جولة أدبية فى وقائع التاريخ المنفصل المتصل
جولة أدبية فى وقائع التاريخ المنفصل المتصل


سبيل الغارق

جولة أدبية فى وقائع التاريخ المنفصل المتصل

أخبار الأدب

الإثنين، 02 أغسطس 2021 - 02:42 م

 كتبت : منى‭ ‬أبو‭ ‬النصر

ولو‭ ‬خشيت‭ ‬الغرق‭ ‬فأنت‭ ‬غارق‭ ‬لا‭ ‬محالة

ولو‭ ‬وثقت‭ ‬من‭ ‬قلوعك‭ ‬فأنت‭ ‬غارق‭ ‬لا‭ ‬محالة

ولو‭ ‬سبحت‭ ‬سبع‭ ‬بحور‭ ‬لن‭ ‬تصل‭..‬

أبحر‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬الذى‭ ‬تجهله‭ ‬تصل

فلا‭ ‬عبور‭ ‬إلى‭ ‬النجاة‭ ‬فى‭ ‬السبل‭ ‬التى‭ ‬نألفها‭..‬

كم‭ ‬من‭ ‬المشاق‭ ‬نلاقيها‭ ‬فى‭ ‬سبيل‭ ‬الامنيات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬نعم‭ ‬فللأمنيات‭ ‬ثمن‭ ‬غالٍ‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬سداده،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الذاكرة‭ ‬والحلم،‭ ‬يدور‭ ‬عالم‭ ‬رواية‭ ‬سبيل‭ ‬الغارق‭ ‬الطريق‭ ‬والبحر‭ ‬للأديبة‭ ‬ريم‭ ‬بسيونى‭ ‬والصادرة‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬نهضة‭ ‬مصر‭ ‬للنشر‭. ‬

رواية‭ ‬تقودك‭ ‬فى‭ ‬وقائع‭ ‬التاريخ‭ ‬المنفصل‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬لك،‭ ‬ولكنه‭ ‬متصل‭ ‬بنتائجه

‭ ‬وتبعاته‭ ‬وتكرار‭ ‬شخوصه‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر،‭ ‬لتتعرف‭ ‬على‭ ‬الهزيمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬بلمسات‭ ‬سرد‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬حكمة‭ ‬وصوفية‭ ‬وتاريخ،‭ ‬فلا‭ ‬سكينة‭ ‬دون‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬الماضى‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬أحد‭ ‬الأبطال‭ ‬الذين‭ ‬يقفون‭ ‬على‭ ‬مفترق‭ ‬طرق‭ ‬مألوفة‭ ‬وبحار‭ ‬مجهولة‭.‬

تبدأ‭ ‬الرواية‭ ‬بمشهد‭ ‬ربما‭ ‬يأخذك‭ ‬لحكايات‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭ ‬حيث‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن‭ ‬وأميرته‭ ‬ست‭ ‬الحسن‭ ‬والجمال‭ ‬ابنة‭ ‬السلطان،‭

‬والاختبار‭ ‬الصعب‭ ‬للشاطر‭ ‬حسن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يُعلن‭ ‬السلطان‭ ‬تزويج‭ ‬ابنته‭ ‬المريضة‭ ‬لمن‭ ‬يصل‭ ‬لسر‭ ‬علاجها،‭ ‬يستمع‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن‭ ‬خلسة‭ ‬ليمامتين‭ ‬تقول‭ ‬إحداهما‭ ‬للأخرى‭: ‬الو‭ ‬أكلت‭ ‬الأميرة،‭ ‬ست‭ ‬الحسن‭ ‬والجمال،‭ ‬قونصتى‭ ‬وكبدك‭ ‬لنجتب‭ ‬فيغلبه‭ ‬العشق‭ ‬ويذبح‭ ‬اليمامتين،‭ ‬ليُهرول‭ ‬إلى‭ ‬سلطانه‭ ‬بما‭ ‬يُشفى‭ ‬أميرته‭ ‬فيفوز‭ ‬بزواجه‭ ‬منها،‭

‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفوز‭ ‬لم‭ ‬يُسقطه‭ ‬فى‭ ‬غياهب‭ ‬الغرق‭ ‬والهم‭ ‬الأبدي،‭ ‬فإن‭ ‬لعنة‭ ‬الذاكرة‭ ‬ترافقه‭ ‬وتشكّل‭ ‬جدلاً‭ ‬حاداً‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الحلم،‭ ‬فبعد‭ ‬ذبحه‭ ‬اليمامتين‭ ‬غدراً‭: ‬ايقول‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن‭ ‬إن‭ ‬الذاكرة‭ ‬مؤلمة،‭ ‬ووجعها‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬الذلب،‭ ‬فعندما‭ ‬تُذكّره‭ ‬اليمامة‭ ‬بانتصاراته،‭ ‬يدرك‭ ‬مدى‭ ‬عجزه‭ ‬وقلة‭ ‬حيلته‭. ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬توسل‭ ‬إلى‭ ‬اليمامة‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬على‭ ‬الذاكرة‭. ‬ولو‭ ‬أبقت‭ ‬عليها‭ ‬فسوف‭ ‬يتذكر‭ ‬عمره‭ ‬الطويل‭ ‬والسبل‭ ‬التى‭ ‬غزاها‭ ‬بجيوشه‭ ‬وخرج‭ ‬دوماً‭ ‬سالماً،‭ ‬ثم‭ ‬تأتى‭ ‬هزيمته‭ ‬فتذله،‭ ‬ولو‭ ‬نسى‭ ‬ماضيه‭ ‬سيسير‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬غافلاً‭ ‬حتى‭ ‬تقع‭ ‬هزيمة‭ ‬فيفيق‭ ‬ويموت‭ ‬آلاف‭ ‬المرات،‭ ‬ثم‭ ‬تسكب‭ ‬عليه‭ ‬ذاكرته‭ ‬كأنها‭ ‬نار‭ ‬فتحرقه‭ ‬وتقتله‭. ‬يظل‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن‭ ‬فى‭ ‬تيه،‭ ‬تلاطمه‭ ‬أمواج‭ ‬الذاكرة‭ ‬والحلم،‭ ‬فشبح‭ ‬اليمامتين،‭ ‬يلازمه‭ ‬ويسكن‭ ‬طوايا‭ ‬جسده‭ ‬وروحه‭ ‬مُتمثلاً‭ ‬فى‭ ‬شيخ‭ ‬حكيم،‭ ‬تسكن‭ ‬فى‭ ‬كلماته‭ ‬فلسفة‭ ‬الرواية‭ ‬حتى‭ ‬نهايتها‭: "‬جازف‭ ‬لعل‭ ‬فى‭ ‬المجازفة‭ ‬نهاية‭ ‬لثقتك‭ ‬وأمنك‭ ‬وخوفك‭ ‬ولعنتك‭. ‬ولو‭ ‬خشيت‭ ‬الغرق‭ ‬فأنت‭ ‬غارق‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬أقلع‭ ‬بسفنك‭ ‬إلى‭ ‬المجهول‭ ‬لعلك‭ ‬تصل‭."‬

يزهد‭ ‬حسن‭ ‬فى‭ ‬ابنة‭ ‬السلطان،‭ ‬ليهيم‭ ‬فى‭ ‬المجهول‭ ‬لعله‭ ‬يصل،‭ ‬يستقر‭ ‬عند‭ ‬اسبيل‭ ‬الغارق،‭ ‬وهو‭ ‬سبيل‭ ‬ماء‭ ‬تستقر‭ ‬فى‭ ‬جوفه‭ ‬حكايات‭ ‬الغرقى‭ ‬من‭ ‬أمثاله،‭ ‬وتتكئ‭ ‬الرواية‭ ‬على‭ ‬حكاية‭ ‬تاريخية‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬سبيل‭ ‬يُدعى‭ ‬اسبيل‭ ‬الغارقب‭ ‬الذى‭ ‬طُمست‭ ‬معالمه‭ ‬عبر‭ ‬الزمن،‭ ‬لكنه‭ ‬يُستدل‭ ‬عليه‭ ‬بقربه‭ ‬من‭ ‬شجرة‭ ‬مريم‭ ‬المُقدسة‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬المطرية‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬يوماً‭ ‬جهة‭ ‬لحجاج‭ ‬مسيحيى‭ ‬أوروبا،‭ ‬وتلتقط‭ ‬الرواية‭ ‬الحكايات‭ ‬المنسوجة‭ ‬حول‭ ‬اسبيل‭ ‬الغارقب‭ ‬لتجعله‭ ‬رمزاً‭ ‬لإعادة‭ ‬تقييم‭ ‬الإنسان‭ ‬لمسالك‭ ‬حياته،‭ ‬كما‭ ‬لجأ‭ ‬إليها‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن‭ ‬وهو‭ ‬يُفكر‭ ‬فى‭ ‬أمر‭ ‬روحه‭ ‬ومسلكه‭: ‬ايُحكى‭ ‬أنه‭ ‬سأل‭ ‬اليمامة‭ ‬بعد‭ ‬مئات‭ ‬الأعوام،‭ ‬متى‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬تعذيبه،‭ ‬فقالت‭: ‬هى‭ ‬أيام‭ ‬معدودات،‭ ‬وانتصارات‭ ‬صغيرة‭... ‬يبقى‭ ‬انتصارك‭ ‬غير‭ ‬مُكتملب،‭ ‬ولأن‭ ‬العمر‭ ‬قصير‭ ‬فقد‭ ‬تناثرت‭ ‬أوجاعه‭ ‬داخل‭ ‬أرواح‭ ‬أخرى‭ ‬عبر‭ ‬الزمن،‭ ‬وذلك‭ ‬فى‭ ‬لعبة‭ ‬سردية‭ ‬صنعتها‭ ‬الكاتبة‭ ‬ريم‭ ‬بسيوني‭: ‬‭"‬ظهر‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن‭ ‬مرتين،‭ ‬مرة‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1509‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬السلطان‭ ‬قنصوة‭ ‬الغوري،‭ ‬ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬بعدها‭ ‬بما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬قرون‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1882‭."‬

وعلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تتتبّع‭ ‬الرواية‭ ‬سيرة‭ ‬االشاطر‭ ‬حسنب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ظهوره،‭ ‬لكن‭ ‬لعل‭ ‬المرة‭ ‬الأبرز‭ ‬التى‭ ‬تحتل‭ ‬الموقع‭ ‬الرئيسى‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬هى‭ ‬عبر‭ ‬حكايته‭ ‬فى‭ ‬نهايات‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬بوصفه‭ ‬احسن‭ ‬الخادمب،‭ ‬الذى‭ ‬تُصوره‭ ‬الرواية‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬شاب‭ ‬داكن‭ ‬السُّمرة‭ ‬يحمل‭ ‬على‭ ‬كتفيه‭ ‬إرثاً‭ ‬طويلاً‭ ‬من‭ ‬العبودية،‭ ‬ينشأ‭ ‬فى‭ ‬كنف‭ ‬أسرة‭ ‬ميسورة،‭ ‬وظيفته‭ ‬الأولى‭ ‬هى‭ ‬رعاية‭ ‬الابنة‭ ‬اجليلةب‭ ‬وملازمة‭ ‬خط‭ ‬سيرها،‭ ‬فتكون‭ ‬له‭ ‬است‭ ‬الحسن‭ ‬والجمالب،‭ ‬ولكن‭ ‬مشاعره‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬مرهونة‭ ‬بظرف‭ ‬سياسى‭ ‬وتاريخى‭ ‬عاصف،‭ ‬تتداخل‭ ‬فيه‭ ‬مشاعر‭ ‬الحب‭ ‬بالثورة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الفارقة‭ ‬التى‭ ‬تكون‭ ‬فيها‭ ‬اجليلةب‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬نواياها،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ساقها‭ ‬القدر‭ ‬لتصير‭ ‬أول‭ ‬طالبة‭ ‬مصرية‭ ‬فى‭ ‬مدارس‭ ‬البنات‭ ‬التى‭ ‬أُنشئت‭ ‬بأوامر‭ ‬من‭ ‬الخديو‭ ‬إسماعيل،‭ ‬وتضطر‭ ‬عائلتها‭ ‬لقبول‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬مسيئاً‭ ‬لهم‭ ‬اجتماعياً‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬ويهدد‭ ‬مصير‭ ‬ابنتهم‭ ‬فى‭ ‬الزواج،‭ ‬ولكن‭ ‬جليلة‭ ‬تستكمل‭ ‬تعليمها‭ ‬حتى‭ ‬تصير‭ ‬مُعلمة‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬المدرسة‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬كاتبة‭ ‬مقالات‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬الحس‭ ‬المُدافع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬وتعليمها‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬الصعب،‭ ‬ويعايش‭ ‬احسن‭ ‬الخادمب‭ ‬ثمن‭ ‬ما‭ ‬تدفعه‭ ‬اجليلةب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رسالتها،‭ ‬ويُكابد‭ ‬مشقة‭ ‬الدفاع‭ ‬عنها‭ ‬فى‭ ‬مواقف‭ ‬مختلفة،‭ ‬لكن‭ ‬الأكثر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يُكابده‭ ‬من‭ ‬عشق‭ ‬مكتوم‭ ‬لها‭ "‬كان‭ ‬مريضاً‭ ‬بلهفة‭ ‬لا‭ ‬تزول‭ ‬وتوق‭ ‬لا‭ ‬ينقطع،‭ ‬أدى‭ ‬المرض‭ ‬إلى‭ ‬وهن‭ ‬جسده‭ ‬وشق‭ ‬روحه‭".‬

يتشرب‭ ‬احسن‭ ‬الخادم‭ ‬فلسفة‭ ‬الغرق‭ ‬كما‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يُلازم‭ ‬الشيخ‭ ‬الزمزمي‭ ‬المُرابض‭ ‬لـاسبيل‭ ‬الغارق،‭ ‬الذى‭ ‬يُحدِّثه‭ ‬طويلاً‭ ‬عن‭ ‬البحر‭ ‬والطريق‭ ‬ومسالك‭ ‬النفس،‭ ‬وفى‭ ‬لحظة‭ ‬مُكاشفة‭ ‬نادرة‭ ‬تتوق‭ ‬جليلة‭ ‬المتعلمة‭ ‬أن‭ ‬تستمع‭ ‬من‭ ‬خادمها‭ ‬الخانع‭ ‬الصموت‭ ‬وهو‭ ‬يُلقنها‭ ‬عن‭ ‬العشق‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تسمعه‭ ‬يوماً‭: ‬االلهفة‭ ‬يا‭ ‬هانم‭ ‬كالموت،‭ ‬تُصيب‭ ‬كل‭ ‬قلب‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شوق‭ ‬كشوق‭ ‬ولا‭ ‬عشق‭ ‬كعشق،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬كف‭ ‬مطابق‭ ‬لكف،‭ ‬ولا‭ ‬ألم‭ ‬مطابق‭ ‬لألمب،‭ ‬فيرقّ‭ ‬لها‭ ‬قلبه‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة،‭ ‬حتى‭ ‬تُبدل‭ ‬مفارقات‭ ‬سردية‭ ‬من‭ ‬حال‭ ‬علاقتهما‭ ‬كسيدة‭ ‬وخادم،‭ ‬فى‭ ‬ملابسات‭ ‬عاصفة‭ ‬بعد‭ ‬قصف‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإنجليزى‭ ‬لمدينة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬واحتراقها‭ ‬طيلة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام،‭ ‬وإحاطة‭ ‬مصر‭ ‬بأربعين‭ ‬ألف‭ ‬جندى‭ ‬بريطاني،‭ ‬وانهزام‭ ‬الزعيم‭ ‬أحمد‭ ‬عرابي،‭ ‬وفى‭ ‬قلب‭ ‬هذه‭ ‬الهزائم،‭ ‬يلتقى‭ ‬احسن‭ ‬الخادمب‭ ‬عند‭ ‬حُطام‭ ‬قلعة‭ ‬قايتباى‭ ‬السكندرية‭ ‬عجوزاً‭ ‬إيطالياً‭ ‬يعدّه‭ ‬العابرون‭ ‬مجنوناً،‭ ‬ولكنه‭ ‬يعطى‭ ‬حسن‭ ‬رسائل‭ ‬خاصة‭ ‬بأحد‭ ‬من‭ ‬تجاسروا‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الطريق‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬آخر،‭ ‬لتفتح‭ ‬أمامه‭ ‬تلك‭ ‬الرسائل‭ ‬آفاقاً‭ ‬وغُرفاً‭ ‬تاريخية‭ ‬بعيدة،‭ ‬وهى‭ ‬رسائل‭ ‬خاصة‭ ‬بأحد‭ ‬تجار‭ ‬البندقية‭ ‬التى‭ ‬يحكى‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬تواصله‭ ‬مع‭ ‬السلطان‭ ‬الغورى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬ليُنقذ‭ ‬تجارة‭ ‬مصر‭ ‬والبندقية‭ ‬من‭ ‬البرتغاليين،‭ ‬وكيف‭ ‬دعوه‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬تجار‭ ‬البندقية‭ ‬لحفر‭ ‬قناة‭ ‬تربط‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬ونهر‭ ‬النيل‭ ‬لتختصر‭ ‬طريق‭ ‬السفن،‭ ‬وتقضى‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬البرتغاليين‭ ‬الجديد‭ ‬الذى‭ ‬اكتشفوه‭ ‬حول‭ ‬رأس‭ ‬الرجاء‭ ‬الصالح‭ ‬فتسببوا‭ ‬فى‭ ‬كساد‭ ‬بضاعة‭ ‬أهل‭ ‬البندقية‭... ‬لتفتح‭ ‬الكاتبة‭ ‬بهذا‭ ‬المسار‭ ‬التاريخى‭ ‬حول‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬وشق‭ ‬طريق‭ ‬جديد‭ ‬للخلاص،‭ ‬مجازاً‭ ‬لفكرة‭ ‬الغرق‭ ‬والهزيمة‭ ‬والحلول‭ ‬الصعبة‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬تُجنب‭ ‬أهلها‭ ‬الهزائم،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬احسن‭ ‬الخادمب‭: "‬الغرق‭ ‬ليس‭ ‬دوماً‭ ‬تحت‭ ‬المياه،‭ ‬أحياناً‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬هواء‭ ‬نتنفسه،‭ ‬وسفن‭ ‬أجنبية‭ ‬تحاصرنا،‭ ‬ولهفة‭ ‬لا‭ ‬تزول،‭ ‬ويأس‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭."‬

المصدر : جريدة اخبار الادب 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة