قبل الموعد بشهر تقريبا شهدنا وقرأنا ورأينا الاستعدادات المزمعة من قبل الدولة لمواجهة من يجرؤ علي النزول إلي الشوارع والميادين في الذكري الخامسة لثورة 25 يناير. علي الجانب الآخر كانت الأحاديث بين الشباب الذين ساهموا في تلك الثورة المجيدة ولايزالون خارج السجون ، تدور كلها حول أن يمر اليوم بسلام. كانت فقط دعوات النزول من جماعة الإخوان وبالتحديد ممن هم خارج البلاد. كنت أثق تماما أن شباب الثورة لن ينزل وكان شعارهم صادقا. «لن نعطي فرصة للنظام أن يقول أننا نعطل مسيرته ، أتركوه يتحمل أخطاءه». لقد بدا مما يقال عن الاستعدادات أنها استعدادات ليوم القيامة بصرف النظر عما جري في بنية الثورة من جروح وفي كثير من شبابها من إصابات في الروح أو الجسد بالسجون أو الاعتقال. وكنت أعرف أنه كالعادة لن يكون للإخوان أي نزول أو ظهور إلا حالات لا تذكر قد تكون - هكذا كنت أقول لنفسي - في أماكن معروفة مثل ناهيا والمطرية والعمرانية. لكن حتي هذه لم تحدث. الإخوان في الأصل لا علاقة لهم بـ 25 يناير. نزلوها متأخرين بعد ضمان وصول الشباب إلي الميادين وبعد ان استشهد المئات من الشباب يوم الجمعة 28 يناير 2011. قيل الكثير عن سبب نزولهم وكيف كان باتفاق مع المجلس العسكري ذلك الوقت أو غير ذلك من كلام كثير لكن الثابت بالعين قبل الفكر أنهم نزلوا بعد أن اطمأنوا إلي فوز الشباب من غير الإخوان. التفاصيل كثيرة عن المؤامرة التي حيكت علي الثورة ولن أعيد فيها الحديث. سأعود إلي يوم 25 يناير أول أمس التي كانت الاستعدادات له كأنه 28 يناير ، ولم تصدق الدولة أبدا أن الشباب لن ينزل. مر اليوم عاديا ، موجود فقط علي صفحات التواصل الإجتماعي يدعو للضحك أحيانا من التعليقات وللأسي أحيانا حين اتهم المؤيدون للدولة شباب يناير بالجبن وهم الذين أعلنوا قبلها بشهر أنهم لن يحتفلوا. لن أعيد الأحاديث الضاحكة عن الجهد الضائع والخسارة المالية الكبيرة في الاستعدادات للا شيء. فقط أبدي ملحوظة علي أمر مضحك للغاية رأيناه جميعا وهم أولئك الذين أسموهم دائما بالمواطنين الشرفاء الذين نزلوا إلي ميدان التحرير وتوجهوا إلي الاذاعة يشتمون ثوار يناير وغير ذلك. لن أقول كيف سمح لهؤلاء بكسر قانون التظاهر لأن هؤلاء يسمح لهم دائما. الذي أثارني هو التغير في نوعية هؤلاء فمع احترامي لآدميتهم ومصريتهم غلب عليهم جميعا تقريبا الغلب والبؤس والجهل الشديد بأي شيء بل بيوم 25 يناير نفسه. كان واضحا كما قال بعضهم ضاحكا أنهم لايعرفون شيئا عن شيء مما يشي أنهم مستأجرون لكن لم يكونوا علي مستوي الأجرة اذا حدثت أو الجمع إذا حدث بالمجان.. نزلوا يحتفلون بعيد الشرطة فاساءوا للشرطة بقدر إساءتهم لثورة يناير دون أن يدروا. أحدهم عرفت من أحد المتابعين لي أنه يعاني من تخلف عقلي وأنه مسكين وليس عيبا أن يكون كذلك ولعل الله يشفيه ولقد حزنت من أجله ، لكن أن يكون هو حامل صورة الرئيس ويبدو « قرفانا» دون أن يقصد طبعا فحركات وجهه ليست ملكا له طبعا ، وأن يتم تصويره ولا أحد يقوم بالتصوير إلا من يحمونهم أو الذين أتوا بهم فهذا أمر مضحك ومثير لمن لايعرف الولد المسكين. يعني باختصار لم يعد الجمع يتم بعناية. وربما لم يعد يوافق أحد بسهولة. كان يمكن أن تظل الميادين خالية فذلك أفضل من جمع عشوائي لاثبات أن ثورة يناير مؤامرة. كل هذه البرامج التي تبنت وتتبني ذلك ألم تكن كافية. لكنهم في النهاية هؤلاء المساكين الطيبون أضحكونا ولهم الشكر.