أشرف العشماوى:الجوائز لا تزال بعيدة عنى
أشرف العشماوى:الجوائز لا تزال بعيدة عنى


التكريم له قيمة معنوية عظيمة خاصة إذا كان من بلدى

الأديب أشرف العشماوي: الجوائز لا تزال بعيدة عني

أخبار الأدب

الإثنين، 02 أغسطس 2021 - 01:04 م

كتب : ‬أسامة‭ ‬فاروق

يعود‭ ‬أشرف‭ ‬العشماوى‭ ‬فى‭ ‬روايته‭ ‬الأحدث‭ ‬اصالة‭ ‬أورفانللى‭ ‬للمرة‭ ‬الثالثة‭ ‬على‭ ‬التوالى‭ ‬للفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬نفسها،‭ ‬من‭ ‬العهد‭ ‬الملكى‭ ‬حتى‭ ‬السبعينيات،‭ ‬راصدا‭ ‬التحولات‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لمصر‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬تحول‭ ‬كبرى،‭ ‬وأحوال‭ ‬مهنة‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬رواج‭ ‬تاريخية‭. ‬عبر‭ ‬ثلاث‭ ‬شخصيات‭ ‬أساسية‭ ‬يكمل‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬قصة‭ ‬الآخر‭ ‬ويحكى‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬حكاية‭ ‬موته،‭ ‬نشاهد‭ ‬صراعا‭ ‬محتدما‭ ‬حول‭ ‬اصالة‭ ‬مزادات‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬فيها‭ ‬معروض‭ ‬للبيع‭.‬

خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬الممتدة‭ ‬تتبدل‭ ‬العصور‭ ‬والحكام‭ ‬وتتبدل‭ ‬القاهرة‭ ‬ومعها‭ ‬أحوال‭ ‬الصالة‭ ‬وتتعمق‭ ‬رمزيتها‭ ‬فمن‭ ‬اكان‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬زجاج‭ ‬الواجهة‭ ‬يتفرج‭ ‬على‭ ‬المزاد،‭ ‬صار‭ ‬أكثر‭ ‬جرأة‭ ‬وتواجد‭ ‬بنهاية‭ ‬الصالة‭ ‬متابعا،‭ ‬ثم‭ ‬تشجع‭ ‬اليوم‭ ‬وزايد‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬يحتل‭ ‬المقدمة،‭ ‬وتراجع‭ ‬الباقون‭ ‬حتى‭ ‬غادروا‭ ‬بلا‭ ‬عودة‭ ‬وباتت‭ ‬فلولهم‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬القبور‭.‬

نشاهد‭ ‬الصالة‭ ‬بين‭ ‬لحظتى‭ ‬ازدهار‭ ‬وأفول‭.. ‬تزيد‭ ‬أسهمها‭ ‬بزيارة‭ ‬الملك،‭ ‬ثم‭ ‬تتضاعف‭ ‬أربحاها‭ ‬ببيع‭ ‬مقتنياته‭ ‬بعد‭ ‬عزله،‭ ‬ترفع‭ ‬صورته‭ ‬لتضع‭ ‬صورة‭ ‬الرئيس‭ ‬وترفعها‭ ‬لتضع‭ ‬غيرها‭ ‬فى‭ ‬لعبة‭ ‬بطلها‭ ‬الزمن‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يكف‭ ‬عن‭ ‬التبدل،‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬سننه‭ ‬وأحكامه‭ ‬ودروسه،‭ ‬معريا‭ ‬النفوس‭ ‬الفاسدة‭ ‬وطبائع‭ ‬البشر‭ ‬الجشعة‭.‬

صالة‭ ‬أورفانللى‭ ‬هى‭ ‬الرواية‭ ‬التاسعة‭ ‬فى‭ ‬مسيرة‭ ‬الكاتب‭ ‬والقاضى‭ ‬أشرف‭ ‬العشماوى‭ ‬وفازت‭ ‬مؤخرا‭ ‬بجائزة‭ ‬أفضل‭ ‬رواية‭ ‬فى‭ ‬معرض‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولى‭ ‬للكتاب،‭ ‬وعنها‭ ‬دار‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭.‬

كيف‭ ‬تلقيت‭ ‬نبأ‭ ‬فوز‭ ‬اصالة‭ ‬أورفانيللى‭ ‬بجائزة‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب؟‭ ‬هل‭ ‬توقعت‭ ‬الفوز؟

الحقيقة‭ ‬لم‭ ‬أتوقع‭ ‬الفوز‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬ناشرى‭ ‬قدم‭ ‬روايتى‭ ‬فى‭ ‬المسابقة‭ ‬فى‭ ‬مارس‭ ‬الماضى،‭ ‬وبالطبع‭ ‬تلقيت‭ ‬النبأ‭ ‬بدهشة‭ ‬كبيرة‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬أخفيك‭ ‬سرا‭ ‬أنا‭ ‬كنت‭ ‬سعيدا‭ ‬للغاية‭ ‬وقت‭ ‬تسلم‭ ‬الجائزة‭ ‬والقاعة‭ ‬كلها‭ ‬تصفق‭ ‬لي‭. ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬التكريم‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬قيمة‭ ‬معنوية‭ ‬عظيمة‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بلدى‭. ‬

‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المقابلة‭ ‬الشخصية‭ ‬وحتى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الطبعات‭ ‬المتعددة‭ ‬لأعمالك‭ ‬أن‭ ‬تقيس‭ ‬تقدير‭ ‬القراء،‭ ‬لكن‭ ‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التعامل‭ ‬النقدى‭ ‬والجوائز؟‭ ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬مقدر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الناحية؟‭ ‬

أنا‭ ‬أعتبر‭ ‬نفسى‭ ‬محظوظا‭ ‬بالقياس‭ ‬لآخرين‭ ‬من‭ ‬جيلى‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬فى‭ ‬موضوع‭ ‬النقد‭ ‬أشاد‭ ‬بى‭ ‬وكتب‭ ‬عنى‭ ‬وانتقدنى‭ ‬بل‭ ‬وهاجمنى‭ ‬بضراوة‭ ‬كبار‭ ‬النقاد‭ ‬والصحفيين‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬والعالم‭ ‬العربى،‭ ‬فى‭ ‬ظنى‭ ‬أن‭ ‬كتاباتى‭ ‬شغلت‭ ‬اهتمامهم‭ ‬

وأثارت‭ ‬فضولهم‭ ‬هذا‭ ‬يكفينى،‭

‬ورغم‭ ‬اتهامى‭ ‬من‭ ‬أحدهم‭ ‬بأننى‭ ‬أكتب‭ ‬الرواية‭ ‬الرائجة‭ ‬تجاريا‭ ‬واتهام‭ ‬من‭ ‬آخر‭ ‬أننى‭ ‬أكتب‭ ‬بمشهدية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الجانب‭ ‬الأدبى‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬وكبار‭ ‬الكتاب‭ ‬أشاد‭ ‬بالسرد‭ ‬والبناء‭ ‬لغالبية‭ ‬رواياتى،‭ ‬أعتقد‭ ‬أننى‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬اهتمام‭ ‬نقدى‭ ‬وصحفى‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬والكتاب‭ ‬يجعلنى‭ ‬راضيا‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬موضوع‭ ‬الجوائز‭ ‬الأمر‭ ‬يختلف‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بعيدة‭ ‬عنى،‭ ‬أنا‭ ‬لست‭ ‬ممن‭ ‬يكتبون‭ ‬لجائزة‭ ‬ولا‭ ‬ممن‭ ‬يهيلون‭ ‬التراب‭ ‬عليها‭ ‬إذا‭ ‬خسرتها،‭ ‬أنا‭ ‬أهتم‭ ‬برأى‭ ‬القراء‭ ‬الذين‭ ‬أكتب‭ ‬لهم‭ ‬فى‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬بعدها‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬يهتم‭ ‬النقاد‭ ‬والصحافة‭ ‬بما‭ ‬كتبت‭ ‬بالطبع،‭ ‬لكن‭ ‬عند‭ ‬الجوائز‭ ‬أنا‭ ‬أتفهم‭ ‬أن‭ ‬ذائقة‭ ‬لجان‭ ‬التحكيم‭ ‬تتحكم‭ ‬فى‭ ‬اختياراتهم‭ ‬وأحترم‭ ‬ذلك‭ ‬

وأقدره‭ ‬وأرى‭ ‬بصراحة‭ ‬وبدون‭ ‬تواضع‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬كثيرين‭ ‬أهم‭ ‬وأمهر‭ ‬منى‭ ‬فى‭ ‬الكتابة‭ ‬الروائية‭ ‬وتستحق‭ ‬أعمالهم‭ ‬جوائز‭ ‬كنت‭ ‬تقدمت‭ ‬لها‭ ‬معهم‭ ‬وفازوا‭ ‬هم‭ ‬بها،‭ ‬أنا‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬أقدم‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الجوائز‭ ‬فمثلا‭ ‬لم‭ ‬أقدم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فى‭ ‬جائزة‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬وقدمت‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬فقط‭ ‬فى‭ ‬البوكر‭ ‬وصلت‭ ‬فى‭ ‬إحداها‭ ‬لقائمة‭ ‬طويلة‭ ‬وقدمت‭ ‬مرة‭ ‬لجائزة‭ ‬الطيب‭ ‬صالح‭ ‬ولم‭ ‬يحالفنى‭ ‬الحظ‭ ‬وفزت‭ ‬مرتين‭ ‬بجائزة‭ ‬هيئة‭ ‬الكتاب‭ ‬وحصلت‭ ‬روايتى‭ ‬كلاب‭ ‬الراعى‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬أفضل‭ ‬رواية‭ ‬تاريخية‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فى‭ ‬الملتقى‭ ‬الثقافى‭ ‬السنوى‭ ‬عام‭ ‬2019‭ . ‬فى‭ ‬المجمل‭ ‬أنا‭ ‬راض‭ ‬وأشعر‭ ‬بالتقدير‭ ‬فى‭ ‬النقد‭ ‬وأتمنى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬بالطبع‭ ‬أنا‭ ‬مثل‭ ‬أى‭ ‬إنسان‭ ‬طبيعى‭ ‬يفرح‭ ‬بالتكريم‭ ‬والجائزة‭ ‬الأدبية‭ ‬عن‭ ‬كتاباته،‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يغمرنى‭ ‬بالسعادة‭ .‬

متى‭ ‬فكرت‭ ‬فى‭ ‬اصالة‭ ‬أورفانيللى‭ ‬وكم‭ ‬استغرقت‭ ‬فى‭ ‬كتابتها؟

حكاية‭ ‬صالة‭ ‬أورفانيللى‭ ‬عن‭ ‬المزاد‭ ‬ومدى‭ ‬تشابهه‭ ‬مع‭ ‬الحياة،‭ ‬مدى‭ ‬إمكانية‭ ‬تحول‭ ‬البشر‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬معروضة‭ ‬فى‭ ‬صالة‭ ‬ينتظرون‭ ‬دورهم‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬والزواج‭ ‬والعمل‭ ‬والصداقة‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬علاقة‭ ‬إنسانية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬وما‭ ‬الذى‭ ‬سنخسره‭ ‬تباعا‭ ‬فى‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬حتى‭ ‬نخسر‭ ‬أنفسنا‭ ‬فى‭ ‬النهاية،‭ ‬فكرت‭ ‬فيها‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬بعد‭ ‬انتهائى‭ ‬من‭ ‬رواية‭ ‬سيدة‭ ‬الزمالك‭ ‬بنحو‭ ‬شهرين‭ ‬واستغرقت‭ ‬منى‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭ ‬لكتابتها‭ ‬ومراجعتها‭ .‬

كيف‭ ‬حضرت‭ ‬نفسك‭ ‬لهذا‭ ‬العمل‭ ‬الغارق‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬وفى‭ ‬مهنة‭ ‬تعرضت‭ ‬للانقراض‭ ‬فى‭ ‬مصر‭.. ‬ماذا‭ ‬قرأت‭ ‬وشاهدت؟

مثل‭ ‬أى‭ ‬عمل‭ ‬غارق‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬لجأت‭ ‬لدار‭ ‬الوثائق‭ ‬القومية‭ ‬وأرشيف‭ ‬الهلال‭ ‬وجريدة‭ ‬الأهرام‭ ‬وأعداد‭ ‬مجلة‭ ‬اللطائف‭ ‬والكليم‭ ‬اليهودية‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1956‭ ‬ثم‭ ‬بدأت‭ ‬فى‭ ‬التردد‭ ‬على‭ ‬صالات‭ ‬مزادات‭ ‬لمدة‭ ‬عام‭ ‬والتقيت‭ ‬بخبراء‭ ‬وأصحاب‭ ‬صالات‭ ‬ويهود‭ ‬يعيشون‭ ‬فى‭ ‬حارة‭ ‬اليهود‭ ‬وهم‭ ‬قلة‭ ‬للأسف‭ ‬بسبب‭ ‬انقراض‭ ‬المهنة،‭ ‬بعضهم‭ ‬تكلم‭ ‬معى‭ ‬بأريحية‭ ‬وبعضهم‭ ‬كاد‭ ‬يطردنى‭ ‬من‭ ‬الصالة‭ ‬وبالطبع‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أستخدم‭ ‬مهنتى‭ ‬فى‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬ومن‭ ‬جماع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬كتبت‭ ‬معتمدا‭ ‬على‭ ‬خيالى‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬فقط‭ ‬كانت‭ ‬تنقصنى‭ ‬بعض‭ ‬التفاصيل‭ ‬عن‭ ‬العاملين‭ ‬فى‭ ‬المزادات‭ ‬وكواليس‭ ‬الصالات‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬بعضها‭ ‬وأعملت‭ ‬الخيال‭ ‬فى‭ ‬البقية‭ . ‬

‭ ‬الرواية‭ ‬هى‭ ‬الثالثة‭ ‬فى‭ ‬المرحلة‭ ‬الزمنية‭ ‬نفسها‭ ‬تقريبا،‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التحدى‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬الجديد‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬نفسه؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الاستغراق‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬محاولة‭ ‬للابتعاد‭ -‬لن‭ ‬أقول‭ ‬للهروب‭- ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬الواقع؟‭ ‬

أنت‭ ‬أصبت‭ ‬الحقيقة،‭ ‬هو‭ ‬خليط‭ ‬مما‭ ‬قلت،‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬كان‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التحدى‭ ‬لما‭ ‬قال‭ ‬لى‭ ‬ناقد‭ ‬كبير‭ ‬بعد‭ ‬الرواية‭ ‬الثانية‭ ‬سيدة‭ ‬الزمالك‭ -  ‬أنها‭ ‬بيضة‭ ‬الديك‭ ‬وأننى‭ ‬لن‭ ‬أجد‭ ‬ما‭ ‬أقوله‭ ‬بعدها‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الملكية،‭ ‬وسأقع‭ ‬فى‭ ‬فخ‭ ‬التكرار،‭ ‬لكنى‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬أملك‭ ‬أفكارا‭ ‬وحكايات‭ ‬وتصورات‭ ‬وتساؤلات‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬مختلفة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معها‭ ‬تكرار‭ ‬جملة‭ ‬واحدة‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬رواية‭ ‬وهذه‭ ‬الأفكار‭ ‬يمكنها‭ ‬صناعة‭ ‬ثلاث‭ ‬روايات‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الروايات‭ ‬مرهق‭ ‬للغاية‭ ‬ويحتاج‭ ‬لمجهود‭ ‬وتفرغ‭ ‬فلا‭ ‬يمكننى‭ ‬كتابتها‭ ‬على‭ ‬التوالي‭. ‬أيضا‭ ‬أنا‭ ‬أحب‭ ‬التاريخ‭ ‬وأراه‭ ‬منجم‭ ‬بحكاياته‭ ‬الدرامية‭ ‬لأى‭ ‬روائى‭ ‬يحب‭ ‬الحكى‭ ‬ويجيده،‭ ‬وأيضا‭ ‬وسيلة‭ ‬رائعة‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬والاسقاط‭ ‬عليه‭.‬

قلت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يستقى‭ ‬القارئ‭ ‬معلوماته‭ ‬التاريخية‭ ‬من‭ ‬الروايات،‭ ‬لكن‭ ‬معظم‭ ‬المعلومات‭ ‬التى‭ ‬قدمتها‭ ‬فى‭ ‬أورفانيللى‭ ‬عن‭ ‬تبديد‭ ‬المقتنيات‭ ‬الملكية‭ ‬مثلا‭ ‬حقيقة‭ ‬وربما‭ ‬أوضح‭ ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬فى‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬فقط‭ ‬لو‭ ‬أعدنا‭ ‬تغيير‭ ‬الأسماء‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬نحتاج‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬المواقف‭.. ‬هل‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬للرواية‭ ‬كحامل‭ ‬حقيقى‭ ‬للتاريخ؟‭ ‬

التاريخ‭ ‬ليس‭ ‬ملكا‭ ‬لأحد،‭ ‬يمكننى‭ ‬كتابة‭ ‬التاريخ‭ ‬كما‭ ‬رأيته‭ ‬وكما‭ ‬قرأت‭ ‬عنه،‭ ‬وأنت‭ ‬أيضا،‭ ‬وغيرنا،‭ ‬ولكن‭ ‬فكرة‭ ‬الرواية‭ ‬المعلوماتية‭ ‬لا‭ ‬تستهوينى‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬الذى‭ ‬نعيشه،‭ ‬أنا‭ ‬أكتب‭ ‬معلومات‭ ‬صحيحة‭ ‬فقط‭ ‬لتخدم‭ ‬أحداث‭ ‬روايتى‭ ‬وتعطى‭ ‬دقة‭ ‬لبعض‭ ‬التفاصيل‭ ‬التى‭ ‬أريد‭ ‬إيصالها‭ ‬للقارئ‭ ‬وأيضا‭ ‬لإيضاح‭ ‬أمور‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭

‬ولا‭ ‬شئ‭ ‬أخر،‭ ‬بدليل‭ ‬أننى‭ ‬أحيانا‭ ‬أكتب‭ ‬عن‭ ‬أشياء‭ ‬متخيلة‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬بهذه‭ ‬الصورة‭ ‬الواردة‭ ‬فى‭ ‬رواياتى‭ ‬لكن‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬هدف‭ ‬هو‭ ‬خدمة‭ ‬السرد‭ ‬والسير‭ ‬وراء‭ ‬اتجاه‭ ‬الحبكة‭ ‬والتعايش‭ ‬مع‭ ‬أحداث‭ ‬روايتى،‭ ‬تعجبنى‭ ‬عبارة‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬حامل‭ ‬حقيقى‭ ‬للتاريخ‭ ‬لكنى‭ ‬أراها‭ ‬حامل‭ ‬لبعض‭ ‬الحقيقة‭ ‬وليست‭ ‬كلها‭ . ‬

‭ ‬ربما‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬استخلاص‭ ‬رؤيتك‭ ‬الشخصية‭ ‬لتلك‭ ‬العصور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الروايات،‭ ‬لكن‭ ‬إلى‭ ‬أى‭ ‬درجة‭ ‬تستطيع‭ ‬تحييد‭ ‬نفسك‭ ‬عندما‭ ‬تكتب‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المراحل‭ ‬التاريخية‭ ‬الملتهبة‭ ‬والمشحونة‭ ‬والمختلف‭ ‬عليها؟

أحاول‭ ‬بالطبع‭ ‬تحييد‭ ‬نفسى‭ ‬والاختباء‭ ‬وراء‭ ‬شخصياتى،‭ ‬أتلبس‭ ‬أرواحهم‭ ‬لأحكى‭ ‬بلسانهم‭ ‬وأفكارهم،‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬أنا‭ ‬واجهت‭ ‬هجوما‭ ‬غريبا‭ ‬عقب‭ ‬رواية‭ ‬اتذكرة‭ ‬وحيدة‭ ‬للقاهرة‭ ‬من‭ ‬الناصريين‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬بطل‭ ‬الرواية‭ ‬نوبى‭ ‬تعرض‭ ‬للتهجير‭

‬والسجن‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬ناصر‭ ‬لكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الناصريين‭ ‬تعجبوا‭ ‬أنه‭ ‬يهاجم‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬وكأنما‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يسبح‭ ‬بحمده‭ ‬وهو‭ ‬السبب‭ ‬فى‭ ‬تهجيره‭ ‬ودارت‭ ‬مناقشات‭ ‬عقيمة‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬ندواتى‭ ‬عن‭ ‬جدوى‭ ‬السد‭ ‬العالى‭ ‬ودوره‭ ‬فى‭ ‬الزراعة‭ ‬وكأننى‭ ‬مهندس‭ ‬رى‭ ‬فى‭ ‬محاضرة‭ ‬بالجمعية‭ ‬الزراعية‭ ‬لا‭ ‬مؤلف‭ ‬رواية‭ ‬أدبية‭ ‬عن‭ ‬مهمشين‭ ‬ورحلتهم‭ ‬ومشاعرهم‭! ‬فى‭ ‬المجمل‭ ‬أنا‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬لك‭ ‬لا‭ ‬أعلن‭ ‬رأيى‭ ‬أو‭ ‬انتمائى‭ ‬لأنى‭ ‬لا‭ ‬أكتب‭ ‬مقالا‭ ‬سياسيا‭ ‬أنا‭ ‬أقدم‭ ‬رواية‭ ‬أدبية‭ ‬بشخصيات‭ ‬وأفكار‭ ‬محددة‭ ‬وأظن‭ ‬وفقا‭ ‬للمقالات‭ ‬المنشورة‭ ‬عن‭ ‬رواياتى‭ ‬أننى‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬تحييد‭ ‬نفسى‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ .‬

كتبت‭ ‬عن‭ ‬النوبة‭ ‬والأقباط‭ ‬والآن‭ ‬تكتب‭ ‬عن‭ ‬اليهود‭ ‬هل‭ ‬هى‭ ‬مجرد‭ ‬محاولة‭ ‬لطرق‭ ‬مناطق‭ ‬غير‭ ‬مستهلكة‭ ‬روائيا‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬تأتى‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬بحث‭ ‬مخطط‭ ‬له؟

أنا‭ ‬كروائى‭ ‬تستهوينى‭ ‬مشاكل‭ ‬المهمشين‭ ‬والأقليات‭ ‬جدا،‭ ‬أراها‭ ‬شديدة‭ ‬الإنسانية‭ ‬ومليئة‭ ‬بالحكايات‭ ‬الدرامية‭ ‬التى‭ ‬استلهم‭ ‬منها‭ ‬أفكار‭ ‬رواياتى‭. ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬مخططا‭ ‬له‭ ‬بشكل‭ ‬مسبق‭ ‬أو‭ ‬متعمد‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬أقرب‭ ‬لمحاولة‭ ‬طرق‭ ‬مناطق‭ ‬غير‭ ‬مستهلكة‭ ‬روائيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬أيضا‭ ‬فى‭ ‬رأسى‭ ‬خطوط‭ ‬متشابكة‭ ‬غير‭ ‬مفهومة‭ ‬لأفكار‭ ‬متداخلة‭ ‬وشخصيات‭ ‬تتحرك‭ ‬وتتكلم‭ ‬ومشاهد‭ ‬كثيرة‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬ولا‭ ‬أجد‭ ‬نفسى‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬أكتبها‭ ‬وتظهر‭ ‬فى‭ ‬مسودة‭ ‬أولى‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬وقتها‭ ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬عقلى‭ ‬قد‭ ‬هدأ‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ .‬

‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬هى‭ ‬الأولى‭ ‬التى‭ ‬تستخدم‭ ‬فيها‭ ‬خلفيتك‭ ‬القانونية‭ ‬بهذه‭ ‬الكثافة‭.. ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬المسألة‭ ‬مؤجلة‭ ‬للعمل‭ ‬المناسب‭ ‬وهل‭ ‬سنقرأ‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬ما‭ ‬رواية‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬القضاء؟

الخلفية‭ ‬القانونية‭ ‬جاهزة‭ ‬ومتوافرة‭ ‬فقط‭ ‬تنتظر‭ ‬الإشارة‭ ‬بالخروج‭ ‬كلما‭ ‬سمحت‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬بمساحة‭ ‬لها،‭ ‬وكلما‭ ‬زادت‭ ‬المساحة‭ ‬صارت‭ ‬لافتة‭ ‬للنظر‭ ‬لكن‭ ‬أنا‭ ‬استخدمت‭ ‬معلوماتى‭ ‬القانونية‭ ‬فى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬رواية‭ ‬بالطبع‭ ‬وكلما‭ ‬كانت‭ ‬الجريمة‭ ‬طاغية‭ ‬كانت‭ ‬المساحة‭ ‬أكبر‭. ‬أما‭ ‬كتابة‭ ‬رواية‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬القضاء‭ ‬فلم‭ ‬تصادفنى‭ ‬فكرة‭ ‬مكتملة‭ ‬بعد‭ ‬،‭ ‬وربما‭ ‬المجتمع‭ ‬عندنا‭ ‬ليس‭ ‬مهيئا‭ ‬بعد‭ ‬لهذه‭ ‬الجرأة‭ ‬فى‭ ‬الكتابة‭ ‬الروائية،‭ ‬لكننى‭ ‬قدمت‭ ‬قبسا‭ ‬فى‭ ‬بيت‭ ‬القبطية،‭ ‬كان‭ ‬بطلى‭ ‬الأول‭ ‬وكيلا‭ ‬للنيابة‭ ‬وكتبت‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬كواليس‭ ‬العمل‭ ‬القضائى‭ ‬خصوصا‭ ‬فى‭ ‬الريف‭ .‬

قلت‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬النقاد‭ ‬انتقد‭ ‬المشهدية‭ ‬فى‭ ‬أعمالك‭ ‬وهى‭ ‬مسيطرة‭ ‬على‭ ‬الرواية‭ ‬الأخيرة‭ ‬بالكامل،‭ ‬هل‭ ‬تكتب‭ ‬والسينما‭ ‬فى‭ ‬ذهنك؟‭ ‬

بصراحة‭ ‬شديدة‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬يضايقني‭. ‬المشهدية‭ ‬مدرسة‭ ‬فى‭ ‬الكتابة‭ ‬الأدبية‭ ‬الروائية‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالكتابة‭ ‬السينمائية،‭ ‬المشهدية‭ ‬فن‭ ‬أدبى‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬رواده‭ ‬الأديب‭ ‬الفرنسى‭ ‬بلزاك

‭ ‬وحتى‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬تلقى‭ ‬هجوما‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬ثم‭ ‬اعترفوا‭ ‬بها‭ ‬بسبب‭ ‬قدرتها‭ ‬جعل‭ ‬مشاهد‭ ‬الرواية‭ ‬أقرب‭ ‬لشاشة‭ ‬تتحرك‭ ‬فيها‭ ‬شخوص‭ ‬العمل‭ ‬أمام‭ ‬عينى‭ ‬القارئ‭ ‬لكن‭ ‬بلغة‭ ‬وبناء‭ ‬أدبى‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالسيناريو‭ ‬أو‭ ‬السينما‭ ‬لكننا‭ ‬نخلط‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬مع‭ ‬ذاك‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬أحيانا‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬سببا‭ ‬لذلك‭ ‬سوى‭ ‬تأثرنا‭ ‬بالدراما‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مملة‭ ‬وغير‭ ‬مفهومة‭ ‬وشخصياتها‭ ‬غير‭ ‬واضحة‭. ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أكتب‭ ‬والسينما‭ ‬فى‭ ‬ذهنى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭

‬ولم‭ ‬يظهر‭ ‬عمل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أعمالى‭ ‬التسعة‭ ‬فى‭ ‬السينما‭ ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬أريد‭ ‬السينما‭ ‬لكتبت‭ ‬السيناريو‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬مشقة‭ ‬الرواية‭ ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬أريد‭ ‬المال‭ ‬والشهرة‭ ‬لكتبت‭ ‬السيناريو،‭ ‬لكن‭ ‬أنا‭ ‬أحب‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬وهى‭ ‬هوايتى‭ ‬الأثيرة‭ ‬وأعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أسلوبى‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬لأخر‭ ‬وأتقبل‭ ‬النقد‭ ‬فى‭ ‬المجمل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬تفسر‭ ‬المشهدية‭ ‬بأنها‭ ‬سيناريو‭ ‬أو‭ ‬أننى‭ ‬أكتب‭ ‬وعينى‭ ‬على‭ ‬السينما‭ ‬فأنا‭ ‬أشعر‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬المتلقى‭ ‬لدينا‭ ‬بعيد‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬الكتابة‭ ‬العالمية‭ ‬ويظلمني‭. ‬دعنى‭ ‬أحكى‭ ‬لك‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬شخصية‭ ‬لثلاث‭ ‬روايات‭ ‬لى‭ ‬ترجمت‭ ‬إلى‭ ‬الإنجليزية‭ ‬والإيطالية‭ ‬والألمانية،‭ ‬كل‭ ‬المترجمين‭ ‬والنقاد‭ ‬والصحفيين‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭ ‬يعرفون‭ ‬أن‭ ‬المشهدية‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالكتابة‭ ‬السينمائية‭ ‬أو‭ ‬بالسيناريو‭ ‬وأنها‭ ‬أسلوب‭ ‬فى‭ ‬السرد‭ ‬الأدبى‭ ‬لا‭ ‬يقدر‭ ‬عليه‭ ‬إلا‭ ‬الحكاءون‭ ‬المتمكنون‭ ‬من‭ ‬رواياتهم‭ ‬والحكى‭ ‬بالمناسبة‭ ‬أرقى‭ ‬أنواع‭ ‬الأدب‭ ‬وأقدمها‭. ‬لذلك‭ ‬أنا‭ ‬أعتز‭ ‬بكلمة‭ ‬مشهدية‭ ‬كما‭ ‬أفهمهما‭ ‬وكما‭ ‬يقدرها‭ ‬الناشرون‭ ‬الأجانب‭ ‬وكما‭ ‬كتبت‭ ‬عنى‭ ‬الصحافة‭ ‬الأجنبية‭ ‬فى‭ ‬العامين‭ ‬الأخيرين‭ ‬بمناسبة‭ ‬ترجمات‭ ‬لبعض‭ ‬رواياتى‭ ‬بعدة‭ ‬لغات،‭ ‬لكنها‭ ‬للأسف‭ ‬فى‭ ‬بلادنا‭ ‬صارت‭ ‬نقدا‭ ‬سلبيا‭.‬

لننتقل‭ ‬لاشكالية‭ ‬أخرى‭ ‬قتل‭ ‬كل‭ ‬أبطال‭ ‬العمل‭. ‬ألم‭ ‬تقلقك‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة؟‭ ‬هل‭ ‬هى‭ ‬ضرورة‭ ‬فنية‭ ‬أم‭ ‬أخلاقية؟‭  ‬تبدو‭ ‬كمحاولة‭ ‬لإقرار‭ ‬العدل‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬فنى؟‭!‬

الفكرة‭ ‬لم‭ ‬تقلقنى‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬وأنا‭ ‬أكتبها،‭ ‬رأيتها‭ ‬مقبولة‭ ‬وجائزة‭ ‬فى‭ ‬فن‭ ‬الرواية‭ ‬طالما‭ ‬لها‭ ‬ضرورة‭ ‬فنية‭ ‬فى‭ ‬سرد‭ ‬حكايتى،‭ ‬فى‭ ‬صالة‭ ‬أورفانيللى‭ ‬كان‭ ‬الأبطال‭ ‬الثلاثة‭ ‬فالصو‭ ‬مثل‭ ‬القطع‭ ‬المزيفة‭ ‬التى‭ ‬خدعوا‭ ‬بها‭ ‬زبائنهم‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭ ‬ورأيت‭ ‬أن‭ ‬أحكى‭ ‬حكايتهم‭ ‬وهم‭ ‬يموتون‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬الصالة‭ ‬بطرق‭ ‬مختلفة‭ ‬فلا‭ ‬يتحقق‭ ‬حلم‭ ‬أى‭ ‬منهم‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬بأيديهم،‭ ‬لكن‭ ‬فكرة‭ ‬إقرار‭ ‬العدل‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬فنى‭ ‬لا‭ ‬تشغلنى‭ ‬ولا‭ ‬أميل‭ ‬لها،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬عدل‭ ‬مطلق‭ ‬فى‭ ‬الدنيا‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬أبيض‭ ‬وأسود‭ ‬كما‭ ‬نظن‭ ‬ولو‭ ‬اتبعت‭ ‬كالبعض‭ ‬فكرة‭ ‬إقرار‭ ‬العدل‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬الفنى‭ ‬سيتحول‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬موعظة‭ ‬ولو‭ ‬قصدت‭ ‬ذلك‭ ‬سيكون‭ ‬النص‭ ‬تقريريا‭ ‬سخيفا‭ ‬فالقصدية‭ ‬ضد‭ ‬الفن‭ .‬

تعليقات‭ ‬القراء‭ ‬متعددة‭ ‬ومختلفة‭ ‬حول‭ ‬الرواية،‭ ‬لكن‭ ‬الأبرز‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬الأغرب‭ ‬هو‭ ‬الاختلاف‭ ‬حول‭ ‬مسألة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬السياسة،‭ ‬فبينما‭ ‬يستحسن‭ ‬البعض‭ ‬بعد‭ ‬الرواية‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬يرى‭ ‬أخرين‭ ‬أنها‭ ‬سياسية‭ ‬بالكامل‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬هى‭ ‬صالة‭ ‬المزادات‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬عدة‭ ‬أطراف‭.. ‬كيف‭ ‬ترى‭ ‬مسألة‭ ‬التأويل‭ ‬وأنت‭ ‬كاتب‭ ‬النص؟

أحيانا‭ ‬أتعجب‭ ‬وأتساءل‭ ‬بدهشة‭ ‬هل‭ ‬أنا‭ ‬فعلا‭ ‬قصدت‭ ‬ذلك‭ ‬المعنى‭ ‬الذى‭ ‬يقوله‭ ‬القراء‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬النص‭ ‬مشبعا‭ ‬بالسياسة‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الانشغال‭ ‬بالهم‭ ‬العام‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬والقراءة‭ ‬فيه‭ ‬جعلتنى‭ ‬أكتب‭ ‬واغترف‭ ‬من‭ ‬اللاوعى‭ ‬ليظهر‭ ‬بين‭ ‬سطور‭ ‬حكايتي؟‭! ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬بالتحديد‭ ‬لكنى‭ ‬مؤمن‭ ‬فى‭ ‬مسألة‭ ‬تأويل‭ ‬النص‭ ‬بمقولة‭ ‬سارتر‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬يملكها‭ ‬ثلاثة‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬نشرها،‭ ‬المؤلف‭ ‬والناقد‭ ‬والقارئ‭ ‬وكل‭ ‬منهم‭ ‬له‭ ‬الحق‭ ‬فى‭ ‬ابداء‭ ‬رأيه‭ ‬عدا‭ ‬المؤلف‭ ‬الذى‭ ‬قاله‭ ‬بالفعل‭ ‬عندما‭ ‬كتب،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬القارئ‭ ‬أحيانا‭ ‬يحب‭ ‬الحكاية‭ ‬وينتصر‭ ‬لها‭ ‬ويغفل‭ ‬أى‭ ‬تفاصيل‭ ‬بين‭ ‬السطور‭ ‬ويميل‭ ‬للدراما‭ ‬ويحيل‭ ‬الرواية‭ ‬كلها‭ ‬إلى‭ ‬مسلسل‭ ‬أو‭ ‬فيلم‭ ‬ويتحدث‭ ‬عنه‭ ‬وكأنه‭ ‬كان‭ ‬كذلك،‭ ‬بينما‭ ‬البعض‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬البناء‭ ‬والأسلوب‭ ‬والفكرة‭ ‬ورسم‭ ‬الشخصيات‭ ‬وطريقة‭ ‬التناول‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أميل‭ ‬له‭ ‬وأحبه‭ ‬من‭ ‬القارئ،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يبحث‭ ‬بين‭ ‬السطور‭ ‬عن‭ ‬الإسقاط‭ ‬السياسى‭ ‬ويضخمه‭ ‬لأنه‭ ‬محور‭ ‬اهتمامه

‭ ‬وقراءاته‭ ‬الأساسية،‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬العمل‭. ‬أنا‭ ‬ككاتب‭ ‬للنص‭ ‬لا‭ ‬يمكننى‭ ‬التأويل‭ ‬لكنى‭ ‬أراه‭ ‬فى‭ ‬مصلحة‭ ‬الكاتب،‭ ‬هذا‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬القارئ‭ ‬اهتم‭ ‬وانشغل‭ ‬بأمر‭ ‬ما‭. ‬أستاذنا‭ ‬يحيى‭ ‬حقى‭ ‬له‭ ‬مقولة‭ ‬شهيرة‭ ‬أن‭ ‬اللاوعى‭ ‬يبتلع‭ ‬وعى‭ ‬الكاتب‭ ‬ويسيطر‭ ‬عليه‭ ‬عند‭ ‬كتابة‭ ‬الروايات‭ ‬الطويلة‭ ‬ذات‭ ‬المراحل‭ ‬الزمنية‭ ‬وربما‭ ‬هذا‭ ‬حدث‭ ‬لى‭ ‬بصورة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ . ‬

على‭ ‬ذكر‭ ‬القارئ،‭ ‬كتبت‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬عن‭ ‬خوفك‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬القارئ‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬دخولك‭ ‬عالم‭ ‬النشر‭. ‬ما‭ ‬الذى‭ ‬تتذكره‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬وكيف‭ ‬طورت‭ ‬علاقتك‭ ‬مع‭ ‬القارئ‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية؟

هذه‭ ‬الفترة‭ ‬تتكرر‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬رواية‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬بل‭ ‬وتزيد‭ ‬جدا‭ ‬لدرجة‭ ‬أننى‭ ‬أشعر‭ ‬بقلق‭ ‬غير‭ ‬عادى‭ ‬فى‭ ‬أيام‭ ‬النشر‭ ‬الأولى‭ ‬لمعرفة‭ ‬كيفية‭ ‬استقبال‭ ‬القراء‭ ‬لعملى‭ ‬الجديد،‭ ‬عندما‭ ‬أخبرنى‭ ‬ناشرى‭ ‬منذ‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬أن‭ ‬الطبعة‭ ‬الأولى‭ ‬لرواية‭ ‬نفدت‭ ‬فى‭ ‬يوم‭ ‬صدورها‭ ‬وكنا‭ ‬وقتها‭ ‬نطبع‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬نسخة‭ ‬فى‭ ‬الطبعة‭ ‬الواحدة‭ ‬تصور‭ ‬أننى‭ ‬سأفرح‭ ‬لكنى‭ ‬للأسف‭ ‬شعرت‭ ‬بقلق‭ ‬مرعب‭

‬وراح‭ ‬سؤال‭ ‬وماذا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ينقر‭ ‬رأسى‭ ‬وهل‭ ‬سأستطيع‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المكانة‭ ‬أم‭ ‬مرة‭ ‬وتزول؟،‭ ‬أنا‭ ‬أخاف‭ ‬جدا‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬القارئ‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬جديد‭ ‬وأخاف‭ ‬الفشل‭ ‬وأخاف‭ ‬التجاهل‭ ‬وأخاف‭ ‬من‭ ‬ملل‭ ‬القراء‭ ‬مما‭ ‬أكتب‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كتابتى‭ ‬رديئة‭ ‬أو‭ ‬عادية‭ ‬أو‭ ‬أسلوبى‭ ‬سيئا‭ ‬أنا‭ ‬متشكك‭ ‬جدا‭ ‬بطبعى‭ ‬وأفتقد‭ ‬أحيانا‭ ‬الثقة‭ ‬فى‭ ‬مسوداتى‭ ‬الأولى‭. ‬أنا‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬عنى‭ ‬النقاد‭ ‬كاتب‭ ‬جماهيرى‭ ‬ورغم‭ ‬أننى‭ ‬أدرك‭ ‬أنهم‭ ‬يقصدون‭ ‬معنى‭ ‬سلبيا‭ ‬بهذه‭ ‬العبارة‭ ‬إلا‭ ‬أننى‭ ‬أتعامل‭ ‬معها‭ ‬بإيجابية‭ ‬حرصا‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬القراء‭ ‬العريضة‭ ‬التى‭ ‬تقرأ‭ ‬أعمالى،‭ ‬أنا‭ ‬أحافظ‭ ‬على‭ ‬علاقتى‭ ‬بالقراء‭ ‬وأتواصل‭ ‬معهم،‭ ‬علاقتى‭ ‬بالقارئ‭ ‬لا‭ ‬تنقطع،‭ ‬أرد‭ ‬على‭ ‬الرسائل‭ ‬التى‭ ‬تصل‭ ‬لى‭ ‬قدر‭ ‬الممكن‭ ‬وأتواجد‭ ‬فى‭ ‬الندوات‭ ‬وأجيب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تساؤلاتهم‭ ‬وأحاول‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬رواية‭ ‬أن‭ ‬أطور‭ ‬من‭ ‬أسلوبى‭ ‬وأن‭ ‬أقدم‭ ‬عملا‭ ‬جديدا‭ ‬متنوعا‭ ‬فالأرفف‭ ‬عامرة‭ ‬بالروايات‭ ‬والقراء‭ ‬صاروا‭ ‬كتابا‭. ‬المنافسة‭ ‬كبيرة‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬شيئا‭ ‬يحترم‭ ‬عقل‭ ‬القارئ‭ ‬ويمتعه‭ ‬ويحفزه‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬ويجذبه‭ ‬لأقصى‭ ‬درجة‭ ‬وإلا‭ ‬لا‭ ‬داعى‭ ‬لنشر‭ ‬رواية‭ ‬جديدة‭. ‬أنا‭ ‬منذ‭ ‬أربعة‭ ‬أعوام‭ ‬فى‭ ‬مرحلة‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬الخطأ‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬أقدم‭ ‬عملا‭ ‬جيدا‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬لأحافظ‭ ‬على‭ ‬قارئى،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬وجدت‭ ‬أننى‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬المختلف‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬لن‭ ‬أنشر‭.‬

تصدر‭ ‬عمل‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تقريبا‭.. ‬كيف‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك؟

الحقيقة‭ ‬هذه‭ ‬مقولة‭ ‬غير‭ ‬حقيقية‭ ‬سببها‭ ‬أن‭ ‬النشر‭ ‬تزامن‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬منذ‭ ‬2010‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬تماما،‭ ‬ربما‭ ‬النشر‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬لكن‭ ‬الكتابة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كذلك‭ ‬أبدا،‭ ‬أنا‭ ‬بدأت‭ ‬الكتابة‭ ‬الروائية‭ ‬عام‭ ‬1999‭ ‬برواية‭ ‬تويا‭ ‬ثم‭ ‬زمن‭ ‬الضباع‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬كتبت‭ ‬رواية‭ ‬المرشد‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬كتبت‭ ‬البارمان‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬اتفقت‭ ‬مع‭ ‬ناشرى‭ ‬ــ‭ ‬المصرية‭ ‬اللبنانية‭. ‬على‭ ‬نشر‭ ‬أعمالى‭ ‬الأربعة‭ ‬فصدرت‭ ‬بالتوالى‭ ‬لكن‭ ‬أصدرنا‭ ‬زمن‭ ‬الضباع‭ ‬أولا‭ ‬قبل‭ ‬تويا،‭

‬وفى‭ ‬عام‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬لم‭ ‬أكتب‭ ‬حرفا‭ ‬وفى‭ ‬منتصف‭ ‬2012‭ ‬نُشرت‭ ‬روايتى‭ ‬الثانية‭ ‬تويا‭ ‬بينما‭ ‬كنت‭ ‬أتأهب‭ ‬لكتابة‭ ‬روايتى‭ ‬الخامسة‭ ‬كلاب‭ ‬الراعى‭ ‬التى‭ ‬نشرت‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬مع‭ ‬أنى‭ ‬أنهيتها‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬

وبدأت‭ ‬لمدة‭ ‬عامين‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬السادسة‭ ‬تذكرة‭ ‬وحيدة‭ ‬للقاهرة‭ ‬لتصدر‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬وبعدها‭ ‬لمدة‭ ‬عامين‭ ‬كتبت‭ ‬سيدة‭ ‬الزمالك‭ ‬لتصدر‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬نشرت‭ ‬رواية‭ ‬بيت‭ ‬القبطية‭ ‬

وهى‭ ‬رواية‭ ‬قديمة‭ ‬كتبتها‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬وخفت‭ ‬أنشرها‭ ‬وقتها‭ ‬وظل‭ ‬الخوف‭ ‬قائما‭ ‬حتى‭ ‬شجعنى‭ ‬ناشرى‭ ‬وبعض‭ ‬الأصدقاء‭ ‬من‭ ‬الروائيين‭ ‬والمخرجين‭ ‬الذين‭ ‬قرأوا‭ ‬مسودتها‭ ‬ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬2020‭ ‬كنت‭ ‬أكتب‭ ‬رواية‭ ‬صالة‭ ‬أورفانيللى‭ ‬لتصدر‭ ‬فى‭ ‬يناير‭ ‬2021‭  ‬وأنا‭ ‬منذ‭ ‬مارس‭ ‬الماضى‭ ‬أكتب‭ ‬فى‭ ‬رواية‭ ‬جديدة‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬متى‭ ‬انتهى‭ ‬منها‭ .‬

ما‭ ‬ملامح‭ ‬هذا‭ ‬العمل؟‭ ‬وما‭ ‬المشروع‭ ‬الذى‭ ‬تحلم‭ ‬به‭ ‬وتؤجله؟‭ ‬

أحلم‭ ‬بكتابة‭ ‬عمل‭ ‬تاريخى‭ ‬عن‭ ‬الخديو‭ ‬إسماعيل‭ ‬ولدى‭ ‬فكرة‭ ‬مختلفة‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬سرد‭ ‬مستقيم‭ ‬للأحداث‭ ‬لكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬لمجهود‭ ‬مضن‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬وسنوات‭ ‬للكتابة‭ ‬وبما‭ ‬أننى‭ ‬كسول‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬فأقوم‭ ‬بتأجيل‭ ‬العمل‭ ‬عام‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭. ‬حاليا‭ ‬بدأت‭ ‬فى‭ ‬رواية‭ ‬جديدة‭ ‬بفكرة‭ ‬مختلفة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الخديوى‭

‬وعصره‭

‬ومنذ‭ ‬مارس‭ ‬الماضى‭ ‬وأنا‭ ‬أكتب‭ ‬فيها‭ ‬بانتظام‭ ‬واستمتاع،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬شهرين‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬توقفت‭ ‬فجأة‭ ‬لأراجع‭ ‬ما‭ ‬دونته‭ ‬ووجدت‭ ‬أننى‭ ‬لا‭ ‬أشعر‭ ‬بارتياح‭ ‬للفصول‭ ‬الأولى‭ ‬التى‭ ‬كتبتها‭ ‬فقمت‭ ‬بتمزيق‭ ‬كل‭ ‬أوراقى‭ ‬ومسحت‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬جهاز‭ ‬الكومبيوتر‭ ‬الذى‭ ‬أعيد‭ ‬الكتابة‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬أفرغ‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬على‭ ‬الورق‭.

‬ومنذ‭ ‬أسابيع‭ ‬عدت‭ ‬للكتابة‭ ‬فى‭ ‬ذات‭ ‬الفكرة‭ ‬لكن‭ ‬ببناء‭ ‬مختلف

‭ ‬وأسلوب‭ ‬سرد‭ ‬مختلف‭ ‬أعتقد‭ ‬أننى‭ ‬من‭ ‬البداية‭ ‬أخطأت‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬روايتى‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬فى‭ ‬تعطيلى‭ ‬لفترة‭. ‬

كيف‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬الحالية‭.. ‬هل‭ ‬عطلت‭ ‬مشاريعك‭ ‬أم‭ ‬حفزتها؟

أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬أصابتنى‭ ‬باكتئاب‭ ‬شعرت‭ ‬أننى‭ ‬حرمت‭ ‬من‭ ‬رفاهية‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬البسيطة‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تعطل‭ ‬مشاريعى‭ ‬بل‭ ‬أعطتنى‭ ‬وقتا‭ ‬أطول‭ ‬للكتابة‭ ‬وكأن‭ ‬اليوم‭ ‬صار‭ ‬أطول‭. ‬لكنى‭ ‬لن‭ ‬أكتب‭ ‬عنها‭ ‬بالطبع‭ ‬ولا‭ ‬حولها‭. ‬لا‭ ‬أحب‭ ‬استغلال‭ ‬حدث‭ ‬جلل‭ ‬للكتابة‭ ‬عنه‭ ‬فى‭ ‬حينه،‭ ‬لا‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬مؤهلة‭ ‬لذلك‭. ‬الرواية‭ ‬تعنى‭ ‬تأمل‭ ‬حدث‭ ‬ما‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬واستيعابه‭ ‬ثم‭ ‬تقديمه‭ ‬بصورة‭ ‬مناسبة‭ ‬لفكرته‭.‬

المصدر : جريدة اخبار الادب 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة