جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

لا مجال للمزيد من المراوغة الإثيوبية ولا بديل عن الاتفاق الملزم

جلال عارف

الجمعة، 23 يوليه 2021 - 06:13 م

مرحلة جديدة بلا شك فى معركة السد الإثيوبى بدأت مع عرض القضية للمرة الثانية على مجلس الأمن.. ورغم أن التجاذبات الدولية مازالت تعطل الإرادة الدولية وتضع العراقيل أمام الإدانة الصريحة للعدوان الإثيوبى الذى يهدد أمن مصر والسودان وأمن المنطقة كلها.. رغم كل ذلك فإن وضع القضية على أجندة المجتمع الدولى باعتبارها قضية تهديد للأمن والسلم العالميين كان تطوراً مهما فى أداء مجلس الأمن الذى يحاول على الدوام التهرب من النزعات الدولية الخاصة بمياه الأنهار.
ورغم كل تحفظاتنا على مواقف بعض الدول، فقد كان هناك إجماع على أننا إزاء صراع يتعلق بنهر دولى وأن حلا توافقياً يرعى الحقوق والمصالح هو الحل الوحيد، وأن جهداً دولياً لابد منه لدعم جهود الاتحاد الإفريقى التى عرقلتها أثيوبيا طويلاً، والتى مازالت تصرفات أثيوبيا غير القانونية «وآخرها المضى فى الملء الثاني» تقول بكل وضوح أنها لا تريد من الاتحاد الافريقى إلا أن يكون ستاراً لتفاوض بلا نتيجة كما كان حتى الآن!!
وإذا صمت الأبناء عن أن الملء الثانى لم يتجاوز أربعة مليارات متر مكعب أى حوالى ثلث ما كان مستهدفا من جانب إثيوبيا.. فإن ذلك قد يكون مؤشرا إلى ضغوط دولية تحاول تفادى الرد الطبيعى من مصر والسودان على استمرار العدوان الإثيوبى وهى محاولة تنطلق بالتأكيد من إدراك القوى الكبرى لخطورة الازمة ولعواقب استمرار العدوان الإثيوبي.
لكن ذلك لا يمكن أن يكون دليلاً على ما تريد إثيوبيا تصديره لتحسين صورتها أمام العالم، أو لتبرير انتهاكها للقوانين وعدوانها على الحقوق المشروعة لمصر والسودان. العكس هو الصحيح حتى لو أرسل «أبى أحمد» رسائله الجديدة باللغة العربية أو استغل الأمر للترويج لأكذوبة أن ما حدث فى الملء الثانى يعنى أن السد الإثيوبى لا يسبب أضراراً لمصر والسودان!!
الضرر واقع حتى لو تم ملء السد الإثيوبى فى مائة عام، مادام ذلك يتم اتفاق قانونى ملزم مع مصر والسودان على كل ما يتعلق بملء السد وبقواعد تشغيله. كل ما تفعله أثيوبيا هو خارج القانون وضد الاتفاقيات الدولية، وهو ضار بحياة الملايين فى مصر والسودان التى لا يمكن أن تكون رهينة عند إثيوبيا.. بل هو ضار أيضا بالمصالح الحقيقية لشعوب إثيوبيا التى لا يمكن أن تتحقق بتهديد الشركاء فى النيل بل بالتعاون المشترك من أجل حياة آمنة ومستقرة وتنمية حقيقية تجعل من أثيوبيا ومصر والسودان شركاء فى النهضة والتقدم وتجعل من النيل واحة للسلام وليس ميدانا للصراع الذى تطلقه أثيوبيا ومن يخططون لها أو يدعمون عدوانها!!
موقف مصر والسودان واضح وثابت. لا مشروعية للملء الأول أو الثانى دون اتفاق بين الدول الثلاث. لم يعد هناك وقت ولا مجال للتسويف أو المراوغة. أى مساس بقطرة ماء من حق مصر فى النيل هى قضية أمن قومي، بل هى صراع حياة لن تسمح مصر لأحد أن يهددها.. شاء من شاء وأبى من أبى.
بالعربية وبالأمهرية وبكل لغات العالم، على حكام أثيوبيا أن يعودوا من أوهامهم إلى الحقيقة التى لا مجال للتلاعب فى مواجهتها: النيل نهر دولى ولن يكون أبدا بحيرة أثيوبية. والاتفاق القانونى الملزم وحده هو الذى يضمن حق إثيوبيا فى التنمية وحق مصر والسودان فى الحياة وفى نصيبهما من مياه النيل الذى لا يمكن المساس به.
ربما يكون حكام إثيوبيا قد رضخوا للضغوط الدولية فى الملء الثانى لتفادى العواقب الحتمية لعدوانهم. لكن الأهم أن يرضخوا للمصالح الحقيقية لشعوب أثيوبيا التى لا يمكن أن تتحقق بالعدوان وانتهاك القوانين، بل بالتعاون مع الشركاء فى مصر والسودان، وباتفاق يضمن حقوق الشركاء على النيل الأزرق، ويعرف يقينا أن مصر لن تسكت على أى مساس بحقوقها الثابتة فى قطرة من مياه النيل، ويدرك أن هناك خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها شاء من شاء، وأبى من أبى.. حتى ولو كان «أبى أحمد» أو من يقفون وراءه!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة