الدكتور مهند خورشيد
الدكتور مهند خورشيد


حوار| عميد الدراسات الإسلامية بمونستر: الإخوان يزيفون الحقائق لزيادة نفوذهم بالنمسا

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 29 يوليه 2021 - 02:46 م

◄ أيديولوجية الإخوان الارهابية  خطر على التعايش السلمي في المجتمعات الأوروبية


◄ الإخوان تشجع أتباعها على الانخراط بالمجتمع لتغييره وفق أجنداتهم السياسية


◄ وعي متزايد في أوروبا للتفرقة بين الإسلام كدين والإسلاموية كأيديولوجية معادية


◄ خطاب الجماعة يحاول إستعداء المجتمعات الإسلامية ضد الغرب

 


حوار – ريهاب عبدالوهاب


رغم التحذيرات المتعددة التي أطلقتها الإدارات المصرية المتعاقبة من خطر جماعة الإخوان الإرهابية -والجماعات التى تدور في فلكها- والتى تتخذ من "الإسلام السياسي" غطاءً لأطماعها وأجندتها الخاصة، لم تتعظ الدول الغربية وظلت تمد راية الحماية لفلول تلك الجماعة، بتوفير الإيواء والدعم المباشر تارة، والتغاضى عن أنشطتها و"عربدتها"، تارة أخرى. 

وأخيراً وبعد أن بدأ عدد من الدول فى القارة الاوروبية على رأسها فرنسا والنمسا "ذوق" نيران العمليات الإرهابية التي تقوم بها تلك الجماعات سواء بالتنفيذ المباشر أو التحريض، استفاقت القارة العجوز، لتبدأ عدد من الدول منها النمسا حملة قوية لمطاردة رموز الإخوان وتجفيف منابع تمويلهم في الداخل، فى تحرك يبدو أن عدواه ستنتقل إلى دول أخرى.

وحول هذه الحملات كان لـ"بوابة أخبار اليوم" هذا الحوار مع الدكتور مهند خورشيد عميد معهد الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر الألمانية.

 

وإلى نص الحوار..

 

◄  الحملة  التى شنتها السلطات على مراكز ومقار تعمل لصالح جماعة الإخوان  في النمسا هل هي  تغير نوعي فى التعامل مع تلك الجماعة الإرهابية؟


الحملة كان مخطط لها منذ أشهر وهي نتيجة عملية مراقبة لتحركات جماعة الإخوان في النمسا مستمرة منذ حوالي العامين ، بإجمالي 21 ألف ساعة مراقبة، بالاضافة إلى جمع أكثر من 1.2 مليون صورة لاجتماعات وتجمعات لأشخاص مشبوهين.


ولقد زاد وعي الحكومة النمساوية في السنوات الأخيرة بأن مشكلة الإرهاب مشكلة فكرية قبل كل شيء، لذا لا بد من تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب.

وقد أدركت السلطات أن أيديولوجية جماعة الإخوان والتي ترفض الآخر فى سبيل بحثها عن الوصول للسلطة تشكل خطراً على التعايش السلمي في المجتمعات الأوروبية.    
 
 

◄ إلى أي مدى يمكن ان تؤثر مثل تلك الحملات على قوة ونشاط الجماعة وبقية الجماعات الإرهابية التي تدور في فلكها ؟ 


هذه الحملات التي تنتشر في عدد من الدول الأوروبية تشكّل نقلة نوعية في التعامل مع هذه الجماعات والتي استطاعت في السنوات الماضية مد جذورها في طبقات المجتمع المختلفة.

فمن خلال هذه الحملات أرسلت الحكومة النمساوية رسالة واضحة بأنها ترصد كل تحركات التنظيمات المتطرفة وأنها ستضيق مجال تحركاتها قدر الإمكان.

وهذا بلا شك سوف يضعف هذه التنظيمات ويشل تحركاتها بصورة كبيرة، خاصة بعد مصادرة السلطات 20 مليون يورو من أموال جماعة الإخوان معظمها أصول والباقي أموال سائلة بعد  أن أثبتت التحقيقات أن هذه الأموال تستخدم في تمويل الإرهاب. 
 
◄ كيف تفسر تنامي نفوذ الجماعات المتطرفة وعلى رأسها الإخوان في النمسا؟


أولاً معظم هذه الجماعات منظمة هرمياً بشكل يمكنّها من السيطرة على أعضائها وتوجيه نشاطاتهم وفق أجندة معينة. 


ثانياً معظم هذه الجماعات مدعومة بأموال طائلة، سواء من دول مثل تركيا، أو من رجال أعمال ومؤسسات تجارية في الداخل والخارج. 


ثالثاً هم يجيدون التلاعب بعواطف الجماهير المسلمة من خلال استخدام سرديات تُشعر المسلم أنه لن يكون مسلماً حقيقياً إلا إذا تبع هذه الجماعات، فمثلاً سردية الإسلام هو الحل، أو الإسلام فوق المجتمع والمسلم أفضل من غير المسلم، مثل هذه السرديات التي تدغدغ عواطف خاصة من يشعر بالمهزومية أمام المجتمع الغربي تستطيع تحريك الشباب ليفهموا هويتهم الإسلامية أنها هوية معادية للغرب.  


رابعاً هم يجيدون التلاعب بالحقائق والوقائع، فمثلاً حين تغلق الحكومة مسجداً يدعو إمامه لعمليات إرهابية، فتجدهم يصورون هذا على أن الحكومة تريد إغلاق جميع المساجد، فترسخ صورة لدى المسلم أن حكومته النمساوية هي عدوه الرئيس الذي عليه أن يعلن الحرب عليه.


خامساً جماعات الإسلام السياسي كالإخوان تشجع أتباعها على الانخراط بالمجتمع، بغية تغييره وفق أجنداتهم السياسية، وذلك من داخل منظومة المجتمع، فهي تظهر للخارج بصورة المسلم المعتدل الذي يرفض العنف، وهذا يعطي هذه الجماعات مجالاً أكبر للتحرك مقارنة بالجماعات الجهادية. 


سادساً تحصل هذه الجماعات على تعاطف اليسار والذي إما عن سذاجة أو بسبب معارضته لبعض الحكومات الغربية يدعم جماعات الإسلام السياسي بدفاعه المستمر عنها.


◄ وكيف ساعدت التمويلات التي توفرها النمسا للمجموعات العرقية المهاجرة في تضخم نفوذهم ؟


النمسا كدولة ديمقراطية وتعددية تلتزم بمساعدة جميع الأقليات والحرص على حقوقهم، لكن هناك من يستغل هذه القوانين الإنسانية لينفذ أجنداته السياسية، مما يزيد بدوره من استياء الأوروبيين من استغلال البعض للمنظومة الاجتماعية ليتسلق على أكتاف جهد الغير وهذا يقوي بدوره اليمين المتطرف والذي يرفض التعددية.   


 
◄ ألا يمكن أن يؤثر ما تشهده أوروبا اليوم من هجمات إرهابية على قدرتها على التفريق بين خطر التطرف الإرهابي وبين صحيح الإسلام وربما الانزلاق إلى هوة الإسلاموفوبيا ؟


هناك وعي متزايد في المجتمعات الأوروبية للتفرقة بين الإسلام كدين والإسلاموية كأيديولوجية معادية، فمثلاً كرر رئيس الوزراء النمساوي سباستيان كورتس في أكثر من كلمة له عقب الحملة على الإخوان أن الحرب ليست بأي حال ضد الإسلام أو المسلمين، بل ضد الإرهاب، كما قال أننا نريد حماية الإسلام والمسلمين من أولئك الذين يريدون تشويه صورته حين يستغلوا الإسلام من أجل تحقيق أجنداتهم السياسية. لكن خطاب الإخوان والإسلام السياسي يحاول أن يتلاعب على عقول وعواطف الناس، فيفسر الحملة ضد الإخوان وضد الإرهاب على أنها حملة ضد الإسلام وأن هذا إسلاموفوبيا. كثير من المسلمين وغير المسلمين يرفض استخدام هذا المصطلح لأنه أصبح سلاحاً بيد جماعات الإسلام السياسي كي تحمي نفسها من أي نوع من الانتقاد، حيث يصورون أن انتقاد الإسلام السياسي هو حرب على الإسلام نفسه. 


 
◄ في خطوة هي الأولى من نوعها في القارة الأوروبية أعلنت النمسا أخيراً أنها تنوي استحداث جريمة جنائية تسمى «الإسلام السياسي» ضمن  الإجراءات التي تستهدف مكافحة الإرهاب ألا يمكن أن يؤثر ذلك علي الجالية المسلمة ؟


أرى العكس تماما، حيث إن استبعاد حركات الإسلام السياسي والتي تتسبب في تشويه صورة الإسلام، سيحمي المسلمين من خطر وضعهم في سلة واحدة مع هذه الجماعات والتي تتبنى رؤية رجعية للإسلام وتعكس صورة سلبية عنه في المجتمع. المهم أن يتم تحديد معايير واضحة يتم من خلالها معرفة من ينتمي لهذه الجماعة من غيره كي لا يظلم أحد.   
  
◄ هل يمكن أن تكون الإجراءات التي اتخذتها النمسا تجاه الجماعات المتطرفة  ومن بينها "الإخوان" مقدمة لحملات داخل الدول الأوروبية الأخرى في القريب العاجل؟ 


بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا، بدأت فعلاً بإجراءات مماثلة، لكننا مازلنا في بداية الطريق. 
 
 

◄ ما هى الأدلة التي استندت اليها الحملة النمساوية التي صادرت ٢٠ مليار يورور من أموال رموز الجماعات المتطرفة؟ 


الأدلة حصلت عليها الجهات المعنية في الدولة من خلال مراقبة الإخوان في النمسا منذ سنة ونصف، والآن صودرت أجهزة إلكترونية وهواتف نقالة يتم فحصها، والتحقيقات لازالت مستمرة.. ليس فقط الحملة التي تأخرت كثيراً، بل الوعي بأن الإسلام السياسي هو جزء من منظومة التطرف الديني وأنه مجرد يتسلق على ظهر الإسلام والديموقراطية للوصول إلى هدفه الرئيس: السلطة.  

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة