إحنا فى زمن الصورة
إحنا فى زمن الصورة


إحنا في زمن الصورة| على الهواء .. ليست هناك حياة خاصة للنجوم

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 01 أغسطس 2021 - 04:47 م

كتبت: ريزان العرباوى

قديما كانوا يقولون ان الصورة بألف كلمة للتعبير عن أهمية الصورة وتأثيرها، قديما كانوا يرون أن الصورة معبرة أكثر من الكلمات لكن الآن الصورة تغيرت، والكلمات أيضا تغيرت، الآن الصورة في المقام الأول ليس تعبيرا ولا أهمية، الصورة الآن أسلوب حياة.

النجاح يمكن أن يأتى بصورة، التريند تصنعه صورة، البعض تخلى عن أساسيات الفن من أجل الصورة والبعض يبحث فقط عن الصورة، نحن الان نعيش فى زمن الصورة، هناك من يجيد فن الصورة ويعرف جيدا كيف تكون صورته والبعض يصنع لنفسه صورة ترسخ لنجاح ربما يكون وهمى.

 

في الغناء لم يعد الصوت هو تأشيرة النجاح ، فى السينما لم تعد الحكاية هى الأساس .. حتى فى المسرح لم يعد صوت الجماهير ملهما ومشجعا وله رهبة ، فى الغناء والسينما والتليفزيون اصبحت الصورة هى الأهم ، فى عالم الشهرة والنجومية اصبحت الصورة هى الأولوية .. نحن الان نعيش فى زمن الصورة.

 

"أخبار النجوم" فتحت ملف الصورة ونجوم الصورة في المسرح والغناء والسينما وعالم النجومية.

يعمل المحتوى الوثائقي على فتح نوافذ الحياة الواقعية في شتى المجالات، ونخص هنا بالذكر المجال الفني وحياة المشاهير, فهو يستخدم الواقع كمادة خام بعيدا عن الدراما والخيال وتسليط الضوء على أبرز المحطات الهامة في حياتهم، لكن مع هيمنة اللغة الرقمية والعالم الإفتراضي اختلف المفهوم الوثائقي لدى الفنانين.

 

ومؤخرا بدأت تغازلهم فكرة توثيق حياتهم على طريقة تلفزيون الواقع التي اشتهر بها نجوم الغرب مثل كيم كارداشيان وجينفر لوبيز، وهو ماقدمته اللبنانية مريام فارس من خلال وثائقي بعنوان «الرحلة»، والذي أثار جدلا كبير بين رواد التواصل الإجتماعي وصل الأمر للسخرية من المحتوى الذي عبرت من خلاله عن معاناتها وقت الحظر المنزلي.. فهل هذه النوعية من الوثائقيات عن النجوم مطلوبة لدى الجمهور العربي؟، وما الأسباب التي تدفعهم لنشر حياتهم الشخصية تحت مسمى وثائقي؟ 

لطالما كانت الحياة الشخصية للفنان محط اهتمام الجمهور، في الوقت الذي اعتبرها الفنان منطقة ممنوع الاقتراب منها أو التصوير، وفرض أسوارا شائكة لمنع تسريب خبر أو صورة خاصة، وكانت كارثة في حد ذاتها إن تجرأ أحد على النشر، لكن المفارقة أن أصحاب مقولة حياتنا الشخصية خط أحمر أصبحوا هم أنفسهم من يكشفون عن خصوصياتهم وكأنهم في سباق لنشر أدق تفاصيل حياتهم، ضاربين بالخصوصية عرض الحائط، فبات الأمر مختلفا مع انتشار وسائل التواصل الإجتماعي والتطور التكنولوجي ومتابعة وتقليد الغرب، لتتسلل إليهم فكرة توثيق حياتهم الشخصية على نهج نجوم هوليود وتلفزيون الواقع الذي ينقل ممارسة حياتهم اليومية.

 

مريام فارس


وفي هذا النطاق قدمت اللبنانية مريام فارس وثائقي عن حياتها الشخصيىة تحت عنوان «الرحلة»، قامت بتصويره وإخراجه على طريقة تلفزيون الواقع، ورصدت معاناتها،وأبرز لحظاتها خلال الحجر المنزلي مع الظروف الصحية التي فرضها «كوفيد 19» منذ تفشيه في العالم وحتى إطلاق ألبومها الجديد الذي كشفت عن تفاصيله من خلال الوثائقي,كما جسدت من خلاله لحظات انكسار في حياتها، وفقدانها لحملها الثاني، لتطرق لفترة حملها بإبنها «ديف» الذي يعتبر حملها الثالث, وتطرقت أيضا لعلاقتها بإبنها «جايدن»، وزوجها.

 

وبالرغم من تصنيف العمل ضمن تلفزيون الواقع، إلا أنها لم تكشف عن هوية وشكل زوجها وإبنها، وحاولت مزج حياتها الشخصية بحادث مرفأ بيروت وتداعياته السياسية والإقتصادية، الفيلم تم عرضه على منصة عالمية لتكون أول فنانة عربية يعرض لها عمل تروي من خلاله تفاصيل حياتها الشخصية من خلالها، لا سيما أن هذه المنصة أنتجت هذا النوع من الوثائقيات لمغنيات عالميات، إلا أنه لم يحظى بقبول الجمهور، رافضا وصف ما قدمته بالمعاناة مع إمتلاكها لوسائل ترفيه مختلفة في قصرها الفخم.

 

نانسي عجرم


كما قدمت اللبنانية نانسي عجرم فيلما وثائقيا تحت عنوان «الرواية الكاملة»، كشفت من خلاله عن العديد من المفاجأت والاعترافات بشأن حادث اقتحام منزلها وقضية مقتل الشاب السوري، والتي احدثت حالة من الجدل وتحولت إلى قضية رأي عام شغلت الإعلام والناس، ومازالت مفتوحة على احتمالات وتساؤلات كثيرة دون أجوبة حاسمة, وتم عرضه أيضا على منصة إلكترونية.


هنا سؤال يفرض نفسه، هل سيلقى هذا النمط من الأعمال طريقه لجذب عدد كبير من النجوم؟، وإن وجد.. ما المعايير التي يجب أن يتم من خلالها بناء محتوى صادق واقعي دون تزييف أو تصنع ليستحق تصنيفه من ضمن الأعمال الوثائقية؟


قيمة الفنان

الإجابة كانت للناقدة حنان شومان حيث قالت: «التحدي في هذا النمط هو القدرة على اقناع المشاهد بأنه حاضر يشاهد عملا غير مصطنع وحقيقيا بلا منازع, والواقعية ليست فقط تقديم للشخصيات المألوفة والشائعة وإنما تكشف أيضا عن فردية البشر وتشابههم مع الجماهير في آن واحد، ويستمد الاتجاه الواقعي هنا من الواقع المباشر لحياة الفنان، كما أنه لايحتاج إلى الذوق السليم فحسب إنما يحتاج أيضا إلى الإلهام الفني أي أنه يحتاج إلى جهد شاق ينفذ إلى الأعماق، كما يصدر عن تأثير عميق، فالأفلام الوثائقية أداة تواصل مهمة في تشكيل الواقع تخبر بشيء يستحق المعرفة, والأمثلة لاحصر لها في هذا المجال، فقد تم إنتاج أفلام وثائقية عن شخصيات مهمة ومؤثرة في مجالها، مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ,فقيمة العمل الوثائقي ترتبط بقيمة الفنان لدى الجمهوروبتاريخه ومسيرته التي تحكي في قصة لكي تلهم الآخرين, لكن ما قدمته مريام فارس وغيرهالا يرتقي ولا يصح أن يطلق عليه وثائقي حتى مع عرضه على منصة عالمية، لكن مع كامل إحترامي هو عمل بلا قيمة ولا يمت لطبيعة العمل الوثائقي بصلة, فهو مجرد محتوى يعرض ممارستها لحياتها اليومية مع أبنها لايمكن وصفه أكثر من كونه محتوى (يوتيوب) أو (تيك توك)".

وتابعت:  "الجمهور قد يتقبله من هذه الزاوية، لكن لن يتقبله تحت مسمى وثائقي يحمل عنوان رحلة معاناة, فقد يكون الهدف من العمل هو السعي لتحقيق أرباح مادية أو محاولة للتواجد بعد فترة غياب مستغلةفيها حياتها الشخصية، لكن ليس من المنطقي أن تصدر تلك التجربة على اعتبار أنها معاناة أو رحلة بحث عن الذات لاكتساب العمل صبغة عمق، لأنه في الحقيقة عمل هش شحيح المحتوى ولا يستحق المشاهدة».
وتضيف قائلة: «يأتى هذا النمط من الأعمال منافيا لشعار الفنانين الدائم بأن حياتهم الشخصية خط أحمر ممنوع الاقتراب منها أو التصوير, فملامح العصر اختلفت، واختلف معها مفهوم الخصوصية، وجعلت الحياة الشخصية التي أصبحت مشاع لكل البشر عبارة عن صورة على (إنستجرام)، وفيديو معروض على (يوتيوب)، أو أراء على (تويتر)، بسبب سيطرة السوشيال ميديا على حياتنا، وبدأ معها منطق الخصوصية في التلاشي, فالمشاهد العربي لم يعتاد على رؤية الفنان من زاوية قريبة لهذا الحد، الذي يصل إلى غرف نومهم الخاصة, فهي أعمال تخالف مقومات الحكي الجدير بالثقة للواقع».


كما انتقدت "شومان" إقبال منصة عالمية لعرض محتوى هش، في حين أن هناك مئات الأعمال ذات القيمة الفنية لا تجد طريقها لتلك المنصات، وأردفت قائلة: «من المؤكد رغبة تلك المنصات في وضع محتوى يجمع بين العالمية والمحلية لضمان جذب المشاهد العربي، فنحن عدد لا يستهان به من المشاهدين، وفي النهاية المنصة غرضها الربح، فلن تؤول اهتمام بمعاناة أي شعب وتداعياته السياسة والاقتصادية».


«تربة خصبة»


اختلف في الرأي الناقد طارق الشناوي، الذي رحب بالفكرة، مؤكدا أهمية العمل الوثائقي فيإمتداد سيرة الرموز والشخصيات المؤثرة في شتى المجالات، ويقول: «لدينا تاريخ فني كبير أندثر لأن الجيل الراحل لم يفكر في توثيقه, فالكثير من المؤثرين في الحياة رحلوا دون أن يدلوا بدلوهم بتسجيلات تخلد ذكراهم,فهي فكرة موفقة وهناك العديد من البرامج التي تهتم بتوثيق جزء من حياة الفنانين، وهي مسألة ليست جديدة، إنما الجديد هو أن يوثق الفنان بنفسه لسيرته وأرى أن كل حياة مهمة طالما كان بها محطات ومواقف جديرة بالذكر، فمن حق الفنان أن يقدم نفسه مع اختلاف ظروفه ونشأته، فالحياة التي عاشتها مريام فارس ليست كالتي عاشتها شريهان أو سناء جميل أوعبد الحليم حافظ وغيرهم، فهناك من نشأ في ملجأ وآخر نشأفي عائلة ثرية, واعتقاد الناس أن الحياة التي تخلو من المعاناة هي حياة بسيطة لاتستحق الرصد هو اعتقاد غير صحيح».


والفنان له مطلق الحرية في اختيار مايتم توثيقه طالما يتم توظيفه ضمن معايير وضوابط أخلاقية، وحتى وأن لم تكن مهمة لشخص، فهي عند الآخر ذات قيمة لأن إمتاع المتلقي جانب مهم من مجال صناعة الأفلام حتى في الأفلام الوثائقية، وبظهور الاتجاه الوثائقى تمكن الفنان من تصوير ونقل مشكلاته وقضاياه في مواجهة الحياة العادية اليومية، أي أنه يمثل أنقى درجات الواقعية.


كما أن مفهوم وثائقي لا يقتصر فقط على كونه فيلم يبرز سردا يروي بصوت جهوري عميق ومناقشة تحليلية، لكنه أيضا قصة ذات شخصيات تجذب وترفه عن المشاهد بأفضل الأدوات المجدية في ذلك, فالمفاهيم تتغير مع الوقت بفعل الضغوط التجارية والتسويقية والتجديدات التكنولوجية، ولأن كل ما يعرض على التلفزيون مرهون برغبة المشاهد في المتابعة، حيث يتخذ قرار بشأن المشاهدة من عدمه في غضون ثانية، لذا يجاهد المنتجون لجعل كل ثانية جاذبة وحياة المشاهير تربة خصبة لجذب المستهلك، فمن قال أن حياتهم محاطة بأسوار ممنوع الاقتراب منها، فقد ثبت وقائعيا عكس ذلك.


ويتابع قائلا: «أرفض اعتبار هذه الوثائقيات كنوع من المتاجرة بالحياة الشخصية،لكنها قد تكون وسيلة لتحقيق بعض الأرباح المادية، ولا أرى في ذلك أي عيب، فأي إنسان يؤدي وظيفته ومهنته بهدف الربح وجني المال».


وبالنسبة لزيادة اقبال الفنانين لخوض التجربة فهو متوقف على مدى نجاح التجارب السابقة، ففي حالة تحقيقها للمكاسب والأهداف المطلوبة ستجد طريقها للانتشار وستزيد شعبيتها، أما إذا فقدت عنصر الربح فستنتهي.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة