الإمام الشعراوي
الإمام الشعراوي


خواطر الإمام الشعراوي.. تنظيم عمل المرأة

ضياء أبوالصفا

الخميس، 29 يوليه 2021 - 06:46 م

 

«المجتمع المسلم أو حتى الإنسانى إذا رأى المرأة قد خرجت للعمل فلابد أنه ليس لها رجل يقوم بهذه المهمة، فعليه أن يساعدها وأنْ يُيسِّر لها مهمتها»

يقول الحق فى الآية 22 من سورة القصص:«وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّى أَنْ يَهْدِيَنِى سَوَاءَ السَّبِيلِ». «تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ» يعني: ناحيتها، وأراد أنْ يهرب من مصر كلها، ولم يكُنْ يقصد مدين بالذات، إنما سار فى طريق صادف أنْ يؤدى إلى مدين بلد شعيب عليه السلام. ولو كانت مَدْينُ مقصودة له لما قال بعد توجهه: «عسى ربى أَن يَهْدِيَنِى سَوَآءَ السبيل» فموسى حينما خرج من مصر خائفاً يريد الهرب لم يفكر فى وجهة معينة، فالذى يُهمه أنْ يخرج من هذه البلدة، وينجو بنفسه.


ويقول فى الآية 23 :«وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِى حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ».عرض القرآن الكريم هذه القصة فى إيجاز بليغ، ومع إيجازها فقد أوضحتْ مهمة المرأة فى مجتمعها، ودور الرجل بالنسبة للمرأة، والضرورة التى تُلجئ المرأة للخروج للعمل.


معنى «وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ» يعني: جاء عند الماء، ولا يقتضى الورود أن يكون شَرِب منه. والورود بهذا المعنى حلَّ لنا الإشكال فى قوله تعالى:«وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا» «مريم: 71» فليس المعنى دخول النار، ومباشرة حَرِّها، إنما ذاهبون إليها، ونراها جميعنا إذن: وردْنا العَيْن. يعني: جئنا عندها ورأيناها، لكن الشرب منها، شيء آخر.


«وَجَدَ عَلَيْهِ» أى: على الماء «أُمَّةً» جماعة «يَسْقُونَ» أى: مواشيهم «وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ» يعني: بعيداً عن الماء «امرأتين تَذُودَانِ» أي: تكفّان الغنم وتمنعانها من الشُّرْب لكثرة الزحام على الماء «قَالَ مَا خَطْبُكُمَا» أى: ما شأنكما؟ وفى الاستفهام هنا معنى التعجُّب يعني: لماذا تمنعان الغنم أنْ تشربَ، وما أتيتُما إلا للسُّقْيا؟


«قَالَتَا لاَ نَسْقِى حتى يُصْدِرَ الرعآء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ» وقولهما «حتى يُصْدِرَ الرعآء» يعني: ينصرفوا عن الماء، فصدر مقابل ورد، فالآتى للماء: وارد، والمنصرف عنه: صادر: نقول: صدر يَصْدُر أى: بذاته، وأصدر يُصْدر أى: غيره.فالمعنى: لا نَسْقى حتى يسقى الناس وينصرفوا. والرعآء جمع رَاعٍ. ثم يذكران العلَّة فى خروجهما لِسقْى الغنم ومباشرة عمل الرجال «وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ».ثم يقول الحق سبحانه: «فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» (24)..معنا إذن فى هذه القصة أحكام ثلاثة «لاَ نَسْقِى حتى يُصْدِرَ الرعآء» أعطَتْ حكماً و»وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ» أعطتْ حُكْماً و«فسقى لَهُمَا» أعطت حكماً ثالثاً.


وهذه الأحكام الثلاثة تُنظم للمجتمع المسلم مسألة عمل المرأة، وما يجب علينا حينما تُضطر المرأة للعمل، فمن الحكم الأول نعلم أن سَقْى الأنعام من عمل الرجال، ومن الحكم الثانى نعلم أن المرأة لا تخرج للعمل إلا للضرورة، ولا تؤدى مهمة الرجال إلا إذا عجز الرجل عن أداء هذه المهمة «وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ» «القصص: 23».


أما الحكم الثالث فيعلم المجتمع المسلم أو حتى الإنسانى إذا رأى المرأة قد خرجت للعمل فلابد أنه ليس لها رجل يقوم بهذه المهمة، فعليه أن يساعدها وأنْ يُيسِّر لها مهمتها.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة