تكسبها من هذا النشاط الذى توقف كل تلك المدة حيث لم يكن الأمريكى يغادر مدينته لذا لم يكن محتاجا بأن يودع كلبه فى دور الرعاية الكلابية.كما ان فى عودة نشاط السفر فوائد اقتصادية اخرى تتمثل فى عودة الروح لمهنة تمشية الكلاب،وهى وظيفة شهيرة فى امريكا يقوم من يعمل بها .
بتمشية الكلب عدد ساعات معينة فى اليوم مقابل 25 دولارا فى الساعة مع أن الحد الأقصى لدخل العامل فى أمريكا لا يزيد عن 15 دولارا فى الساعة لكن لأن الكلب مميز فمن الطبيعى أن يكون أجر من يقوم بتمشيته أيضا مميزاً، ليس ذلك فقط بل هناك ميزة أخرى لو كنت شخصا محظوظا وكان لديك كلب خاص بك يمكنك أن تصطحبه خلال عملك لتسلية الكلب الذى تقوم بتمشيته فأجرك فى الساعة الواحدة يرتفع من 25 دولارا إلى 40 دولارا ولأن الحد الأدنى لعدد ساعات الوظيفة 8 ساعات فيكون أجرك فى اليوم 240 دولارا لو كنت تمتلك كلبا للتسلية أى ما لا يقل عن 6 آلاف دولار فى الشهر أو قل حتى 5 آلاف دولار على اعتبار أن من حقك الحصول على إجازة يومين وفقا لقانون العمل الأمريكى وهو ما يعنى أنك ستحصل على ما لا يقل عن ٨٠ ألف جنيه شهريا.. لك أن تعرف طبعا أن تلك الوظيفة ليست عيبا فى الولايات المتحدة وكل من يقومون بها بالفعل يرتدون أشيك الملابس وحسبما جاء على لسان نجيب الريحانى فى فيلم غزل البنات - والتى ذكرتنى بها الصديقة والكاتبة الكبيرة نورا عواجة تعليقا على مقال البحث عن الكلب مايلز - لو الحكاية بالعقل مكانش يبقى ده الباشا وده يبقى بتاع الكلب» والتى رد بها على مدير قصر الباشا الذى عاتبه على عدم تمييزه بين الباشا وبين الموظف المسئول عن تمشية الكلب.
طبعا الوظيفة مغرية جدا،سهلة نسبيا ومربحة جدا كما ترون،ولكن منعنى فقط أننى غير مدرب على المشى وسنى لا تسمح من الناحية البدنية فلا يوجد لدينا فى مصر شوارع ولا أماكن تسمح لنا بممارسة رياضة المشى أو الجرى الذى أتذكر أننى قد مارسته مرة وحيدة اعتزلت بعدها تماماً حيث وجدت مرة شارعا خاليا إلى حد ما وفى اللحظة التى بدأت فيها فى الجرى انشقت الأرض عن كل المصريين تقريبا يجرون ورائى وهم يصيحون: إمسك حرامى !