لا أدري لماذا أشعر أن الرئيس في واد وأجهزة الدولة وخاصة الأمنية والقضائية في واد آخر! الرئيس- مثلا- يدعو في أكثر من خطبة ولقاء جماهيري إلي تجديد الخطاب الديني، وفي الوقت نفسه نجد قضيتين متداولتين الآن أمام المحاكم بتهمة واحدة هي «إزدراء الأديان». إسلام البحيري الذي يقضي فترة عقوبة مدتها سنة خلف القضبان وفاطمة ناعوت التي صدر الحكم عليها بثلاث سنوات حبس، وما زالت تنتظر باقي مراحل التقاضي من نقض وإستئناف.
الكاتبان يواجهان عقوبة السجن بمقتضي مادة في القانون من الواجب حذفها لأنها ببساطة تتناقض مع نصوص الدستور الذي صوتنا عليه بالموافقة واعتمده الشعب، والتي تنص علي احترام حرية العقيدة والفكرو حماية حرية التعبير.
هذا ما أعلنته بشجاعة الدكتورة آمنه نصير النائبة البرلمانية وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، حيث أعلنت رأيها الذي يطالب بتعديل قانون إزدراء الأديان، لأن القانون ينطوي علي قدر هائل من المغالاة يهدد حرية الرأي ويتوسع كثيرا وعلي نحو فضفاض في توصيف تهمة الازدراء وتطبيقها علي حالات لا تخرج عن حدود النقد المباح. واعتذرت الدكتورة آمنه لفاطمة ناعوت علي هذا الحكم، وكأنها تري أن ما يحدث هو مسئولية المجتمع كله وخاصة البرلمان الذي يمثل الشعب. وتؤمن بأهمية إيقاف هذا العبث الذي يستغله هواة الشهرة من المحامين لإقامة دعاوي الحسبة ضد كل من يخافهم في الرأي أو يجتهد لتفسير النص القرآني بصورة أكثر عصرية مثلما فعل إسلام البحيري.
الرئيس السيسي لا يعجبه ما يحدث. كان ذلك واضحا في مداخلته في برنامج «القاهرة اليوم» الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب ورانيا بدوي. قال أنه لا يضيق بالنقد اللاذع الذي يوجه ضده شخصيا وكان ذلك ردا علي القبض علي اسلام جاويش رسام الكاريكاتير الشاب، الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في مصر وخارجها. وكلفنا كما قال عمرو أديب كثيرا، لأنه يعطي لمن يريد تشويه سمعة مصر هدية سخية ومادة معتبرة للنيل من النظام ومهاجمته.
والسؤال هنا : هل تعمل الأجهزة المعنية ضد توجه الرئيس؟ وهل يحدث ذلك عن قصد أم عن غباء؟ إذا كانت الأولي فهي مصيبة ومعناها أن الإخوان لايزالون يخترقون أجهزتنا وينخرون في عمود النظام الفقري. أما إذا كانت الثانية فهي مصيبة أكبرلأن الرئيس السيسي وجهوده المخلصة من أجل إنقاذ مصر بعد خمس سنوات من الإنهيار يستحق مسئولين أفضل وأذكي يستطيعون إلتقاط بوصلته الطموحة المتطلعة للنهوض بمصر، وحمايتها من المتربصين بأمنها وهويتها.
ورسالتي إلي الرئيس السيسي : أرجوك سيادة الرئيس نَقِّ تلك الأجهزة من المتأخونين والأغبياء فكلاهما خطر علي مصر، لأنه ببساطة يهدم ما تتفاني أنت في بنائه بمنتهي البساطة والبلاهة !