المخرج خالد جلال
المخرج خالد جلال


«ملتقى الهناجر الثقافي»: الأغنية الوطنية رافدا مهما من القوة الناعمة

نادية البنا

الإثنين، 02 أغسطس 2021 - 12:15 م

أقام قطاع شؤون الإنتاج الثقافى برئاسة المخرج خالد جلال، وتحت إشراف الفنان شادى سرور، مدير مركز الهناجر للفنون؛ ملتقى الهناجر الثقافي الشهري تحت عنوان: "الأغنية الوطنية.. ودورها فى الأحداث السياسية".

وأدارت النقاش الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة الملتقى ومؤسسته، بمركز الهناجر للفنون الواقع في ساحة دار الأوبرا المصرية.

قالت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة ملتقى الهناجر الثقافى ومؤسسته، موضوعنا الليلة يتمحور حول دور الأغنية الوطنية فى الأحداث السياسية، وهو من أكثر الموضوعات المحببة لنا جميعًا، خاصةً وأن الأغنية الوطنية المصرية لها مذاق خاص جدًا، كما أن الأغنية الوطنية بشكل عام لها دور كبير بالغ الأهمية فى حياتنا وحياة سائر الأمم والشعوب، وفى حقيقة الأمر إن الأغنية الوطنية ليست كما يحسبها البعض ويختزلها فى صيحات من الطرب والأنغام، فهى تمثل نبضات روح الشعوب، وقد وصفت كذلك الأغنية بأنها أصدق ترجمان وأفصح معبر عن مشاعر وأحاسيس وآمال وآلام الأمم والشعوب.


وأوضحت الدكتورة ناهد عبد الحميد، كما أن للأغنية الوطنية دورًا بارزًا ومؤثر جدًا، يبرز حينما تدور رحى الحروب أو يحتدم القتال، نجدها تشحذ الهمم وتستنهضها، وتشد العزائم وتخلق روح الانتماء والولاء والتضحية والفداء لدى السامع، مشيرة إلى أهمية دور مصر وتأثيرها فى الأمة العربية، كما أنه لازم كل صور التحرر والاستقلال عبر العصور، بداية من عام 1725 ق.م، إبان غزو الهكسوس لمصر، مرورًا بكل الأحداث والثورات والحركات والمتغيرات السياسية، وصولًا إلى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وما أعقب ذلك من أحداثز
وأضافت الدكتورة ناهد عبد الحميد، المبدع المصرى يعيش الحدث، ويسافر من خلاله فى ثنايا الروح ليعتمل الحدث بداخله، ثم يجتره إلينا فى هيئة كلماتٍ منتقاة ولحن جميل لا تخطئه الأذن، فيتحول هذا اللحن إلى أغنية، وهذه الأغنية الوطنية الرائعة تصبح صرخة مدوية، يستصرخ بها المواطن، ويحتشد الجميع ويتوحد بها، فنجد أن نجاح معظم الثورات والحركات السياسية الحديثة فى مصر، كان مرتبطًا بالغناء الوطنى الذى يآثرها ويؤيدها، كما كان مواكبًا لها، وهنا بطبيعة الحال لا نستطيع أن نغفل الجانب العسكرى أو السياسى، فكلاهما فى غاية الأهمية، لكن موضوعنا اليوم يركز تحديدًا على الأغنية الوطنية، التى تُعد رافدًا مهمًا من روافد القوة الناعمة، ولا شك أن القوة الناعمة تُعد موازية للقوة العسكرية وتضاهيها فى الأهمية، ودورها مساندة القوة الخشنة، فمثلًا على سبيل المثال نجد أن ثورة عرابى ما بين عامى 1981م و1982م، كان من أسباب إخفاقها قلة دعمها بالأغانى الوطنية، باستثناء بعض الكلمات المقفاة، وبعض الكلمات المغناة البسيطة جدًا التى دارت حول السخرية من المستعمر مثل: "يا بن بلدى يا فلاح زفوا توفيقة للسفاح"، مشيرة إلى المراحل التاريخية التى مرت بها مصر ودور الأغنية الوطنية فى كل مرحلة، مؤكدة أن ثورة 1919م، قد حازت كمًا رائعًا من الأغنيات الوطنية الناجحة، وناشدت الدكتورة ناهد عبد الحميد كل من يجد فى نفسه الموهبة من الشباب، التقدم فى مسابقة قطاع شؤون الإنتاج الثقافى للأغنية الوطنية للشباب، والتى تأتى فى موسمها الرابع تحت عنوان: "أنا المصرى"، وتقام فى فروع "الغناء - التلحين - التأليف - التوزيع الموسيقى"، حيث تقرر مد فترة استقبال الأعمال للمشاركة فى المسابقة إلى منتصف أغسطس.

ومن جانبها أكدت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع العسكرى بجامعة الزقازيق، على أهمية دور الأغنية الوطنية وأثرها الإيجابى على المجتمع، ووصفت الأغنية الوطنية بأنها كتلة من المشاعر النبيلة الموجهة إلى الأمة والوطن، وتمثل معنى الأمان للأمة جمعاء.
وأشارت إلى أن مجتمعنا المصرى يأتى فى طليعة المجتمعات التى عرفت الغناء لأوطانها، كما أن الأغنية الشهيرة: "وحوى وحوى " تُعد من أوليات الأغنيات الوطنية ومعناها "افرحى افرحى ياقمر"، وأن قيمة الأغنية الوطنية تتمثل فى رفع الوعى المجتمعى، كما أنها تعبر عن الضمير الجمعى للأمة، ويضاف إلى ذلك أنها توثق أهم مراحل الأمة التاريخية باختلافها، فضلًا عن بثها لروح الانتماء والولاء بين أبناء الوطن.
وطالبت الدكتورة هدى زكريا أن يتم تكوين لجنة متخصصة تعمل على أرشفة وإحياء الأغانى الوطنية المصرية، التى يصل عددها إلى 1250 أغنية، والموجودة لدى اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصرى، تلك الأغنيات التى تُعد كنزًا لا يقدر بمال.
وأوضح  الدكتور أشرف عبد الرحمن أستاذ النقد الموسيقى بالمعهد العالي للنقد الفنى بأكاديمية الفنون، أن تاريخ الأغنية الوطنية ما قبل القرن العشرين له وضع، وبمجيء فنان الشعب سيد درويش بات فى وضعٍ آخر، فلا شك أن عبقرية سيد درويش جعلته بلا منازع قائد ثورة الغناء، ورائدًا للألوان الغنائية الموجودة كافة، فكانت البداية الحقيقية للأغنية الوطنية المصرية والعربية على يد الفنان الرائد سيد درويش، الذى أسس أنواعاً كثيرة من الأغنية الوطنية.

وأضاف مصر تُعد أول دولة عربية يكون لها نشيد وطنى، وذلك  فى عهد الخديو إسماعيل، لذا فكان من الطبيعى أن تكمن الريادة المصرية بشكل كبير فى قوتها الناعمة، ويعد خير دليل على عظم ما ساهم به الفن المصرى فى تشكيل الهوية الوطنية العربية، أن الأناشيد الوطنية للعديد من الدول العربية تحمل بصمة مبدعى مصر وملحنيها وشعرائها الكبار أمثال: الفنان سعد عبد الوهاب والفنان محمد فوزى وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والشاعر مصطفى صادق الرافعى والموسيقار راجح داوود، الذين خلدت ألحانهم فى الأناشيد الوطنية لدول عربية مثل: العراق وتونس والجزائر وفلسطين والإمارات العربية المتحدة وليبيا والسعودية وموريتانيا.


وأشار الدكتور طارق منصور، الأستاذ بجامعة عين شمس، إلى الجانب الإجتماعى لثورة 23 يوليو 1952، وما نصت عليه مبادئها الستة، وبشكل خاص مبدأ تحقيق العدالة الإجتماعية ، خاصة وأن حال المجتمع المصرى آنذاك كان فى بين الفقر والمرض، فى ظل نظام الإقطاعيين الذى حرم البسطاء والفلاحين والعمال من المصريين من حقهم فى التعليم، واقتصر هذا الحق لأبناء الطبقة العليا، مما جعل الأمية تنتشر بين عموم المصريين، مشيدا بإنجازات ثورة يوليو وعلى رأسها مجانية التعليم، كما أن النهضة التنموية التى تشهدها قرى مصر ومدنها المختلفة، تتآلف مع روح ثورة 23 يوليو ومبادئها بدرجة كبيرة.

وقال الدكتور طايع عبد اللطيف، رئيس معهد إعداد القادة بحلوان؛ ومستشار وزير التعليم العالى للأنشطة الطلابية بالجامعات المصرية، الأغنيات الوطنية المصرية تمثل أهم العوامل التى تترجم أو تعبر عن الوجدان المصرى، حيث تأثيرها يبلغ مداه الأقصى فى الانكسارات والمصائب العميقة للأمة، ونجد هذا واضحًا فى العديد من الأمثلة من أكثر الأغنيات الوطنية نجاحًا، مثل: قوم يا مصرى لفنان الشعب سيد درويش، وبعد ذلك فى حقبة لاحقة نجد كذلك حينما رددت كوكب الشرق والله زمان يا سلاحى وكان النشيد الوطنى للجمهورية العربية المتحدة، كان هو ما أعطى الدفعة للزعيم جمال عبد الناصر؛ فقال سنحارب، وهو ما أعطانا القوة الدافعة لرحلة حرب الاستنزاف التى أوصلتنا إلى نصر أكتوبر المجيد، لا شك أن الأغانى الوطنية كانت بمثابة البلسم والدواء الذى جعل من الانكسارات انتصارات.".
وتخللت المناقشة فقرة فنية غنائية قدمتها فرقة: (شموع) الغنائية بقيادة المايسترو الفنان سعيد عثمان، وختامًا جاءت مشاركة الشاعرة رشا حسنى التى ألقت قصيدتين، الأولى بالعامية المصرية وعنوانها: "ملحمة شعب"، أما الأخرى فهى بالعربية الفصحى، من الشعر العمودى وعنوانها: "أنا المصرى".

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة