إبراهيم عبدالمجيد
إبراهيم عبدالمجيد


مصر الجديدة

الشللية فى الحياة الثقافية

إبراهيم عبدالمجيد

الخميس، 22 يوليه 2021 - 05:44 م

 

فى كل المهن تجد موضوع الشللية. هو أمر طبيعى جدا قد يكون سببه تلقائيا لجماعة تسمح لها الظروف أكثر بالاتصال والمودة ولا تشغل نفسها بالآخرين، ليس من باب الكراهية، لكن من باب أن العالم لا يتسع لكثير من العلاقات. هذه غير مضرة ولا يجب وصفها بالشللية. خاصة حين تكون بين المبدعين لأنهم منشغلون بما يبدعون أكثر. لكن الشللية تصبح آفة حين يترجمها البعض إلى عداوة وقطع أرزاق الآخرين، خاصة حين يكون من يفعل ذلك فى موضع يتيح له هذا الفعل. هذا إجرام لا حل له فهو لا يرتبط بالإبداع، لكن بالأصل، وينطبق عليه المثل الشعبى «ع الأصل دور» . يوما ما أصابنى أنا هذا العمل الشائن، وقام أربعة - رحم الله من مات منهم، وأعطى الحى الصحة والعمر- بمهمة لم تخطر على بالى أبدا، وهى الاتصال بالمجلات والصحف التى أنشر فيها قصصى ومقالاتى لتتوقف عن النشر لى. كنت أنا السبب فى الحقيقة، لأنى قلت يوما رأيا فى كتابات اثنين منهم، وهما  لم يعتبرانه رأيا يمكن أن يتغير أو حتى حماقة،  وانضم إليهما اثنان آخران لم أعاتب أحدهم أبدا ولم أذكر اسماءهم قط ولن أذكر. بل حين كتبت كتابى عن «الأيام الحلوة فقط «  ذكرت اسماءهم وأنا أتحدث عن الجانب الحلو كأنه لم يكن فيهم غير ذلك . أخفيت اسماءهم وأنا اتحدث عما هو سيئ، كما اخفيت عليهم معرفتى بما يفعلون من شر ولم أعاتبهم أبدا. هذه الشللية كانت معروفة لأن الكتّاب لم يكونوا كثيرين. ستة أو سبعة يسمونهم كتاب الستينيات، وستة أو سبعة يسمونهم كتاب السبعينيات، والحروب لن تصل إلى نتيجة أبدا غير راحة المحارب ورضاه عن عمله المشين، فلا أحد مهما كان له من نفوذ يستطيع أن يغلق الدنيا كلها. الآن اتسعت مساحة الكتّاب وتأتينى كثيرا جدا رسائل على الخاص فى الفيسبوك تشكو من الشللية. طبعا لا ألوم أصحابها لكن اندهش، لأن كثيرين منهم حين أدخل صفحاتهم أجد لهم كتابا واحدا. رواية أو مجموعة قصص او ديوان شعر. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أجد أكثرهم بعيدا عن القاهرة. بمناسبة الكتاب الواحد أو حتى الكتابين أتذكر أنى كتبت زمان ثلاث روايات لم تحظ بالتقدير الكافى  رغم أنها نُشرت فى أهم دور النشر المصرية ولم أتوقف. جاءت الرواية الرابعة فأعطيتها لمحمود درويش لينشرها فى مجلة الكرمل فنشرها كاملة، وأعنى بها رواية «الصياد واليمام» عام 1984 وانفتحت الدنيا. كما أنى لم اتوقف عند نقاد ارتبطوا بالستينيات وهذا حقهم، فحولى نقاد من أجيال أخرى مثل على الراعى وشكرى عياد وأحمد عباس صالح وصلاح فضل وفى الخارج كثيرون بعيدون عن هذه التوجهات، كما أن هناك شبابا من النقاد فى مصر بعيدين عن هذه الحروب. اعتبرت الكتابة هى متعتى ولم أقف عند الحروب فى أكل العيش، فيمكن أن تتعشى «فول وفلافل» كل يوم ولن تموت. بل ربما تموت إذا أكلت لحما كل يوم. لم يكن فى زمننا ميديا للنشر كما هو الآن، ومن ثم فالفرصة للأجيال الجديدة أكبر فى النشر، ومن ثم أيضا لا أجد لمعنى الشللية الآن نفس المعنى القديم.. لا ترح نفسك باتهام الآخرين بالشللية. أرح نفسك بالكتابة واستمتع بما تكتب وفضّى رأسك من الحياة الثقافية. المهم للكاتب هو القارئ البعيد الذى لا يعرفه. ولا تفكر فى أى شىء يأتيك، فسيأتيك كل جميل بما تكتب فقط. فقط لا غير.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة