بدون الجمهور
بدون الجمهور


بدون الجمهور.. مسرح كاذب!

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 01 أغسطس 2021 - 05:17 م

كتب: محمد كمال

تمثل مسرحية «كوكو شانيل» عودة شيريهان بعد غياب طويل عن الساحة الفنية بعدأن قامت بتقديمها على أحد المنصات الإلكترونية في تجربة تعد الأولى من نوعها في المسرح، صحيح أن فكرة المسرح التليفزيوني قد غزت الساحة من أعوام لكن كانت كل تلك الأعمال تقدم على المسرح أولا بعروض جماهيرية قبل أن تعرض على القنوات الفضائية أو المنصات الألكتروينة لكن «كوكو شانيل» مسرحية تمانتاجها للعرض على المنصات فقط دزن وجود شرط أو العنصر الأهم للمسرح وهو «الجمهور» .. فهل يمكن أن يحصل هذا العمل على لقب «مسرحية» ؟.. هل يصلح المسرح بدون جمهور؟؟.. هل يمكن أن يحدث هذا العمل تحول في شكل الأعمال المسرحية في المستقبل؟

يقول الناقد أحمد عبد الرازق: «الحقيقة لم أشاهد عمل «كوكو شانيل» الذي قدمته شيريهان والذي يمثل عودتها للساحة الفنية وقبل التطرق إلى هذا الموضوع الشائك والخطير والذي يمثل خطورة كبيرة على المسرح في مصر في العام الماضي أثناء فعاليات مهرجان المسرح التجريبي الدولي عندما اضطرت إدارة المهرجان إلى تقديم العروض الأجنبية عن طريق تقنية الفيديو من خلال قناة المهرجان على اليوتيوب نظرا لغلق رحلات الطيران الجوية وقتها فتح باب المناقشة في هذا الأمر والأراء كانت ما بين مؤيدين ومعارضين لكن غالبية النقاد انتقدوا الخطوة على الرغم من أن إدارة المهرجان كانت مضطرة نتيجة تفشي وباء كورونا وبالنسبة لي أنا كنت من المؤيدين رغم المعارضة الشديدة، وبالقياس الآن أنا غير موافق سواء كانت شيريهان أو غيرها على فكرة تقديم عملا مسرحيا على المنصات لسببين الأول لأن المسرح بعكس الدراما التليفزيونية والسينما فيهما تكون الصورة هي التقنية الأساسية لكن المسرح الصورة هي جزء من العرض وليست الأساس، أما السبب الثاني وهو الأهم غياب الجمهور مما يفقد العرض المسرحي أهم جزء من شروطه، فمن تقاليد المسرح أن يتم تقديم العرض حتى لو كان عدد الحاضرين واحد فقط عكس السينما يمكن لدور العرض إلغاء الحفلات التي ليس بها حضور جماهيري كبير لكن المسرح الأمر مختلف تماما.

 


العرض التليفزيوني للمسرحيات يكون في أمرين فقط إما لإعادة مشاهدة أعمال مسرحية من الكلاسيكيات أو يكون من أجل توثيق التراث المسرحي أي الدراسة،حتى عندما نقوم بإعادة  مشاهدة للمسرحيات القديمة مثل «المتزوجون» لسمير غانم أو «الواد سيد شغال» لا نشعر بنفس المتعة التي يمكن أن نشعر بها أثناء مشاهدتها على المسرح، ويضيف عبدالرازق «متعة المسرح مختلفة لأن هناك علاقة مباشرة بين الممثل والجمهور وهذا هو الأساس لدرجة أن المناهج النقدية نفسها بدأت تنتبه إلى البعد الرابع أو كما يطلق عليه «الحائط الرابع» وهو الجمهور من خلال مراجعات كاملة لنظرية التلقي وهي التي تفرضها دائما تلك العلاقة بين الممثل والجمهور لأن هذه العلاقة بدرجة كبيرة يمكن أن تضيف للعمل بشكل عام وتكون فارقا في أداء الممثل فيما بعد سواء في المسرحية أو في أخرى، وقد تتسبب في تغيير وجهة نظر المخرج في إجراء تغييرات على النص، وبالتالي هذه النظرية تفقدها الأعمال التي تقدم على المنصات لأن بسقوط المتلقي يفقد المسرح أهم شرط له.

 


وأضاف عبد الرازق «المسرح مفيهوش مونتاج – المونتاج يكون في السينما والتليفزيون فقط، لأن جزء كبير من تقييم أداء الفنان على المسرح هو قدرته على الوقوف على خشبة المسرح لمدة ثلاث ساعات وكل يوم فهذا أمر يكشف طاقة الممثل وقدرته على تطوير الأداء كل يوم نتيجة تفاعله مع المتلقي، لكن في العمل الذي قدمته شيريهانمؤخرا من المؤكد أنه تم انجازه وتصويره خلال عشرة أيام أو أسبوعين لأن بالتأكيد لن تسطيع شيريهان فيظل حالاتها الصحية الحالية أن تقف وتؤدي على المسرح لفترة طويلة مثلما كانت تقدم منذ عشرون عاما مسرحيات «شارع محمدعلي» أو «علشان خاطر عيونك» لهذا كان من الأفضل لها أن تتجه إلى السينما أوالتليفزيون.

 


وبسؤاله ..هل يمكن لتجربة «كوكو شانيل» أن تكون بداية لشكل جديد من الأعمال المسرحية قال « هنا يكمن التخوف .. بالمناسبة أنا متعاطف مع شيريهان وسعيد بعودتها لكن أخشى أن تتحول هذه المبادرة التي قدمتها إلى تقليد وتنتقل إلى ممثلين آخرين وقتها ستكون كارثة كبيرة ضربت المسرح، لأن وقتها يمكن لأي مجموعة أن يقوموا بتقديم مسرحية في المنزل !!، ووقتها هل نغلق المسارح ؟؟ هل سنكتفي بتصوير المسرحيات وتقديمها في دور العرض أو في المنصات ؟؟ الحقيقة أن الأسئلة ومحاولة الإجابات عليها قمة في العبث.

 


وعن مدى نجاح هذه التجربة أو التجارب المستقبلية قال عبدالرازق «أشك في النجاح لهذه التجارب لانها لا تنتمي للمسرح وبالوقت سيفقد المشاهد الاهتمام بها لأن الجمهور المصري على درجة كبيرة من الوعي والإدارك بتفاصيل فن المسرح وشروطه التي يجب أن تتوفر فيه وهو الجمهور وخشبة المسرح لكنه سيجد في هذه الأعمال مجرد صورة عبثية تفقد أهم جماليات المسرحيات المتعارف عليها، المسرح يعني إضاءة – حركة – إيقاع – حوارات طويلة – أداء مباشر والشرط الأساسي والذي من غيره لا يصبح مسرحا .. الجمهور.


ويقول النقاد أحمد سعد الدين « المسرح من بدايته منذ ما يقرب من ألفين أو ثلاثة آلاف عاما تعريفه الأساسي هو العلاقة المباشرة بين الخشبة «وسيلةالعرض» والجمهور،وممثل المسرح هو الوحيد الذي يحصل ويظهر له رد الفعل في نفس اللحظة من الجماهير الذين يتفاعلون مع العرض المقدم والأداء التمثيلي، وهذا هو الأساس الذي كنا نسير عليه لأعوام طويلة حتى عند ظهور مسرح القطاع الخاص والذي أصبح يسير بالتوازي مع القطاع العام ظل العامل الأساسي وهو وجود الجماهير متواجد، لكن اليوم بدأنا نرى شكل جديد، حيث يتم الإقدام على تصوير العمل ثم عرضه على المنصات وأطلق على العمل اسم «مسرحية» .. وهو أمر مضحك لأن هذا العمل يفتقد لأبسط قواعد العمل المسرحي وهو العلاقة المباشرة بين الممثل والجمهور، وينقصه وجود التفاعل من الجمهور مع الوراية المقدمة كيف يمكن لصناعها أن يحددوا مدى رضاء الجمهور أو نجاحها من عدمه لتحقيق الاستمرارية في ظل غياب التفاعل الجماهيري؟.

 


ويضيف سعد الدين «الشرط الثاني الذي يجب أن يتوافر في المسرح هو العرض الكامل «وان شوت» وهو المؤكد ما يفقده «كوكو شنايل» ففي الغالب أن التصوير تم على أيام متباعدة مما يجعلها تفقد متعة الاستمرارية التي هي أساس نجاح أي عمل مسرحي أو تكون مقياس تقييم أداء الممثل على الخشبة، صحيح أن شيريهان تمثل حالة خاصة بعد عودتها للساحة الفنية بعد مرور 19 عاما وهي ممثلة مسرحية استعراضية قديرة لكن فكرة عودتها اليوم لتقديم مسرحية أمر صعب لهذا تم تقديم العمل بهذا الشكل، لهذا يمكن أن نطلق على «كوكو شانيل» ارهاصات لكنه ليس المسرح المتعارف عليه منذ القدم.

 


وعن فكرة المسرحية التليفزيونية قال سعد الدين «في السابق كانت المسرحيات تستمر على خشبات المسرح لأعوام طويلة مثل مسرحيات عادل إمام ومن قبله فؤاد المهندس وقديما يوسف وهبي لكن بمرور الوقت تغيير الحال منذ مسرح مصر الذي ابتدعه أشرف عبدالباقي أصبح عرض المسرحية يكون لمدة أسبوعين أو شهر بالكثير ثم يقوم بتصويرها وعرضها تليفزيونيا وهذا حتى أقدم عليه النجم الكبير يحيى الفخراني في مسرحتي «ليلة من ألف ليلة» و«الملك لير» لهذا لم تعد فكرة العرض اليومي موجودة لكن يحسب لهذه التجارب أنه لم تفتقد التواصل والحضور الجماهيري حتى وأن لم يستمر طويلا.

 


وعن امكانية أن تكون «كوكو شانيل» بداية لشكل جديد للمسرحيات قال سعد الدين «اعتقد أن «كوكو شانيل» كعمل منفرد لا يستطيع إحداث تحول لكن من الممكن أن تقرر جهة انتاجية استقطاب نجوم أخرين غير شيريهان لتقديم هذه النوعية في أعمال أخرى لكن في الحقيقة أنا أشكك في نجاح التجربة واستمراريتها لأن المسرح هو فن المباشرة والجمهور المصري يعي هذا تماما، ومن الطبيعي أن تجد في العرض المسرحي اختلاف كل يوم عن الآخر لا يوجد مسرحية في العالم تقدم يوميا بنفس الحوارات لأن الارتجال جزء مهم في فن المسرح، والجمهور المصري يعي هذه النقطة أيضا فمن الصعب أن يتفاعل أو يعجب بتجارب لا تشبعه.

المصدر: مجلة أخبار النجوم

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة