الحاج أحمد يوسف الذى قام بتجميع المركب الأول
الحاج أحمد يوسف الذى قام بتجميع المركب الأول


آمال عثمان تكتب.. الملك خوفو يستعد لإبهار العالم من جديد

مـركب الشمس يبُحر إلى المتحف المصري الكبـيـر

أخبار اليوم

الجمعة، 30 يوليه 2021 - 07:15 م

من الجانب الجنوبى للهرم الأكبر.. الأثر الوحيد الباقى من عجائب الدنيا القديمة.. يضع المسئولون اللمسات الأخيرة لأهم وأصعب عملية نقل لأثر يرجع تاريخه لأكثر من 4600 عام.. مركب الملك خوفو أقدم وأضخم أثر عضوى موجود فى العالم.. وأحد أكثر الاكتشافات إثارة فى تاريخ علم المصريات.. حيث تغادر المركب خلال أيام قليلة جدران مبنى ظلت حبيسة بداخله خمسة عقود.. لتستقر داخل مقرها الجديد بالمتحف المصرى الكبير، درة تاج المتاحف وأعظم صرح حضارى ثقافى فى القرن الواحد والعشرين.. ذلك المشروع العملاق الذى يتيح للزائر أن يشاهد الهرم الأكبر رمز الخلود والأبدية مجسداً أمامه من قمة الدرج الأعظم.

وبعد أن باءت الدراسات التى قامت بها خمس بعثات أجنبية بالفشل على مدى سنوات طويلة، قَبِلَ المصريون التحدى، ارتضوا أن يثبتوا للعالم أن أحفاد الفراعنة يصنعون المستحيل، وعقدوا العزم على التصدى لتلك المغامرة محسوبة العواقب بعقول وسواعد مصرية خالصة، وعلى مدى 26 شهراً واصلوا الدراسات الهندسية والاختبارات العلمية والأثرية، وأنجزوا أعمال الترميم والصيانة والتغليف، ولم يتبق سوى تحديد ساعة الصفر خلال الأيام القليلة القادمة، لتبدأ رحلة مركب الملك خوفو الأولى فى الإبحار إلى مقرها الجديد، بعد تجربتين ناجحتين لعمل محاكاة لجميع مراحل عملية النقل، بنفس الأحمال المماثلة لوزن المركب الحقيقية، وللهيكل المعدنى الواقى لها 120 طناً، وللعربة التى يبلغ وزنها 280 طناً، والكبارى وهى تتجاوز 500 طن، وبنفس أبعاد الطول والعرض، وذلك من خلال العربة الذكية التى تم استقدامها خصيصاً من بلجيكا، لنقل المركب قطعة واحدة، مع تركيب أجهزة القياس الخاصة باختبار أداء العربة، وقدرتها المتميزة على المناورة والتكيف مع ميول الطريق خلال مسار النقل النهائى، وثبات الهيكل المعدنى أعلاها، والتأكد من كفاءة الجسور الرملية، والكبارى المعدنية الستة الموجودة خارج وداخل المبنى، وذلك لضمان وصول المركب إلى المتحف بأمان تام.

تفاصيل‭ ‬إجراءات‭ ‬نقل‭ ‬المركب‭ ‬داخل‭ ‬كبسولة‭ ‬حديدية‭ ‬خلال‭ ‬أيام

عربة‭ ‬بلجيكية‭ ‬ذكية‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬الثبات‭ ‬فى‭ ‬الطرق‭ ‬الصاعدة‭ ‬والهابطة

الملك‭ ‬سعود‭ ‬وراء‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مراكب‭ ‬الملك‭ ‬خوفو

ويروى د. زيدان قصة العثور على مراكب خوفو قائلا: الاكتشافات معظمها تأتى نتيجة بحث ودراسة والقيام بحفائر أثرية، لكن «مراكب خوفو» التى تعرف خطأ باسم «مراكب الشمس» اكتشفت بالصدفة، وذلك أثناء زيارة للملك عبد العزيز آل سعود لمصر عام 1946، وكان ضمن برنامج الضيافة زيارة هرم خوفو، ونظراً لوجود تلال من الرمال بارتفاع 20 متراً فى الجانب الأيمن للهرم، كان يصعب أن يطوف الملك حول قاعدة الهرم بالكامل، لذا أمر الملك فاروق بإزالة الرمال، وأثناء قيام د. عبد المنعم أبو بكر، ومفتش الآثار محمد زكى نور بإنجاز مهمة إزاحة الرمال، وتنظيف الضلع الأيمن، عثر مفتش الآثار على «المداميك» التى تعلو حفرة المركب، وبسبب مرض أبنته لم يحضر للعمل فى اليوم التالى، ولم يستكمل الكشف، ونظرا لتواجد كمال الملاخ فى منطقة الهرم، وعلاقاته القوية بالصحافة والكتَّاب الكبار، قام بنشر الخبر ونسبه لنفسه، واهتمت وسائل الإعلام العالمية بالحدث على أوسع نطاق، واستمر العمل على اخراجها وترميمها وتجميعها، وفى عام 1972 أقيم المبنى الحالى بشكله الحالى القبيح لعرض المركب، وافتتح عام 1982 ولكن كانت هناك مشاكل بيئية عديدة، إلى جانب تشويهه للضلع الجنوبى، ومن هنا جاءت فكرة النقل.

 وقد حصل كمال الملاخ على جزاء 15 يوماً، لأنه أطلق عليها «مراكب الشمس» ولكن هناك آراء عديدة تعتقد أنها مركب للطقوس الدينية، ولتتويج الملك حين يتولى العرش، وآراء أخرى ترى أنها مركب جنائزية لإحضار جثمان الملك من مدينة « منف» بعد عملية التحنيط، وأنها دفنت بجوار الهرم لتستكمل المجموعة الجنائزية للملك، وما يرجح أنها ليست مركباً شمسية، وجود عناصر غير مطابقة لهذا النوع من المراكب، التى يوجد بها عدد قليل من المجاديف، بخلاف مركب خوفو التى تحتوى على مجاديف عديدة، إلى جانب عدم وجود أى رموز للشمس على جسم المركب. 

- د. زاهى حواس: لا يصح وجود المبنى الحالى بشكله القبيح بجوار هرم خوفو وإزالته إضافة كبيرة للمنطقة

ويقول عالم المصريات د.زاهى حواس وزير الآثار الأسبق: إن مبنى المتحف الذى أنشئ فى عهد د.ثروت عكاشة يشوه الرؤية فى المنطقة، ولا يصح وجود هذا المبنى بشكله القبيح بجوار هرم خوفو، والحجة التى اعتمدوا عليها آنذاك فى اختيار المكان أن المتحف أقيم فى موقع الاكتشاف، وقد فكرت مع الوزير فاروق حسنى منذ عام 2002 وحتى 2012 فى نقل المركب لكننا لم نتمكن من التنفيذ، واتخذنا قراراً بوقف المشروع والإبقاء على المركب فى مكانه منعاً للمخاطرة، حتى جاءت فكرة اللواء عاطف مفتاح لنقل المركب قطعة واحدة، مثلما حدث مع تمثال الملك رمسيس الثانى، ولا شك أن إزالته تعد إضافة كبيرة لمنطقة الأهرامات.

ويضيف: توجد خمس حفرات أو تجويفات لمراكب مكتشفة حول هرم خوفو، إثنتان جنوب الهرم واتجاههما شرقي/ غربى فى وضع يوازى واجهة الهرم الجنوبية، أما الثلاث حفرات الأخريات فتقع شرق الهرم، اثنتان شمال وجنوب المعبد الجنائزى، والثالثة شمال الطريق الصاعد لهرم خوفو وأهرامات الملكات، وجميعها نحتت فى الصخر الطبيعى لهضبة الجيزة، والحفرة التى تقع جنوب الهرم وإلى الشرق من الحفرة الأولى، مقدمتها تتجه إلى الغرب، حيث كانت مغطاة بنحو 41 كتلة حجرية متنوعة الأحجام، تزن كل منها حوالى 15 طناً، وأكبرها طولاً تبلغ حوالى 5 أمتار، والحفرة مستطيلة الشكل يبلغ طولها حوالى 32٫5 متر، وعثر بالكتل الحجرية على علامات المحاجر بالإضافة إلى 18 خرطوشاً تحمل اسم الملك «جدف- رع»، ابن الملك خوفو الذى أقام هرمه فى « أبو رواش»، وعثر بداخل الحفرة على كتل صغيرة لتساعد على تحريك الكتل الحجرية، وأسفلها عثر على أخشاب متراصة فى 13 طبقة، أصغر قطعة من هذه الأخشاب حوالى 10 سم، وأكبرها 12 متراً، و95 % منها مصنوع من خشب الأرز والباقى خشب مصرى، وأعلى القطع الخشبية عثر على طبقة من الحصير والحبال وقطعة من «الظران» وقطع من الألباستر، و12 مجدافاً وثلاثة أعمدة أسطوانية وخمسة أبواب، وبلغ طول المركب بعد تجميعها وترميمها 43٫4 متر، وعرضها 5٫9 متر.

وقد سبق تحديد المراكب الواقعة شرق الهرم على خريطة بواسطة البعثة البروسية برئاسة «ريتشارد لیبسبوس» فى عام 1843 م، وفى وقت استكشاف «لیبسبوس» لمنطقة الجيزة كانت هذه الحفر ممتلئة بالرمال والرديم، وقام «بتری» بعد ذلك بالكشف عن هاتين الحفرتين شرق الهرم، ولكنه أشار إليهما بوصفهما «خنادق» دون الإشارة إلى وظيفتهما، أما «رایزنر» فقد قام بتنظيف حفرة المركب القريبة من الطريق الصاعد، وأعاد «سليم حسن» اكتشاف حفر المراكب الثلاث الأخيرة. 

 الملاخ الحفرتين الجنوبيتين، واللتين وجدتا سليمتين، وتقع هاتان الحفرتان خارج الجدار الكبير المحيط بالهرم، وبناء على التخطيط العام لحفر المراكب حول هرم الملك خوفو، يعتقد بعض العلماء أن الحفر الثلاث الواقعة شرق الهرم قد نحتت خلال عصر الملك خوفو، فى حين أن الحفرتين جنوب الهرم من عصر الملك «جدف رع» ابن الملك خوفو، استناداً إلى وجود اسمه مسجلاً على خراطيش وأحجار تسقيف حفرة المركب الثانية،.

وقد كانت حفر المراكب حول الأهرامات من بين أهم عناصر المجموعة الهرمية خلال عصر الدولة القديمة، وتتضمن مراكب جنائزية، استخدمت لنقل جثمان الملك إلى الأماكن المقدسة للإله «أوزیریس» ثم نقله إلى الجبانة، وتضمنت أيضاً أنواعاً من مراكب الشمس التى يمكن للملك أن يستخدمها فى زيارته لإله الشمس، ومراكب يستخدمها الملك لمرافقة إله الشمس فى رحلته عبر السماء.

سألت د.زاهى حواس ما إذا كانت مركب الملك خوفو مركباً شمسية، أم جنائزية، فقال:هناك ثلاثة مذاهب فيما يتعلق بالمراكب التى عثر عليها فى حفر حول الأهرامات الأولى : وهى النظرية التى تنسب إلى «تشرني» وتذهب إلى أن أربعة من المراكب الخمسة رمزية، تحمل الملك إلى الاتجاهات الأصلية الأربع، أما المركب الخامسة فكانت تحمل جثمان الملك إلى الجيزة، والنظرية الثانية عبر عنها «إيميري» بالإشارة إلى مقابر الأسرة الأولى فى سقارة، ثم تبناها «سليم حسن» وتذهب إلى أنها مراكب شمس، كانت تحمل الملك أو إله الشمس عبر السماء.

فى حين أن النظرية الثالثة التى يؤيدها عبد المنعم ابو بكر فترى أن جميع المراكب استخدمت فعلاً فى حياة الملك سواء فى الحج للأماكن الك المتوفى، وفى رأيى الشخصى يمكن فرض نظرية أخرى رابعة، تتمثل فى أن المركبين الأولى والثانية مراكب شمس، والثالثة والرابعة مراكب «لحورس»، أما الخامسة فهى المركب التى استخدمت بواسطة الإلهة «حتحوره».

وحول أنواع المراكب التى عرفها المصرى القديم يقول د.زاهى حواس: عرفت مصر القديمة أنواعاً عديدة من المراكب منها المراكب الدينية، وكانت تستخدم رمزياً للآلهة فقط، وتوضع غالباً فى قدس الأقداس داخل المعابد، حيث كان الكهنة يحملون المركب وبداخلها تمثال للإله كى يزور المعابد الأخرى، مثل زيارة «حورس» لمعبد «حتحور» بدندرة، أو زيارة «آمون» لمعبد «الأقصر»، والنوع الثانى هو المراكب الجنائزية، ويستخدم لنقل مومياء الملك لزيارة الأماكن المقدسة الخاصة بالإله «أوزوريس» ومنها «أبيدوس» فى الجنوب و»بوتو» فى الشمال، هذا بالإضافة إلى استخدام هذا النوع من المراكب فى نقل جثمان الملك من القصر الذى يقيم فيه، إلى الجبانة حيث يوجد هرمه.

كما توجد المراكب الدنيوية التى تستخدم فى النيل لنقل الجرانيت من محاجر أسوان، أو الألباستر من «حتنوب» بمصر الوسطى، أو الحجر الجيرى من طرة، أو لنقل المسلات إلى المعابد بالإضافة إلى استعمالها لنقل العمال، وهناك مراكب عبرت البحار لإحضار أخشاب الأرز من لبنان، ويسجل حجر «باليرمو» المراكب التى كان يرسلها الملك «سنفرو» والد الملك «خوفو» إلى لبنان، وهذا النوع من المراكب مسجل فوق جدران معابد الدولة القديمة، إلى جانب المراكب التى كانت تسافر إلى بلاد «بونت» لجلب البخور والزيوت العطرية والذهب.

أما النوع الرابع فهى المراكب الحربية التى استخدمت فى الدولة الحديثة، وتجسد جدران معبد مدينة «هابو» صور المعارك البحرية للملك رمسيس الثالث آخر ملوك مصر المحاربين ضد شعوب البحر، والنوع الخامس من المراكب استعملها المصرى القديم للتنزه فى النيل، وهى ممثلة بأشكال متعددة على المقابر، وتشير قصة «خوفو والسحرة» التى تروى واقعة حدثت فى عهد الملك سنفرو لخروج الملك للنزهة فى المركب داخل البحيرة الملحقة بالقصر، ترافقه فتيات جميلات يجدفن وينشدن الأغانى، وأثناء التجديف سقط قرط إحداهن، واستطاع رئيس المرتلين إخلاء البحيرة من الماء بالسحر ليعثر على القرط ويعيده للفتاة.

والنوع الأخير من المراكب هو المراكب الشمسية، وهى أيضا مراكب رمزية، واحدة لرحلة النهار أطلق عليها اسم «معنجت»، وأخرى لرحلة الليل أطلق عليها «مسكتت»، وكانت مخصصة للإله «رع» ليبحر بها وتجدف له النجوم، وتستعمل فيها المجاديف ذوات السنون المدببة لقتل الحيوانات والأرواح الشريرة الموجودة فى العالم ليفنى الشر، وبالتالى يعترف الشعب بفضله ويعبده.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة