أنا حزين أن أكتب عن الإعلاميين باعتبارهم طرفًا. والدولة المصرية الراهنة باعتبارها طرفًا آخر. لأننا يجب أن نتكاتف وأن نتعاون في مواجهة خصوم الوطن وأعدائه

بدأ الأمر بحديث أدلي به المستشار أحمد الزند وزير العدل للأهرام. ثم حوار تليفزيوني. فهمت منهما أن هناك مشروع قانون للإعلام المصري تم الإعداد له. موجود في وزارة العدل. وسيقدم لمجلس الوزراء. وبعد أن ينتهي منه سيعرض علي البرلمان.
ولأنني أعرف أن نقابة الصحفيين بالاشتراك مع نقابة الإعلاميين تحت التأسيس وغرفة صناعة الإعلام شاركت في أعمال استمرت عاما. من أجل إعداد تشريعات ثلاثة تنظم الإعلام المصري بفروعه الثلاث: مقروءًا ومرئيًَا ومسموعًا. وأن مشروعات القوانين أرسلت إلي المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء وقتها. والتقي أكثر من مرة بيحيي قلاش، نقيب الصحفيين، وجلال عارف، رئيس المجلس الأعلي للصحافة، وضياء رشوان.
ثم فوجئنا بتشكيل لجنة بقرار من رئيس الوزراء تعمل منفردة من أجل إعداد التشريعات المطلوبة. بل إن النية كانت معقودة علي أن تشكل المجالس الثلاثة. وبعد تشكيلها - كما أكد صلاح عيسي في كلمته - هي التي تضع تشريعات الإعلام المطلوبة.
ذهبت لنقابة الصحفيين مدعوًا من النقيب يحيي قلاش وكارم محمود، مسئول التشريعات في مجلس النقابة. وقد بدأت نظرية المؤامرة تسيطر عليَّ. وتأخذني بعيدًا عن محاولات بناء مصرنا الجديدة والالتفاف حول هذا الهدف النبيل في مواجهة أعداء الوطن وما أكثرهم في الداخل والخارج.
استمعت إلي ما قالته مني الشاذلي. وكانت الإعلامية الوحيدة - أخجل أن أقول المرأة الوحيدة - الموجودة وسط بحر من الرجال. مما يؤكد أن مجتمعنا يصر علي أن يكون مجتمع الرجال ولا يعطي المرأة - إن أعطاها - فرصة إلا باعتبارها مساعدة لما يمكن أن يقوم به الرجل.
واستمعت أيضاً لما قاله محمد الأمين، مؤسس ورئيس غرفة وصناعة الإعلام، وجلال عارف. ومن قبلهما يحيي قلاش، ومحمد أبو العينين، وعدد من شباب الإعلاميين الذين يميزهم حماسهم منقطع النظير. وخرجت من اللقاء بعد أربع ساعات طويلة يوم الخميس الماضي. وقد تأكد لديَّ سوء النوايا. أو محاولة دفع الأمور لاختلاق مشكلة من لا مشكلة.
قبل ندوة النقابة بأيام حضرت لقاء بين الدكتور علي عبد العال، رئيس البرلمان. ومجلس نقابة الصحفيين. وكان الكلام واضحًا ومحددًا. استمع رئيس البرلمان لما قاله مجلس النقابة وكان وعده لهم بأنه لم تصدر أية تشريعات عن المهنة دون أن نستمع لآراء أهل المهنة. سواء كانوا من الصحفيين أو الإعلاميين أو صُناع الإعلام. فذلك حقهم الذي لا يمكن مناقشته.
وأنا متأكد لولا حرص الدكتور علي عبد العال علي حياده التام باعتباره رئيسًا لبرلمان مصر. لكان قد لبي الدعوة التي وجهت له لحضور لقاء النقابة. وكان هناك إلحاح عليه ليحضر. لكن الرجل يعرف حدود دوره ولا يريد أن ينحاز لطرف من الأطراف. لأن هذا لا يؤثر عليه شخصيًا ولكن علي حياد البرلمان.
أنا حزين أن أكتب عن الإعلاميين باعتبارهم طرفًا. والدولة المصرية الراهنة باعتبارها طرفًا آخر. لأننا يجب أن نتكاتف وأن نتعاون في مواجهة خصوم الوطن وأعدائه. لكني ذُهلت عندما تحدث المستشار هيثم البقلي، الذي أرسله المستشار أحمد الزند نائبًا عنه لحضور اجتماع النقابة. وقوله بالتحديد أنهم يعملون في وزارة العدل منذ ستة أشهر ضمن لجنة شكلها رئيس الوزراء إبراهيم محلب لوضع تشريع جديد للإعلام والصحافة. يتم تشكيل المجالس الثلاثة بعده.
عندما كنا في الجلسة علمنا أن الحكومة وفي تطور مفاجئ خاطبت عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والقائم بعمل وزير الإعلام، الذي غيبناه تحت وهم أن الدستور ينص علي إلغاء وزارة الإعلام. مع أن هذا الكلام غير صحيح لأن كل ما فعله الدستور أنه نص علي قيام مجلس الإعلام الموحد، ولم يقل بإلغاء الوزارة. لكنها الدعوات التي تقلد الغرب في كل ما يقوم به، التي طالبت بإلغاء الوزارة.
مجلس الوزراء طلب من عصام الأمير إعادة تشكيل اتحاد الإذاعة والتليفزيون خلال أسبوع، وهو طلب غريب عندما يدخل علي الخط مع قانون الزند ومع بعض أبناء المهنة الذين يتسابقون وراء ما تفعله الحكومة لتصورهم أن ما سينتج عن تحركات الآن سيكون وضعًا جديًا يتعاملون معه كما لو كان «تورتة» يأخذ كل واحد نصيبه منها في ظل الأوضاع الجديدة.
في الأفق غبار لا مبرر له. يثور في وقت يتصور البعض فيه أن مشكلة مصر هي الإعلام. وهذا كلام غير صحيح وعلينا أن نحاول العثور علي نقطة وسط قبل الوصول إلي أزمة أو مشكلة. علينا أن نُجنِّب مصر أن تجد نفسها أمامها فجأة بين الإعلام وبين الحكومة.
ثم إن الرئيس السيسي طلب من النقابة إعداد تشريع. فما هي الحكاية بالضبط؟.