د. دينا محمد عبده
د. دينا محمد عبده


قضية ورأى

٢٠٢١ عام مصرى - روسى

الأخبار

السبت، 31 يوليه 2021 - 06:54 م

يعتبر اختيار عام 2020/2021 عامًا للتبادل الإنسانى المصرى- الروسى، حدثا ذا أهمية خاصة لكل باحث ومهتم بتاريخ العلاقات الثقافية المصرية الروسية، ولم تدخر وزارة الثقافة المصرية جهدًا فى إقامة الفعاليات والندوات المعنية بهذا الشأن، والتى يشارك فيها العديد من الأدباء والمفكرين من الجانبين المصرى والروسي. وتتعدد الجوانب والموضوعات فى هذا الصدد، ولكننا سنتحدث عن أحد الموضوعات المُلحة وهو عملاق الأدب الروسى، المفكر والروائى ليف تولستوى وعلاقته بالشرق كتأثيرٍ وتأثُّر. تبدأ علاقة تولستوى بالشرق منذ التحاقه بكلية اللغات الشرقية بجامعة قازان ودراسته للغتين العربية والتركية واطلاعه على آداب الشرق والأدب العربى والحكايات الشعبية ألف ليلة وليلة وعلى بابا وعلاء الدين وغيرها. وذهب النقاد إلى تأثير تلك الحكايات على إبداعه الشخصى واقتباسه للعديد من تلك القصص فى أعماله الخاصة، كما أن المستشرقة آنا فرالوفا ذهبت إلى أن رائعته (آنا كارنينا) تحمل طابعًا شرقيًا خاصة فى النهاية الدرامية التى أصابت البطلة كعقابٍ قاسٍ لخطيئة الخيانة الزوجية، كما يظهر تعاطف تولستوى مع بطل روايته (الحاج مراد) واستخدامه لأسماء عربية وإسلامية مثل مراد وشامل وأحمد ومحمد، بالإضافة إلى تعبيرات إسلامية مختلفة. قرأ تولستوى القرآن الكريم فى نسخته الفرنسية وكان يحتفظ به فى مكتبته وكتب عنه عدة ملاحظات تعبر عن احترامه للإسلام كدين يدعو إلى العدل والخير والرحمة والمساواة. كما كتب كتابه المعروف (مقولات النبى محمد) الذى يبدى فيه تقديره لرسول الإسلام. جرت المراسلات بينه وبين الإمام محمد عبده مفتى الديار المصرية ورئيس جامعة الأزهر وقتها والتى كشفت عن التشابه والتقارب الكبير بين آراء المفكرين الكبيرين فى أمور الدنيا والدين. ومن الجدير بالذكر أن تأثير تولستوى على الأدباء والمفكرين فى الشرق، لا سيما فى مصر، كان كبيرًا، والمدهش أن هذا التأثير جاء كونه مفكرًا وفيلسوفًا أكثر منه كاتبًا وأديبًا. فقد نظر له أديبنا المصرى مصطفى لطفى المنفلوطى باعتباره المصلح الثائر الذى كان يقف ضد القيصر والإقطاعيين ورجال الكنيسة من أجل تحقيق العدل ومناصرة الفلاحين المستضعفين، بالإضافة إلى رفضه للحروب وويلاتها، وقد نشر مقالات عن المفكر الروسى فى الجرائد المصرية. أما أمين الريحانى فقد نشر عدة مقالات أيضًا يُصور فيها كفاح تولستوى ضد قوى الشر فى بلاده ويتحدث عن زهده وتواضعه. وقد تسابق كل من الشاعرين الكبيرين أحمد شوقى وحافظ إبراهيم فى رثاء الأديب الروسى الكبير، وعقدا مقارنة بينه وبين أبى العلاء المعرى فى الحكمة والزهد ومناصرة المظلوم. أما المترجمون العرب فقد تسابقوا على ترجمة أعمال تولستوى والتى بدأها سليم قبعين، ولكن عبرت الترجمات فى مصر وسوريا ولبنان والعراق وتونس عن اهتمام المترجمين به كأديب أكثر منه كمفكر.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة