سمير الجمل
سمير الجمل


يوميات الأخبار

لمن.. المُلك اليوم؟!

الأخبار

السبت، 24 يوليه 2021 - 07:42 م

 

سمير الجمل

نرى فى الحياة الغالب والمغلوب ولم نجد انتقاما
وعلى ذلك لابد من عالم آخر يتم فيه العدل

هو سؤال المنتهى.. فى يوم القارعة.
هو سؤال الساعة وكل ساعة قبل أن تأتى الساعة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.. لكنه أيضا يجب أن يكون سؤال البداية قبل النهاية.
لمن المُلك اليوم؟!
أين ذهبت حضارات الفراعنة والصين والإغريق؟ وأين هى إمبراطوريات المغول والتتار والعثمانية.. والأموية والعباسية والإنجليزية والإسبانية والروسية والرومانية والفارسية.
فهل سمعت عن «سرجون» أول إمبراطور فى التاريخ لحضارة ما بين نهرى دجلة والفرات وكانت تضم الأناضول ولبنان وكانت تسمى «ميزوبوتافيا». لقد فعل ما فعل ثم ذهب ولم يعد التاريخ يذكره إلا قليلا.
فإذا وصلنا إلى الفراعنة وكان من بينهم أحد عشر فرعونا يحمل اسم رمسيس.. لكن الثانى هو الذى جلس أكبر فترة على العرش ويقال إنه انجب نحو 100 ابن.. ثم ذهب ملكه وذهب هو وكان بعضهم يسأل.
− لمن المُلك اليوم؟!
وفى روما التى تأسست ٧٥٣ قبل الميلاد تقاتل التوأم رومولس وريموس بعد أن تركتهما أمهما فى البرية.. ورضعا من لبن الذئبة ولما كبرا تقاتلا على عرش المدينة الجديدة وعندما نجح رومولس فى قتل أخيه.. تسمت المدينة باسمه.. لكنه رحل.. وانهارت المدينة ثم قامت ثم انهارت.. كما توهجت أثينا ثم انطفأ نورها حتى انها فى السنوات الأخيرة بلغت حد الإفلاس.. ويحق لك أن تسأل وأنت تستعرض هذه الأحداث.
− لمن المُلك اليوم؟!
ويأتى الإسكندر الأكبر لكى يغير خريطة العالم ويهزم ملك الفرس دارا الثالث وقالوا إن الأرض قد دانت له حتى اجمعوا على انه القائد الأعظم فى التاريخ الحربى وبعد كل هذا المجد والانتصارات والفتوحات اصابه المرض وداهمته الحمى ومات وهو ابن الثانية والثلاثين من عمره.
وكانت زوجته «روكانسا» تشهد لحظة احتضاره.. ولما سألوه: لمن تعطى تاج المُلك − بعدك.
قال فى كلماته الأخيرة:
− للأقوى
وتحول البطل المغوار إلى ذكرى تصرخ فى وجه الجميع.
− لمن المُلك اليوم؟!
وعندما خاض الملك الصينى «كين» معاركه العديدة لتكوين إمبراطوريته أو الحلم الواسع أغار على مملكة «هان».. وبعد عامين وقعت معركة «جوبنج» وفيها دفنوا أكثر من ٤٠٠ ألف جندى من المهزومين احياء تحت التراب.
وجاء بعده الإمبراطور «شى هونجدى» زعيم أول إمبراطورية وقد قهر كل الأعداء وانفرد بكل السلطات لكنه كان يخشى الموت وبنى لنفسه مقبرة هائلة الحجم شارك فى بنائها نحو ٧٠٠ ألف جندى.
هكذا تطوى الصفحات وتتبدل الأحوال ولا أحد مهما امتلك من القوة والمال والسلاح والجبروت أن يغير من الموت مثل الفاشل مثل «هانيبال» الذى حاول أن يغزو روما.. وكانت نهايته بيده حيث انتحر وها هو سبارتاكوس محرر العبيد وقد قهره كراسوس.. وقتله وفشل رجاله فى العثور على جثته.
لا الفائز يستمر ولا المهزوم.. وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.. فهل سألت نفسك وسألت غيرك؟
− لمن المُلك اليوم؟!
السيف العربى
● وعبر طارق بن زياد البحر بجنده.. وقابله ملك القوطيين «رودريك» بجيشه.. وانتصر طارق وخلال عامين كان قد فرض سيطرته على شبه جزيرة إيبريا (اسبانيا) وكما قامت الدولة الإسلامية.. ارتفعت ثم هبطت ثم توارت وذهبت الخلافة الأموية.. ثم ظهرت «العباسية» فى بغداد حتى أصبحت عاصمة عالمية بكل المقاييس فيها القوة والمال والفن والأدب.. فمن كان يظن أن بغداد الشامخة التى فتحت أبوابها ونوافذها بلا رقيب واحتضنت الملايين.. هى التى تحولت بعد ذلك إلى لعبة فى يد الأمريكان امتصوا خيراتها واذلوا كبرياءها.. ومن يقرأ كيف غابت الشمس عن الإمبراطورية الإنجليزية.. والفرنسية.. يعرف جيدا أن حركة التاريخ منذ بدء الخليقة إلى قيام الساعة.. تقوم على قاعدة:
ما طار طير وارتفع.. إلا كما طار وقع.. وتلك الأيام نداولها بين الناس.. وقد كشفت جائحة كورونا عورات أمريكا العظمى وأهل الاقتصاد يعرفون جيدا أن الصين لو سحبت أرصدتها من بلاد تمثال الحرية سوف تنهار وتتلاشى وهى دولة قامت على شغل العصابات وانها أشبه.. بأطفال الأنابيب.. واسألوا فى ذلك أبرز رجال الفاتينج (شمال أوروبا) أو البحارة الإسكندنافيين الذين وصلوا قبل كريستوفر كولومبس.. وقد غزاها «ليف ايريكسون» ابن «ايريك الأحمر» وبعد ألف سنة من ميلاد المسيح عليه السلام وكلنا يعرف ماذا جرى للهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين على يد العصابات التى جاءت من هنا وهناك وأغلبهم من الإنجليز.
وقد قال الفيلسوف الألمانى «كانت»:
− أن مسرحية الحياة الدنيا لم تكتمل بعد ولابد من مشهد ثان لاننا نرى هنا ظالما ومظلوما ولم نجد الانصاف ونرى فى الحياة الغالب والمغلوب ولم نجد انتقاما وعلى ذلك لابد من عالم آخر يتم فيه العدل.
قالها الفيلسوف وهو لا يعرف أن القرآن الكريم قد جاء بهذا المعنى أكثر من مرة وكيف أن دعوة المظلوم تفتح لها أبواب السماء يوم تشهد الألسن والأيدى والاقدام والعيون على أهلها وأصحابها وفى ذلك قال الشاعر العربى:
إذا جاء الوزير وكاتباه
وقاضى الأرض أجحف فى القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل
لقاضى الأرض من قاضى السماء
ويقول القرآن الكريم فى سورة «هود» (102−103).
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (103).
وسيكون السؤال الأهم وقتها:
− لمن المُلك اليوم؟!
أين صلاح الدين؟ وأين القدس؟ وأين چنكيز خان وهولاكو وغيرهم.. وقد تطورت البشرية من حياة الغابات إلى المدن.. والتحضر.. ومع النار والبخار والكهرباء والغاز وتقدمت الطباعة والصناعة والتكنولوجيا.. وانفتاح الدنيا على بعضها.. وأصبحت من تجلس فى بيتها بأمريكا تستطيع أن تحادث ابن بولاق الدكرور بالصوت والصورة فى التو واللحظة.. فهل تطورت الاخلاق مع هذا التطور المادى الرهيب؟ لا أظن لذلك قال الحكماء:
− طوبى للغرباء.
الذين عاشوا فى الدنيا دون أن يعيشوا لها..
ذلك هو امتحان أهل الصبر والتقوى واصحاب العزم.. وقد احتار الفلاسفة فى شأن الحياة واختلفت نظراتهم اليها− اعتبرها ديستوفسكى «الجحيم» وسماها سقراط «الابتلاء» واعتبرها نيتشة «القوة» ووصفها فرويد «بالموت».. وماركس بانها «الفكرة».. وبيكاسو قال انها «الفن».. وعلى النقيض رأى غاندى أنها «الحب».. وشوبنهار «المعاناة» وبيراتدند راسل المنافسة.. ونظر اليها ستيف جونز على انها «الايمان» واينشتاين «المعرفة» وهوبكنز «الامل».. ورأى كافكا أنها البدايات وأنا أقول انها النهايات لأن العبرة دائما بالخواتيم حيث يكون السؤال:
− لمن المُلك اليوم؟!
ويكشف لنا الدكتور  مصطفى محمود فى كتابه البديع «حوار مع صديقى الملحد» قدرات المولى سبحانه وتعالى فى الأرض والسماء والليل والنهار والمعجزات التى جاءت فى القرآن الكريم.. ويقف أمام الفرق بين بيت العنكبوت الذى هو أوهن البيوت واضعفها.. ولم يقل خيط العنكبوت الذى ثبت علميا أنه أقوى من الصلب ولان البيت مصيدة.. والانثى تأكل زوجها وأولادها الذين يأكلون بعضهم بعضا وبذلك يكون بيت العنكبوت ابلغ الأمثلة على سوء الملجأ.. ويقف أمام أصحاب الكهف الذين لبثوا فى كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا وقد ثبت أن ثلاثمائة سنة بالتقويم الشمسى تعادل ثلاثمائة وتسعا بالقمرى باليوم والدقيقة ثم لماذا أمر مريم فى مخاضها بالرطب لأنه علميا كما اكتشفوا بعد ذلك بمئات السنين يساعد على منع النزيف بعد الولادة وفيه مادة ملينة تسهل عملية الولادة.
وعن انفجار الشمس ونهاية الحياة على الأرض وقيام القيامة يقول المولى سبحانه وتعالى فى سورة الرحمن:
(فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِى وَالْأَقْدَامِ(41) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان (42) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (43))
ويثبت علم الفلك بعد الف واربعمائة سنة أن نجوم المجموعة الشمسية سوف تنفجر فى نهاية عمرها على شكل وردة تملأ السماء بألوانها المبهرة التى يطلق أهل الفلك بعضها اسم «روز» أو وردة.. والمعلومة موجودة فى موقع «ناسا» لعلوم الفضاء.
لذلك لم يكن غريبا أن يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما سألوه عن القرآن الكريم فقال: فيه نبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم وهو الفصل ليس بالهزل وهو الذكر الحكيم وهو حبل الله المتين وهو الصراط المستقيم من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله هو الذى لا تلتبس به الألسن ولاتزيع به العقول ولايخلق على كثرة الرد ولايشبع منه العلماء ولا تنقضى عجائبه.
فهل هناك من يسأل أمس واليوم وغدا الى ما شاء الله:
− لمن المُلك اليوم؟!

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة