محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

إنها الفتنة.. فمن الملعون؟!

محمد البهنساوي

الإثنين، 02 أغسطس 2021 - 06:12 م

لا أدري سببا للنار التي تستعر تحت رماد التشجيع الرياضي بمصر، فكلما اعتقدنا أن لهيبها يهدأ تشتعل مهددة بفتنة محرقة وكأننا عاجزين عن إخمادها ،فالرياضة خلقت للارتقاء بالروح والجسد فوق الصغائر، لتبني وتعمر لا لتهدم وتدمر، للسمو وليس للانحطاط، لشرف المنافسة وليس غدر الصراع، فإذا حادت عن هدفها يجب تقويمها وإلا فلا قيمة لها.

وما يحدث بين الأهلي والزمالك يندى له جبين كل مصرى غيور على بلده ، ويمقته كل مشجع يحترم ناديه لأنه يشعل نار فتنة بين الجماهير لا نعلم ماذا ستحرق وإلى أين ستقودنا إذا لم ننجح في وأدها ، الأهلي والزمالك يا سادة ليسا مجرد فريقين لكرة القدم ، لكنهما أحد أهم قوى مصر الناعمة ومن زار الدول العربية يسعده قوة تأثير ثلاثة: الأزهر ،والفنون بأنواعها ،والأهلي والزمالك ،وأشقاؤنا العرب ينقسمون ما بين أهلاوى وزملكاوى تحتدم بينهما منافسة - وأكرر المنافسة - أكبر أحيانا من المشجعين المصريين ، إنها رسالتنا لعالمنا العربي فلننظر أيهما أزكى رسالة نقدمها لتعبر عن مصر ، هل تكون رسالتنا هي التعصب الكروى الأعمى؟!

ماذا حدث ولماذا يحدث لنصل إلى التعصب المقيت، تشجيع الفريقين يجرى في دماء المصريين منذ عقود، وكم كنا نستمتع في ميادين مدننا وحوارى أحيائنا ومصاطب قرانا بالاحتفال بفوز أى منهما على الآخر وتزداد البهجة بتحفيل جماهير الفائز علي أقرانهم مشجعي المهزوم خاصة عندما يكتسي التحفيل بخفة دم المصريين بلا تجاوز أو تنمر أو تجريح وتشنيع ونيل من الأعراض، يستمتع الجميع وينتهي الأمر بابتسامة وتصافح، وما يحدث اليوم لا علاقة له برياضة أو تشجيع أو تحفيل.

هذه الحالة بدأت نذرها أوائل القرن العشرين بظهور شخصيات إبليسية بالمشهد الرياضي تعشق الفتنة وتجيد السباب ولا تطيق السكينة والأخلاق، تهوى النيل من كل رمز والاستهانة بأى قيمة وإهالة التراب على كل انجاز طالما لم يصادف هوى تلك الشخصيات المريضة بجنون العظمة وتحدى موروثات وثوابت مجتمعنا، ووجدت الدولة وقتها ضالتها في تلك الشخصيات لإلهاء المصريين عن مشاكلهم وعن فشل الدولة في ملفاتها، بل ودفعت بهم إلى الحياة السياسية والاجتماعية لتكتمل فصول مسرحية إلهاء الشعب ولو بدفعه إلى حالة هاوية سحيقة من التعصب وأتون فتنة لا تتوقف على الرياضة فقط وحتي الآن كلما حاول العقلاء إخماد تلك الفتنة أشعلها البعض ممن يطلق عليهم زورا وبهتانا إعلاميون من الطرفين، برامج لا هم لها إلا النيل من أحد الفريقين والتقليل من إنجازاته وزرع بذور تعصب ينبت حقدا واحتقانا، وأصبح البحث عن الترند وركوبه هدفا ساميا يهون دونه حتى الوطن وأمنه وسلامه، مساحات مستأجرة بقنوات مجهولة، وأخرى ممولة بقنوات كبرى، برامج على اليوتيوب ترفع شعار أحد الناديين وهما من مقدميها براء، استضافة شخصيات تغذى الفتنة سعيا للترند، محللون لا يفقهون التحليل لكنهم مهرة في زيادة المشاهدات بإثارة الفتن وتغذية التعصب، و بدأ يدخل على الخط برامج كنا نعدها جادة ومقدموها من العقلاء، ألا لعنة الله على الترند الذي يفسد علينا كل شئ.

اليوم ومصر تسير بخطى ثابتة في بناء جمهورية جديدة أساسها وحدة الصف وتماسك المجتمع وبناء الإنسان ولا تلجأ إلى إلهاء شعبها، أصبح لزاما فض ما يحدث ووأد الفتنة بلا عودة، يجب أن يبدأ رموز الناديين وعقلاؤهما وما أكثرهم التحرك ووضع أسس ملزمة لإدارة ومسئولي الناديين، مع حملة قوية لعودة الروح الرياضية، أن نسعد جميعا بإنجازات الأهلي لأنها إنجاز لمصر، وندعم عودة الزمالك لمكانته المستحقة فريقا قويا مهابا له جماهيره العربية العريضة، أن تعود الجماهير للتحفيل خفيف الظل وفرقنا للتنافس بشرف أن يهتم كل مسئول بناديه فقط، أن نحدد الملعون الذى يحاول إيقاظ الفتنة ونعرف كيف نلجمه ونسلسله، إن عودة الروح الرياضية الجميلة ونبذ التعصب أحد أهم عوامل بناء الجمهورية الجديدة والحفاظ على أمنها القومي وسلامها الاجتماعي.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة