إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


فليحيا النسيان

أخبار الأدب

الإثنين، 02 أغسطس 2021 - 10:55 ص

من‭ ‬الأشياء‭ ‬التى‭ ‬ألاحظها‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬الأدبية،‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬أديب‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الآخرون‭ ‬مثله‭ . ‬لا‭ ‬أقصد‭ ‬فى‭ ‬الكتابة،‭ ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬السلوك‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬الأدبية‭ . ‬لايدرك‭ ‬الكثيرون‭ ‬أنهم‭ ‬مختلفى‭ ‬الأعمار‭ ‬والاتجاهات‭ ‬والقدرات‭ ‬وظروف‭ ‬الحياة‭ . ‬الكاتب‭ ‬الذى‭ ‬فى‭ ‬الستين‭ ‬ليس‭ ‬مثل‭ ‬الكاتب‭ ‬الذى‭ ‬فى‭ ‬الأربعين‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬فى‭ ‬انتباهه‭ ‬لما‭ ‬حوله‭. ‬يمكن‭ ‬جدا‭ ‬للكاتب‭ ‬الصغير‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬كتابا‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬بينما‭ ‬من‭ ‬تقدم‭ ‬به‭ ‬العمر‭ ‬قد‭ ‬يضيع‭ ‬يومه‭ ‬فى‭ ‬الشرود‭. ‬والذى‭ ‬يتابع‭ ‬الحياة‭ ‬الأدبية‭ ‬قد‭ ‬يشعر‭ ‬كثيرا‭ ‬بالذنب‭ ‬بينما‭ ‬غيره‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭. ‬الذنب‭ ‬حين‭ ‬يقدم‭ ‬إليه‭ ‬كاتب‭ ‬صغير‭ ‬كتابا‭ ‬ولا‭ ‬يقرؤه‭ . ‬هنا‭ ‬يلعب‭ ‬النسيان‭ ‬دوره‭ ‬أحيانا‭. ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬المتقدمين‭ ‬فى‭ ‬العمر‭ ‬فى‭ ‬شجاعة‭ ‬القول‭ ‬أننى‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ . ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬كاتبا‭ ‬مثلى‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬زمان‭. ‬زمان‭ ‬كنت‭ ‬أقرأ‭ ‬ولا‭ ‬أعلق‭ ‬أو‭ ‬أقول‭ ‬رأيى‭ ‬لأنى‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬جعلت‭ ‬بينى‭ ‬وبين‭ ‬النقد‭ ‬الأدبى‭ ‬حاجزا‭ . ‬كتبت‭ ‬فى‭ ‬شبابى‭ ‬مراجعات‭ ‬كثيرة‭ ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬أسبوعية‭ ‬فى‭ ‬صحف‭ ‬مصرية‭ ‬وعربية،‭ ‬ولم‭ ‬يدرك‭ ‬أحد‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬وسيلة‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الحياة‭ . ‬فالعائد‭ ‬المادى‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬المقال‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬القصة‭ ‬لأنك‭ ‬لن‭ ‬تكتب‭ ‬القصة‭ ‬كل‭ ‬أسبوع‭ . ‬أذكر‭ ‬أنى‭ ‬يوما‭ ‬عام‭ ‬1978‭ ‬كنت‭ ‬أحلم‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬أتوقف‭ ‬عن‭ ‬نشر‭ ‬المقالات‭ ‬لأنها‭ ‬تلهينى‭ ‬عن‭  ‬الحرية‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬أقرأ‭ ‬فقط‭ !. ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬تقرأ‭ ‬فقط‭ ‬،‭ ‬أرحب‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬تقرأ‭ ‬لتكتب‭ . ‬وحدث‭ ‬أنى‭ ‬سافرت‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬وعدت‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬وقد‭ ‬توفر‭ ‬معى‭ ‬عشرة‭ ‬آلالف‭ ‬جنيه،‭ ‬وضعتها‭ ‬وديعة‭ ‬فى‭ ‬البنك،‭ ‬وكان‭ ‬عائد‭ ‬الوديعة‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬حوالى‭ ‬عشرين‭ ‬فى‭ ‬المائة‭ ‬فجأة‭. ‬آخر‭ ‬سنوات‭ ‬السادات‭ ‬ولا‭ ‬أذكر‭ ‬السبب‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬منافسة‭ ‬لظاهرة‭ ‬توظيف‭ ‬الأموال،‭ ‬أم‭ ‬غيره‭ ‬،‭ ‬فقد‭ ‬عاد‭ ‬كل‭ ‬شئ‭ ‬إلى‭ ‬ماهو‭ ‬أقل،‭ ‬وحدثت‭ ‬فى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬تغيرات‭ ‬عنيفة‭ ‬أو‭ ‬ألعاب‭ ‬شديدة‭ ‬لا‭ ‬أعرف،‭ ‬أو‭ ‬أعرف‭ ‬ولا‭ ‬أهتم‭ . ‬المهم‭ ‬كنت‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬البنك‭ ‬فى‭ ‬وسط‭ ‬البلد‭ ‬أحصل‭ ‬على‭ ‬العائد‭ ‬الشهرى‭ ‬وأعود‭ ‬إلى‭ ‬بيتى‭ ‬فى‭ ‬امبابة،‭ ‬وكان‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬أفعله‭ ‬أن‭ ‬اشترى‭ ‬جمبرى‭ ‬وقاروص‭ ‬من‭ ‬بائع‭ ‬سمك‭ ‬يقف‭ ‬فى‭ ‬شارع‭ ‬قصر‭ ‬النيل‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬جروبى‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬طازجا‭ ‬ويبيعه‭ ‬أرخص‭ ‬من‭ ‬سعره‭ ‬فى‭ ‬سوق‭ ‬المنيرة‭ ‬فى‭ ‬امبابة‭ . ‬كان‭ ‬شراء‭ ‬الجمبرى‭ ‬والقاروص‭ ‬له‭ ‬طعم‭ ‬الفرحة‭ ‬أنى‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬أكتب‭ ‬المقالات‭ ‬مضطرا‭ ‬للحياة‭. ‬انتهى‭ ‬ذلك‭ ‬طبعا‭ ‬بسرعة‭ ‬وعدت‭ ‬إلى‭ ‬كتابة‭ ‬المقالات‭ . ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬الكتابة‭ ‬فى‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬أكثر‭ ‬فلم‭ ‬أنفصل‭ ‬عنه‭ ‬فى‭ ‬حياتى‭ . ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬أصبح‭ ‬لدى‭ ‬شعور‭ ‬بالذنب‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬أكتب‭ ‬عن‭ ‬كتاب‭ ‬قرأته،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬أهدانى‭ ‬الكتاب‭ ‬صاحبه‭. ‬هذه‭ ‬لا‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬أى‭ ‬شىء‭ ‬أدبى‭ ‬فلقد‭ ‬عرفت‭ ‬كاتبا‭ ‬كان‭ ‬أكبر‭ ‬منى‭ ‬فى‭ ‬العمر‭ ‬ويسبقنى‭ ‬فى‭ ‬الكتابة،‭ ‬ما‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬أخذته‭ ‬إلى‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬فى‭ ‬سيارتى‭ ‬زمان،‭ ‬وكان‭ ‬يعود‭ ‬محملا‭ ‬بالكتب‭ ‬المهداة‭ ‬إليه،‭ ‬ثم‭ ‬يتركها‭ ‬فى‭ ‬سيارتى‭ ‬وينزل‭ ‬عند‭ ‬بيته،‭ ‬ولما‭ ‬سألته‭ ‬مرة‭ ‬لماذا‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬أشار‭ ‬لى‭ ‬بمعنى‭ ‬اماتوجعش‭ ‬دماغك‭ . ‬الصدفة‭ ‬جعلتنى‭ ‬أراه‭ ‬على‭ ‬المقهى‭ ‬حين‭ ‬يقابله‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أهداهم‭ ‬الكتاب‭ ‬الذى‭ ‬صار‭ ‬عندى،‭ ‬وكيف‭ ‬يحدثه‭ ‬عن‭ ‬روعة‭ ‬الرواية‭ ‬أو‭ ‬المجموعة‭ ‬القصصية‭ ‬أو‭ ‬الديوان‭! . ‬كيف‭ ‬اتسق‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬هكذا‭ ‬؟‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ . ‬كاتب‭ ‬آخر‭ ‬كان‭ ‬أجمل‭ ‬اتساقا‭ ‬فهو‭ ‬يقول‭ ‬لمن‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يهدى‭ ‬إليه‭ ‬كتابا‭ ‬أنه‭ ‬للاسف‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يقرأ‭ .  ‬لا‭ ‬يكذب‭ ‬فلقد‭ ‬تقدم‭ ‬به‭ ‬العمر‭ ‬وهذا‭ ‬حقه‭ . ‬حكى‭ ‬لى‭ ‬ذلك‭ ‬أحد‭ ‬الشباب‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬إنه‭ ‬أفضل‭ ‬كثيرا‭ ‬وجدير‭ ‬بالاحترام،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬الجميع‭ ‬فى‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الصراحة‭ . ‬كان‭ ‬تعبى‭ ‬مع‭ ‬الكاتب‭ ‬الأول‭ ‬فى‭ ‬أنى‭ ‬وأنا‭ ‬أتخلص‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬التى‭ ‬تركها‭ ‬فى‭ ‬سيارتى‭ ‬لأنها‭ ‬عندى‭ ‬أيضا،‭ ‬اضطر‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬الإهداءات‭ ‬التى‭ ‬على‭ ‬صفحاتها،‭ ‬ولا‭ ‬أفعل‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬البعض‭ ‬الآن‭ ‬حين‭ ‬يجدون‭ ‬كتابا‭ ‬عليه‭ ‬اهداء‭ ‬فينشرون‭ ‬ذلك‭ ‬ويفضحون‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬الإهداء‭ ‬إليه‭ ‬لا‭ ‬أدرى‭ ‬لماذا‭. ‬لذلك‭ ‬حرصت‭ ‬حين‭ ‬آخذ‭ ‬كتاباً‭ ‬على‭ ‬المقهى‭ ‬من‭ ‬كاتب‭ ‬ألا‭ ‬أنساه،‭ ‬وللأسف‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬مرتين‭ ‬فلقد‭ ‬صرت‭ ‬أنسى‭ ‬وشرحت‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬لصاحب‭ ‬الكتاب‭ ‬أو‭ ‬صاحبته‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬المقاهى‭ ‬أو‭ ‬الندوات‭ ‬ولا‭ ‬آخذ‭ ‬كتبا‭ ‬فى‭ ‬الطرقات‭. ‬لقد‭ ‬صرت‭ ‬أنسى‭ ‬مافى‭ ‬بيتى‭ ‬فمابالك‭ ‬بالطريق‭ ‬العام‭ . ‬تغيرت‭ ‬الدنيا‭ ‬وأصبحت‭ ‬الكتب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إليك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الرسائل‭ ‬الخاصة‭ ‬فى‭ ‬الفيسبوك‭ ‬أو‭ ‬الإيميل،‭ ‬وكل‭ ‬كاتب‭ ‬يرسل‭ ‬رسالة‭ ‬لابد‭ ‬لا‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬غيره‭ ‬يرسلون‭ ‬بالعشرات،‭ ‬مما‭ ‬جعلنى‭ ‬أضطر‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬على‭ ‬صفحتى‭ ‬اعتذارا‭ ‬عن‭ ‬القراءة‭ ‬لأسباب‭ ‬تتعلق‭ ‬بالعمر‭ ‬والنظر‭ ‬والانشغال‭ ‬بكتابة‭ ‬رواية‭ ‬أو‭ ‬بأسئلة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬محبطة‭ ‬لصغار‭ ‬السن،‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬سؤال‭ ‬مامعنى‭ ‬مافعلت‭ ‬أو‭ ‬قدمت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬وكل‭ ‬شيئ‭ ‬حولك‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬أو‭ ‬تأخر؟‭. ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬أحيانا‭ ‬أجد‭ ‬نفسى‭ ‬راغبا‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬تعليق‭ ‬على‭ ‬رواية‭ ‬اسعدتنى‭ ‬لكاتب،‭ ‬والأهم‭ ‬أنى‭ ‬أراه‭ ‬مظلوما‭ ‬رغم‭ ‬كتاباته،‭ ‬ويتحول‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬عتاب‭ ‬على‭ ‬الخاص‭ ‬لأن‭ ‬عشرات‭ ‬أعطونى‭ ‬كتبا،‭ ‬ويتحول‭ ‬إلى‭ ‬زحام‭ ‬من‭ ‬الرغبة‭  ‬فى‭ ‬توصيل‭ ‬الكتب‭ ‬اليّ‭ ‬أنا‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭

 

‬أين‭ ‬أضعها‭ . ‬تظل‭ ‬أمامى‭ ‬على‭ ‬المكتب‭ ‬أسبوعا‭ ‬ثم‭ ‬أرفعها‭ ‬إلى‭ ‬الدولاب‭ ‬متخيلا‭ ‬أنى‭ ‬قرأتها‭ . ‬حدثت‭ ‬الشاعر‭ ‬صديق‭ ‬العمر‭ ‬عبد‭ ‬المنعم‭ ‬رمضان‭ ‬مرة‭ ‬فى‭ ‬المسألة،‭ ‬فقال‭ ‬لى‭ ‬طبعا‭ ‬لأن‭ ‬كلمة‭ ‬منك‭ ‬تختلف‭ ‬وتؤثر‭ ‬وهم‭ ‬لديهم‭ ‬عشم‭ ‬كبير‭ ‬ومعهم‭ ‬حق‭. ‬لكنى‭ ‬حسدت‭ ‬عبد‭ ‬المنعم‭ ‬رمضان‭ ‬الذى‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬حساب‭ ‬على‭ ‬الفيسبوك‭. ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬فكرت‭ ‬أن‭ ‬ألغى‭ ‬الحساب،‭  ‬ليس‭ ‬غضبا‭ ‬لكن‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬النسيان‭ ‬لكنى‭ ‬لا‭ ‬أفعل‭ . ‬تغيرت‭ ‬اتجاهاتى‭ ‬فى‭ ‬القراءة،‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬احساسى‭ ‬بمايضيف‭ ‬إليّ‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬القصة‭ ‬أو‭ ‬الرواية‭ ‬موجودا‭. ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬الكتب‭ ‬الفكرية‭ ‬وأحيانا‭ ‬النقدية‭ ‬وهى‭ ‬قليلة‭ . ‬لكن‭ ‬يداهمنى‭ ‬الإحساس‭ ‬بالذنب‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أهدانى‭ ‬أو‭ ‬أرسل‭ ‬لى‭ ‬عملا‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬كثيرين‭ ‬صراحة‭ ‬لا‭ ‬يسألوننى‭ ‬عن‭ ‬رأيي‭. ‬أتذكر‭ ‬مايحدث‭ ‬عادة‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬للنقاد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬الكاتب‭ ‬مشهورا‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬الأدبية‭ . ‬كثيرون‭ ‬يتنكرون‭ ‬لهم‭ ‬ويصبح‭ ‬كل‭ ‬مافعله‭ ‬النقاد‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬له،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬المبدع‭ ‬فرحا‭ ‬به‭ ‬جدا‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬حياته‭ . ‬هذه‭ ‬عادة‭ ‬رأيتها‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬أو‭ ‬أكثرهم‭ ‬من‭ ‬زمان‭ ‬وهى‭ ‬مستمرة‭ ‬فى‭ ‬التاريخ،‭ ‬ولن‭ ‬أضرب‭ ‬الأمثلة‭ . ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يشغلنى‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬رؤية‭ ‬نقدية‭ ‬لى‭ ‬ولا‭ ‬مشروع‭ . ‬أنا‭ ‬رجل‭ ‬تتحرك‭ ‬روحى‭ ‬مع‭ ‬كتاب‭ ‬قرأته‭ ‬والسلام،‭  ‬وأعيش‭ ‬على‭ ‬النسيان‭ . ‬النسيان‭ ‬الذى‭ ‬جعلنى‭ ‬لا‭ ‬أكتب‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬حلم‭ ‬غريب‭ ‬رأيت‭ ‬فيه‭ ‬الكاتب‭ ‬حسن‭ ‬عبد‭ ‬الموجود‭ ‬الذى‭ ‬ذكرنى‭ ‬منذ‭ ‬يومين‭ ‬بالتليفون‭ ‬بكتابة‭ ‬المقال‭ ‬الشهري،‭ ‬يسألنى‭ ‬هل‭ ‬نسيت‭ ‬المقال؟‭ . ‬صحوت‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬ونظرت‭ ‬حولى‭ ‬فعرفت‭ ‬أن‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬الإثنين‭ ‬والفرصة‭ ‬باقية‭. ‬نظرت‭ ‬حولى‭ ‬إلى‭ ‬جدران‭ ‬الغرفة‭ ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬حائط‭ . ‬كيف‭ ‬تذكرت‭ ‬الزمان‭ ‬وأنا‭ ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬المكان؟‭ . ‬

لا‭ ‬أعرف‭ . ‬وهأنذا‭ ‬أكتب‭ ‬المقال‭ ‬فى‭ ‬موعده‭ ‬ولتحيا‭ ‬الأحلام‭ ‬ذاكرة‭ ‬النسيان‭ .   ‬

المصدر : جريده اخبار الادب 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة