ذهبت كل الاعتراضات والتحفظات التي طالت قانون الخدمة المدنية مع الريح، ولم يكن يومئذ إلا مشروعا يقبل الاضافة والحذف، ولم يتم الالتفات إلي ما أثمرت عنه النقاشات، وخرج كما أرادت له الحكومة، فكان منطقيا أن يسقطه البرلمان.
ما حدث ليس نهاية العالم كما يُصور الامر بعض المسئولين، الذي ذهب أحدهم بعيدا إلي حد التحذير المبكر من الرفض لأنه - علي حد تعبيره - «يضع مصر في موقف خطير»!
لو أن هناك حسا سياسيا ، وحسن تقدير، وقدرة علي التوقع، ما كان رفض القانون بأغلبية كبيرة ليحدث، غير أن التهويل الحكومي كرد فعل علي موقف البرلمان يثير القلق بشأن نظرة الوزارة لدور النواب، وحدود العلاقة بين السلطتين، فالمسألة تتجاوز مجرد تمرير أو اسقاط قانون، وكان الأفضل الإعداد سريعا لرؤي تتجاوب مع ملاحظات النواب، وتشكل ملامح التعديل المرتقب للقانون في ثوبه النهائي ليحظي بالموافقة .
الحديث المبالغ فيه عن ارباك الجهاز الاداري ، أظنه «كارت إرهاب» لا يجب رفعه في وجه برلمان استخدم حقه الدستوري، والاولي ان تكون الحكومة جاهزة بالبدائل، لتعديل القانون وارساله للبرلمان خلال ١٥ يوما لتتم مناقشته، والتصويت عليه، بدلا من الدموع والعويل علي العواقب الخطيرة للرفض.
قانون يطال حياة ومصير ومستقبل عشرات الملايين لابد أن يتم انضاجه وفكرة العدالة بين المواطنين في تحمل الاعباء والتوازن بين الحقوق والواجبات الأكثر حضورا في أذهان من يصيغون ومن يناقشون ومن يصوتون.
الموقف لا يحتمل إقامة الجنائز!