ميجان وهارى
ميجان وهارى


تدعى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان

بريطانيا.. مجرد بيت من زجاج

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 25 يوليه 2021 - 12:02 م

كتب: خالد حمزة

لا تصدق من يقول لك إن بريطانيا بلد الديمقراطية وواحة حقوق الإنسان، والدليل هو الحوادث المتكررة لانتهاكات حقوق الإنسان والديمقراطية ضد السكان الأصليين والعرقيات، خاصة المسلمين والسود وآخرها حادثة العنصرية ضد 3 من لاعبى المنتخب الإنجليزى لكرة القدم، واتهامهم بالخيانة لأنهم أضاعوا بطولة أوروبا بإهدارهم 3 ضربات جزاء ترجيحية فى مباراتهم النهائية أمام إيطاليا، التى غمرت أبطالها بالاحتفالات وأغرقت بريطانيا أبطالها بالدموع، لتعيد الذاكرة لأحداث شبه يومية عن معاناة الأقليات فى بلد الديمقراطية والعنصرية التى تجذرت فيها.

 

هل تكون الحادثة الأخيرة القشة التى تقصم ظهر البعير أم ستعود بريطانيا لعادتها القديمة؟.. السؤال تردد فى كل وسائل الإعلام البريطانية والدولية، ولكن القصة تم التمهيد لها قبل أيام من المباراة ذاتها، فقد انتقد كل من جونسون ووزيرة داخليته بريتى باتيل بادرة الجثو على ركبة واحدة، وهى إشارة عرفها العالم كله لنبذ العنصرية بعد مقتل الشاب الأمريكى الأسود جورج فلويد العام الماضى على يد شرطى أمريكى أبيض. 
أصر الاثنان على رفض انتقاد مشجعى كرة القدم الذين رفعوا أصواتهم بالاعتراض عندما كان أعضاء الفرق يجثون على ركبة واحدة، ولم يكتف الاثنان بذلك بل أكدا أكثر من مرة أن بريطانيا قد قطعت شوطاً طويلاً على طريق نبذ العنصرية، وهو ما يتعارض فى مواقف وزيرة الداخلية المنحدرة من أب أبيض وأم ملونة جاءت من أوغندا، ورغم ذلك تقف بمواقفها صفا بصف مع تصريحات جونسون العنصرية المبكرة، فجونسون، هو النسخة البريطانية من الرئيس الأمريكى السابق ترامب، ليس فقط أن كليهما بشعر أشقر، وأن مكان ميلادهما نيويورك، كلاهما متهور يصرح ثم يعتذر.
وفى أحد التصريحات وصف جونسون المسلمات المنتقبات بصناديق البريد ولصوص البنوك، قبل أن يعتذر ويفجر مفاجأة بعد أن كشف أن والد جده كان مسلماً، وعلى الطريقة ذاتها كان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب  وصف النساء بألفاظ مشينة، قبل أن يعتذر، وكلامهما يتميز بمواقف عنصرية تجاه المسلمين والمهاجرين من ذوى الأصول الأفريقية، فجونسون هاجم الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما بسبب أصوله الأفريقية، وترامب عندما هاجم 4 برلمانيات بالكونجرس من ذوى الأصول العرقية بينهم مسلمتان، ومنذ 14 عاما كتب جونسون فى ملحق تمت إضافته إلى إصدار لاحق من كتابه «حلم روما» أن الإسلام تسبب فى تخلف العالم الإسلامى لقرون.
والوضع لا يختلف كثيرا بين متابعى كرة القدم البريطانية حيث تنتشر الخطابات العنصرية فى ملاعب كرة القدم على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع لاعب مانشيستر يونايتد والمنتخب الإنجليزى راشفورد المنحدر من أصل أفريقى، للقول بأن الإنسانية تجسد أسوأ ما فيها على تلك المواقع، وراشفورد ليس اللاعب الوحيد الذى يواجه خطاب كراهية عنصرياً، ولكن سبقه لاعبون مثل : آكسل توانزيبى وأنتونى مارتيال.


حتى الأسرة المالكة لم تسلم من تلك الاتهامات، فعندما اتهمت ميجان ماركل زوجة الأمير هارى البريطاني، فى مقابلة تلفزيونيّة مع أوبرا وينفرى فى مارس الماضى، الأسرة بالعنصرية، ميجان قالت إنها كانت ساذجة قبل زواجها منذ 3 سنوات، وأنها كانت تفكر فى الانتحار. وقال هارى إن عائلته لم تساند زوجته، وميجان هى ابنة لوالد أبيض وأم داكنة اللون، مما أثار قلق أفراد فى الأسرة المالكة، من أن يكون حفيدهم أسود اللون، فبدأت هذه الأحاديث تتسلل فى أروقة القصر الملكي، وقد حرمت الأسرة أرشى الابن البالغ من العمر نحو العام من لقب الأمير، بسبب مخاوف بسبب لون بشرته، والقصة.. سلطت الأضواء على العنصرية المتجذرة  فى بريطانيا.
وفى العام الماضى، كانت حادثة مقتل الأمريكى الأسود جورج فلويد، وفى سط لندن قام محتجون بتشويه تمثال   لتشرشل رئيس الوزراء التاريخى والأديب الحائز على جائزة نوبل، والذى خلص بريطانيا والعالم من هتلر وأنهى الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء، ووصفوه بأنه عنصرى، لأنه كانت له آراء عنصرية ضد السود فى المستعمرات الأفريقية وضد الهنود، كما أطاح المحتجون ببريستول الساحلية بجنوب غرب إنجلترا بتمثال تاجر رقيق بارزهو كولستون وألقوا به فى الميناء.
وقتها قال المحتجون إن العنصرية التى قتلت جورج فلويد قد ولدت فى بريطانيا، التى كانت رائدة فى اختراع العنصرية المعادية للسود داخل مستعمراتها فيما وراء البحار وأمريكا، وكيف أوجدت بريطانيا استرقاق السود فى العالم، والمؤسف الآن كما تقول صحيفة التليجراف البريطانية؛، هو الصعود المتزايد للمتطرفين وجماعاتهم مثل جماعة العمل الوطنية المحظورة، وحركات الدفاع عن الهوية وانتشار نظرية المؤامرة التى تدعى أنه يتم استبدال المهاجرين بالبيض، إضافة لمجموعات شبابية متطرفة تؤمن بأفكار وفاشية قومية بيضاء ومعادية للمهاجرين، وتدعى تلك الحركات أن البريطانيين الأصليين يتم استئصالهم، وتقترح تدابير متطرفة لحماية الشعوب الأصلية فى بريطانيا.
وبعد تأييد 52% من البريطانيين خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، بدأت الدعوات تقوى فى المطالبات بطرد المهاجرين والمسلمين وطالبى اللجوء من البلاد، وتنوعت بين الحديث المباشر ولصق اللافتات التى لم تخل من الشتائم، مع خروج مظاهرات معادية للأجانب والمسلمين، وكان البولنديون والمسلمون أبرز من وقعوا ضحايا لتلك الممارسات العنصرية، وانتشرت الملصقات بشوارع لندن وسياراتها من عينة: «عودوا إلى بلادكم يا حثالة البولنديين»، «غادروا الاتحاد الأوروبي»، «لا للحشرات البولندية»، وتعرض مركز اجتماعى للبولنديين فى مدينة برمنجهام لكتابات عنصرية على جدرانه، وشهدت المدينة مظاهرات أمام أحد المساجد.
وقد صدر تقرير فنى من العاصمة لندن فى مارس الماضى لمراجعة ما سُمى بفضيحة جيل ويندراش، الذين استقروا فى المملكة المتحدة كمواطنين بريطانيين، أتوا من جزر بحر الكاريبى وغيرها من دول الكومنولث البريطانى قبل عام 1973، لكنهم لم يحصلوا على إذن للإقامة فى البلاد. 
 ويتعرض هؤلاء مع باقى الأقليات للتمييز المجحف فى ممارسة الشرطة لصلاحياتها، وقد كشفت البيانات المتعلقة بالغرامات الصادرة بشأن عدم التقيد بالإغلاق الشامل المرتبط بفيروس كورونا، أن السود والآسيويين قد غُرموا على نحو غير متناسب فى مقابل نظرائهم البيض، كما تم استخدام القوة ومسدسات الصعق بالكهرباء ضدهم، كما استمر احتجاز الأشخاص فى مراكز الاحتجاز التابعة لدائرة الهجرة.
وفى نوفمبر الماضى، أصدر البرلمان قانوناً جديداً للهجرة منح سلطات تشريعية واسعة بشكل استثنائى لوزير الداخلية، وأنهى حقوق حرية التنقل بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، وظل الأطفال الذين يستحقون الحصول على الجنسية البريطانية، يمنعون بموجب سياسة وممارسة الحكومة من تسجيل أحقيتهم فى ذلك.
ولم تسلم الجاليات المسلمة فى بريطانيا والتى تمثل أكبر تجمع للمسلمين فى القارة العجوز، من العشرات من حوادث العنصرية ومنها.. التعرض للضرب والطعن بالأسلحة البيضاء على يد عصابات من الشباب معادين للإسلام، أو مهاجمة المساجد أو أئمتها أو إحراق بعضها وإتلاف السيارات خارجها، أو التعرض للنساء المسلمات بالركل أوالتهديد بالقتل أو التنمر، كما تعرضت امرأة مسلمة للسحل على الرصيف من حجابها على يد اثنين من الرجال، وذكرت السلطات وقتها أنها جريمة كراهية.
ورغم كل ذلك والاتهامات التى تطول الحكومة والشرطة البريطانية وجماعات وأحزاب اليمين المتطرف بمحاربة كل ماهو عرقى أو مسلم، طالب النائب البريطانى أندرو روزينديل الحكومة، برصد وتقديم تقارير حول المخاوف بشأن تصاعد أنشطة تنظيم الإخوان واستغلاله جائحة كورونا، وسأل روزينديل وزيرة الداخلية، عن التقييم الذى أجراه حول زيادة نشاط الإخوان فى البلاد، وتزايد المخاوف من تنامى نفوذ الإخوان فى بريطانيا فى وعلاقاتها الوثيقة بالجماعات الإرهابية، التى تستخدم البلاد كقاعدة لجمع الأموال، ودفع المسلمين إلى التشدد من خلال منظمات ومؤسسات مجتمعية، وكان هناك قلق من تأثير جماعة الإخوان، الإرهابية على المجلس الإسلامى البريطانى، ويضم أكثر من 500 منظمة إسلامية.

المصدر: مجلة آخر ساعه

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة