صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


حكم استخدام الصور التعبيرية على «الفيسبوك».. الإفتاء تجيب

كرم من الله السيد

الأربعاء، 28 يوليه 2021 - 09:16 ص

ورد سؤال الي دار الإفتاء يقول فيه صاحبه ما حكم استخدام الوجوه "الصور" التعبيرية المنتشرة في المحادثات الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية؟.

وأجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن الوجوه التعبيرية": عبارة عن رموز وصور مرسومة يتم استخدامها في المحادثات بين الناس على مواقع التواصُل الاجتماعي، وبرامج المحادثة الإلكترونية، ولها أشكالٌ متعدِّدة ومتجددة، منها: الوجوه الضاحكة، أو العابثة، أو المُعبِّرة عن الحزن، أو الغضب، أو الترحيب، أو الحب، أو الإعجاب بشيء، أو رفضه، وما شابه ذلك من التعبيرات الإنسانية.
وتقوم تلك الوجوه التعبيرية مقامَ الألفاظ والجُمل عند استعمالها في التخاطب، وقد تُستعمل لتجسيد الأمور المعنوية بأمور حسية لتأكيد المعاني، أو زيادة توضيحها.


واوضح علام أن هذه  الوجوه التعبيرية لا تدخل في أحاديث النهي عن التصوير؛ كحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا» متفق عليه، وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ» متفق عليه.


ولفت مفتي الجمهورية أن المنهي عنه في الأحاديث هو تكوين صورة ذات جسد، أو ذات ظل، يعني التي لها حجم: طول وعرض وعمق، وتكون أجزاؤها نافرة يمكن تمييزها باللمس، فضلًا عن تمييزها بالنظر. وذلك غير متحقق في الرموز والرسوم التعبيرية؛ فإنها صور غير مجسمة ليس لها ظل، بل هي مسطحة يمكن تمييز أجزائها بالنظر فقط دون اللمس، شأنها شأن الصور المرسومة على الورق، أو القماش، أو السطوح الملساء، أو الشاشات الإلكترونية، فهذا النوع من الصور لا يدخل في النهي والوعيد المذكور في الأحاديث الواردة.


ولا حرج فيها ما دامت الصور لا تشتمل على ما لا يجوز عرضه أو رسمه؛ كعُرْيٍ، أو فعل غير لائق، أو تحريض على مخالفة أوامر الشرع، أو الخروج عن طاعة أولي الأمر (القانون أو الحاكم أو الدولة)، فإن اشتملت على ذلك حَرُمَتْ هذه الصور لا لمجرد كونها صورة، ولكن لأمر خارج عن حقيقتها؛ وهو ما تضمنه موضوعها من المحظورات.


ومما يؤيد إباحة الصورة المرسومة على الأسطح الملساء وما شابهها ما ورد عن أَبي طَلْحَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ»، قَالَ بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللهِ الخَوْلَانِيِّ: أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ قَالَ: "إِلَّا رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ"، أَلَا سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: بَلَى، قَدْ ذَكَرَهُ. متفق عليه.
واشار المفتي أن بهذا استدل بعض العلماء على أن الصورة على الثوب أو ما شابهه من الأسطح الملساء ليست هي المرادة، وحملوا النهي على الصورة المجسدة.

قال الإمام مسلم بعد روايته للحديث: حَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ... عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: "كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فِي بَيْتِهِ، وَهُنَّ اللُّعَبُ".


ويقول شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10/ 527): [وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ صُوَرِ الْبَنَاتِ وَاللَّعِبِ مِنْ أَجْلِ لَعِبِ الْبَنَاتِ بِهِنَّ، وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ، وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ وَنَقَلَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ، وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْعَ اللَّعِبِ لِلْبَنَاتِ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرِهِنَّ عَلَى أَمْرِ بُيُوتِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ] اهــ.

ويتبين مما نقلناه عن العلماء أن علل التحريم المذكورة مستبعدة ومستحيلة عادة في مثل ما يستعمله الناس في محادثاتهم على المواقع والبرامج، فلا تدخل صور الوجوه التعبيرية في الصور الوارد النهي عنها في الأحاديث الشريفة.
وختتم المفتي فتواه  بإن ما يقوم به رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج المحادثات الإلكترونية من استخدام صور الوجوه والرسومات التعبيرية في المحادثات لا مانع منه شرعًا، بشرط ألا يُخِلَّ بآداب الحوار، أو احترام المخاطب، أو الضوابط الشرعية العامة للكلام المشروع، التي تقتضي خلو الكلام من آفات اللسان؛ كالكذب، والغيبة، والنميمة، والسب، والسخرية، والفحش، والرفث، والبذاءة، وإفشاء السر، والوعد الكاذب، والخوض في الباطل، والمراء في الدين، والجدل الذي يوغر الصدور ويجلب العداوات، وإضاعة الوقت في فضول الكلام وما لا يعني المتخاطبين، ونحو ذلك مما استفاض العلماء في شرحه في باب آفات اللسان.
 

ما حكم محادثات الجنسين على الإنترنت؟.. «الإفتاء» تُجيب

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة