الحبيب بورقيبة وعقيلته فى استقبال أم كلثوم بحفاوة -كوكب الشرق تصلى فى جامع الزيتونة العامر
الحبيب بورقيبة وعقيلته فى استقبال أم كلثوم بحفاوة -كوكب الشرق تصلى فى جامع الزيتونة العامر


عندما تكتب تونس فجر تحررها الجديد بالخلاص من الفساد الإخوانى

كنوز | «نالت وسامها من الدرجة الأولى».. تفاصيل زيارة أم كلثوم إلى تونس

عاطف النمر

الأربعاء، 28 يوليه 2021 - 08:23 م

يخيل لي أن روح سيدة الغناء العربى ام كلثوم تحلق فى سماء تونس تضامنا مع الشعب الذى احبها وأحبته ، والبلد الذى استقبلها  رئيسه الراحل الحبيب بورقيبة فى المطار وكأنها فى مكانة الملوك والرؤساء ، الرئيس التونسى الذى قال عنها : « عرفتها وأكبرت فيها مع المقدرة الفنية سعة الشخصية ، وقوة الخاطر، وجملة من الخصال جعلت منها سيدة بارزة فى مقدمة سيدات العالم المرموقات» .


صحيح ان أم كلثوم تحقق لها المجد فى كل عاصمة عربية غنت فيها ، إلا انها وجدت فى تونس ما لم تجده فى اى دولة عربية أخرى ، ومن يزور العاصمة التونسية ، لا بد أن يقف عند شارع أم كلثوم الموازى لشارع الحبيب بورقيبة والمتقاطع مع شارع قرطاج ، والذى لا تفصله إلاّ مسافة قصيرة عن شارع جمال عبد الناصر، أم كلثوم تحظى حتى اليوم بحب وإعجاب عامة الشعب التونسى المحب للفنون والجمال ، منذ ان حلت على تونس بدعوة من الماجدة وسيلة بن عمّار حرم الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة أوائل يونية 1968 ضمن جولتها العربية التى قامت بها من اجل المجهود الحربى بعد نكسة 1967، كان التونسيون فى تلك المرحلة يتّجهون بقلوبهم وعقولهم إلى الأمل القومى المنبعث من مصر الناصرية ، فرغم الخلاف السياسى بين الزعيمين « ناصر وبورقيبة « ، لم ينقطع حبل التواصل الثقافى والحضارى بين الشعب المصرى وشقيقه الشعب التونسى ، ويحسب لأم كلثوم أنها كانت وراء تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين تونس ومصر، فهى فى نظر التونسيين رئيسًا وحكومة وشعبا ، كانت تمثل الزعامة الفنية والصوت الحامل لرسالة بلد وأمة وقضية ، وهو ما أكدت عليه وسيلة بورقيبة عند استقبالها لكوكب الشرق فى مطارقرطاج الدولى ، وقد تفاعلت الجماهير التونسية مع زيارة أم كلثوم بما يناسب المكانة التى تحظى بها لديهم . 


أحيت أم كلثوم حفلها الأول بتونس وكأنها أرادت القول إن الإنكسار لن يهزّ إيمان الأمة بحتمية الانتصار، وأراد الرئيس الحبيب بورقيبة وعقيلته التأكيد على القناعة بحضورهما الحفل الذى احتضنه قصر الرياضة ، وفى تلك الليلة ، أحيط المسرح بمائة ألف وردة ، وخمسة آلاف متفرج يتقدمهم فى الصف الأول الرئيس التونسى وعقيلته ، وشدت ام كلثوم بأغنية « فكرونى « اتبعتها برائعة « الأطلال» ، واحييت ام كلثوم على نفس المسرح حفلها الثانى بعد ثلاثة ايام وشدت فيه بأغنية « أنت عمرى « ، و» بعيد عنك « ، وقد وصفت الصحف التونسية والمصرية تألق أم كلثوم بالحدث الاستثنائى للتفاعل الجماهيرى غير العادى ، وحالة الحب التى جمعت أم كلثوم بالتونسيين، واقبالهم الجنونى على حفلاتها جعل التذكرة تباع فى السوق السوداء بمائة دينار بدلا من سعرها الذى تراوح بين  20 و 50 دينارًا ، وثمن التذكرة يساوى أكثر من راتب موظف مرموق فى تلك الفترة ، وقد تجسد عشق الشعب التونسى لأم كلثوم فى الاستقبال الشعبى الذى حظيت به منذ نزولها بالمطار حتى مغادرتها البلاد ،  وقد استقبلها الرئيس بورقيبة فى قصر الرئاسة بقرطاج وعبّر لها عن ترحيبه البالغ بزيارة تونس ، وبتقديره الكبير لصوتها وفنها ودورها فى خدمة وطنها ، وقام بتكريمها بوسام الجمهورية من الدرجة الأولى ودعوتها إلى مأدبة غداء حضرتها زوجته وسيلة وعدد من أعضاء الحكومة.


وقامت أم كلثوم بأداء صلاة الجمعة بجامع الزيتونة ، ثم قامت بجولة فى أسواق المدينة العتيقة واستقبلها الجمهور استقبالاً حافلاً،وفى حفل عشاء جرى تنظيمه على شرفها بفندق الهيلتون، قدّم الفنان التونسى الكبير محمد الجموسى وصلة موسيقية محلية غنى خلالها أغنيته «قهواجى يدور» ما جعلها تداعبه بالقول : « هى قهوتك لسّه سخنة يا محمد؟ « ، وتميزت السهرة بألوان غنائية تونسية والحضور الهام من قبل أعضاء الحكومة والحزب الحاكم ، وفى الثانى من شهر يونية 1968 دعيت أم كلثوم لازاحة الستار عن اللوحة الارشادية فى الشارع الذى يحمل اسمها فى قلب العاصمة التونسية بحضورحسيب بن عمار شيخ المدينة وشقيق عقيلة الرئيس التونسى ، وقد عبّرت كوكب الشرق عن سعادتها وشكرها قائلة  : « لا غرابة فى هذا… فتونس الخضراء  ستبقى لها الأولوية فى تكريم الفن والفنانين واحتضان الإبداع والمبدعين « .

 

توافقت زيارة أم كلثوم إلى تونس مع الاحتفال بالذكرى الثالثة والعشرين لعيد النصرالذى كانت تحييه تونس كل أول يونيه استذكارا لليوم الذى عاد فيه الزعيم الحبيب بورقيبة من منفاه الفرنسى وهو الحدث الذى مثل الخطوة الأهم والأبرز فى اتجاه الاعلان عن استقلال البلاد ، وقد عممت وكالة تونس أفريقيا للانباء الرسمية على الصحف بيانا تقول فيه : « ليس حب الجمهور الكبير فى تونس لفن أم كلثوم وليد اليوم ، حيث أننا وأن كنّا نشاهد اليوم معظم التونسيين من فنانين وأدباء ورجال فكر وجماهير شعبية ، يتابع بلهفة دائمة أغانيها الجديدة فإن هذا لا يمنع من أن فن أم كلثوم القديم من أغان وأدوار ومواويل كان ولا يزال له المحبون الشغوفون بسماعه فى بلادنا، « وصرحت أم كلثوم للتليفزيون التونسى  قائلة : « شعورى وأنا أزور تونس هو شعور المحب الذى وجد حبيبه بعد طول غياب… لقد غمرتمونى بالحب وبالزهور، فأنا لا أجد فرقا بين وطنى مصر، ووطنى تونس الخضراء ، أنا سعيدة باللقاء الشعبى العظيم وفرحتى لا تعبر عنها كلمات « ، وعما إذا كانت تنوى الغناء من شعر أبى القاسم الشابى شاعر الحرية والحياة قالت : « يسعدنى جدا ان أغنى للشاعر الخالد أبى القاسم الشابى « ، وحضرت ام كلثوم احتفالية دينية بجامع الزيتونة بمناسبة المولد النبوى الشريف ، وأقام لها الاتحاد الوطنى النسائى مأدبة غداء على شرفها ، ونظم الشاذلى القليبى كاتب الدولة للشؤون الثقافية حفل حضرته وسيلة بورقيبة وكبار رجال الثقافة والاعلام ونجوم المجتمع.


وإلى اليوم مازالت الإذاعة التونسية تخصص سهرة كل خميس لصوت كوكب الشرق، ومازالت تسجيلات أغانيها تحقق أعلى الإيرادات . 


اننا نستعيد نشر زيارة أم كلثوم لتونس الخضراء تضامنا مع الشعب التونسى ورئيسه قيس سعيد الذى انتفض بمباركة الشعب التونسى لتصحيح الاوضاع وفق المادة 80 من الدستور ، بالخلاص من تسلط « الإخوان » الذين لا يعنيهم الأوطان بل تعنيهم مصالح الجماعة أولا .. وربنا يوفق الشعب التونسى الشقيق فى استكمال ثورته على الفساد . 


« كنوز »

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة