إذا كنا فعلا جادين في الإصلاح الوظيفي وتحسين أداء موظف الحكومة بالإرتقاء بوظيفته وتحسين مستوي ادائه واستثمار طاقته الإنتاجية في العمل.. لابد أن تكون لنا وقفة جريئة.. ونسأل أنفسنا كم عدد ساعات العمل لأي موظف في الدولة.. المفروض حسب قانون العمل أن يؤدي ٨ ساعات عمل في اليوم لكن هذا لم يحدث لأن مجمل ساعات العمل الحقيقية قد تصل إلي النصف بسبب عادات اكتسبها الموظف العام فهو محب للتسكع بين الطرقات والمكاتب والرغي مع بقية الموظفين، وعادة ما يذهب الموظفون للمصلي قبل أذان الظهر بساعة بغرض الوضوء وأداء ركعات السنة استعدادا للصلاة.. هذا هو حال موظفي الحكومة في المصالح الحكومية الذين يتكدسون حول المكاتب بلا عمل.. وفي بعض الوظائف قد يطلب رئيس العمل انصراف بعض العاملين عنده بسبب عدم توافر مكاتب لاستيعابهم وقد تحدث عملية صرفهم بالتناوب بمعني أن المجموعة التي يصرفها اليوم يصرف مجموعة أخري في اليوم التالي.. وتكون المحصلة أن بعض الموظفين يعملون ثلاثة أيام في الأسبوع بنصف طاقتهم ومع ذلك تجد معظم مكاتب الحكومة تعج بالموظفين الذين أصبحوا عبئا علي وظائفهم.. ومعوقين للأداء وإنجاز مصالح الجماهير..
- هذا الكلام ليس المقصود منه المطالبة باستبعاد الموظفين الزيادة عن حاجة العمل.. لأن المشكلة لم تعد في هؤلاء الموظفين لكنها في الحكومة التي لم تحسن تشغيلهم، فالرئيس السيسي كان علي حق وهو يؤكد أن الجهاز الإداري للدولة لا يحتاج أكثر من مليون موظف وعدد الموظفين وصل إلي ٧ ملايين، وأكد الرئيس أن الدولة مسئولة مسؤولية كاملة عن هؤلاء، ولا يمكن لها أن تفرط في موظف واحد حتي ولو كان عبئا علي الوظيفة، فالوظيفة رتبت له حقوقا شرعية وبالتالي رتب نفسه هو الآخر علي مرتب هذه الوظيفة ولا يمكن لأي قانون جديد للإصلاح الوظيفي أن يصدر بغرض الاضرار بالموظفين الزائدين علي وظائفهم لأن أي قانون جديد مهمته أن يفرز الكفاءات من بين الموظفين حتي لا تتوه هذه الكفاءات في الزحمة وتضيع وسط هذا التكدس، ومؤكد أن الشاطر هو الذي يغنم هذه الفرصة ثم إن الفرص متاحة أمام الجميع ولن تكون مقصورة علي فئة دون أخري..
- وكون أن تبكي الحكومة علي قانون للإصلاح الوظيفي رفض نواب الشعب التصديق عليه، كان عليها أن تدرس الأسباب فليس هناك صوت يعترض علي الإصلاح الوظيفي والارتقاء بعمل الموظف، إن مصر كلها تعرف أن سبب فشلنا إداريا هو هيكل التنظيم الإداري في الدولة بحشود من الموظفين أنصاف أميين، الدولة أهملت تدريبهم ولم تنصف الكفاءات فيهم، ولا اعرف لماذا لم نتعلم من التجربة السنغافورية فقد نجح « لي كوان يو « مؤسس سينغافورا أن يرقي بالجهاز الاداري فقد كان يشترط للتعيين فيه أصحاب المؤهلات والأكثر ذكاء وكان يمنحهم اعلي من أجور القطاع الخاص حتي يصبح الجهاز الحكومي مرغوبا عند الشعب ويكون هناك اقبال علي العمل فيه عكس الحال عندنا فموظف الحكومة هو أغلب موظف في الدولة، وبالتالي لا يجد حظه أو فرصته.. ومهما قدمت الحكومة من اقتراحات للإصلاح الوظيفي فلن تنجح أن لم تقم بتحسين اوضاع الموظفين ماليا، فهل يعقل أن يحصل الموظف علي أربعة آلاف جنيه بعد عطاء السنين وعند بلوغه سن المعاش يجد أن معاشه لايزيد عن ٨٠٠ جنيه.. هل هذا عدل.. فقد أخذت الدولة هذا الموظف بكامل صحته وبعد أن استنفد كل شئ خرج من الحكومة وهو مصاب بمجموعة أمراض بسبب كرسي الوظيفة.. منها ضغط الدم وتيبس في الركب والتهاب في العمود الفقري ومطلوب منه أدوية قد تصل قيمتها مايزيد علي الألف جنيه اي اكثر من قيمة المعاش الشهري.. هل هذه العدالة الاجتماعية..
- إذن إدرسوا أوضاع الموظفين ماليا وصحيا قبل أن تضعوا قانونا للإصلاح الوظيفي.. أعطوا الموظف حقه ثم ضعوا اللوائح التي تحاسبه حتي ولو « قطمتم « رقبته.. المهم أن يعيش مستورا ويضمن حياة كريمة بعد المعاش.. ثم فيها إيه لو درسنا أن نتعامل مع موظفي الحكومة في ربط مرتباتهم بنظام الساعة اي للموظف أن يعمل في الأسبوع ٤٨ ساعة ويحق له أن يعمل بنظام الساعة حتي ولو اختصرها إلي 4 ساعات في اليوم.. وان كان نظام العمل بالساعة يخضع لمعايير منها التنسيق مع الإدارات حتي لا تتعطل مصالح الجماهير.. المهم أن تستفيد الوظيفة من الموظف ويستفيد الموظف من نظام الساعات بالعمل بعد الوظيفة وبالتالي يستطيع تنظيم ساعات العمل له داخل الوظيفة أو في القطاع الخاص، فهناك موظفون يعملون ١٦ ساعة في اليوم لتحسين اوضاعهم المعيشية وهذه ليست آدمية لانه يفتقد التجمع العائلي وغالبا ما يفقد أسرته بسبب البعد الاجتماعي عنهم..
- وهنا أقول للحكومة لا تتعجلوا في قانون جديد للخدمة المدنية أو إجراء تعديل في القانون المرفوض.. كونوا قريبين من الموظفين أسألوهم عن مقترحاتهم ليس بالضرورة أن يأتي قانون متفصل حسب مطالب الموظفين لابد أن يراعي فيه الصالح العام، لا يمنع من ربط الحافز بالانتاج، ولا يمنع من حساب الموظف عن إنتاجه، نريد قانونا لا يخدم تنابلة السلطان، القانون المفروض ان يتسم بالحزم والمرونة يضم الحقوق ويبرز الواجبات حتي نضمن قانونا عادلا..